من المؤكد أن تفاؤلا كبيرا عم فئات واسعة من شعبنا عقب تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما أقرت به كذلك قيادية في حزب معارض منذ أيام لدى استضافتها في برنامج حواري على قناة (ميدي1 تيفي)، ومن الطبيعي أيضا أن يفرز هذا التفاؤل عديد انتظارات،على الفريق الوزاري المعين أن يستحضرها، ويسعى إلى تلبيتها، تفاديا لتكريس الخيبة والإحباط. لقد صرح رئيس الحكومة أنه لن يعمد إلى الاعتكاف داخل مكتبه، وسيفضل النزول عند الناس ومحاورتهم، وزيارة المناطق، كما أعلن أنه سيحرص على الحضور إلى جلسات البرلمان، وإذا نجحت الحكومة في إعمال هذا الأسلوب، فستكون قد أسست لعلاقة جديدة بين المسؤولين والمواطنين، وستتمكن من بناء علاقات قرب مع المغاربة، ما من شأنه تقوية التعبئة الشعبية الحقيقية للفعل في مسلسلات الإصلاح والتنمية، وبالتالي جعل عدد من البرامج والمشاريع الكبرى في البلاد بمثابة أوراش شعبية تقوم على مشاركة المواطنات والمواطنين. في السياق نفسه، لقد حملت كلمة رئيس الحكومة في مستهل أشغال أول مجلس حكومي الخميس الماضي، العديد من الإشارات ذات الصلة بأسلوب عمل أعضاء فريقه الوزاري، ومنهجيتهم السلوكية ، خاصة ما يتعلق بالحد من التبذير في الإنفاق، والالتزام بالتعفف، وهي رسائل بمثابة التزامات، تهم حماية المال العام وتكريس حكامة مختلفة وتقوية منظومات التخليق في ممارسة المسؤولية. أما الإشارة الثالثة، فيجب أن يتضمنها البرنامج الحكومي المرتقب عرضه أمام البرلمان، وذلك من خلال تأكيد ضمانات عدم التراجع عن المكاسب الحقوقية والديمقراطية، بل والإعلان عن خطوات جريئة أخرى، سواء بالنسبة للمساواة وحقوق المرأة، أو بالنسبة للحريات الفردية وحرية الإبداع والثقافة والتعبير، أو بالنسبة لالتزامات المغرب الدولية على هذا الصعيد، بالإضافة إلى إبراز أولوية القضايا الاجتماعية والاقتصادية ( التشغيل، الصحة، السكن، التعليم، إصلاح المقاصة وأنظمة التقاعد...)، ثم التصريح بعزم الحكومة بلورة مداخل عملية للحد من الريع والفساد، والسعي إلى إعمال حكامة جيدة في مختلف مرافق الدولة، وتنزيل إصلاح ضريبي حقيقي... وتتجسد الإشارة الرابعة، في نجاح الحكومة في بعث إشارات فورية في القضايا التي لا تتطلب ميزانيات ضخمة، مثل بعض الإشكالات المرتبطة بالعدل والقضاء والحريات، وقضايا الصحافة والإعلام، وقضية الأمازيغية وغيرها.. واضح إذن، أن مثل هذه الإشارات والرسائل المنتظرة من الحكومة الجديدة، ممكنة التحقق، وقد التزمت الأغلبية في ميثاقها وفي تصريحات مكوناتها بمعظمها، والمطلوب اليوم تأكيد الإعلان عنها لمزيد من طمأنة شعبنا وتقوية تعبئته وانخراطه في دينامية الأمل التي أسست لها التجربة الجديدة. ويبقى الانسجام الحكومي وتمتين العمل التنسيقي داخل تحالف الأغلبية، وانتظام عمل الحكومة بقيادة رئيسها ضمن مقتضيات الدستور الجديد أكبر مؤشر عن النجاح، وأكبر رسالة لشعبنا وشبابنا ونخبنا السياسية والاقتصادية بأن الممارسات تغيرت، وبأن ما عبر عنه من تفاؤل لن يصاب بالخيبة أو بالإحباط. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته