نظم مركز الكفاءات للتغير المناخي، مؤخرا، بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، ورشة عمل أولى ضمن سلسلة "بانوراما البحث العلمي الوطني المرتبط بمكافحة تغير المناخ". شهد الملتقى تناول العديد من مؤسسات البحث العلمي بجهتي سوس ماسة ومراكشآسفي الإنجازات والمشاريع المبتكرة في المجالات المرتبطة بتغير المناخ والتي تتراوح بين التخفيف من تغير المناخ مثل تكييف الهواء بالطاقة الشمسية الذي طوره معهد بحوث الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، والتأقلم من قبيل تقنيات الري الذكية المبتكرة للمعهد الوطني البحث الزراعي، وتقنيات معالجة المياه والذكاء الاصطناعي للإدارة المتكاملة للموارد المائية التي تم تطويرها في مراكز الأبحاث بجامعة القاضي عياض وجامعة ابن زهر وجامعة محمد السادس للفنون التطبيقية، مرورا بنماذج التنبؤ لإنتاج الأركان التي بدأتها الوكالة الوطنية لتنمية واحات وشجر أركان وقواعد البيانات البحرية المقدمة من معهد الوطني للبحث في الصيد البحري. وتدارس المشاركون أحدث الأبحاث العلمية على المستوى الوطني والدولي في مجالات مكافحة تغير المناخ، الوضع البيئي والاحتياجات الجهوية، ثم رفع الاحتياجات البحثية خاصة في مجال تطوير نماذج مناخية أكثر دقة على مستوى المناطق المغربية وحتى المدن، وأن تكون أكثر دقة وتكيفا مع الظروف الجغرافية للبلاد. ستكون هذه النماذج قادرة على إعلام صانعي القرار بشكل أفضل في التخطيط لمشاريع التنمية المناسبة والتدابير اللازمة لمعالجة أزمة المناخ. وأظهرت أشغال الملتقى الحاجة إلى استغلال نتائج البحث العلمي المغربي في المجالات المختلفة. وأجمع الحاضرون على أن مركز الكفاءات المتعلقة بتغير المناخ يمكن أن يلعب دورا رئيسيا في التقائية الأبحاث المنجزة من زوايا مختلفة، من أجل إبراز هذه الأعمال والمنشورات بشكل أفضل، وفي سياق شبكة منظومة الجامعات والمؤسسات البحثية مما يسمح للأبحاث بأن يكون لها التأثير المتوقع في الاستراتيجيات والسياسات القطاعية. وأفادت رجاء شافيل، مديرة مركز الكفاءات للتغير المناخي، أن مهام المركز تنشد تعزيز المهارات في مجال التخفيف من غازات الدفيئة، وتعزيز القدرة على مواجهة الآثار الضارة لتغير المناخ، والمساهمة في تعزيز قدرات الجهات الوطنية الفاعلة في مسائل تغير المناخ، ثم تطوير أدوات دعم اتخاذ القرار بشأن تغير المناخ، والاستفادة من المعلومات والمعرفة فيما يتعلق بقابلية التأثر والتكيف والتخفيف والتمويل المرتبط بتغير المناخ، والمساهمة في الجهد العالمي من خلال ضمان تبادل الخبرات والرصد والتواصل فيما يتعلق بتغير المناخ على المستوى الدولي. ويرتكز عمل المركز على التحديد الدقيق لجميع الجهات المعنية بتعزيز المهارات ومعرفة الاحتياجات وتحديد الأولويات لاتخاذ الخيارات، وتفضيل بعض الإجراءات الاستراتيجية المرتبطة بشكل خاص بتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا، وغيرها من الالتزامات بموجب اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس. ويشتغل المركز وفق برامج تكميلية تتعلق بدعم تنفيذ الالتزامات المناخية والشراكة وإضفاء الطابع الإقليمي على العمل المناخي، والتعاون بين بلدان الجنوب ودعم أخذ تغير المناخ في سياسات التنمية. وتحدثت شافيل