نشرة انذارية: حرارة ورياح وغبار بعدد من مناطق المملكة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    التعادل يحسم ديربي الدار البيضاء بين الرجاء والوداد    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة        بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    الرئيس الصيني يغادر المغرب في ختام زيارة قصيرة للمملكة    يوم دراسي حول تدبير مياه السقي وأفاق تطوير الإنتاج الحيواني    MP INDUSTRY تدشن مصنعا بطنجة    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    تعيينات جديدة في المناصب الأمنية بعدد من المدن المغربية منها سلا وسيدي يحيى الغرب    حكيمي في باريس سان جيرمان حتى 2029    بينهم من ينشطون بتطوان والفنيدق.. تفكيك خلية إرهابية بالساحل في عملية أمنية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    جمهورية بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع 'الجمهورية الصحراوية' الوهمية    أمريكا تجدد الدعم للحكم الذاتي بالصحراء    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    مواجهات نارية.. نتائج قرعة ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تدعو الزملاء الصحافيين المهنيين والمنتسبين للتوجه إلى ملعب "العربي الزاولي" لأداء واجبهم المهني    لأول مرة في تاريخه.. "البتكوين" يسجل رقماً قياسياً جديداً    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة انهيار وزراء مغاربة وجدوا أنفسهم بعد «المجد» في قفص الاتهام
قدم ‬بعضهم ‬للمحاكمة ‬على ‬عهد ‬الحسن ‬الثاني ‬واتهم ‬منهم ‬وزيران ‬على ‬عهد ‬محمد ‬السادس
نشر في المساء يوم 28 - 12 - 2014

كان ‬لا ‬بد ‬لفضيحة ‬الرباط، ‬الذي ‬حولته ‬مياه ‬الأمطار ‬إلى ‬ما ‬يشبه ‬مسبحا ‬للعوم، ‬وليس ‬ملعبا ‬لكرة ‬القدم، ‬أن ‬تجر ‬وزير ‬القطاع ‬محمد ‬أوزين ‬إلى ‬المساءلة، ‬ليس ‬فقط ‬السياسية، ‬ولكن ‬المساءلة ‬انطلقت ‬شعبية ‬حيث ‬طافت ‬صور ‬الفضيحة ‬كل ‬الأرجاء، ‬ودخلت ‬مواقع ‬التواصل ‬الاجتماعي ‬على ‬الخط ‬منتقدة ‬ومتشفية ‬مما ‬حدث. ‬لذلك ‬كان ‬بلاغ ‬القصر ‬الملكي، ‬الذي ‬قضى ‬بتجميد ‬أنشطة ‬وزير ‬الشبيبة ‬والرياضة ‬خصوصا ‬على ‬مستوى ‬منافسات ‬كأس ‬العالم ‬للأندية ‬التي ‬أسدل ‬ستارها ‬في ‬العشرين ‬من ‬دجنبر ‬الجاري ‬بتتويج ‬فريق ‬ريال ‬مدريد، ‬قد ‬نزل ‬بردا ‬وسلاما ‬على ‬جمهور ‬الكرة ‬وجمهور ‬السياسة ‬أيضا. ‬وعلى ‬الرغم ‬من ‬أن ‬البعض ‬دخل ‬في ‬نقاش ‬فقهي ‬حول ‬المعنى ‬الحقيقي ‬لتوقيف ‬أنشطة ‬الوزير ‬بدلا ‬من ‬إقالته، ‬بناء ‬على ‬ما ‬يقوله ‬الدستور ‬المعدل ‬في ‬2011 ‬وتحديدا ‬في ‬فصله ‬السابع ‬والأربعين، ‬الذي ‬يعطي ‬للملك ‬حق ‬تعيين ‬وحق ‬إقالة ‬وزير ‬أو ‬عدة ‬وزراء ‬بتشاور ‬مع ‬رئيس ‬الحكومة، ‬إلا ‬أن ‬رسالة ‬الملك ‬وصلت ‬إلى ‬بنكيران، ‬ومنه ‬إلى ‬الوزير ‬أوزين، ‬الذي ‬اختار ‬الصمت ‬في ‬انتظار ‬أن ‬تهدأ ‬العاصفة.‬
لقد ‬عاشت ‬مملكة ‬محمد ‬السادس ‬إقالة ‬وزير ‬من ‬الحكومة ‬في ‬2008، ‬وكان ‬الأمر ‬يتعلق ‬بالسيد ‬الخريف، ‬الذي ‬كان ‬يشغل ‬منصب ‬كاتب ‬للدولة ‬في ‬الخارجية، ‬بسبب ‬ازدواجية ‬جنسيته ‬المغربية ‬والإسبانية.‬
وعلى ‬الرغم ‬من ‬أن ‬قضية ‬الخريف ‬لم ‬تفتح ‬حولها ‬الكثير ‬من ‬الجدل ‬والنقاش ‬الدستوري ‬بالنظر ‬إلى ‬أن ‬أطوارها ‬جرت ‬على ‬عهد ‬الدستور ‬السابق، ‬إلا ‬أنها ‬شكلت ‬حدثا ‬سياسيا ‬غير ‬مسبوق، ‬اعتبر ‬الأول ‬بطبيعته، ‬منذ ‬تقلد ‬الملك ‬الجديد ‬مقاليد ‬الحكم ‬خلفا ‬لوالده ‬الحسن ‬الثاني.‬
واليوم ‬تعيش ‬نفس ‬المملكة ‬حدثا ‬مشابها، ‬على ‬الرغم ‬من ‬أن ‬للقضية ‬وجها ‬آخر ‬عنوانه ‬الأكبر ‬هو ‬حالة ‬غش ‬وفساد. ‬لذلك ‬يمكن ‬اعتبار ‬قضية ‬وزير ‬الشبيبة ‬والرياضة، ‬وبلاغ ‬القصر ‬حول ‬تجميد ‬أنشطته ‬في ‬انتظار ‬أن ‬تظهر ‬نتائج ‬التحقيق ‬الذي ‬تم ‬فتحه ‬حول ‬فضيحة ‬ملعب ‬الرباط، ‬بداية ‬لتفعيل ‬مبدإ ‬دستوري ‬تميز ‬به ‬دستور ‬2011، ‬وكثيرا ‬ما ‬تغنت ‬به ‬حكومة ‬عبد ‬الإله ‬بنكيران، ‬وهو ‬ربط ‬المسؤولية ‬بالمحاسبة. ‬ومن ‬ثم ‬ليس ‬من ‬المستبعد ‬أن ‬تصل ‬قضية ‬ملعب ‬الرباط ‬إلى ‬القضاء ‬لكي ‬يؤدي ‬من ‬تسبب ‬فيها ‬ثمن ‬فعلته. ‬دون ‬أن ‬ننسى ‬أن ‬للسيد ‬محمد ‬أوزين ‬باعتباره ‬وزيرا ‬للقطاع، ‬مسؤوليته ‬السياسية ‬فيما ‬حدث، ‬وبمنطوق ‬دستور ‬البلاد، ‬وجب ‬أن ‬يؤدي ‬ثمن ‬هذه ‬المسؤولية.‬
