إمكانيات تنموية ذات وقع إيجابي على الساكنة المحلية شكلت سنة 2011 بالنسبة لجهة كلميم-السمارة سنة المعارض الجهوية بامتياز، حيث ساهمت بشكل كبير في التسويق للمؤهلات الثقافية والاقتصادية لهذه الربوع الجنوبية والتعريف بما تختزنه من إمكانيات رائدة من شأنها إعطاء أبعاد تنموية ذات وقع إيجابي على الساكنة والاقتصاد الوطني. فخلال هذه السنة، عرفت مدينة كلميم، عاصمة الجهة، إطلاق عدد من النسخ الأولى للمعارض الجهوية للصناعة التقليدية، والكتاب، والمنتجات المحلية، وهو ما يجسد الإرادة الحقيقية للفاعلين المحليين بمختلف القطاعات للانخراط في الدينامية التنموية التي تشهدها هذه المناطق في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ويأتي تنظيم المعرض الجهوي الفلاحي الأول للمنتجات المحلية من طرف الغرفة الفلاحية في الفترة ما بين 15 و17 أكتوبر الماضي، بشراكة مع المديرية الجهوية للفلاحة وبرنامج التنمية المجالية المستدامة لأقاليم الجنوب ومجمع واحات الصحراء، في سياق دعم المجهودات التي يبذلها الفاعلون المحليون من أجل النهوض بالمنتجات المحلية الرفيعة وضمان اقتصاد اجتماعي يتميز بالجودة والتنافسية ويستند على استراتيجية تسويقية وتواصلية فعالة. وبالنظر إلى الدور الأساسي الذي يمكن أن يضطلع به القطاع الفلاحي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المناطق الجبلية والواحات، من خلال إحداث مناصب الشغل ومحاربة الفقر وتحسين دخل الفلاحين والمساهمة في الحد من الهجرة القروية، فإنه يحظى بدعم واهتمام كبيرين سواء من قبل الفاعلين المحليين ومؤسسات الدولة بصفة عامة، حيث تم إعداد برامج في إطار مخطط المغرب الأخضر تروم تنمية سلاسل الحبوب والصبار والتمور والزيتون والأركان والنحل والإبل، بالإضافة إلى تطوير وتثمين المنتجات المحلية. وتنخرط وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم الجنوب منذ سنوات إلى جانب شركاء آخرين دوليين ووطنيين ومحليين في دعم وتثمين هذه المنتجات المحلية من خلال خلق مشاريع تنموية سوسيو-اقتصادية ذات قيمة مضافة تروم النهوض بالمنطقة والرفع من فعالية ساكنتها وإدماجها في رهانات التنمية، نذكر منها على سبيل المثال وحدة لتثمين وتصنيع منتجات الصبار والتمر، ووحدة لإنتاج الكسكس والعجائن، ومشروع تربية النحل والوحدة النسوية لإنتاج الدجاج والبيض البلدي. وعرفت هذه السنة أيضا إحداث مجمع واحات الصحراء، كتجربة مبتكرة تضم 19 تجمعا مهنيا وسبع مؤسسات حكومية، تسعى إلى تعزيز جهود مختلف الفاعلين الرامية إلى تثمين المنتجات المحلية بأقاليم الجنوب (كلميم وآسا-الزاك وطاطا وطانطان)، والرفع من قيمتها الغذائية والفلاحية، وترسيخ المعرفة المحلية الأصيلة، وكذا خلق دينامية مجالية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن تعزيز الجهوية وإعطاء الأولوية للتوجهات الإستراتيجية الحكومية المدعمة بخيارات المنتخبين والشركاء. وقد شكل المعرض الجهوي الفلاحي الأول للجهة بالنسبة للعارضين مناسبة لتسويق منتجاتهم المحلية والتعريف بها على المستوى الجهوي، وكذا تمكين الفاعلين في مجال الاقتصاد التضامني من جمعيات وتعاونيات واتحادات من ربط علاقات التواصل وتبادل الخبرات والتجارب فيما بينهم وبين المتخصصين في القطاع ولاسيما من خلال الاستفادة من تقنيات جديدة مرتبطة بالتنظيم والإنتاج والجودة. وكانت المرأة القروية حاضرة بقوة في هذا المعرض الذي ضم 49 رواقا عرضت فيها مختلف أنواع المنتجات المحلية على مستوى الجهة من الكسكس المحلي والعجائن، والعسل الحر، والتمور ومربى التمر، وزيت الزيتون والأركان، وفاكهة الصبار ومشتقاته، فضلا عن منتجات تقليدية مصنوعة من جريد النخيل وكذا أنواع الحناء الطبيعية الخالصة والنباتات العطرية والطبيعية الموجهة للتغذية والتجميل. كما فتح المعرض آفاقا واسعة أمام الفلاحين والكسابة بالمنطقة من خلال ورشات علمية نظمت على هامش المعرض مكنتهم من الاستفادة من طرق وتقنيات جديدة لإنتاج الزيتون وتثمين زيت الزيتون وكذا في مجال معالجة الأمراض التي تهدد قطيع الإبل وذلك بشكل يضمن الرفع من الإنتاجية وضمان الجودة ومواكبة متطلبات الأسواق الوطنية والدولية. من جهة أخرى، شكل المعرضان الجهويان للصناعة التقليدية والكتاب اللذان نظمتهما على التوالي المندوبية الجهوية للصناعة التقليدية والمديرية الجهوية للثقافة، محطة أساسية لإبراز الخصوصيات التراثية للمنطقة وتثمين وترويج المنتجات المحلية للصناعة التقليدية التي تؤرخ لتقاليد عريقة متوارثة عبر الأجيال، فضلا عن الرصيد التاريخي والثقافي المعماري والفني الذي تزخر به المناطق الصحراوية. ويجسد المعرض الجهوي للصناعة التقليدية إحدى توجهات المخطط الجهوي لتنمية القطاع (2013-2009) الذي يروم النهوض بالصناعة التقليدية وتشجيع الإنتاج ذي المضمون الثقافي القوي، ودعم تسويق المنتجات المحلية في أسواق جديدة وتحسين ظروف عمل الصناع الذي يتجاوز عددهم بإقليم كلميم لوحده أربعة آلاف صانع وصانعة في مختلف الحرف الفنية الإنتاجية والخدماتية والمنظمون في إطار جمعيات وتعاونيات. وشكل معرض الكتاب مناسبة للساكنة المحلية للوقوف على التراث التاريخي المعماري الرائع والمواقع الأثرية المتميزة التي تكتنزها جهة كلميم-السمارة مقارنة مع مناطق أخرى من المملكة، ومن ذلك على سبيل المثال قصبتي «تداكوست» و»إد عيسى» وقلعة «دار السلطان»، بالإضافة إلى الحضارات التي عرفتها المنطقة والتي كان لها دور كبير في المجال التجاري (تمدولت بأقا، وحضارة واد نون..).