في عرض مفصل عن الالتزامات والاحتياجات الدولية الجديدة في مجال البحث والابتكار من خلال مخرجات قمة المناخ المنعقدة بدبي. ومن جهته قال محمد يعقوبي، عن جامعة القاضي عياض، إن الجامعة تبذل المزيد من الجهود لتقليص البصمة الكربونية، عبر مجموعة من المشاريع التأقلم مع التغيرات المناخية. ويعد هذا الملتقى مناسبة لتبادل الخبرات وإيجاد أعمال تنعكس إيجابا على تنمية المغرب. وقدم عبد الغني الشهبوني، عن جامعة محمد السادس متعددة التخصصات، سياق ودواعي إنشاء الجامعة وأنشطتها والمهام الموكولة لهذه المعلمة العلمية، والمتمثلة أساسا في رفع التحدي بالمغرب وإفريقيا لتكوين جيل من القياديين، حيث هناك موارد يوفرها المكتب الوطني للفوسفاط للاستفادة منها في مشاريع علمية. وساق أمثلة في أشكال التعاون العلمي مع جامعات مختلفة. إن البحث العلمي يستوجب أن يتجه نحو هيكلة واضحة لعرض الإنجازات، ربما من خلال اتحاد مشترك بين الجامعات. وقد تم تنفيذ نسخة من هذا المشروع بشراكة بين عدة جامعات، جامعة محمد السادس وجامعة ابن طفيل ببني ملال بمراكش، لتكون بذلك تجربة ناجحة. "لقد كرسنا مواردنا لبناء هيكلة الأنشطة البحثية. وأتاح هذا التعاون بين الجامعات بناء نماذج وبيانات تتعلق بالتنبؤ بالمناخ، قادمة من مراكز بحثية مختلفة. وتم تجميع هذه النماذج لتلبية الاحتياجات المحلية والخصوصيات المغربية"، يقول الشهبوني. وأشار إلى الانتظارات المتوقعة من مركز الكفاءات للتغير المناخي وهي جمع خلاصة الأبحاث المنجزة على المستوى الوطني في مجال تغير المناخ، وأن يلعب دور المحفز والمنشط لعملية التجميع مما سيمكن من تحديد الآفاق والحاجيات الأساسية، مع الإشارة إلى أن البحث العلمي لن يكون له أهمية إذا لم يكن له تأثير ونجاعة الأداء ميدانيا. وأبرزت خديجة السامي، ممثلة وزارة التحول الطاقي والتنمية المستدامة سياسة تغير المناخ في المغرب ومشاريع المغرب الكبرى والتزاماته، في سياق تحديات غير مسبوقة مرتبطة بتغير المناخ التي يشهدها العالم، والتي أصبحت آثارها واضحة بفعل تكاثر ظواهر الفيضانات، والجفاف، وموجات الحر، والحرائق التي تؤثر على قارات الكوكب الأرضي عامة. وإدراكا من المغرب للتداعيات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لهذه الآفة، فقد التزم طوعيا وبمسؤولية لتقديم مساعي مواجهة تغير المناخ، حيث تشكل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة (SNDD) مرتكزها المؤسسي. وأشارت السامي إلى مرامي اللجنة الوطنية لتغير المناخ والتنوع البيولوجي. وذكرت بمشروع قانون حول تغير المناخ قيد التنفيذ، يهدف إلى إرساء المبادئ الأساسية والأهداف الوطنية وإطار للحوكمة متكامل وشامل لمكافحة تغير المناخ، وتحديد الأولويات فيما يتعلق بالسياسة المناخية الوطنية، لا سيما في مجال التكيف وتعزيز تنسيق السياسات العامة ومشاركة المواطنين والفاعلين الاجتماعيين والفاعلين الاقتصاديين في تدبير مكافحة تغير المناخ، مشيرة إلى خطة المناخ الوطنية (PCN) ، وخطط المناخ الترابية (PCTS) كمجموعة من الترتيبات المؤسسية والتقنية لجمع ومعالجة، ونقل المعلومات حول انبعاثات غازات الدفيئة، والمساهمة في تطوير عوامل الانبعاثات الوطنية، ووضع المخطط الوطني للمناخ (PCN) في سنة 2019، من أجل إنشاء نظام تنمية