من المؤكد أن إرادة قوية موجودة اليوم في أعلى مستويات السلطة السياسية ببلادنا لإنجاح انتخابات 25 نونبر بما يجعلها مغايرة تماما لسابقاتها، وبما يتيح التقدم على مسار الدمقرطة والتحديث، ولكن ليس هناك شك أيضا في وجود أطراف ولوبيات تسعى اليوم إلى إعادة إنتاج منظومة الفساد الانتخابي والسياسي التي عانى منها المغرب لعقود. جهات سياسية، بقدر ما تصر على إخفاء وجهها فهي تصرف فسادها عبر سماسرة وكائنات انتخابية معروفة في عدد من المناطق، وتقدم على ممارسات ألفناها بمناسبة انتخابات العهد الماضي. لا نقصد هنا فقط الضغط الذي مورس على مرشحين وعلى أحزاب، فالقوى الحقيقية ذات الأصل وصاحبة القرار المستقل عرفت كيف تجابه، وكيف تنتصر على الذين يحنون لعهود التحكم، لكن نثير الانتباه إلى سلوكات بئيسة برع فيها بعض سماسرة الانتخابات في أكثر من منطقة مؤخرا عبر ابتزاز مواطنين بسطاء بتوزيع أكباش العيد عليهم، وتحولت الحملة الانتخابية بذلك إلى حملة «حوالا»، وفضلا عن ذلك تنقل بعض الأخبار هذه الأيام حكايات عن مرشحين يعتبرون أحياء ومناطق بأكملها بمثابة عرين لهم ولميليشياتهم يمنع ولوجها من طرف أحزاب ومرشحين غيرهم، ولو اقتضى الأمر المواجهة بالعصي والأسلحة البيضاء، وكتبت الصحف أيضا عن «تعليمات» لمرشحين في أكثر من دائرة بتغيير تزكياتهم وانتماءاتهم الحزبية في آخر لحظات فترة إيداع الترشيحات، وكل هذه الخطط والسلوكات تكشف عقلية متحكمة لدى أوساط سياسية باتت معروفة اليوم، وتسعى أن تكرس قناعة وسط شعبنا بألا فائدة ترجى من الانتخابات المقبلة، وألا استثناء أو تميز للمغرب، وألا تغيير سيحدث ولا هم يحزنون. الخطورة تكمن هنا في هذا اللعب بالنار، وفي هذا الإصرار المرضي والمصلحي على جعل المغاربة ينهزمون ويستسلمون، ويسلمون بكون كل شيء قد حسم قبل البداية، وبأن المغرب لا يمكن أن يحيا إلا بالفساد. الرهان اليوم، في المقابل، هو أن ينهض شعبنا، وأن يتوجه يوم 25 نونبر إلى مراكز الاقتراع بكثافة، ويرد على المفسدين وعلى السماسرة وعلى المتحكمين، ويعاقبهم بحجب أصواته عنهم وعن أزلامهم، وأن يصوت للنزهاء وللبرامج الطموحة، ولقوى الإصلاح والتغيير، وأن يقدم الدليل على أنه لم يستسلم ولم ينهزم أمام الفساد، وأمام رشاوى المفسدين. إن شعبنا اليوم يتفاعل مع محيطه، ويرفع عاليا في الشارع وفي كل المنتديات مطالبه وشعاراته، ومن ثم، فإن أي خطأ في القراءة اليوم سيكلفنا غاليا، وأي فشل في محطة 25 نونبر ستترتب عنه نتائج وتداعيات متعددة، بلدنا في غنى عنها. شعبنا يصبو إلى التغيير، وملك البلاد لم يترك مناسبة دون أن ينادي بهذا التغيير ويلح عليه، ولهذا يجب أن نهزم كل الفاسدين الذي يسعون إلى جر البلاد إلى المجهول. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته