احتضنت مدينة ورزازات يوم الاثنين الماضي أشغال الورشة التقييمية المخصصة للوقوف على النتائج والمكتسبات التي حققها «مشروع الحفاظ على التنوع البيولوجي باعتماد الترحال في السفح الجنوبي للأطلس الكبير» الذي تم إطلاقه سنة 2001. ويأتي تنظيم هذه الورشة بعد الانتهاء من تنفيذ مختلف البرامج والمخططات المدرجة في إطار هذا المشروع الذي أشرف على تفعيله كل من وزارة الفلاحة والصيد البحري، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي (بنود)، والصندوق العالمي للبيئة، وذلك بمساهمة مجموعة من الشركاء والمتدخلين على الصعيد المحلي والإقليمي والوطني. وسجل عامل إقليمورزازات عبد السلام بيكرات في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الورشة المهمة النبيلة التي أداها مشروع الترحال والتنوع البيولوجي والمتمثلة في ترسيخ الوعي والاعتراف بالترحال كنشاط اقتصادي وكنمط من الحياة فريد من نوعه لازال سائدا في بعض مناطق المملكة. واعتبر بيكرات أن هذا المشروع كان نموذجيا على أكثر من مستوى، اعتبارا لكونه مكن من وضع بنك للمعلومات حول المنطقة المشمولة بهذا المشروع سواء على المستوى الطبيعي أو البشري، إلى جانب إعادة الاعتبار لهذه الفئة من السكان، فضلا عن كون المشروع جعل مختلف البرامج الحكومية تأخذ في الحسبان ظروف ونوعية الحياة السائدة في هذه المناطق التي يمارس فيها الترحال والنشاط الرعوي. وأكد عامل الإقليم أن المعطيات التي أصبحت متوفرة حول منطقة تدخل المشروع من شأنها إتاحة الفرصة لوضع أسس تنمية مندمجة ومستدامة تأخذ في الإعتبار تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، بالموازاة مع الحفاظ على الخصوصيات البشرية والثقافية، مع الحفاظ في الوقت ذاته على التوازنات الإيكولوجية، وذلك وفق منظور يتلائم مع ضمان سبل العيش الكريم لهذه الفئة من السكان، وفي إطار استمرارية المشروع. ومن جانبه، أبرز ممثل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي برونو بويزات في كلمة مماثلة ما يمثله مشروع الترحال والتنوع البيولوجي بالنسبة للمغرب في ما يتعلق بالربط بين تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان من جهة، والحفاظ على المحيط البيئي والموارد الطبيعية من جهة ثانية، وذلك بما يتناسب مع احترام الالتزامات الواردة في هذا الشأن في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. واستعرض المسؤول الأممي بعض المكتسبات التي أتى بها المشروع والمتمثلة على الخصوص في تعزيز الرأسمال البشري والمؤسساتي في ما يخص الوعي العميق بإشكالية الترحال والمقاربة التشاركية والتنظيم الجماعي والتخطيط المحلي، إلى جانب تثمين المهارات التقليدية المحلية بما يتلائم مع الاستجابة للتطلعات التنموية للرحل مع الحفاظ على الموروث الطبيعي، فضلا عن المكتسبات الأخرى المتمثلة على الخصوص في تمكين الرحل من إسماع صوتهم وجعل انشغالاتهم تؤخذ بالحسبان عند وضع المشاريع التنموية كما هو الحال مثلا بالنسبة لمخطط المغرب الأخضر. أما علي موليد ممثل وزارة الفلاحة والصيد البحري، فأكد أن مشروع الحفاظ على التنوع البيولوجي باعتماد الترحال في السفح الجنوبي للأطلس الكبير يعتبر ثمرة مجهود لعدة قطاعات وشركاء ومؤسسات محلية ووطنية ودولية، إضافة إلى كونه يعكس جانبا من انخراط المغرب والتزامه بمضامين الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحفاظ على الموارد الطبيعية وإعادة إحياء التقاليد المهددة بالاندثار ومحاربة التصحر والانخراط في أوراش التنمية التشاركية المستدامة. وذكر موليد الذي يتولى أيضا مهمة المدير الوطني لهذا الورش الوطني التنموي أن ما تحقق من مكتسبات في إطار مشروع الترحال والتنوع البيولوجي يمكن توظيفه مستقبلا ضمن المخططات والبرامج التنموية بالمنطقة، وذلك بما ينسجم مع الأهداف المسطرة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومخطط المغرب الأخضر خاصة ضمن دعامته الثانية المتمثلة في النهوض بالفلاحة التضامنية. واستعرض عبد العزيز رحو المنسق الوطني لمشروع الحفاظ على التنوع البيولوجي باعتماد الترحال في السفح الجنوبي للأطلس الكبير مجموعة من الأهداف والمكتسبات التي حققها المشروع ومن جملتها على الخصوص إنجاز 34 دراسة حول التنوع البيولوجي، وخلق 69 تنظيم مهني يجمع ألفين و 947 منخرط، وإعداد 6 مخططات مندمجة للتنوع البيولوجي والتدبير المستدام للموارد الطبيعية في منطقة تدخل المشروع التي تمتد على حوالي 1 مليون هكتار. وأضاف رحو أن من بين هذه المكتسبات أيضا هناك تأسيس مركز إعلامي للتنوع البيولوجي والترحال، وإعادة تأهيل عدد من المواقع الإيكولوجية، والرفع من مهارات الرعاة، وتحسين نسل القطيع، وتثمين المنتجات المحلية عبر المشاركة في 19 معرض، وتنظيم حملات تحسيسية حول التدبير المستدام للثروات الطبيعية لفائدة السكان والمتدخلين المحليين والإقليميين والوطنيين ,إلى جانب الحد من الضغط على الغطاء النباتي وتهيئة المراعي، وإطلاق المدرسة المتنقلة لفائدة أبناء الرحل البالغين سن التمدرس. وقد تميزت ورشة تقييم نتائج مشروع الترحال والتنوع البيولوجي بتقديم شهادات لممثلين عن عدد من التنظيمات الرعوية والجمعيات التنموية المحلية الشريكة في هذا المشروع لاسيما منها العاملة في المجال السياحي والتربوي والنهوض بأوضاع المرأة القروية.