مستدام منخفض الكربون وقادر على التكيف مع تغير المناخ، وإشراك وحشد المزيد من المعنيين من أجل هذا التحول النموذجي. وتناولت السامي انخراط المغرب في استراتيجية الكربون المنخفض 2050 (LT-LEDS) في سنة 2021 بتطوير التزامه النوعي، استنادا إلى المحاور الاستراتيجية لنموذج التنمية الجديد بحلول سنة 2035، وطموح التخفيف من الغازات الدفيئة في المساهمات المحددة وطنيا وخرائط الطريق القطاعية، مع إعداد استراتيجية منخفضة الكربون في أفق سنة2050، وتحديد رؤية المغرب المتكاملة والمشتركة. واستعرض عبد الرحمان آيت الحاج دواعي إنشاء الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر أركان ومختلف مهامها، من قبيل تشجيع البحث العلمي حول النظام البيئي ومنتجات شجرة أركان، ووضع برنامج تنمية عالمي لمجالات تدخلها بالتنسيق مع السلطات الحكومية والهيئات المنتخبة والمنظمات المعنية، وتشتغل قسم البحث بالوكالة وفق مقاربة منهجية تعتمد على تحديد أولويات البحث العلمي وتنظيم مجموعات البحث. وتعمل على تنفيذ ومتابعة وتقييم البحوث المنجزة في إطار التنمية المستدامة وعلى المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والإنسانية وفق التوجهات والاستراتيجيات المقررة. وتشهد الوكالة تنفيذ تجربة ضمان مهمة دعم البحوث المعتمدة على تحديد الأولويات بناء على أهداف عقد برنامج أركان، واحتياجات المهنيين في القطاع، والتعرف على شبكة الباحثين والمؤسسات العاملة في مجال أبحاث أركان، وخلق فرص التنسيق والتقارب. وقد تم تجسيد هذه الأهداف في مبادرات مبتكرة وهيكلية تعزز نتائج البحوث لصالح التنمية المستدامة. وقال آيت الحاج إن قطاع أركان ونظامه البيئي يواجهان تحديات وقيودا كبيرة ومتنوعة، منها ما هي بشرية المنشأ، وطبيعية، ومناخية، وكذا ناتجة عن أساليب الاستغلال والإدارة غير المستدامة. ويلعب النظام البيئي لمجال أركان دورا رئيسيا كحاجز ضد التصحر في المغرب. وتلعب الوكالة دورا هاما لتعزيز هذا النظام البيئي وهذا القطاع لفائدة الساكنة، خاصة النساء، ومن أجل تعزيز الدور البيئي، وتنسيق أبعاد التنمية المستدامة، ودعم البحث العلمي المتعلق بإنتاج وتطوير شجرة أركان وتثمين منتوجاتها، كما تنشد الوكالة تزويد القطاع بمركز للمهارات بغية تقديم خدمة محلية ومستوى رفيع لفائدة مختلف الشركاء في القطاع من أجل تعزيز وتطوير كافة الأنشطة المرتبطة بشجرة اركان. وتحدث آيت الحاج عن المركز الدولي لشجرة أركان، كمركز امتياز للقطاع والنظام البيئي، والذي سيفتح أبوابه قريبا أمام الباحثين لتوحيد وتشجيع التقارب وقيادة شبكات البحث و تطوير الشراكات والمشاريع، ثم دعم الفعاليات العلمية والمؤتمرات وتمويل المشاريع البحثية ومتابعة تنظيم مؤتمر أركان الدولي، وتقديم منح دراسية لشباب الباحثين، وتطوير جائزة الباحثين الشباب. وينعقد مؤتمر دولي لشجرة أركان بانتظام لإبراز الكفاءات العلمية وتشجيع البحث العلمي وتبادل المعرفة العلمية والتقنية بين الباحثين على المستويين الوطني والدولي ومختلف الجهات المتدخلة، يضيف آيت الحاج. وفي إطار تنمية التميز لدى الباحثين الشباب تم إطلاق جائزة أركان للباحثين الشباب لتحفيز الابتكار في المجالات البحثية، وضمان تبادل المعرفة العلمية حول شجرة الأركان، وتمنح جائزة