بالرغم من وجود القانون 31.13 المنظم للحق في الولوج إلى المعلومة وصدوره في الجريدة الرسمية سنة 2018، والذي من المفترض أن يضمن حق المواطنات والمواطنين المغاربة والمقيمين الشرعيين في طلب الاطلاع على المعلومات التي تحتفظ بها الإدارات العمومية والمؤسسات والهيئات المنتخبة، والتي يتوجب عليها نشرها بشكل استباقي بجميع وسائل النشر الممكنة، لا سيما عبر البوابات الوطنية للبيانات العمومية أو عبر مواقع الإدارات والمؤسسات. إلا أن هناك إشكاليات عديدة تشوب تنزيل هذا القانون، على مستوى التعامل مع الطلبات وآجال الرد عليها وكيفية التعاطي مع الشكايات. وهو ما يزكي ضعف التواصل لدى الإدارات العمومية والمنتخبة ويساهم في تكريس نوع من فقدان الثقة في المؤسسات من لدن المواطنين. مؤسسات غير مدرجة وتجاهل للطلبات في تقرير سابق لها، قام فريق عمل بجمعية سمسم – مشاركة مواطنة باستعمال البوابة المخصصة لطلب المعلومات www.chafafiya.ma لطلب الحصول على أسماء الأشخاص المكلفين بمهمة تلقي طلبات الحصول على المعلومات بالإدارات والمؤسسات العمومية وكذا معلومات الاتصال الخاصة بهم. تجدر الإشارة أن أفراد فريق عمل الجمعية قاموا بطلب الحصول على المعلومات بصفتهم الشخصية (الذاتية وليس باسم الجمعية حيث أن القانون التنظيمي للحق في الحصول على المعلومات في المغرب يسمح فقط للأفراد بتقديم طلبات الحصول على المعلومات ولا يسمح بذلك للهيئات بصفتها المعنوية). قدم فريق عمل جمعية سمسم – مشاركة مواطنة 80 طلبا موجها ل 35 مؤسسة وإدارة عمومية موجودة على المنصة الإلكترونية .www.chafafiya.ma وقد رصدت الجمعية التعامل غير المسؤول مع الطلبات المقدمة، حيث تم الرد فقط على 17 طلب للحصول على المعلومات من أصل 80 طلب مقدم، أي بنسبة رد بلغت %21. ولم يتم الرد ولا إرسال إشعار بتمديد الإجابة عن 63 طلب مقدم مما جعل نسبة عدم الرد تبلغ %79. كما أن البوابة الرسمية لتقديم طلبات الحصول على المعلومات لا تضم كل المؤسسات والهيئات المعنية بالحق في الحصول على المعلومات كالبرلمان، وقطاع الداخلية، ومن خلاله الجماعات الترابية والتي تعتبر الوحدات الإدارية اللامركزية التي تسيّر شؤون المواطنات والمواطنين محليا وتكون محل طلب الحصول على المعلومات المتعددة، بالإضافة إلى المؤسسات المكلفة بتدبير المرافق العمومية كالنقل والماء والكهرباء، وكذلك المحاكم وغيرها من الإدارات والمؤسسات العمومية المعنية بالقانون 31.13. العطب بنيوي والحق في المعلومة ليس ترفا وعن مدى تأثير التماطل في تنزيل القانون وتأثيره على منسوب ثقة المواطنين في المؤسسات، اعتبر وليد اتباتو، الباحث في الإعلام والتواصل، أن الإحساس بعدم الثقة تجاه المؤسسات هي حصيلة تراكمات وتجارب وأزمات كثيرة راكمها المواطن المغربي في علاقته مع الإدارة، كان آخرها جائحة كورونا وزلزال الحوز، مما تشكل لديه نوع من فقدان الثقة تجاه هذه المؤسسات. وأضاف الباحث أن الحل لا يقتصر على ما هو قانوني فحسب، فالموظف المغربي كان محاطا بالتكتم طيلة سنوات من العمل، ولا يمكن لأي قانون، على أهميته، أن يغير عقلية اشتغاله بهذه البساطة، مردفا أن هناك عملية أخرى يجب أن تواكب إصدار القانون، وهي مسألة التكوين والتكوين المستمر، حيث ينبغي على "لجنة الحق في الحصول على المعلومات" تقديم دورات تكوينية نوعية لفائدة الموظفين، لا يكون الهدف منها فقط ما هو تقني وما هو قانوني، لكن كذلك ما هو نفسي سلوكي. من جهة ثانية شدد وليد اتباتو على أهمية النشر الاستباقي كخطوة ضرورية للإعمال الفعلي لمقتضيات القانون 31.13. وأردف