عنوان رحلة تحدي جميلة مع فن الريشة والألوان بدأت التشكيلية الشابة نجاة الباز رحلتها مع فن الريشة وهي لم تتجاوز بعد العاشرة من عمرها، فلم تكن حينها في حاجة إلى دراسة أكاديمية لصقل موهبتها بقدر ما احتاجت إلى دعم لقيته في حضن الأسرة والمدرسة. ونجاة الباز، التي شاركت في معرض «الحجابات الهوائية» الذي أقيم بمناسبة المعرض الجهوي للكتاب بمكناس، واستأثرت لوحتها الزاخرة بالألوان الزاهية والشفافة، باهتمام الزوار، شعلة تفيض حيوية، والابتسامة لا تفارق شفتيها رغم إعاقتها الجسدية التي ألزمتها كرسيا متحركا لم يعق همتها وافتتانها بالرسم، فتعايشت مع وضعها وواصلت مسارها بثقة وإصرار ناذرين. وعبرت نجاة في حوار بالمناسبة، عن سعادتها الغامرة بهذه المشاركة إلى جانب فنانين مغاربة كبار من حجم عفيف بناني، وآخرين من اليابان والولايات المتحدة وغيرهم ممن ساهموا بأعمال متميزة ولهم حضور وازن في المشهد الفني. وعن «الحجابات الهوائية»، قالت، إن الفكرة استهوتها ومكنتها من دخول تجربة جديدة ومميزة خاصة بحضور الفنان والناقد الفرنسي دانيال كورتيي، واختارت لها موضوع «رقصة الحياة» احتفالا بالمرأة التي تفرد لها مساحة كبيرة من أعمالها. وجسدت الباز في حجابها الهوائي، مجموعة نساء أمازيغيات من الأطلس المتوسط بزيهن التقليدي وهن يرقصن على نغمات موسيقى أحيدوس، مزهوات بجمالهن وألقهن، فشكلن لوحة فنية رائعة. وحسب الفنانة، فإنها رغبت من خلال عملها أن تقدم صورة تعكس الروح الجميلة للمرأة بهذه المنطقة، صورة مفعمة بالفرح والأمل والتحدي بعيدا عن السلبية والبكائية والتلكؤ والنمطية، التي غالبا ما تحجب قوتها وكل ما هو جميل في حياتها وتفاعلها معه. ولم تخف الباز، انحيازها في أغلب الأعمال لتيمة المرأة في بعديها الواقعي والرمزي، لاعتزازها بالنساء المغربيات وما حققنه من تقدم مميز في جميع المجالات، وهو ما كان حافزا لتبنيها قضاياهن عبر غوايتها. فريشتها والألوان التي تنتقيها بعناية - تقول - يمنحانها متعة التعبير عن مزيج رائع من المشاعر والأحاسيس والمواقف، وعن ذوات نساء مختلفات، وعن ما يتقاسمنه من هموم وأفراح وطموح وكل الحالات الإنسانية. وإن كان فن الرسم ، بالنسبة للباز، تلك المنارة التي تعطيها معنى لحياتها، فإنها لا تمل من البحث في عوالمه عبر المشاركات في معارض سواء كانت جماعية تفيدها في اكتشاف الجديد من الأصوات التشكيلية، أو الفردية التي تمكنها من فرصة انتشار إبداعاتها وإطلاع عشاق هذا الفن على تجربتها. ونجاة الباز، الفنانة بالسليقة، استفادت من تكوين واحد امتد على عشرة اشهر في باريس تلقت فيه دروسا حول بعض التقنيات الدقيقة التي يتطلبها التشكيل، واطلعت على سراديب سحر الريشة من وجهة نظر أكاديمية مما شكل إضافة لها، رغم قناعتها الراسخة بأن الرسم ليس بمهنة أو حرفة يكتسبها الشخص فجأة، ولكنه نتاج موهبة تولد مع الإنسان. وعبرت عن ارتياحها كون أن الفن التشكيلي وجد له في الآونة الأخيرة مساحة أكبر من اهتمام المغاربة، وأصبحوا يترددون بكثافة على المعارض، ويتذوقون الأعمال ويسألون بذلك الفضول الجميل عن أصحابها، وأضحت بالتالي اللوحات تشكل جزءا أساسيا من جمالية البيوت، وهو ما اعتبرته، الباز، مكسبا لإسماع أصوات الفنانين حتى لا يظل الخطاب موجه لأنفسهم فقط. ومنح الاشتغال بين البيضاء وأكادير، الباز ، فرصا جيدة للانخراط في مشاريع كبرى وتلقيها طلبات عديدة لإنجاز لوحات فنية، بعد أن لقيت أعمالها إقبالا لم يزدها إلا قوة وإصرارا على النجاح. ولم تتقيد الباز، في يوم من الأيام، وهي تشتغل في مرسمها، بعامل الوقت، والعمل بالنسبة لها مخاض واستجابة لحاجة ملحة في بناء لوحة قد تجبرها على إمضاء ليالي بيضاء، كما يحصل، تماما، في عملية أي ولادة قصيدة شعرية أو نص روائي. وفي لحظة تساوقت فيها حالات التفاؤل والفرح لدى الفنانة الباز، لم تخف طموحها وحلمها للوصول إلى العالمية، معتبرة أن المرأة المغربية لها قدرة خارقة على تحقيق الحلم كيفما كان حجمه أو طبيعته، بفضل قوة إرادتها وتحديها لكل الصعاب.