التميز، بالشراكة مع الجهات الراعية، لأفضل عمل بحثي يتم تنفيذه في إطار رسائل الدكتوراه ورسائل الماجستير، يشير المتحدث نفسه. وقد تم تنظيم 4 مسابقات علمية، وتم منح 24 جائزة وأوسمة لأفضل عمل بحثي، في جميع التخصصات مجتمعة، تم نشره في إطار المؤسسات التعليمية الوطنية. ويذكر أنه تم حتى الآن دعم 3 فعاليات علمية منظمة من قبل جامعة أكادير، جامعة ابن زهر، والتي تتجلى في الطبعة الأولى للمؤتمر الدولي للتكنولوجيات الحيوية الخضراء، والطبعة العاشرة لمؤتمر التجارة العادلة والتنمية المستدامة، والطبعة السابعة من المدرسة الدولية لأبحاث التنوع البيولوجي والتقنيات الحيوية والتنمية المستدامة. وخلص آيت الحاج إلى أن مقاربة الوكالة قد مكنت من تعزيز واستثمار نتائج البحث العلمي لتطوير أركان الفلاحي الذي يعتبر وسيلة أساسية للتخفيف من آثار تغير المناخ في المنطقة، خصوصا في إطار برنامج زراعة 10000 هكتار بالشراكة مع صندوق المناخ الأخضر. ويمكن أن تشكل هذه المقاربة نموذجا يتم تقاسمه لتنظيم وتشجيع والاستفادة من البحث العلمي لتحديد تغير مناخ بالمغرب وتحسين القدرات ودعم اتخاذ القرار التقني والسياسي في هذا المجال. ومن جانبه عرض أبوالديهاج تابع، المدير الجهوي للبيئة لجهة مراكش-آسفي، في سياق مداخلته، دور البحوث العلمية كموارد لتحديد أوجه الهشاشة والتخطيط الترابي لمواجهة اضطراب المناخ، متناولا دراستين تهم تشخيص الضعف والمخاطر ودعم القرار وبسط نتائج وتحليل البيانات ومختلف مؤشرات الرصد والتقييم. ثم ذكر بالإجراءات الاستراتيجية الإقليمية التي تم إنجازها. وتعد مدينة مراكش من ضمن المدن الأربع والعشرين المختارة من قبل البرنامج العالمي لمرفق البيئة العالمية، برنامج تأثير المدن المستدامة (SCIP)، وهو اعتراف مرفق البيئة العالمية بالإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها مراكش كمدينة مستدامة. وينشد البرنامج دعم المدن في متابعة التخطيط الحضري المتكامل والتنفيذ الذي يحقق فوائد بيئية عالمية من حيث تغير المناخ، وتدهور الأراضي، والتنوع البيولوجي. ويعزز هذا المشروع الديناميكية التي تشهدها المدينة لدعم جهود الرامية إلى تنفيذ السياسة الوطنية على المستوى الإقليمي في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة. وأورد محمد وساس مستجدات العمل المناخي الجهوي في منطقة سوس ماسة. وأهمية الجهة على الصعيد الوطني ومساهمتها الوازنة في الناتج المحلي الإجمالي الوطني على المستويات الزراعة وصيد الأسماك والصادرات الوطنية والصناعة. وأوضح أن الهدف الاستراتيجي من وضع واعتماد سياسة جهوية لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وفقا للتوجهات الوطنية التي تروم بشكل أساسي إلى الاستجابة بطريقة فعالة للتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة المحددة والحد من نقاط الضعف التي تدمج خصوصيات الجهة. واستعرض وساس مختلف المشاريع المقترحة ونتائجها، إذ تتمتع جهة سوس ماسة بالمهارات والآليات اللازمة لإنشاء لجنة المخطط الترابي لمحاربة الإحتباس الحراري كأداة للحوكمة تواجه إشكالية تغير المناخ. كما تساهم المنطقة بنشاط في التخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة. وذكر بفحوى المخطط الترابي لمحاربة الاحتباس الحراري