المغرب يستعد لتقييم حصاده السينمائي في مهرجان طنجة تستعد السينما المغربية لتقييم حصادها السينمائي، في مهرجانها الوطني للفيلم، الذي تقرر تنظيم نسخته الثالثة عشرة، بمدينة طنجة في الفترة الممتدة ما بين 12 و 21 يناير 2012. ويشرف المركز السينمائي المغربي على تنظيم هذه الدورة، بتعاون مع المنظمات المهنية في القطاع السينمائي. وتتبارى الأفلام الطويلة على 12 جائزة تقدمها لجنة تحكيم سيترأسها الفيلسوف وعالم الاجتماع والكاتب الفرنسي إدكار موران، المختص في السينما، وله مؤلفات عدة في هذا المجال، من بينها «السينما أو الإنسان المتخيل» و»النجوم». ترجمت كتاباته إلى أزيد من 28 لغة في أكثر من 40 بلدا، أشرف في الفترة ما بين 1956 إلى 1962 على إدارة مجلة «الحجج»، كما سبق وأن ترأس الوكالة الأوروبية للثقافة (اليونيسكو). منح إدكار موران الدكتوراه الفخرية من قبل أزيد من عشرة جامعات عالمية، كما نال عدة جوائز من بينها ميدالية أرسطو الذهبية من اليونسكو عام 2001. أما المخرج الإيفواري كرامولاسيني، الذي عرفت أفلامه بمعالجتها للمشاكل المشتركة بين العديد من البلدان الإفريقية، فقد حاز الجائزة الكبرى لمهرجان السينما الإفريقية في «واغادوغو» 1981 عن فيلمه دجيلي. يقول المسؤولون أن عدد الأفلام الطويلة المنتجة خلال موسم 2011، والتي ستعرض في المهرجان، بلغت 23 فيلماً طويلا. رقم وإن كان يضع المغرب في المراتب الأولى على مستوى الإنتاج في إفريقيا، فإن بعض النقاد غير مطمئنين لهذه «النهضة»، فوضعية السينما المغربية لا زالت لديهم موضع قلق، ومن أهم تجلياتها حسبهم الإغلاق المتزايد لعدد القاعات السينمائية، وتحول صندوق الدعم السينمائي إلى عرقلة تحول دون «مغامرة» الرأسمال الخاص بالدخول إلى مجال الصناعة السينمائية. ولتدليل على أن هذا الكم لا يعد مؤشرا على نقلة نوعية، يثيرون بعض المفارقات، من قبيل أن المسؤولين عن القطاع، لم يجدوا ولو فيلما واحدا من ضمن هذا الكم لتمثيل المغرب خارج الحدود، ليتم اختيار فيلم يقولون عنه إنه إنتاج فرنسي لتمثيله ضمن ترشيحات جائزة «الأوسكار» الأمريكية لأحسن فيلم أجنبي، مما يعني هذا في نظرهم، إقرارا من هؤلاء المسؤولين بفشل سياسة الدعم الحالية التي رفعت كم الإنتاج السنوي للأفلام لكنها نزلت بنوعيتها إلى الحضيض. في هذا السياق يقول الناقد مصطفى المسناوي، بأن ترشيح فيلم «عمر قتلني» للمخرج الفرنسي من أصل مغربي، رشدي زم لتمثيل المغرب في جوائز الأوسكار، يرقى إلى مستوى الفضيحة وأنه لم يثر اهتمام معظم الفاعلين في الساحة السينمائية وفي المشهد الثقافي المغربي ككل. ذلك أن هذا الفيلم في نظره، حتى وإن كان يتناول واقعة اتهام البستاني المغربي عمر الرداد بجريمة قتل لم يرتكبها، يظل فيلما فرنسيا بالدرجة الأولى والأخيرة، كما لا يشفع لهذا الاختيار حسبه، كون القناة الثانية المغربية والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ساهمتا في إنتاجه، حيث تظل في رأيه هذه المساهمة، غير ذات قيمة أمام ثقل الجهات الإنتاجية الفرنسية في الفيلم وحددها في 15 جهة، وأحال لمن يشاء الاطلاع على أسمائها بالتفصيل عبر موقع الفيلم على الشبكة العنكبوتية. الناقد، أشار كذلك لفيلم «قنديشة»، الذي تم اختياره لتمثيل المغرب في إحدى الدورات السابقة لمهرجان مراكش السينمائي الدولي، معتبرا إياه، فيلما فرنسي الجنسية من إنتاج شركة فرنسية وليس فيلما مغربيا أبدا، وأن اختياره لموضوع وإن كان يعتبره «مغربيا» أو استعانته بممثلين «مغاربة» لا يشفع له ذلك. ولعل خير شهادة على «فرنسيته» قول مخرجه السيد جيروم كوهين أوليفار بلسانه – أثناء تقديم الفيلم بمهرجان مراكش- إنه «يشكر المغرب الذي ساعده على إخراج فيلمه إلى حيز الوجود». يقول المسناوي، وهو أمر لا يمكن أن يفعله مخرج مغربي الجنسية فعلا، حسب رأيه، معتبرا «أن هذا الالتباس في الهوية الموروث عن الفترة الاستعمارية، والذي كنا نعتقد أننا تخلصنا منه منذ فترة طويلة (بين ما هو مغربي وما هو فرنسي ضمن الثقافة المغربية قد أعيد مؤخرا بقوة وفرض على مشهدنا الثقافي والفني بوقاحة لا حد لها». يقول المسناوي، الذي تحدث أيضا، عن فيلم «عين النساء» للفرنسي، ذي الأصول الرومانية، رادو ميهايليانو، والذي تبعا له، تم اعتباره فيلما مغربيا، يمثل بلادنا في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي... بما يعني، في النهاية، حسب رأيه، أن الأمر ليس من قبيل الصدفة وإنما هو يندرج ضمن خطة يشتغل عليها أصحابها بمنتهى الإحكام، يؤكد المسناوي.