لم ‬تعرف ‬مملكة ‬الحسن ‬الثاني، ‬الذي ‬قاد ‬البلاد ‬بقبضة ‬من ‬حديد ‬وعلى ‬امتداد ‬أربعين ‬سنة، ‬مثل ‬هذه ‬الأحداث ‬حيث ‬يتم ‬اقتياد ‬وزراء ‬ومسؤولين ‬إلى ‬القضاء ‬والمحاسبة، ‬بسبب ‬ما ‬ارتكبوه ‬من ‬أخطاء ‬وتجاوزات، ‬إلا ‬مرة ‬واحدة. ‬حدث ‬ذلك ‬في ‬بداية ‬السبعينيات. ‬وشملت ‬العملية ‬مجموعة ‬من ‬الوزراء ‬والموظفين ‬السامين ‬الذين ‬اتهموا ‬بالفساد، ‬وصدرت ‬في ‬حقهم ‬أحكام ‬قضائية. ‬لكن ‬الملك ‬الراحل ‬عاد ‬لكي ‬يصدر ‬عفوه ‬عنهم، ‬وينهي ‬العملية ‬في ‬ظرف ‬زمني ‬قصير. ‬ومن ‬يومها، ‬لم ‬تتم ‬إقالة ‬أي ‬وزير ‬بسبب ‬خطأ ‬ارتكبه، ‬أو ‬فساد ‬تسبب ‬فيه، ‬على ‬الرغم ‬من ‬أن ‬الحكومات ‬التي ‬تعاقبت ‬على ‬تدبير ‬الشأن ‬العام، ‬بعد ‬أن ‬رفع ‬الحسن ‬الثاني ‬حالة ‬الاستثناء ‬وقال ‬بانطلاق ‬المسلسل ‬الديمقراطي، ‬كانت ‬توصف ‬بالفاسدة ‬وهي ‬التي ‬قادت ‬البلاد ‬إلى ‬الأزمة ‬سواء ‬في ‬بداية ‬السبعينيات، ‬وبداية ‬الثمانينيات، ‬حيث ‬كانت ‬حكوماتنا ‬قد ‬أصبحت ‬تلميذا ‬نجيبا ‬للمؤسسات ‬المالية ‬الدولية ‬مما ‬تسبب ‬في ‬عدة ‬انفجارات ‬اجتماعية، ‬أو ‬منتصف ‬سنوات ‬التسعينيات ‬حيث ‬اعترف ‬الحسن ‬الثاني ‬بأن ‬المغرب ‬أضحى ‬مهددا ‬بالسكتة ‬القلبية. ‬ناهيك ‬عن ‬الفساد ‬السياسي ‬الذي ‬كان ‬من ‬علاماته ‬الكبرى، ‬تلك ‬التخمة ‬الحزبية ‬التي ‬عرفتها ‬البلاد، ‬وتدخل ‬الإدارة ‬في ‬صنع ‬الجماعات ‬المحلية، ‬والغرف ‬المهنية، ‬ومجلس ‬النواب.‬
قال ‬الحسن ‬الثاني ‬حينما ‬استقبل ‬‮«‬وزراء ‬صاحب ‬الجلالة‮»‬، ‬المتهمين ‬قبل ‬أن ‬يصدر ‬عفوه ‬عنهم: ‬‮«‬لم ‬تكونوا ‬شرفاء، ‬وخيبتم ‬ظني، ‬ولكنني ‬أسامحكم ‬بسبب ‬الخدمات ‬التي ‬أسديتم ‬إلى ‬بلدكم...‬واصلوا ‬عملكم ‬كما ‬لو ‬أنكم ‬ولدتم ‬اليوم‮»‬ ‬في ‬الوقت، ‬الذي ‬انتظرت ‬فيه ‬المعارضة ‬وقتها ‬متمثلة ‬في ‬الإتحاد ‬الوطني ‬للقوات ‬الشعبية، ‬أن ‬تسير ‬الأمور ‬إلى ‬نهايتها، ‬لأن ‬ذلك ‬كان ‬سيساهم ‬في ‬نشر ‬ثقافة ‬الجزاء، ‬خصوصا ‬حينما ‬يتعلق ‬الأمر ‬بتدبير ‬الشأن ‬العام. ‬لكن ‬الملك ‬الراحل ‬وجد ‬أن ‬رمي ‬وزراء ‬جلالته ‬في ‬غياهب ‬السجون ‬وبرودة ‬الزنازن، ‬سيكون ‬بمثابة ‬هدية ‬لمعارضته ‬التي ‬كانت ‬تتربص ‬به. ‬وهي ‬المعارضة ‬التي ‬بسببها ‬أعلن ‬حالة ‬الاستثناء، ‬وأغلق ‬أبواب ‬البرلمان، ‬ووضع ‬كل ‬السلط ‬بين ‬يديه. ‬قبل ‬أن ‬يكتشف ‬أن ‬أكبر ‬معارضيه ‬لم ‬يكونوا ‬فقط ‬رجال ‬السياسة، ‬الذين ‬سجن ‬بعضهم ‬وعذب ‬البعض ‬الآخر، ‬ولكن ‬أشد ‬الخصوم ‬كانوا ‬هم ‬بعض ‬جنرالاته، ‬الذين ‬قادوا ‬صيف ‬1971 ‬أي ‬أشهرا ‬على ‬محاكمة ‬وزرائه، ‬انقلاب ‬الصخيرات ‬الذي ‬كان ‬يراهن ‬على ‬شخص ‬الملك، ‬على ‬الرغم ‬من ‬أن ‬وزيره ‬الأول ‬وقتها ‬أحمد ‬العراقي ‬كان ‬قد ‬نبهه ‬لأمر ‬الفساد، ‬واقترح ‬عليه ‬الاختيار ‬بين ‬أن ‬يسلم ‬الوزراء ‬المتهمين ‬للعدالة، ‬لكي ‬يحمي ‬حكمه، ‬شريطة ‬ألا ‬يكون ‬هناك ‬كيل ‬بمكيالين، ‬أو ‬أن ‬يقوم ‬بتغيير ‬الوزير ‬الأول ‬والاحتفاظ ‬بالوزراء ‬المعنيين ‬اعتبارا ‬لكفاءتهم. ‬أما ‬الحل ‬الثالث ‬الذي ‬اقترحه ‬العراقي، ‬فهو ‬تعيين ‬الوزراء ‬المتهمين ‬سفراء ‬في ‬بعض ‬البلدان. ‬
بين ‬فضيحة ‬أوزين ‬اليوم ‬التي ‬ستؤسس ‬لمرحلة ‬جديدة ‬في ‬مملكة ‬محمد ‬السادس ‬عنوانها ‬الأكبر ‬هو ‬عدم ‬الإفلات ‬من ‬الحساب ‬الذي ‬قد ‬ينتهي ‬بإقالة، ‬وبين ‬ما ‬عاشته ‬مملكة ‬الحسن ‬الثاني ‬بسبب ‬اتهام ‬مجموعة ‬من ‬وزرائه ‬بالفساد، ‬الكثير ‬من ‬نقط ‬الالتقاء. ‬لكن ‬نقط ‬الخلاف ‬بين ‬الملفين ‬هو ‬أن ‬وزراء ‬الحسن ‬الثاني ‬اعتقلوا، ‬ووقفوا ‬أمام ‬أنظار ‬القضاء ‬الذي ‬أصدر ‬في ‬حقهم ‬عقوبات ‬حبسية ‬تراوحت ‬بين ‬12 ‬سنة ‬و4 ‬سنوات، ‬قبل ‬أن ‬يغادروا ‬سجن ‬لعلو ‬وهم ‬شبه ‬أبرياء ‬بعد ‬أن ‬نزل ‬عفو ‬الحسن ‬الثاني.‬
لقد ‬سجلت ‬المتابعة ‬27 ‬قضية، ‬تورط ‬فيها ‬وزراء ‬وموظفون ‬سامون، ‬ورجال ‬أعمال ‬وتحمل ‬القاضي ‬الزغاري ‬مسؤولية ‬الفصل ‬في ‬تلك ‬التهم ‬الثقيلة ‬التي ‬توبع ‬بها ‬المتهمون، ‬في ‬أول ‬قضية ‬فساد ‬كبرى ‬يشهدها ‬المغرب ‬المستقل. ‬فيما ‬تولى ‬مهمة ‬الإدعاء ‬العام، ‬أحمد ‬الوزاني. ‬وكلف ‬القاضي ‬حسن ‬العوفير ‬بالتحقيق.‬
‬وجهت ‬المحكمة ‬تهمة ‬الفساد ‬واستغلال ‬النفوذ ‬إلى ‬المتهمين.‬
أما ‬الاحكام ‬الصادرة، ‬فقد ‬تراوحت ‬ما ‬بين ‬12 ‬سنة ‬و4 ‬سنوات, ‬كما ‬قالت ‬هيئة ‬المحكمة ‬‮«‬إن ‬المتهمين ‬مدانون ‬بتهمة ‬الفساد ‬وإستغلال ‬النفوذ. ‬على ‬أن ‬تتم ‬مصادرة ‬ممتلكاتهم ‬إلى ‬حين ‬تسلم ‬وإستعادة ‬الرشاوى‮»‬.‬
قضى ‬المتهمون ‬المدانون ‬بضعة ‬أسابيع ‬خلف ‬القضبان ‬قبل ‬أن ‬يصدر ‬في ‬حقهم ‬العفو ‬الملكي. ‬أما ‬ممتلكاتهم، ‬التي ‬قيل ‬إنها ‬يجب ‬أن ‬تصادر، ‬فلم ‬تطلها ‬يد ‬الدولة، ‬التي ‬ستكافئ ‬البعض ‬منهم ‬حينما ‬ستعينه ‬في ‬مناصب ‬مسؤولية ‬حساسة.‬
ظل ‬ملعب ‬المركب ‬الرياضي ‬مولاي ‬عبد ‬الله ‬واحدا ‬من ‬الفضاءات ‬التي ‬يفخر ‬بها ‬المغرب ‬منذ ‬فتح ‬أبوابه ‬لاستقبال ‬دورة ‬ألعاب ‬البحر ‬الأبيض ‬المتوسط ‬لسنة ‬1983.‬
وظل ‬هذا ‬الملعب ‬يحتضن ‬عددا ‬من ‬التظاهرات ‬ليس ‬الكروية ‬فقط، ‬ولكن ‬من ‬مختلف ‬الأنواع ‬الرياضية ‬قبل ‬أن ‬يتقرر ‬على ‬عهد ‬الوزير ‬محمد ‬أوزين ‬إعادة ‬هيكلته ‬استعدادا ‬لكأس ‬العالم ‬للأندية ‬في ‬نسخة ‬2014، ‬لكي ‬يعوض ‬ملعب ‬ادرار ‬بمدينة ‬أكادير، ‬الذي ‬سبق ‬أن ‬احتضن ‬نسخة ‬السنة ‬الماضية. ‬واستعدادا ‬لنهائيات ‬كأس ‬أمم ‬إفريقيا ‬التي ‬طلب ‬المغرب ‬تأجيلها ‬إلى ‬موعد ‬لاحق ‬بدلا ‬من ‬يناير ‬من ‬سنة ‬2015.‬
أما ‬حجم ‬الاستثمارات ‬التي ‬رصدت ‬لإعادة ‬الهيكلة ‬هذه، ‬فقد ‬وصلت ‬22 ‬مليارا.‬