من جانب عنصري التكيف والتخفيف عبر تحديد الوسائل الواجب تفعيلها محليا بغية تقديم حلول التأقلم مع خصوصيات المجال الترابي في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية. وتتوفر جهة سوس ماسة على منظومة القياس (والرصد) والإبلاغ والتحقق (MRV) بجهة سوس ماسة في سياق التخطيط وتطوير وتنفيذ سلسلة من الأنشطة التي ترتبط بشكل أساسي ببعضها البعض، ويتم تنفيذها على أساس إجراءات محددة للتأكد من تحقيق الهدف، يمثل التزاما طويل الأمد وواسع النطاق وخريطة الطريق. وفي كلمته، قدم عبد القادر الراضي، ممثل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الابتكار (MESRSI) ، مختلف مجالات الإنتاج العلمي الوطني في مجالات تغير المناخ، والمساهمات والتوجهات الإستراتيجية للوزارة في البحث العلمي المتعلق بقضايا تغير المناخ. وأشار الراضي إلى أن القضايا المتعلقة بتغير المناخ كانت دائما من بين القضايا ذات الأولوية حيث كانت موضوع برامج الدعم المالي في إطار الدعوات الوطنية لمشاريع البحث وفي إطار التعاون الدولي الثنائي والمتعدد الأطراف. وبلغ حجم الإنتاج العلمي ما يناهز 2141 منشورا مفهرسا ضمن قاعدة بيانات للمراجع والاستشهادات الببليوغرافية ( SCOPUS)، وفقا لموضوع الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالعمل المناخي، مع حصول جامعة القاضي عياض على المركز الأول للفترة 2014-2023. يحتل المغرب المركز السادس إفريقيا والمركز 53 عالميا في مجال البحث العلمي المرتبط بالمواضيع المرتبطة بالتغير المناخي، يؤكد الراضي. وتقوم الوزارة بتمويل العديد من المشاريع مساهمة منها في البحوث المتعلقة بتغير المناخ، في مجالات صمود أشجار الزيتون والنباتات الطبية والعطرية فضلا عن التمويل المشترك لأكثر من 100 مشروع في إطار التعاون الدولي (الثنائية ومتعددة الأطراف). وأطلقت مشروعين استراتيجيين رئيسيين يهمان إنشاء معاهد بحثية متخصصة في عدة مواضيع مثل المياه والتقنيات الحيوية وغيرها ثم تدريب الجيل الجديد من طلاب الدكتوراه وفق المعايير الدولية في المواضيع ذات الأولوية مع منح دراسية بقيمة 7000 درهم صافي شهريا لمدة 3 سنوات. وللوزارة توجهات استراتيجية في مجالات تغير المناخ كجزء من خطة تسريع تحويل النظام البيئي للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في أفق 2030 (ESRI PACTE)، والتي تهدف بشكل أساسي إلى إنتاج بحث علمي ممتاز يتماشى مع الأولويات الوطنية بما في ذلك المجالات المتعلقة بتغير المناخ. وأشار الراضي، مختتما عرضه، إلى موضوع الإطلاق المرتقب لدعوة كبيرة تتعلق بمشاريع البحث في المجالات ذات الأولوية، واستمرار برامج المنح الدراسية للدكتوراه واختيار 380 طالب دكتوراه في مجالات تتعلق بالتكنولوجيا المناخية. وتناولت سكينة بودودوح، مسؤولة قسم برامج البحث والتطوير والابتكار بمعهد بحوث الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة ملامح استراتيجية المعهد في دعم البحوث والابتكار في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة من خلال تمويل مشاريع مبتكرة وتعاونية، ودعم المشاريع البحثية التطبيقية الموجهة نحو السوق وتطوير منتجات جديدة أو عمليات أو خدمات ذات قيمة مضافة عالية للأسواق الوطنية ودولية ثم دعم الابتكار