يتابع الرأي العام الوطني، باهتمام متزايد، تفاصيل متابعات قضائية، تهم مجموعة من رؤساء ومسؤولي، أندية كرة القدم بالمغرب… أشخاص يتحملون مسؤولية تدبير أندية كبيرة، ذات قاعدة جماهيرية واسعة، يتابعون بتهم ثقيلة، منهم من صدرت في حقهم عقوبات حبسية، ومنهم من لا يزال قيد التحقيق، ومنهم من فضل كما يقال، السفر للخارج تفاديا لأية متابعة قضائية… وطبيعي أن تجد هذه المتابعات، صدى لها على مستوى الإعلام الدولي، وهذا راجع للقيمة التي أصبحت تتمتع بها كرة القدم الوطنية، ليست فقط بعد الإنجاز المهم الذي تحقق من طرف الفريق الوطني المغربي بمونديال قطر، ولكن أساسا بفضل احتضان تظاهرات كبرى، بدء من كأس إفريقيا للأمم سنة 2015، وصولا إلى مونديال 2030. هذه الصورة الإيجابية لطخت بملفات فساد، يتابع فيها مسؤولو أندية، تعد حقا من الركائز الأساسية للكرة الوطنية، مما يشكل نقطة سوداء، تأتي في وقت تسعى فيه أجهزة الدولة، إلى جعل رياضة كرة القدم، قاطرة للتنمية، وخيارا استراتيجيا كقطاع منتج، مفتوح على رهان مستقبلي واعد… فكيف يستقيم الأمر؟ ونحن أمام ملفات أشخاص، تلاحقهم تهم فساد واختلاسات وتجارة المخدرات، تحملوا مسؤوليات متعددة، سواء على مستوى الأندية، أو حتى داخل مؤسسات وطنية، تدبر الشأن الكروي؟… إنها بالفعل طامة كبرى، تلاحق الرياضة الأولى على الصعيد الوطني، رياضة شكلت مفخرة وطنية حقيقية، جعلت كل المغاربة -قمة وقاعدة- يتغنون بإنجازاتها، ويرسمون إشارات النصر، بشموخ وكبرياء الأبطال… مؤسف حقا أن تبرز مثل هذه الفضائح التي تحولت في الآونة الأخيرة، إلى مرادف لكل الأخبار التي تهم الرياضة الوطنية عموما، وكرة القدم بصفة استثنائية… ففي الوقت الذي كان الهدف الأسمى يتمثل في استثمار الحضور الدولي، وتجويد المنتوج الكروي على المستوى القاعدي، وتحقيق قفزة نوعية تواكب التحولات العميقة التي تعرفها المنتخبات الوطنية، وأهمية الأوراش المفتوحة على أكثر من صعيد، وبمستويات متعددة، حدث العكس، إذ وجدت الأندية نفسها غارقة وسط إفلاس مالي، وتخلف إداري، بل أصبحت متجاوزة تقنيا وفنيا، وجاءت الفضائح لتزيد من سوداوية المشهد… فما حدث، -وكما سيحدث- كما تؤكد ذلك الأخبار المتداولة، والتسريبات المنتشرة، يفرض علينا شيئا أساسيا، ألا وهو ضرورة تخليق الحياة الرياضية، والعمل بقوة على نظافة القطاع ككل، فلا يعقل أن تترك الأمور تسير في غياب مجموعة من الضوابط، تحول دون تسرب الفاسدين للمجال، ومحاربة طرق استغلال الأندية لتحقيق أغراض لا تخدم المصلحة العامة… لابد إذن، من إطلاق حملة الأيادي النظيفة داخل المجال الرياضي، ضمانا لمسار متوازن بدون اختلالات ولا عبث الفاسدين…