لقد ‬أطلقت ‬وزارة ‬اوزين ‬صفقاتها. ‬وشرعت ‬المقاولات ‬في ‬عملها ‬الذي ‬شمل ‬أساسا ‬تغيير ‬عشب ‬الملعب، ‬وإصلاح ‬عدد ‬من ‬مرافقه، ‬وتحديدا ‬المدرجات.‬ ‬واعتقد ‬الكثيرون ‬أن ‬هذه ‬المعلمة ‬ستكون ‬مفخرة ‬للمغاربة، ‬خصوصا ‬وأن ‬الملعب ‬كان ‬على ‬عهد ‬قريب ‬قد ‬قدم ‬على ‬أنه ‬جاهز ‬لاحتضان ‬نهائيات ‬كأس ‬العالم ‬لسنة ‬2010 ‬حينما ‬كان ‬المغرب ‬قد ‬دخل ‬سباق ‬تنظيم ‬مونديالها ‬الكروي.‬
فجأة ‬ستكشف ‬الأمطار، ‬التي ‬تهاطلت ‬على ‬العاصمة ‬الرباط، ‬عن ‬فضيحة ‬بعنوان ‬كبير ‬وعريض ‬هو ‬أن ‬هذا ‬العشب ‬الذي ‬كلف ‬كل ‬تلك ‬الملايير ‬لم ‬يقو ‬على ‬الصمود. ‬وتحول ‬الفضاء، ‬الذي ‬كان ‬يحتضن ‬مباراة ‬في ‬كرة ‬القدم، ‬إلى ‬ما ‬يشبه ‬المسبح. ‬وزاد ‬الأمر ‬فضيحة ‬حينما ‬تم ‬اللجوء ‬إلى ‬‮«‬الكراطات ‬والإسفنج‮»‬ ‬لإصلاح ‬ما ‬يمكن ‬إصلاحه ‬أمام ‬أنظار ‬العالم ‬الذي ‬كان ‬يتابع ‬ما ‬يقع ‬بالكثير ‬من ‬الاستهزاء. ‬لذلك ‬كان ‬لا ‬بد ‬أن ‬تأخذ ‬القضية ‬بعدا ‬سياسيا، ‬ويصدر ‬الديوان ‬الملكي ‬بلاغه ‬الشهير ‬بتوقيف ‬كل ‬أنشطة ‬الوزير، ‬خصوصا ‬المرتبطة ‬بحدث ‬كأس ‬العالم ‬للأندية، ‬إلى ‬أن ‬تظهر ‬نتائج ‬التحقيق ‬الذي ‬فتحه ‬رئيس ‬الحكومة ‬بأمر ‬ملكي.‬
لقد ‬مر ‬أكثر ‬من ‬نصف ‬عمر ‬حكومة ‬عبد ‬الإله ‬بنكيران، ‬وعمر ‬وزيرها ‬في ‬الشباب ‬والرياضة ‬محمد ‬أوزين ‬ولا ‬يزال ‬القطاع ‬الرياضي ‬يعاني ‬من ‬جملة ‬من ‬الاختلالات ‬ما ‬انعكس ‬سلبا ‬على ‬النتائج، ‬على ‬الرغم ‬من ‬كل ‬الوعود ‬التي ‬بشر ‬بها ‬وزير ‬القطاع.‬
فحينما ‬نتصفح ‬كل ‬ما ‬حمله ‬أوزين ‬معه ‬إلى ‬الوزارة ‬منذ ‬تحمل ‬المسؤولية، ‬نجد ‬أن ‬‮«‬ ‬أحلام ‬الوزير‮»‬ ‬كانت ‬أكبر، ‬سواء ‬للقطع ‬مع ‬ممارسات ‬الماضي ‬أو ‬إقرار ‬الشرعية ‬في ‬كل ‬الجامعات ‬الرياضية ‬فيما ‬سماه ‬الوزير ‬بالحكامة. ‬غير ‬أن ‬الواقع ‬سيكذب ‬الكثير ‬مما ‬انتظرته ‬الرياضة ‬المغربية، ‬التي ‬وصفتها ‬رسالة ‬الملك ‬بكونها ‬مجالا ‬للإسترزاق ‬والإبتزاز ‬والمحسوبية.‬
وإلى ‬اليوم ‬لا ‬يزال ‬عدد ‬كبير ‬من ‬الجامعات ‬الرياضية ‬خارج ‬الشرعية ‬ومنها ‬جامعات ‬يصطلح ‬عليها ‬بالجامعات ‬الكبيرة. ‬وإلى ‬اليوم، ‬لا ‬تظهر ‬بصمة ‬الوزارة ‬في ‬عدد ‬من ‬الملفات ‬المتعلقة ‬بالحكامة ‬التي ‬ضاعت ‬بعض ‬ملامحها ‬مثلا ‬حينما ‬عجز ‬الوزير ‬أوزين ‬عن ‬الكشف ‬عن ‬راتب ‬المدرب ‬السابق ‬لمنتخب ‬الكرة ‬البلجيكي، ‬ايريك ‬غيريتس.‬
وإلى ‬اليوم ‬لم ‬تصل ‬ملفات ‬عدد ‬من ‬الجامعات ‬المتهمة ‬بالاختلاس ‬إلى ‬ردهات ‬المحاكم.‬
والحصيلة ‬هي ‬أن ‬الرياضة ‬المغربية ‬ليست ‬بخير ‬على ‬عهد ‬الوزير ‬الحركي، ‬رغم ‬كل ‬الآمال ‬التي ‬عقدت ‬عليه.‬
لم ‬يصدق ‬الكثيرون ‬أن ‬تكشف ‬تلك ‬الأمطار ‬التي ‬عرفتها ‬العاصمة ‬الرباط ‬عن ‬فضيحة ‬من ‬حجم ‬ما ‬عاشه ‬ملعب ‬المركب ‬الرياضي ‬مولاي ‬عبد ‬الله. ‬أما ‬مبرر ‬هذه ‬المفاجأة ‬غير ‬السارة، ‬فهو ‬أن ‬هذا ‬الملعب ‬خضع ‬للإصلاح ‬أسابيع ‬قبل ‬انطلاق ‬كأس ‬العالم ‬للأندية ‬في ‬نسخة ‬2014، ‬وأن ‬هذا ‬الإصلاح ‬كلف ‬22 ‬مليارا ‬بالتمام ‬والكمال. ‬لذلك ‬فحينما ‬كان ‬عمال ‬الملعب ‬يحملون ‬الإسفنج ‬و«الكراطات‮»‬ ‬لتفريغ ‬أرضية ‬الملعب ‬التي ‬غمرتها ‬المياه ‬في ‬عز ‬مباريات ‬هذه ‬الكأس، ‬كان ‬لا ‬بد ‬أن ‬تنكشف ‬الحقيقة. ‬حقيقة ‬أن ‬وزارة ‬محمد ‬أوزين ‬هي ‬التي ‬تتحمل ‬كامل ‬مسؤوليتها.‬
لقد ‬صنعت ‬فضيحة ‬‮«‬مسبح‮»‬ ‬الرباط ‬الحدث ‬الذي ‬تجاوز ‬حدود ‬الرياضي ‬ليصبح ‬بحجم ‬السياسة ‬حينما ‬دخل ‬على ‬الخط ‬رئيس ‬الحكومة ‬وعدد ‬من ‬النواب ‬البرلمانيين. ‬قبل ‬أن ‬يحسم ‬بلاغ ‬الديوان ‬الملكي ‬في ‬الأمر، ‬ويأمر ‬بتوقيف ‬كل ‬أنشطة ‬وزارة ‬الشبيبة ‬والرياضة ‬في ‬انتظار ‬أن ‬تنجلي ‬خيوط ‬الحقيقة. ‬وهي ‬خيوط، ‬مهما ‬كانت ‬طبيعتها، ‬إلا ‬أنها ‬لا ‬تلغي ‬مسؤولية ‬أوزين ‬باعتباره ‬وزير ‬القطاع ‬الذي ‬يفترض ‬أن ‬يتحمل ‬المسؤولية ‬فيما ‬حدث.‬
وقبل ‬هذه ‬الفضيحة، ‬طرح ‬الكثير ‬من ‬المتتبعين ‬السؤال، ‬هل ‬تأجلت ‬نهائيات ‬كأس ‬أمم ‬إفريقيا ‬2015 ‬والتي ‬كان ‬مقررا ‬لها ‬أن ‬تلعب ‬في ‬المغرب ‬فقط ‬بسبب ‬الخوف ‬من ‬تفشي ‬وباء ‬إيبولا، ‬أم ‬أن ‬المبرر ‬كان ‬شيئا ‬آخر.‬
ومهما ‬كان ‬السبب ‬الحقيقي ‬الذي ‬دفع ‬في ‬اتجاه ‬طلب ‬المغرب ‬تأجيل ‬‮«‬الكان‮»‬ ‬إلى ‬شهر ‬يونيو ‬من ‬السنة ‬القادمة، ‬أو ‬إلى ‬يناير ‬من ‬سنة ‬2016، ‬إلا ‬أن ‬الخطأ ‬الكبير ‬تمثل ‬في ‬الطريقة ‬التي ‬دبر ‬بها ‬هذا ‬الملف.‬
ومرة ‬أخرى ‬تحملت ‬وزارة ‬الشبيبة ‬والرياضة ‬مسؤولية ‬جسيمة ‬فيما ‬حدث.‬
لم ‬يحسن ‬محمد ‬أوزين ‬التعامل ‬مع ‬قضية ‬التأجيل ‬حينما ‬أقدم ‬على ‬خروجه ‬الإعلامي ‬معلنا ‬عن ‬القرار، ‬الذي ‬قال ‬إنه ‬سيادي ‬ويعني ‬الحكومة ‬المغربية.‬