من خلال دعم المقاولين والمبتكرين في مجال الطاقات المتجددة، وتطوير وتنفيذ شبكة من منصات البحث والابتكار. ويطلق المعهد دعوات منتظمة لتحديد وتمويل مشاريع البحث والابتكار في مجال التكنولوجيات الخضراء. ويتم تجميع المشاريع المدعومة بين الشركاء العلميين والشركاء الصناعيين، مما يسمح بخلق أوجه التعاون ويعزز نقل التكنولوجيا إلى الصناعة من أجل تكامل أفضل للعوامل الاجتماعية والاقتصادية في البحث العلمي. ويتدخل المعهد في جميع أنحاء سلسلة قيمة الابتكار الأخضر، من خلال الدعم المالي والدعم البشري والتقني للباحثين وطلاب الدكتوراه ورجال الأعمال (الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة والصناعيين) طوال عملية تطوير المشروع حتى "تسويق المنتجات والعمليات والخدمات المبتكرة". وتناول الحسين بوشعو موضوع "تدبير الموارد المائية في مواجهة المتغيرات العالمية مشيرا إلى دروس مستقاة من بعض مساهمات البحث العلمي". وأورد أن الموارد المائية في المغرب وصلت إلى مرحلة خطيرة من التراجع، كما ونوعا، بسبب تغير المناخ، والاستغلال المفرط، وسوء التدبير، وتسرب شبكات القنوات المائية، وضعف الاقتصاد في الزراعة التي تستهلك غالبية الموارد المائية. لقد تم بذل العديد من الجهود والإنجازات ولكن الأمر يتطلب مراجعة طرق الاستخدام، والكميات المستخدمة، والتوازن بين العرض والطلب، وكيفية الانتقال من وضعية الصراع حول الموارد إلى المقاربة التشاركية. وأكد بوشعو أن البحث العلمي تطور بشكل ملحوظ في المؤسسات البحثية في السنوات الأخيرة، لكنها تظل مهملة في معظم الحالات حيث يمكن للنتائج العلمية أن تساعد صانع القرار والسياسي على التدبير الجيد. وما تعدد التخصصات، من خلال إشراك الأكاديمي والمهندس وصانع القرار والسكان المحليين، إلا نقطة قوية للمشاركة في إيجاد الحلول. واستشهد الدكتور بوشعو بأحد أحدث المشاريع من ضمن مشاريع أخرى، تهم اقتصاد المياه في الزراعة والتدبير المستدام للمياه في الزراعة من خلال ابتكار نهج تآزري للتكنولوجيات الجديدة والذكاء الجماعي. ويهدف إلى الحصول على فهم دقيق للدورات الهيدرولوجية الحالية والمستقبلية في ظل التغيرات العالمية من قبيل تغير المناخ والأنشطة البشرية، وإنشاء بروتوكولات لتدبير المعلومات المتعلقة بالمياه بشكل فعال، وتحسين كفاءة استخدام مياه الري من الناحية التقنية والاجتماعية والاقتصادية في أفق الزراعة الذكية والتدبير الجماعي المستدام للمياه، وإطلاق منصة تبادل معرفي ثنائية الاتجاه بين الباحثين والمستخدمين النهائيين وصناع القرار. وأضاف الدكتور بوشعو أن البحوث المنجزة تركز على بعض الأحواض الهيدرولوجية الاستراتيجية في المغرب في ظل تدرج متزايد في الجفاف نحو الجنوب كأحواض سوس ماسة وتانسيفت وأم الربيع. إن محدودية الموارد المائية والاعتماد على الظروف المناخية غير المستقرة هي ما يميز الأنشطة الزراعية المسقية المتنامية. وتطور مشروع البحث (GEANTech) باستعمال التقنيات والأدوات والأساليب الجديدة. ويتضمن تقنيات جديدة للقياس في عين المكان، وعمليات رصد الفضاء الجوي، والنمذجة متعددة التخصصات، ومبادئ الذكاء الجماعي للمشاركة في بناء نموذج مستدام لتدبير موارد المياه. وسيتم أيضا اختبار البروتوكولات "الذكية" للتحكم في مياه الري