كل من تابع برامج ومقالات الإعلام الجزائري في الفترة الأخيرة، وخصوصا بمناسبة دورة كأس إفريقيا لكرة القدم بالكوت ديفوار، يخلص إلى أن السعار تجاه المغرب بلغ حدا باتولوجيا مستفحلا. ليس الأمر تحاملا مضادا من طرفنا، ولكن الأمر يتعلق، بشكل موضوعي ومهني، بكون إعلام الجيران كان كل شيء إلا أن يكون إعلاما أو صحافة، كما هو متعارف عليه عالميا. تخيلوا محللا يقول بأنه لو لعب المغرب ضد «والو» سيشجع هو هذا ال «والو»، ثم طبعا كل إسقاطات الهزائم الجزائرية على رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وعلى «كولسة» المغاربة في أروقة ودهاليز الكاف، علاوة على المستويات المتدنية جدا للقراءات والتحليل، وللأسلوب والمعجم في الكلام. دورة كأس إفريقيا لكرة القدم كانت فقط أحد تجليات السعار الإعلامي الجزائري ضد المغرب، وحتى وزير إعلامهم لم يخجل من الإقرار ببعض الوقاحة، واعتبر ما يعيشه الإعلام الرياضي هناك «انفلاتا». قبل مناسبة «الكان»، كان الإعلام الجزائري، الرسمي أساسا وأيضا معظم الصحافة الخاصة المعروفة ولاءاتها، مدمنا على خطاب الشتائم والسباب تجاه المغرب، وصار الأمر خطا تحريريا موحدا ينضبط له الجميع. كل هذه التفاهة كان لها الأثر الواضح اليوم في الشارع ووسط الجمهور وفي النفسيات والعقول، حتى أن الناس يتم إخراجهم إلى الشارع للاحتفال بهزيمة منتخب المغرب في مباراة كرة القدم، وتمثل ذلك كما لو أنه النصر المبين على عدو في حرب أو في مواجهة مسلحة أو تنافس ديبلوماسي دولي. المغرب لا يجاري كل هذه الدناءة ولا يقلدها، وإنما يترك العالم كله يتفرج على غباء الجيران ويسخر من بلادتهم وعقدتهم المرضية. النجاح الكبير الذي تحقق للنظام العسكري الجزائري وماكينته الإعلامية هو تغليط الشعب وجيل الشباب هناك وشحن عقولهم بالعداء للمغرب والمغاربة، وأشاع وسط البلاد مشاعر الكراهية والحقد ضد شعب جار تربطه بالشعب الجزائري الكثير من الصلات والوشائج، وتحول، بذلك، خطر الجينرالات إلى خطر على شعوب المنطقة ومستقبلها، وعلى الاستقرار المغاربي وتكامل الشعوب الشقيقة. بعض المتفذلكين أو هواة الحياد السطحي يرون الأمر طبيعيا وأن ما تفعله الجزائر عبر الإعلام يقوم المغرب بمثله كذلك، وأن الصراع بين البلدين يتيح مثل هذه الأساليب، ولكن المعاينة بكاملها غير صحيحة. المغرب لا يلفه السعار الذي يلف البلد الجار ونظامه، والمستوى المهني للإعلام هنا لا علاقة له بنظيره هناك، ويمكن إجراء مقارنة بسيطة لكيفية معالجة شؤون الكرة والرياضة مؤخرا، وسنرى الفروق شاسعة وفاضحة. لقد لاحظنا أيضا كيف عممت وكالة الأنباء الرسمية هناك أخبارا زائفة ضد المغرب، وتبين للجميع أنها، ببساطة، غير صحيحة، وسبق أن تابعنا مئات الأخبار والقصاصات، من قبل، عن معارك وانتصارات وهمية للجبهة الانفصالية، وهي لم تكن حقيقية بالمرة، والجميع وقف على ذلك، وسخر من إعلام العسكر. ليس الإعلام الرياضي في الجزائر هو من يعيش «الانفلات» كما اعترف بذلك وزير إعلامهم، ولكن الإعلام بكامله، وأساسا النظام الذي يوجهه، فقد توالت الهزائم وهوت الصدمات على رؤوس الجينرالات. هذه الأيام يلهث النظام العسكري وسط دول الخليج توسلا للعفو، جراء حملات الاستهداف التي اقترفها في حق دولة الإمارات العربية المتحدة، وهنا أيضا كان إعلامه الموجه هو السلاح لممارسة التطاول والوقاحة. نحن أمام صحافة ارتضى معظمها بيع نفسه للعسكر وممارسة نفس دناءته، علما أن صحفيين جزائريين آخرين، ولو أن أغلبهم يوجدون خارج البلاد، بقوا ملتزمين بموضوعيتهم المهنية، ولكن المشكلة الجوهرية هي وجود نظام عسكري أرعن ومجنون لا يقدر خطورة ما يقترفه من تدجين وتغليط في حق شعبه، وإشاعة الكراهية والحقد في النفوس ضد شعوب البلدان الجارة. المغرب يواصل دينامياته التنموية، ويمشي في طريقة دون مبالاة بوقاحة الجيران، ولا يكترث بالسقوط الذي اختاره النظام العسكري مآلا لبلاده وشعبه، ولكنه يتطلع لكي ينهض الشعب الجار والشقيق، وينفض عنه غبار التغليط والبلادة، وأن يصر على تطلعاته لتحقيق التنمية والديمقراطية والاستقرار والانفتاح، وعلى البناء المغاربي المشترك لمصلحة شعوب المنطقة. محتات الرقاص [email protected]