خطأ ‬أوزين ‬لم ‬يتمثل ‬فقط ‬في ‬الخروج ‬المفاجئ ‬فقط، ‬ولكنه ‬تمثل ‬في ‬عدم ‬احترام ‬متدخل ‬أساسي ‬في ‬تنظيم ‬الكأس ‬الإفريقية، ‬هو ‬الكونفدرالية ‬الإفريقية ‬لكرة ‬القدم ‬التي ‬كان ‬يفترض ‬أن ‬يفتح ‬معها ‬الوزير، ‬من ‬خلال ‬جامعة ‬الكرة، ‬مفاوضات ‬قبلية ‬قبل ‬الإعلان ‬عن ‬القرار. ‬أي ‬أنه ‬كان ‬مطالبا ‬بإشراكها ‬في ‬اتخاذ ‬القرار، ‬خصوصا ‬وأنه ‬يعرف ‬أكثر ‬من ‬غيره ‬الإكراهات ‬التي ‬يمكن ‬أن ‬تعترض ‬‮«‬الكاف‮»‬ ‬إذا ‬هي ‬قبلت ‬بالمقترح ‬المغربي ‬بالنظر ‬لارتباطاتها ‬المالية، ‬وتعاقداتها ‬مع ‬عدد ‬من ‬المحتضنين ‬والمستشهرين. ‬ومن ‬ثم ‬بدا ‬أن ‬وزير ‬الشبيبة ‬والرياضة ‬ارتكب ‬الخطأ ‬القاتل ‬لأن ‬قراره، ‬أو ‬قرار ‬الحكومة ‬التي ‬يمثلها، ‬نزل ‬مفاجئا ‬فيما ‬اعتبره ‬رجال ‬عيسى ‬حياتو ‬بمثابة ‬فرض ‬الأمر ‬الواقع.‬
زد ‬على ‬ذلك ‬أن ‬الوزير، ‬وهو ‬يشرح ‬أسباب ‬النزول ‬ويحاول ‬الدفاع ‬عن ‬الملف ‬المغربي، ‬ارتكب ‬خطأ ‬قاتلا ‬أكبر ‬حينما ‬قال ‬إن ‬المغرب ‬مستعد ‬للتخلي ‬عن ‬التنظيم ‬إذا ‬وجدت ‬الكونفدرالية ‬الإفريقية ‬من ‬يعوضنا، ‬قبل ‬أن ‬يتراجع ‬ويصحح ‬خطأه ‬ويقول ‬إن ‬المغرب ‬طالب ‬بالتأجيل ‬فقط، ‬ولم ‬يطلب ‬قط ‬التخلي ‬عن ‬التنظيم. ‬وبذلك ‬اعتبر ‬تدبير ‬ملف ‬كأس ‬أمم ‬إفريقيا ‬2015 ‬واحدا ‬من ‬أخطاء ‬أوزين. ‬
أخطاء ‬الوزير ‬كانت ‬بالجملة ‬منذ ‬تحمل ‬المسؤولية ‬في ‬قطاع ‬يرتبط ‬بالشباب ‬والرياضة. ‬لقد ‬قال ‬في ‬أكثر ‬من ‬محطة ‬إنه ‬جاء ‬لمحاربة ‬ما ‬سماه ‬‮«‬الريع ‬الرياضي‮»‬. ‬وأضاف ‬أن ‬كل ‬جامعة ‬خارج ‬الشرعية ‬لن ‬تصرف ‬لها ‬منحة ‬الوزارة. ‬والريع، ‬حسب ‬الوزير، ‬هو ‬أن ‬تصرف ‬الوزارة ‬منحها ‬السنوية ‬لجامعات ‬لم ‬تعقد ‬جموعها ‬العامة ‬ولم ‬تقدم ‬تقاريرها ‬الأدبية ‬والمالية. ‬غير ‬أن ‬هذه ‬الخطوة، ‬التي ‬صفق ‬لها ‬الجميع، ‬لم ‬تشمل ‬غير ‬بضع ‬جامعات ‬في ‬الوقت ‬الذي ‬لا ‬تزال ‬فيه ‬أخرى ‬تتوصل ‬بمنحها ‬السنوية ‬دون ‬أن ‬تعقد ‬جموعها ‬العامة. ‬ولعل ‬أكبر ‬الأمثلة ‬هي ‬جامعة ‬الكرة، ‬التي ‬تجاوزت ‬المدة ‬المخصصة ‬لعقد ‬جموعها ‬العامة، ‬وألعاب ‬القوى، ‬اللتان ‬تصنفان ‬بمثابة ‬جامعات ‬سيادة ‬لا ‬يصلها ‬الحساب.‬
فحينما ‬كان ‬محمد ‬اوزين ‬يفتح ‬ملف ‬الجموع ‬العامة ‬للجامعات ‬الرياضية، ‬يقفز ‬بسرعة ‬البرق ‬عن ‬جامعتي ‬الكرة ‬وألعاب ‬القوى ‬لأنه ‬يعرف ‬حق ‬المعرفة ‬أنهما ‬فوق ‬سلطته.‬
وعلى ‬عهده ‬أيضا، ‬تفجرت ‬أكثر ‬من ‬فضيحة ‬بداخل ‬بعض ‬الجامعات ‬الرياضية. ‬فبالإضافة ‬إلى ‬ملف ‬المنشطات، ‬الذي ‬ظهرت ‬معالمه ‬في ‬أولمبياد ‬لندن ‬2012 ‬والذي ‬أسقط ‬عددا ‬من ‬الرياضيين ‬خصوصا ‬في ‬ألعاب ‬القوى ‬دون ‬أن ‬تقوى ‬الوزارة ‬على ‬السير ‬بالملف ‬إلى ‬نهايته ‬ومعاقبة ‬المتسببين ‬في ‬تلك ‬الصورة ‬التي ‬ألصقت ‬بهذه ‬الرياضة، ‬التي ‬ظلت ‬مفخرة ‬للمغاربة، ‬تفجرت ‬فضيحة ‬أخرى ‬في ‬جامعة ‬البادمنتون ‬عنوانها ‬التلاعب ‬بالعملة ‬الصعبة. ‬وفي ‬الوقت ‬الذي ‬كانت ‬منحة ‬هذه ‬الجامعة ‬لا ‬تتجاوز ‬الخمس ‬والعشرين ‬مليون ‬سنتيم، ‬قفزت ‬إلى ‬100 ‬مليون، ‬على ‬الرغم ‬من ‬أنها ‬واحدة ‬من ‬الجامعات ‬التي ‬يشار ‬إليها ‬بأصابع ‬الاتهام.‬
وبدلا ‬من ‬أن ‬تفتح ‬الوزارة ‬تحقيقا ‬وتدعو ‬المصالح ‬المختصة ‬إلى ‬تتبع ‬الملف، ‬اختارت ‬الصمت ‬قبل ‬أن ‬تصادق ‬مصالحها ‬على ‬جمع ‬عام ‬أعاد ‬نفس ‬الوجوه ‬المتهمة ‬لدفة ‬التسيير ‬وطوي ‬الملف.‬
أما ‬حينما ‬نتوقف ‬مليا ‬عند ‬جامعة ‬الكرة، ‬ولأنها ‬تعتبر ‬الرياضة ‬الأكثر ‬شعبية، ‬فقد ‬ظل ‬ملفها ‬يثير ‬الكثير ‬من ‬النقاش، ‬سواء ‬ما ‬يتعلق ‬بجموع ‬جامعتها ‬أو ‬بالنتائج ‬السلبية ‬التي ‬تحصدها، ‬رغم ‬كل ‬الإمكانيات ‬المالية ‬التي ‬تصرف ‬لها.‬
فعلى ‬عهد ‬محمد ‬أوزين، ‬عاشت ‬هذه ‬الجامعة ‬على ‬وقع ‬الهزات.‬
وفي ‬أول ‬امتحان، ‬لم ‬يقو ‬الوزير ‬على ‬كشف ‬الراتب ‬الشهري ‬لمدرب ‬المنتخب ‬الوطني ‬البلجيكي ‬ايريك ‬غيريتس.‬
لكن ‬أكبر ‬ما ‬سجل ‬بشأن ‬هذه ‬الجامعة ‬هو ‬أنها ‬لم ‬تعقد ‬منذ ‬2009 ‬أي ‬جمع ‬عام. ‬ولم ‬تقدم ‬أي ‬تقرير ‬أدبي ‬ولا ‬مالي. ‬وانتظرنا ‬مرور ‬أربع ‬سنوات ‬من ‬عمرها ‬لكي ‬تعقد ‬جمعا ‬عاما، ‬رفضت ‬نتائج ‬شوطه ‬الأول، ‬الفيفا ‬لأنه ‬لم ‬يحترم ‬الشروط ‬التي ‬يفرضها ‬الإتحاد ‬الدولي ‬للعبة.‬
المثير ‬فيما ‬حدث ‬يومها ‬من ‬عراك ‬وسباب ‬تبادله ‬أهل ‬الكرة، ‬هو ‬أن ‬وزارة ‬السيد ‬أوزين ‬لم ‬تتحرك، ‬ووقفت ‬عاجزة ‬عن ‬التدخل.‬
أما ‬مع ‬جامعة ‬‮«‬أم ‬الرياضات‮»‬ ‬فقد ‬كانت ‬فضائح ‬المنشطات ‬قد ‬أساءت ‬لصورة ‬الرياضة ‬المغربية ‬في ‬أكبر ‬محفل ‬رياضي ‬وهو ‬دورة ‬الألعاب ‬الأولمبية ‬صيف ‬سنة ‬2012، ‬حيث ‬كانت ‬وزارة ‬محمد ‬اوزين ‬تتابع ‬ما ‬يقع ‬وكأن ‬الأمر ‬لا ‬يعنيها. ‬وعلى ‬الرغم ‬من ‬أن ‬القضية ‬وصلت ‬للمؤسسة ‬التشريعية ‬التي ‬طالبت ‬بضرورة ‬الضرب ‬على ‬أيدي ‬من ‬تسبب ‬في ‬هذه ‬الفضيحة ‬التي ‬كانت ‬تعني ‬جامعة ‬ألعاب ‬القوى، ‬إلا ‬أن ‬النقاش ‬والحوار ‬الذي ‬فتح ‬لم ‬ينته ‬إلى ‬محاسبة ‬ومعاقبة ‬من ‬كان ‬وراء ‬الفضيحة.‬
ومرة ‬أخرى ‬تعجز ‬الوزارة ‬الوصية ‬عن ‬فرض ‬القانون.‬