في قطعة الأرض بناء على تقنيات منخفضة التكلفة وتقديمها للمزارعين. وسيهم المشروع ثلاثة أحواض هيدرولوجية استراتيجية بالمغرب تادلة، والحوز، وسوس ماسة، لديها تدرج جفاف متغير. وتتميز بموارد مائية محدودة. وتشكل مراجعة تدبير الموارد المائية في المناطق الثلاث، استنادا إلى أوجه التقدم التكنولوجي والعلمي، جزءا من الآثار المتوقعة للمشروع. وتشمل الآثار الأخرى المساهمة في التحول الرقمي لقطاع المياه والزراعة، والمساهمة في تحسين الظروف المعيشية للمزارعين عن طريق تحسين كفاءة أساليب إنتاجهم، وزيادة جاذبية القطاع الزراعي للشباب. واستنتج الدكتور بوشعو أن الأبحاث المنجزة على المواقع التجريبية أظهرت نتائج مهمة في تقييم احتياجات المياه في المحاصيل وتقييمها من أجل التدبير المتكامل المستدام للمياه. ووفرت نتائج معطيات الأرصاد الجوية الزراعية والاستشعار عن بعد والنمذجة، رؤية جديدة للمزارعين وصانعي القرارات، لمواصلة تحسين تدبير تقنيات الري واقتصاد المياه في الزراعة، والتخفيف من ندرة المياه في المناطق القاحلة في مواجهة تغير المناخ. وقال عبد العزيز يحيوي، عن جامعة القاضي عياض بمراكش، أن مجالات البحث بالجامعة تشتمل على أنشطة مكثفة ومشاريع هامة متعلقة بتغير مناخ وفي سياق التعاون الوطني والدولي والشراكات. ويشتغل باحثو الجامعة على مشاريع موضوعاتية بحثية تتعلق بمواجهة تغير المناخ والطاقة المتجددة والنجاعة الطاقية والزراعة والأمن الغذائي في مواجهة تغير المناخ والزراعة المستدامة والتكيف وسلامة الأغذية والتقنيات الزراعية المبتكرة ثم استدامة الزراعة والأمن الغذائي. وهناك بحوث تتعلق بتدبير المياه وتقنيات معالجتها في سياق تغير المناخ. وهمت البحوث كذلك مجال البناء على مستوى المباني الخضراء وكفاءة الطاقة. أما مجال التكنولوجيا والاستدامة البيئية فيشتغل الباحثون بالجامعة في مجال التقنيات والابتكارات من أجل الاستدامة البيئية، وكذا محور التكنولوجيا الحيوية وإزالة التلوث ثم مجال الجيولوجيا والموارد الطبيعية والجيوفيزياء والموارد المعدنية. وعبر عبد العزيز ميموني عن التزام المعهد الوطني للبحث الزراعي من أجل فلاحة مستدامة وتنافسية في ظل التغيرات المناخية. وتناول مختلف البحوث المنجزة في قطاع الصبار ومجال شجرة أركان وقطاع الخضروات ومختلف القطاعات بديلة أخرى فضلا عن نقل التكنولوجيا وتأطير الفلاحين بمختلف الارشادات والتوجيهات العلمية. ******** رجاء شافيل، المديرة العامة لمركز الكفاءات للتغير المناخي (4C) ما هو دور البحث العلمي في تعزيز السياسات العمومية الوطنية وفق سياسة مركز الكفاءات للتغير المناخي (4C)؟ يحتل البحث العلمي مكانة هامة في مختلف الوثائق الإستراتيجية المتعلقة بمكافحة التغير المناخي بالمغرب. وبالفعل، أشار المخطط الوطني للمناخ (PCN) ، الوثيقة الرئيسية للتخطيط المناخي في المغرب، إلى العديد من الأبحاث العلمية التي أكدت على هشاشة الأمن الغذائي المستقبلي للمملكة، بسبب التأثيرات المحتملة لتغير المناخ على القطاع الزراعي والموارد للمائية والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى. ومن ثم، فمن المتوقع، وفقا للعديد من الدراسات البحثية، أن يؤدي تغير المناخ إلى تقليل إمكانيات الري بشكل كبير وإنتاجية المحاصيل الزراعية