اتباتو أن التمتع الفعلي بالحق في الحصول على المعلومات من شأنه أن يحد من الأخبار الزائفة التي طغت بشكل كبير ويضمن المشاركة الفعلية للمواطنات والمواطنين في القرار العمومي ويكرس مبدأ الشفافية المرجوة. وأضاف الباحث في الإعلام والتواصل أنه لم يعد مقبولا التعامل مع الحق في الولوج إلى المعلومات باعتبارها ترفا أو مسألة ثانوية، وأن العطب هو بنيوي، وعليه، يجب إدراج التواصل كأولوية وليس فقط من منطلق تصريف الأعمال. في نفس الوقت شدد وليد اتباتو أن الاشتغال على تطوير منظومة التواصل وطلب المعلومات ينبغي أن يتخذ أبعادا ثلاثة وبشكل أفقي ومتواز؛ بُعد تطوير الإطار القانوني وبُعد تغيير العقلية التقليدية للإدارة وبُعد نشر وتكريس ثقافة طلب المعلومات من طرف المواطنين. كل ذلك، حسب الباحث، رهين بإرادة حقيقية من الدولة وفهم عميق للأدوار التي تصاحب ممارسة هذا الحق. وأردف وليد اتباتو أن النص القانوني لا يمكنه أن يكون مؤثرا بدون عقلية تعتمد تأويلا ديمقراطيا لهذه النصوص وتعي جيدا دور المعلومة. كما ينبغي منح ضمانات كافية للموظفين في إطار القانون لحمايتهم من سلطوية بعض المسؤولين وتحديد صريح للمسؤوليات ووضع إجراءات صارمة مترتبة عن أي رفض غير مبرر. لجنة مع وقف التنفيذ خصص القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات الباب الخامس منه للجنة الحق في الحصول على المعلومات، والتي أناطت لها مقتضيات المادة 22 مهام السهر على ضمان حسن ممارسة الحق في الحصول على المعلومات وتقديم الاستشارة والخبرة للمؤسسات أو الهيئات المعنية حول آليات تطبيق أحكام هذا القانون، وكذا النشر الاستباقي للمعلومات التي في حوزتها، بالإضافة إلى تلقي الشكايات المقدمة من طالبي الحصول على المعلومات، والقيام بكل ما يلزم للبت فيها، بما في ذلك البحث والتحري، وإصدار توصيات بشأنها، فضلا عن التحسيس بأهمية توفير المعلومات وتسهيل الحصول عليها بكافة الطرق والوسائل المتاحة، ولا سيما عن طريق تنظيم دورات تكوينية لفائدة أطر المؤسسات أو الهيئات المعنية. اللجنة موكل إليها كذلك إعداد تقرير سنوي حول حصيلة أنشطتها في مجال الحق في الحصول على المعلومات، يتضمن بصفة خاصة تقييما لحصيلة إعمال هذا المبدأ، ويتم نشره بكل الوسائل المتاحة، وهو التقرير السنوي الذي لم يصدر منذ تنصيب أعضاء اللجنة من طرف رئيس الحكومة بتاريخ 13 مارس 2019. وجوب مراجعة القانون في مداولة مؤرخة في 12 مارس 2023 اقترحت اللجنة مراجعة القانون رقم 13.31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات وأكدت أن تحسين ممارسة الحق في الحصول على المعلومات يتوقف، إلى حد كبير، على مراجعة مقتضيات القانون المتعلق بممارسته. وهو ما أكدته عدة وثائق وطنية من بينها تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، والتقرير الذي أعدته الحكومة حول التقييم الذاتي لمشاريع الحكومة المنفتحة والصادر في يوليوز 2022، والذي رصد تعثرا واضحا في إنجاز المشاريع ذات الصلة بالحصول على المعلومات، وعدم كفاية نسبة تفاعل المؤسسات والهيئات المعنية، داعية إلى إعادة النظر في الآجال المقررة للبت في طلبات الحصول على المعلومات مع وضع ضوابط وشروط معقولة وواضحة لتلك الآجال. اللجنة أوصت كذلك بإضفاء الصبغة الإلزامية على قراراتها وتوصياتها. وهو ما يستوجب إعادة النظر في اختصاصات لجنة الحق في الحصول المعلومات، من خلال تقوية صلاحياتها، والتنصيص على إصدار اللجنة لتقريرها السنوي ونشره في الجريدة الرسمية، ومناقشته أمام اللجنتين النيابيتين المختصين بمجلسي البرلمان.