وحينما ‬انتهت ‬ولاية ‬الرئيس ‬الحالي ‬للجامعة ‬احيزون، ‬وكان ‬لا ‬بد ‬أن ‬تعقد ‬هذه ‬الجامعة ‬جمعها ‬العام ‬وفق ‬القانون ‬الجديد ‬من ‬أجل ‬انتخاب ‬مكتب ‬جامعي ‬جديد ‬بعد ‬أن ‬أصبح ‬مقام ‬احيزون ‬غير ‬قانوني ‬لأنه ‬استنفد ‬مدة ‬ولايته، ‬ستتفتق ‬عبقرية ‬الرئيس ‬على ‬صيغة ‬لإبقاء ‬الوضع ‬على ‬ما ‬هو ‬عليه. ‬فقد ‬عقد ‬جمعا ‬خاصا ‬جدا. ‬وقال ‬الرئيس ‬إنه ‬سيغادر، ‬دون ‬أن ‬يفعل. ‬وإلى ‬اليوم ‬لا ‬يزال ‬السيد ‬احيزون ‬يمارس ‬مهامه ‬كأي ‬رئيس ‬منتخب.‬
أما ‬وزارة ‬الشبيبة ‬والرياضة ‬فتتابع ‬ما ‬يحدث ‬دون ‬أن ‬تتحرك ‬وكأن ‬الأمر ‬لا ‬يعنيها.‬
أما ‬ما ‬يتعلق ‬بملف ‬التكوين ‬والدراسة، ‬فالمعطيات ‬تقول ‬إنه ‬في ‬الوقت ‬الذي ‬ظل ‬فيه ‬المتتبعون ‬يتطلعون ‬لما ‬ستسفر ‬عنه ‬تجربة ‬‮«‬دراسة ‬ورياضة‮»‬، ‬التي ‬كانت ‬قد ‬انطلقت ‬بعدد ‬محدود ‬من ‬الأنواع ‬الرياضية، ‬جاء ‬اوزين ‬لينهي ‬أحلام ‬عدد ‬من ‬الشباب ‬الذي ‬كان ‬يمني ‬النفس ‬بالاستفادة ‬من ‬التجربة.‬
لقد ‬كانت ‬‮«‬دراسة ‬ورياضة‮»‬ ‬قد ‬شملت ‬في ‬الماضي ‬القريب ‬رياضات ‬السلة ‬واليد ‬والطائرة ‬في ‬الرباط،. ‬وكان ‬الرهان ‬على ‬رياضات ‬مثل ‬الريكبي ‬في ‬مدينة ‬وجدة، ‬والمصارعة ‬والسباحة ‬والتنس ‬في ‬الدار ‬البيضاء. ‬على ‬أن ‬تتخصص ‬مدينة ‬الجديدة ‬في ‬رياضات ‬الملاكمة ‬والتيكواندو.‬
توقف ‬كل ‬هذا ‬الحلم ‬مع ‬مجيء ‬السيد ‬اوزين. ‬وطرح ‬السؤال ‬كبيرا ‬عن ‬السر ‬وراء ‬هذه ‬الخطوة ‬التي ‬انتظرتها ‬الرياضة ‬المغربية ‬طويلا.‬
أما ‬ما ‬يتعلق ‬بمعهد ‬التكوين، ‬فقد ‬اعتبر ‬معهد ‬الرياضات ‬المعروف ‬بمعهد ‬مولاي ‬رشيد ‬ملاذا ‬للكثير ‬ممن ‬يراهنون ‬على ‬التكوين ‬وإعادة ‬التكوين ‬خصوصا ‬في ‬المجال ‬الرياضي.‬
وحينما ‬تحمل ‬اوزين ‬مسؤولية ‬الوزارة، ‬سارع ‬للقطع ‬مع ‬هذا ‬الشق، ‬وأغلق ‬كل ‬المنافذ ‬المؤدية ‬للتكوين ‬في ‬الوقت ‬الذي ‬أبقى ‬فيه ‬على ‬بعض ‬التخصصات ‬الأخرى. ‬وقد ‬طرح ‬أهل ‬الدار ‬أكثر ‬من ‬سؤال ‬عن ‬السر ‬في ‬ذلك، ‬خصوصا ‬وأن ‬الرياضة ‬المغربية ‬لا ‬تزال ‬في ‬حاجة ‬لمؤطرين ‬لهم ‬تكوين ‬أكاديمي ‬شامل، ‬سواء ‬تعلق ‬الأمر ‬بكرة ‬القدم ‬أو ‬السلة ‬أو ‬اليد ‬أو ‬الطائرة ‬أو ‬بألعاب ‬القوى. ‬والحصيلة ‬هي ‬أن ‬معهد ‬مولاي ‬رشيد ‬بالعاصمة ‬الرباط ‬اليوم ‬لا ‬يكون ‬أحدا. ‬وغدا ‬قد ‬نصبح ‬على ‬رياضة ‬مغربية ‬تبحث ‬عن ‬المؤطرين ‬من ‬الخارج، ‬في ‬الوقت ‬الذي ‬يغلق ‬المعهد ‬الوطني ‬أبوابه ‬في ‬وجه ‬أبنائه ‬بقرار ‬غير ‬مفهوم ‬من ‬الوزير.‬
وحينما ‬نصل ‬ملف ‬الحكامة، ‬نجد ‬أن ‬محمد ‬أوزين ‬ظل ‬يردد ‬في ‬كل ‬مناسبة ‬أنه ‬مع ‬حكامة ‬جيدة ‬في ‬تدبير ‬شأن ‬الرياضة ‬المغربية. ‬وفي ‬الوقت ‬الذي ‬كان ‬يفترض ‬فيه ‬أن ‬يطبق ‬هذه ‬الحكامة ‬على ‬الجامعات ‬الرياضية، ‬نكتشف ‬أن ‬الرجل ‬ظل ‬يتعلل ‬بين ‬الفينة ‬والأخرى ‬بالمراسيم ‬التطبيقية ‬التي ‬كانت ‬لا ‬تزال ‬معتقلة ‬في ‬الأمانة ‬العامة ‬للحكومة. ‬والحقيقة ‬هي ‬أن ‬قانون ‬التربية ‬البدينة ‬والرياضة، ‬الذي ‬يعتبر ‬دستور ‬الرياضة ‬المغربية، ‬كان ‬قد ‬صدر ‬على ‬عهد ‬الوزير ‬السابق ‬ما ‬يعني ‬أن ‬الهروب ‬إلى ‬غياب ‬المراسيم ‬التطبيقية ‬هو ‬مجرد ‬صيغة ‬لكسب ‬الوقت ‬ليس ‬إلا. ‬لذلك ‬عاشت ‬الكثير ‬من ‬الأنواع ‬الرياضية ‬فوضى ‬وارتباكا ‬أثر ‬على ‬نتائجها، ‬دون ‬أن ‬تقو ‬الوزارة ‬على ‬تفعيل ‬القانون ‬والضرب ‬على ‬يد ‬المتلاعبين ‬به.‬
وارتباطا ‬بموضوع ‬الحكامة، ‬كان ‬الوزير ‬قد ‬تحرك ‬بحماس ‬شديد ‬حينما ‬قال، ‬في ‬أكثر ‬من ‬محطة، ‬إنه ‬لن ‬يصرف ‬لمن ‬يعتبرهم ‬أشباحا ‬أجورهم، ‬وإنه ‬لن ‬يرحم ‬أحدا ‬تفعيلا ‬لمبدا ‬حكومي ‬لمحاربة ‬الأشباح ‬في ‬الوظيفة ‬العمومية.‬
وقال ‬الوزير ‬إن ‬الأمر ‬يعني ‬عددا ‬من ‬الأبطال ‬الرياضيين ‬الذين ‬يحملون ‬صفة ‬موظف ‬في ‬قطاع ‬الشبيبة ‬والرياضة ‬لكنهم ‬لا ‬يقومون ‬بأي ‬عمل.‬
كاتب ‬الوزير ‬هذه ‬الفئة، ‬والتي ‬يتزعمها ‬البطل ‬الأولمبي ‬هشام ‬الكروج، ‬لينبهها. ‬لكن ‬وفي ‬ظرف ‬زمني ‬قصير ‬ستكون ‬المفاجأة ‬أن ‬الوزير ‬لم ‬يحارب ‬أشباحه، ‬ولكنه ‬وقع ‬لهم ‬قرارات ‬ترقيتهم ‬من ‬سلم ‬لآخر. ‬وطرح ‬وقتها ‬السؤال ‬عن ‬السر ‬في ‬كل ‬هذا.‬
قال ‬المتتبعون ‬إن ‬محمد ‬أوزين ‬وضع ‬يده ‬في ‬عش ‬الذبابير ‬حينما ‬فتح ‬ملف ‬الموظفين ‬الأشباح ‬في ‬وزارته، ‬خصوصا ‬حينما ‬يتعلق ‬الأمر ‬بأسماء ‬من ‬حجم ‬الكروج ‬ونزهة ‬بيدوان. ‬وقال ‬اوزين ‬إنهم ‬عادوا ‬للاشتغال ‬وفق ‬برنامج ‬خاص ‬يليق ‬بوضعهم ‬الاعتباري. ‬أما ‬الترقية ‬فقد ‬جاءت ‬بعد ‬الأقدمية ‬التي ‬قطعها ‬هؤلاء ‬الموظفون ‬في ‬الوزارة ‬فيما ‬تسميه ‬لغة ‬الترقية ‬ب‮»‬ ‬التسقيف‮»‬. ‬والحصيلة ‬هي ‬أن ‬ملف ‬الأشباح ‬فتح ‬ثم ‬عاد ‬ليغلق ‬بسرعة ‬البرق. ‬وهو ‬واحد ‬من ‬النقط ‬السوداء ‬التي ‬تحسب ‬على ‬الوزير.‬
هي ‬رحلة ‬وزير ‬ظلت ‬محفوفة ‬بالمخاطر ‬منذ ‬تلقد ‬المسؤولية، ‬غير ‬أن ‬انفجار ‬فضيحة ‬ملعب ‬الرباط، ‬وصدور ‬بلاغ ‬القصر ‬الملكي ‬الذي ‬أدان ‬الوزير ‬بطريقة ‬أو ‬بأخرى، ‬قد ‬يذهب ‬برأسه ‬لتكون ‬حكومة ‬بنكيران ‬قد ‬فعلت ‬شعار ‬ربط ‬المسؤولية ‬بالمحاسبة.
