الملاحظ خلال السنوات الأخيرة أن المقاهي بولاية الدارالبيضاء الكبرى تناسلت بشكل كبير حتى أصبحت متواجدة في الدروب والأزقة، هذه المقاهي التي كانت إلى وقت قريب تحتل مكانة مرموقة في نفوس البيضاويين حيث يلتمسون فيها الهدوء والسكينة هربا من الضجيج والضوضاء بالأحياء ذات الكثافة السكانية وأحيانا البيوت نفسها، كما كانت تعتبر فضاءا تثقيفيا يتبادل فيه الزبناء الأحاديث والأفكار ويناقشون مقالات الجرائد اليومية، إلا أنها تجاوزت ذلك في الآونة الأخيرة لتصبح مرتعا لاستفحال مظاهر الانحلال الخلقي والخلاعة. وما يحدث ببعض مقاهي الأحياء الشعبية أصبح على كل لسان، مقاهي تعرف رواجا فظيعا للمخدرات والكحول وما الحملة الأخيرة لدوريات الأمن وما ضبطت من مروجين ومستهلكين إلا دليل على هذا التفشي. أما المقاهي الراقية فقد خصصت طابقا علويا وآخر سفليا على شبه مرآب مباحا للفتيات اللواتي يساهمن في تفشي الفساد ومظاهر الجنوح والانحلال. لقد أصبحت المقاهي مكانا لالتقاء الفتيات بالشبان، أصبحت مكانا للتخطيط للدعارة والفساد. ففي جل الأحياء تتواجد مقاهي، ما يشجع تلاميذ وتلميذات وطالبات وطلبة لولوجها ومنهم من ساهمت في انحرافه بدل تقويم سلوكه. إن المقهى موروث ثقافي متجذر في الذاكرة الشعبية المغربية، حيث كانت الأسواق الأسبوعية تحتضن مقاهي بخيام منصوبة، وكانت تؤدي دورا رائدا في التلاقي وتبادل الأفكار، وإبرام صفقات الحرث والجني واقتناء البهائم، إلا أنه وياللأسف أصبح الكثير ممن ينحرفون تكون خطواتهم الأولى من المقاهي. فمعظم الذين نصادفهم يشتكون من وضع بعض المقاهي التي هجروها بعدما كانت ملجأ لهم لتفريغ ضغوطات حياتهم اليومية. لقد حان الوقت لإعادة النظر في تسليم رخص المقاهي كما يتحتم وضع ضوابط وشروط للاستغلال. نتمنى أن يعي المسؤولون الدور الذي تقوم به المقهى وتطويق ظاهرة الانحلال الخلقي والخلاعة وتعاطي الشيشا في بعضها والمخدرات قبل فوات الأوان.