وتقليل النطاق الجغرافي لأنواع أشجار الفواكه والزراعات الأساسية لضمان الأمن الغذائي لبلادنا. وكذلك تحديد وجهات النظر والأولويات البحثية في المجالات المختلفة المتأثرة بتغير المناخ. كما أنه أربعة من الركائز الخمس للمخطط الوطني للمناخ (PCN) تشير إلى البحث العلمي كتدبير أساسي لدعم صمود القطاع الزراعي أو حتى الأقاليم، وتعزيز الإدارة الرشيدة للمناخ، وتقوية القدرات للتأهب أمام المخاطر، والحد من الآثار السلبية بشأن الموارد الطبيعية، واقتراح التكنولوجيات النظيفة الجديدة وانتقال الطاقة. وتشير الوثائق الإستراتيجية الأخرى مثل خطة التكيف الاستراتيجي الوطنية (PNSA) والمساهمة الوطنية المحددة (CDN، 2021) أيضا إلى أهمية البحث العلمي. وإذا كانت وثائق التخطيط هذه قد أكدت بوضوح على دور البحث العلمي في تنفيذ الحلول والاستراتيجيات المناخية، فالرؤية في مجالات البحث في هذا المجال بالمغرب ليست واضحة وتتطلب اهتماما خاصا، لكي تتناسب مع المتطلبات الوطنية. والظروف المرتبطة بالتعرض لتغير المناخ، ولكن أيضا للاستجابة للتعقيد المتزايد للمواضيع المرتبطة بمكافحة تغير المناخ على المستوى الدولي. وإدراكا لأهمية البحث العلمي لدعم صنع القرار في مكافحة تغير المناخ في المغرب، قام مركز الكفاءة في مجال تغير المناخ هذه السنة (2024)، من خلال هيئة البحث والخبرة والتكوين (CREF)، وبدعم برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، بإطلاق سلسلة "بانوراما البحث العلمي في مجال مكافحة تغير المناخ". ويهدف هذه الورش إلى تعزيز نتائج البحث العلمي الوطني في مجال تغير المناخ، وكذلك تحديد وجهات النظر والأولويات البحثية في المجالات المختلفة المتأثرة بتغير المناخ. وفي إطار هذه الرؤية، يعتزم المركز إطلاق سلسلة تتكون من ثلاث ورشات عمل جهوية وورشة عمل وطنية نهائية للتفكير وتبادل الأبحاث العلمية الوطنية في مكافحة تغير المناخ. كيف يمكن لمركز الكفاءات للتغير المناخي (4C) أن يلعب دور الالتقائية في ظل تشتت الجهود بين مراكز البحث بمختلف مواقعها؟ في هذا السياق، يأتي تنظيم أول ورشة عمل للتبادل على المستوى الجهوي في أكادير. جمعت باحثين من مؤسسات تابعة لجامعة ابن زهر بأكادير (UIZ)، وجامعة القاضي عياض بمراكش (UCA)، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، بالإضافة إلى مؤسسات بحثية أخرى تعمل في مواضيع مرتبطة بتغير المناخ المعهد الوطني للبحث الزراعي ووكالة تنمية الواحات وشجر أركان والمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري … ما هو الهدف العام لورشة عمل الأولى ضمن سلسلة "بانوراما البحث العلمي الوطني المرتبط بمكافحة تغير المناخ"؟ الهدف النهائي هو بدء حوار مع الباحثين من أجل تقديم لمحة عامة عن البحث العلمي في هذا المجال المنجز على مستوى هذه المؤسسات، وتثمينها على مستوى السياسات والاستراتيجيات المناخية، فضلا عن تعزيز الحوار مع المؤسسات البحثية حول الاحتياجات والتوجهات، وفقا لآخر تطورات قضية المناخ على المستوى الدولي، في المجالات العلمية والتكنولوجية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، كما نتطلع من هذه العملية تعزيز التفاعل بين البحث وصناع القرار لتحسين صمود بلدنا في مواجهة الآثار الضارة لتغير المناخ.