الملك ‬يعفي ‬كاتب ‬الدولة ‬في ‬الخارجية ‬بعد ‬حصوله ‬على ‬جنسية ‬إسبانية‬
لم ‬تشكل ‬قضية ‬أحمد ‬الخريف، ‬كاتب ‬الدولة ‬في ‬الخارجية ‬في ‬حكومة ‬عباس ‬الفاسي، ‬حدثا ‬مفاجئا ‬للفاعلين ‬السياسيين ‬فقط، ‬ولكنها ‬اعتبرت ‬سابقة ‬في ‬تاريخ ‬مملكة ‬محمد ‬السادس.‬
لقد ‬نزل ‬قرار ‬الإعفاء ‬دون ‬استشارة ‬أحد ‬بما ‬في ‬ذلك ‬الوزير ‬الأول ‬الاستقلالي، ‬الذي ‬ينتمي ‬إليه ‬كاتب ‬الدولة ‬المعفى ‬من ‬مهامه. ‬والذي ‬كان ‬يومها ‬يتابع ‬مناقشة ‬بعض ‬فصول ‬قانون ‬المالية ‬من ‬مجلس ‬المستشارين ‬حيث ‬وصله ‬الخبر، ‬الذي ‬أضحى ‬بعد ‬دقائق ‬حقيقة، ‬بعد ‬أن ‬تلقى ‬مكالمة ‬هاتفية ‬في ‬الموضوع، ‬قبل ‬أن ‬تبث ‬تفاصيله ‬وكالة ‬المغرب ‬العربي ‬للأنباء.‬
سيغادر ‬أحمد ‬الخريف ‬البرلمان ‬ليتوجه ‬رأسا ‬إلى ‬الديوان ‬الملكي ‬بحثا ‬عن ‬تفسير ‬لما ‬حدث، ‬خصوصا ‬وأنه ‬كان ‬يستعد ‬لتمثيل ‬المغرب ‬في ‬اجتماع ‬وزاري ‬للجامعة ‬العربية ‬أياما ‬قبل ‬نزول ‬قرار ‬الإعفاء. ‬أما ‬بعد ‬ذلك، ‬فقد ‬عاد ‬إلى ‬مكتبه ‬ليجمع ‬ملفاته.‬
لقد ‬نشرت ‬وكالة ‬المغرب ‬العربي ‬قصاصة ‬مقتضبة ‬بشأن ‬قضية ‬أحمد ‬الخريف ‬جاء ‬فيها ‬ما ‬يلي:‬‮»‬علمت ‬حكومة ‬صاحب ‬الجلالة ‬أن ‬السلطات ‬الإسبانية ‬شرعت، ‬منذ ‬عدة ‬شهور، ‬في ‬منح ‬الجنسية ‬الإسبانية ‬للعديد ‬من ‬سامي ‬المسؤولين ‬المغاربة، ‬وأن ‬هذا ‬الإجراء ‬قد ‬يجد ‬تبريره ‬في ‬مسؤولية ‬إسبانيا ‬عن ‬مناطق ‬من ‬المملكة ‬المغربية ‬كانت ‬تخضع ‬للحماية ‬الإسبانية، ‬وفي ‬هذا ‬السياق، ‬قرر ‬صاحب ‬الجلالة ‬الملك ‬محمد ‬السادس، ‬أيده ‬الله، ‬إنهاء ‬مهمة ‬السيد ‬أحمد ‬الخريف، ‬ككاتب ‬للدولة ‬لدى ‬وزير ‬الشؤون ‬الخارجية ‬والتعاون‮»‬. ‬ويبدو ‬من ‬خلال ‬هذا ‬الإعلان ‬أن ‬سبب ‬إقالة ‬الخريف ‬كان ‬هو ‬حصوله ‬على ‬الجنسية ‬الإسبانية، ‬وليس ‬شيئا ‬آخر. ‬
كان ‬لا ‬بد ‬لهذا ‬القرار، ‬رغم ‬أنه ‬لم ‬يصدر ‬عن ‬بلاغ ‬من ‬القصر ‬الملكي، ‬أن ‬يترك ‬خلفه ‬بعض ‬الأسئلة ‬من ‬قبيل ‬هل ‬تم ‬الاستماع ‬للسيد ‬الخريف ‬في ‬نازلة ‬الجنسية ‬الإسبانية ‬التي ‬منحت ‬له؟ ‬وهل ‬ستبادر ‬السلطات ‬المغربية ‬إلى ‬إقالة ‬جميع ‬المسؤولين ‬المغاربة ‬السامين، ‬الحاصلين ‬على ‬جنسيات ‬أجنبية؟ ‬ولماذا ‬لم ‬يفتح ‬أي ‬نقاش ‬مع ‬أحمد ‬الخريف ‬من ‬أجل ‬تخييره ‬بين ‬الجنسية ‬الإسبانية ‬ومنصبه ‬في ‬وزارة ‬الخارجية؟ ‬على ‬الرغم ‬من ‬أن ‬حصول ‬الخريف ‬على ‬الجنسية ‬الإسبانية، ‬وهو ‬مسؤول ‬في ‬وزارة ‬الخارجية، ‬يعد ‬سابقة ‬نظرا ‬لحساسية ‬موقعه، ‬وإن ‬كان ‬البعض ‬قد ‬تحدث ‬وقتها ‬على ‬أن ‬أحمد ‬الخريف ‬كان ‬يحمل ‬الجنسية ‬الإسبانية ‬قبل ‬توليه ‬منصب ‬كاتب ‬الدولة ‬في ‬الخارجية، ‬وأن ‬السلطات ‬كان ‬تعلم ‬بذلك. ‬
المتتبعون ‬للعلاقات ‬المغربية ‬الإسبانية ‬علقوا ‬على ‬خطوة ‬الملك ‬محمد ‬السادس ‬بإعفاء ‬كاتب ‬الدولة، ‬على ‬أنها ‬كانت ‬رسالة ‬إلى ‬السلطات ‬الإسبانية. ‬والبعض ‬الآخر ‬اعتبرها ‬رسالة ‬موجهة ‬إلى ‬بعض ‬المسؤولين ‬في ‬المجلس ‬الاستشاري ‬لشؤون ‬الصحراء، ‬والذين ‬كانوا ‬قد ‬وضعوا ‬هم ‬أيضا ‬طلبات ‬لدى ‬السلطات ‬الإسبانية ‬يطلبون ‬فيها ‬الحصول ‬على ‬الجنسية ‬الإسبانية. ‬وهي ‬الخطوة ‬التي ‬أغضبت ‬السلطات ‬المغربية ‬خصوصا ‬وقد ‬تضمنت ‬عبارات ‬وردت ‬في ‬طلبات ‬الحصول ‬على ‬الجنسية، ‬تشير ‬إلى ‬أن ‬المعنيين ‬يبررون ‬طلب ‬الحصول ‬على ‬الجنسية ‬بأنهم ‬ينتمون ‬إلى ‬مناطق ‬غير ‬مستقلة، ‬وأنهم ‬نشؤوا ‬تحت ‬السيادة ‬الإسبانية.‬
وكان ‬أحمد ‬الخريف، ‬المنتمي ‬سياسيا ‬لحزب ‬الاستقلال، ‬يعتبر ‬من ‬المقربين ‬من ‬رئيس ‬‮«‬الكوركاس‮»‬ ‬خليهن ‬ولد ‬الرشيد، ‬ولذلك ‬فقد ‬اعتبرت ‬إقالته ‬بمثابة ‬رسالة ‬لهذا ‬الأخير ‬بخصوص ‬عدم ‬تحركه ‬لوقف ‬طلبات ‬الجنسية ‬الإسبانية ‬من ‬قبل ‬بعض ‬أعضاء ‬المجلس ‬الاستشاري ‬لشؤون ‬الصحراء. ‬
لقد ‬أراد ‬العاهل ‬المغربي ‬من ‬خطوة ‬الإعفاء ‬التي ‬طالت ‬أحمد ‬الخريف، ‬وهو ‬أول ‬إعفاء ‬لمسؤول ‬حكومي ‬على ‬عهد ‬محمد ‬السادس، ‬أن ‬يؤكد ‬على ‬أن ‬الدولة ‬لن ‬تتسامح ‬مع ‬طلب ‬جنسية ‬أجنبية، ‬والتي ‬تدخل ‬ضمن ‬رغبة ‬البعض ‬في ‬التميز ‬عن ‬باقي ‬المواطنين ‬المغاربة، ‬إنها ‬رسالة ‬مزدوجة ‬إلى ‬الصحراويين ‬وإسبانيا ‬كذلك، ‬تعبيرا ‬عن ‬غضب ‬المغرب ‬من ‬التعامل ‬الإسباني ‬الخاص ‬مع ‬الصحراويين، ‬لأنه ‬يكرس ‬الصورة ‬بأن ‬الصحراويين ‬مختلفون ‬عن ‬سكان ‬المناطق ‬الأخرى، ‬ويعتبر ‬بمثابة ‬تدخل ‬في ‬الشؤون ‬الداخلية ‬للمغرب. ‬على ‬الرغم ‬من ‬أن ‬عددا ‬من ‬المسؤولين ‬المغاربة ‬سبق ‬أن ‬حصلوا ‬على ‬الجنسية ‬الإسبانية، ‬كان ‬في ‬مقدمتهم ‬رئيس ‬المجلس ‬الملكي ‬الاستشاري ‬للشؤون ‬الصحراوية، ‬خليهن ‬ولد ‬الرشيد.‬
لقد ‬شكل ‬إعفاء ‬أحمد ‬الخريف ‬الاستقلالي ‬من ‬مهامه ‬الوزارية ‬في ‬حكومة ‬كان ‬يقودها ‬عباس ‬الفاسي ‬الأمين ‬العام ‬للحزب، ‬حدثا ‬سياسيا ‬غير ‬مسبوق ‬باعتباره ‬أول ‬رجة ‬تعرفها ‬مملكة ‬محمد ‬السادس.‬
غير ‬أن ‬خلفيات ‬الإعفاء ‬وارتباطها ‬بالقضية ‬الوطنية ‬الأولى ‬هو ‬ما ‬منحها ‬بعض ‬الخصوصية، ‬حيث ‬لم ‬تحدث ‬عقبها ‬أي ‬أزمة ‬سياسية، ‬سواء ‬من ‬قبل ‬الحزب ‬الذي ‬كان ‬يترأس ‬الحكومة، ‬أو ‬من ‬قبل ‬الذين ‬وجهت ‬لهم ‬رسالة ‬الإعفاء ‬من ‬أعضاء ‬المجلس ‬الاستشاري ‬لشؤون ‬الصحراء، ‬الذين ‬كانوا ‬قد ‬دخلوا ‬في ‬إجراءات ‬الحصول ‬على ‬الجنسية ‬الإسبانية.‬
يوم ‬أدين ‬وزراء ‬الحسن ‬الثاني ‬ب ‬15 ‬سنة ‬سجنا ‬بتهمة ‬الفساد
ظل ‬الحسن ‬الثاني ‬يرفض ‬في ‬كل ‬مناسبة ‬أن ‬ينعت ‬وزراء ‬حكومته ‬بالمفسدين. ‬وكان ‬يواجه ‬وزيره ‬الأول ‬وقتها ‬أحمد ‬العراقي ‬برفض ‬فتح ‬سيرة ‬الفساد، ‬التي ‬كانت ‬على ‬لسان ‬معارضته ‬الاتحادية، ‬مبررا ‬ذلك ‬بكون ‬خصومه ‬السياسيين ‬هم ‬من ‬يبحث ‬عن ‬أي ‬صيغة ‬للانتقام ‬والتشفي.‬
غير ‬أن ‬جنرال ‬الحسن ‬الثاني ‬المدبوح ‬سيحمل، ‬وهو ‬عائد ‬من ‬زيارة ‬للولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية، ‬بعد ‬أن ‬قام ‬بترتيب ‬زيارة ‬خاصة ‬للملك ‬إلى ‬أمريكا، ‬تقريرا ‬عن ‬تورط ‬بعض ‬وزراء ‬الحكومة ‬في ‬عمليات ‬رشوة
حينما ‬حصل ‬على ‬وثائق ‬تثبت ‬تورط ‬مسؤولين ‬مغاربة ‬في ‬قضية ‬فساد ‬وإرتشاء ‬من ‬شركة ‬‮«‬بانام‮»‬ ‬الأمريكية ‬للطيران، ‬والتي ‬كانت ‬ترغب ‬في ‬تشييد ‬فندق ‬بمدينة ‬الدار ‬البيضاء. ‬تقول ‬الوثائق ‬التي ‬حملها ‬الجنرال ‬المدبوح، ‬واطلع ‬عليها ‬الوزير ‬الأول ‬وقتها ‬أحمد ‬العراقي، ‬إن ‬كل ‬شيء ‬يتم ‬مقابل ‬عمولات ‬ورشاوى، ‬وكان ‬كل ‬مشروع ‬استثماري ‬يخضع ‬للمساومات ‬من ‬قبل ‬مسؤولين ‬سعوا ‬إلى ‬تحقيق ‬المزيد ‬من ‬الاغتناء ‬غير ‬المشروع. ‬تقرير ‬المدبوح، ‬أضاف ‬أن ‬من ‬بين ‬المتورطين ‬سبعة ‬وزراء، ‬وعدد ‬من ‬الموظفين ‬السامين ‬ورجال ‬أعمال.‬
لم ‬يكن ‬الحسن ‬الثاني ‬متحمسا ‬في ‬البداية ‬لمتابعة ‬وزرائه, ‬واكتفى ‬بمعاتبتهم ‬حينما ‬قال ‬لهم ‬‮«‬لم ‬تكونوا ‬شرفاء، ‬وخيبتم ‬ظني، ‬ولكنني ‬أسامحكم‮»‬. ‬ولذلك ‬ربط ‬البعض ‬بين ‬فضيحة ‬وزراء ‬حكومة ‬الملك، ‬الذي ‬اختار ‬حمايتهم ‬والصفح ‬عنهم، ‬وبين ‬انقلاب ‬الصخيرات، ‬الذي ‬يكون ‬قد ‬حركته ‬هذه ‬القضية ‬خصوصا ‬وأن ‬المدة ‬الفاصلة ‬بين ‬الحدثين ‬لم ‬تكن ‬تتجاوز ‬الثلاثة ‬أشهر. ‬
قال ‬تقرير ‬الجنرال ‬المدبوح ‬إن ‬بعض ‬الوزراء ‬والموظفين ‬السامين ‬يتعاطون ‬الرشوة. ‬وأضاف ‬أن ‬المسمى ‬عمر ‬بنمسعود، ‬صاحب ‬شركة ‬للتسيير ‬والتمثيل ‬الدولي، ‬هو ‬من ‬يتوسط ‬لهم ‬في ‬ذلك. ‬كما ‬كان ‬يقتسم ‬العمولات ‬المالية ‬التي ‬يحصل ‬عليها ‬مع ‬الوزراء ‬والموظفين ‬السامين ‬المتهمين ‬معه ‬في ‬القضية. ‬وأضاف ‬التقرير ‬أن ‬المبالغ ‬المالية ‬التي ‬كانت ‬تسلم ‬كرشوة، ‬ظلت ‬تدفع ‬لحساباتهم ‬البنكية ‬بالمغرب ‬وبالخارج ‬بالدولار. ‬والخلاصة، ‬هي ‬أن ‬سبعا ‬وعشرين ‬قضية ‬رشوة ‬وفساد ‬هي ‬مجموع ‬ما ‬تورط ‬فيه ‬هؤلاء.‬
سيترأس ‬القاضي ‬الزغاري ‬محكمة ‬العدل ‬الخاصة، ‬التي ‬حوكم ‬أمامها ‬الوزراء ‬والموظفون ‬السامون ‬ورجال ‬الأعمال ‬المتهمون، ‬في ‬أول ‬قضية ‬فساد ‬كبرى ‬يشهدها ‬المغرب ‬المستقل. ‬أما ‬الإدعاء ‬العام، ‬فقد ‬تحمله ‬أحمد ‬الوزاني. ‬فيما ‬قام ‬بالتحقيق ‬مع ‬المتهمين ‬القاضي ‬حسن ‬العوفير.‬
وكان ‬عدد ‬المتهمين ‬14 ‬شخصا، ‬بعد ‬أن ‬فر ‬منهم ‬اثنان ‬خارج ‬البلاد ‬وهما ‬هنري ‬هانسون، ‬وبرنارد ‬ليفي. ‬حيث ‬سيتم ‬إيداع ‬الجميع ‬السجن ‬قبل ‬أن ‬يتم ‬نقلهم ‬إلى ‬المستشفى ‬بناء ‬على ‬ظروفهم ‬الصحية. ‬وكان ‬الأمر ‬يتعلق ‬بكل ‬من ‬مامون ‬الطاهري، ‬وزير ‬سابق ‬في ‬المالية. ‬ومحمد ‬الجعيدي، ‬وزير ‬سابق ‬في ‬التجارة ‬والصناعة. ‬ومحمد ‬العيماني، ‬كاتب ‬الدول ‬السابق ‬في ‬الأشغال ‬العمومية ‬والنقل ‬ومدير ‬عام ‬سابق ‬لمكتب ‬الأبحاث ‬والمساهمات ‬المعدنية، ‬وعبد ‬الكريم ‬الأزرق، ‬وزير ‬سابق ‬للإقتصاد.‬
وعمر ‬بنمسعود، ‬الذي ‬شغل ‬عدة ‬مناصب ‬إدارية ‬هامة ‬في ‬بداية ‬الإستقلال، ‬قبل ‬أن ‬يقدم ‬استقالته ‬في ‬سنة ‬1960 ‬ويؤسس ‬شركة ‬للتسيير ‬والتمثيل ‬الدولي ‬ويصبح ‬من ‬كبار ‬رجال ‬الأعمال ‬بالمغرب. ‬وناصر ‬بلعربي، ‬وهو ‬مدير ‬سابق ‬لمكتب ‬رئيس ‬الحكومة ‬المغربية ‬الراحل ‬عبد ‬الله ‬إبراهيم، ‬ومدير ‬سابق ‬للمكتب ‬الوطني ‬للأبحاث ‬والمساهمات ‬المعدنية ‬وكاتب ‬عام ‬سابق ‬في ‬وزارة ‬الخارجية. ‬وإدريس ‬بلبشير، ‬وهو ‬موظف ‬سام ‬بالمكتب ‬الوطني ‬للأبحاث ‬والمساهمات ‬المعدنية، ‬ومحمد ‬البلغمي، ‬وهو ‬رجل ‬أعمال.‬
في ‬البدء، ‬قرر ‬القاضي ‬حسن ‬العوفير ‬إطلاق ‬سراح ‬اثنين ‬من ‬المتهمين ‬مؤقتا ‬هما ‬دايفيد ‬عمار، ‬وهو ‬رجل ‬أعمال. ‬ومحمد ‬العيماني، ‬قبل ‬أن ‬توجه ‬المحكمة ‬تهمة ‬الفساد ‬واستغلال ‬النفوذ ‬إلى ‬المتهمين ‬الباقين.‬
وقد ‬تولى ‬الدفاع ‬عن ‬المتهمين ‬نخبة ‬من ‬المحامين ‬المعروفين، ‬ومن ‬بينهم ‬أحمد ‬رضا ‬اكديرة، ‬الوزير ‬السابق ‬للديوان ‬الملكي، ‬وعبد ‬الكريم ‬بنجلون، ‬ومحمد ‬التبر، ‬وعبد ‬الرحيم ‬برادة، ‬وموسى ‬عبود. ‬
وجاء ‬في ‬وثيقة ‬الاتهام ‬أن ‬الشرطة ‬القضائية ‬إنتبهت ‬في ‬فبراير ‬1971 ‬إلى ‬أن ‬عددا ‬من ‬الوزراء ‬وكبار ‬المسؤولين ‬يتسلمون ‬رشاوي ‬من ‬عمر ‬بنمسعود ‬بغية ‬تسهيل ‬الاستثمار ‬الأجنبي ‬بالمغرب. ‬وأن ‬هذا ‬الأخير ‬استطاع ‬من ‬خلال ‬عمليات ‬والوساطة ‬والسمسرة ‬التي ‬يقوم ‬بها ‬أن ‬يحصل ‬على ‬مبالغ ‬ضخمة ‬من ‬العمولات ‬من ‬أي ‬شركة ‬تسعى ‬إلى ‬إنجاز ‬مشاريع ‬في ‬المغرب، ‬وكان ‬يقتسم ‬هذه ‬العمولات ‬مع ‬بعض ‬الوزراء ‬وكبار ‬المسؤولين. ‬وترتبط ‬أغلب ‬القضايا ‬بمشاريع ‬المكتب ‬الوطني ‬للأبحاث ‬والمساهمات ‬المعدنية، ‬الذي ‬كان ‬يحيى ‬الشفشاوني ‬يتولى ‬إدارته ‬العامة.‬
وشملت ‬المخالفات ‬مبالغ ‬وصلت ‬في ‬المجموع ‬إلى ‬10.‬215.‬000 ‬درهم ‬صدرت ‬بموجبها ‬عقوبات ‬بمقتضى ‬المواد ‬33 ‬و34 ‬و35 ‬من ‬اللائحة ‬التي ‬بموجبها ‬تتشكل ‬محكمة ‬العدل ‬الخاصة، ‬إضافة ‬إلى ‬المادة ‬129 ‬من ‬قانون ‬العقوبات.‬
ورفضت ‬المحكمة ‬طعون ‬هيئة ‬دفاع ‬المتهمين ‬الوزراء، ‬التي ‬اعترضت ‬على ‬أهلية ‬المحكمة ‬للنظر ‬في ‬الدعوى، ‬على ‬خلفية ‬أن ‬هؤلاء ‬لابد ‬أن ‬يعتبروا ‬موظفي ‬خدمة ‬مدنية ‬بموجب ‬المادة ‬224 ‬من ‬قانون ‬العقوبات.‬
ورفض ‬الادعاء ‬العام ‬طلبات ‬هيئة ‬الدفاع ‬بالاستماع ‬لعدة ‬شخصيات ‬كشهود، ‬من ‬قبيل ‬سفيري ‬الاتحاد ‬السوفياتي ‬وألمانيا. ‬ومدير ‬البنك ‬الدولي ‬لإعادة ‬الإعمار ‬والتنمية، ‬ومديري ‬بعض ‬المصارف.‬
انطلقت ‬جلسات ‬استجواب ‬المتهمين ‬داخل ‬المحكمة ‬بتاريخ ‬11 ‬أكتوبر ‬1972، ‬ليتم ‬إعلان ‬الاحكام ‬بتاريخ ‬15 ‬دجنبر ‬من ‬نفس ‬السنة.‬
وخلال ‬جلسات ‬الاستجواب، ‬أجاب ‬كل ‬المتهمين ‬بأنهم ‬غير ‬مذنبين ‬إلا ‬من ‬اعترف ‬بتسلم ‬مبالغ ‬مالية ‬لدواعي ‬تشييد ‬فيلات ‬أو ‬لمواجهة ‬مسؤوليات ‬قانونية ‬متعددة، ‬أو ‬لتغطية ‬نفقات ‬سفر ‬أو ‬غيره، ‬فيما ‬اعتبر ‬آخرون ‬أنهم ‬مجرد ‬ضحايا ‬وأكباش ‬فداء ‬يؤدون ‬تبعات ‬انقلاب ‬الصخيرات، ‬فيما ‬أنكر ‬عبد ‬الكريم ‬الأزرق ‬كل ‬التهم ‬الموجهة ‬إليه. ‬وقال ‬إن ‬كرامته ‬لا ‬تسمح ‬له ‬مطلقا ‬بارتكاب ‬أي ‬من ‬التهم ‬الموجهة ‬إليه.‬
غير ‬أن ‬اعترافات ‬عمر ‬بنمسعود، ‬الذي ‬كان ‬أول ‬المعتقلين، ‬ورطت ‬عدة ‬متهمين، ‬بعد ‬أن ‬أنكروا ‬كل ‬ما ‬نسب ‬إليهم، ‬مضيفين ‬أن ‬أقوالهم ‬السابقة ‬انتزعت ‬منهم ‬تحت ‬الضغط.‬
وتقدم ‬الإدعاء ‬العام، ‬في ‬شخصية ‬أحمد ‬الوزاني، ‬بمرافعته ‬التي ‬تضمنت ‬العقوبات ‬المطلوبة، ‬فطالب ‬بتطبيق ‬المواد ‬من ‬33 ‬إلى ‬35 ‬من ‬اللائحة ‬التي ‬تم ‬بموجبها ‬تشكيل ‬محكمة ‬العدل ‬الخاصة، ‬قبل ‬أن ‬يطلب ‬من ‬المحكمة ‬الحكم ‬على ‬المتهمين ‬بعقوبات ‬تتراوح ‬ما ‬بين ‬15 ‬سنة ‬و5 ‬سنوات.‬
وبعد ‬الاستماع ‬إلى ‬دفوعات ‬هيئة ‬الدفاع ‬التي ‬اعتبرت ‬أن ‬المتهمين ‬قدموا ‬الكثير ‬للبلاد ‬ولترقية ‬الاقتصاد ‬الوطني، ‬وطالبت ‬ببراءتهم ‬وتساءلت ‬عن ‬الأسباب ‬وراء ‬الاعتماد ‬على ‬اعترفات ‬عمر ‬بنمسعود ‬كقرائن ‬لاتهام ‬موكليها، ‬وتصريحات ‬المتهمين، ‬أدخلت ‬القضية ‬للمداولة ‬قبل ‬أن ‬يتم ‬النطق ‬بالأحكام ‬يوم ‬15 ‬دجنبر ‬1972، ‬حيث ‬نطق ‬القاضي ‬أحمد ‬الزغاري ‬بها ‬في ‬حق ‬كل ‬المتهمين ‬والتي ‬تراوحت ‬بين ‬12 ‬سنة ‬و4 ‬سنوات.‬
- ‬يحيى ‬الشفشاوني, ‬العقوبة ‬السجنية ‬12 ‬سنة ‬و ‬غرامة ‬10000 ‬درهم.‬
- ‬مامون ‬الطاهري، ‬العقوبة ‬السجنية ‬10 ‬سنوات ‬وغرامة ‬10000 ‬درهم.‬
- ‬عمر ‬بن ‬مسعود ‬العقوبة ‬السجنية ‬8 ‬سنوات ‬وغرامة ‬9000 ‬درهم.‬
- ‬محمد ‬الجعيدي، ‬العقوبة ‬السجنية ‬8 ‬سنوات ‬وغرامة ‬5000 ‬درهم.‬
- ‬عبد ‬الحميد ‬كريم، ‬العقوبة ‬السجنية ‬4 ‬سنوات ‬وغرامة ‬9000 ‬درهم.‬
- ‬ناصر ‬بلعربي، ‬العقوبة ‬السجنية ‬4 ‬سنوات ‬وغرامة ‬500 ‬درهم.‬
- ‬إدريس ‬بلبشير، ‬العقوبة ‬السجنية ‬4 ‬سنوات ‬وغرامة ‬5000 ‬درهم.‬
- ‬عبد ‬العزيز ‬بنشقرون، ‬العقوبة ‬السجنية ‬4 ‬سنوات ‬وغرامة ‬5000 ‬درهم.‬
كما ‬أعلنت ‬المحكمة ‬أن ‬المتهمين ‬مدانون ‬بتهمة ‬الفساد ‬واستغلال ‬النفوذ، ‬على ‬أن ‬تتم ‬مصادرة ‬ممتلكاتهم ‬إلى ‬حين ‬تسلم ‬واستعادة ‬الرشاوى.‬
ستعلق ‬السفارة ‬البريطانية ‬على ‬حدث ‬محاكمة ‬وزراء ‬الملك، ‬باعتبارها ‬أول ‬قضية ‬محاكمة ‬للوزراء ‬في ‬المغرب، ‬وهو ‬ما ‬اعتبرته ‬مثيرا. ‬إلا ‬أنه ‬سرعان ‬ما ‬تبين، ‬تضيف ‬سفارة ‬بريطانيا، ‬أنها ‬وسيلة ‬استباقية ‬استغلها ‬الحسن ‬الثاني ‬للسيطرة ‬على ‬الوضع. ‬ذلك ‬أنه ‬بعد ‬عدة ‬أشهر ‬من ‬المرافعات، ‬وبعد ‬صدور ‬الأحكام، ‬أطلق ‬الملك ‬سراح ‬المدانين ‬قبل ‬إتمام ‬عقوباتهم، ‬فالملك ‬الحسن ‬الثاني ‬كان ‬يرى ‬أن ‬ما ‬كان ‬يتعين ‬القيام ‬به ‬هو ‬إصلاح ‬عمل ‬المسؤولين، ‬أما ‬الرشوة ‬فكانت ‬موجودة ‬على ‬مر ‬العصور. ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.