دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2022 إلى مراجعة مدونة الأسرة، بما يكفل المساواة بين الجنسين داخل الأسرة وحماية السلامة الجسدية للأطفال بإلغاء الاستثناء الوارد في المادة 20 الذي يسمح بتزويج الأطفال. ترافع مستمر لحماية حقوق النساء والفتيات ومناهضة التمييز وضع المجلس ضمن أولوياته موضوع المساواة ومناهضة التمييز المبني على النوع، وعيا منه بأن تمكين المرأة وتحقيق المساواة الفعلية القائمة على التمتع الفعلي بجميع الحقوق شرط أساسي لبناء مجتمع عادل يصون كرامة كافة أفراده دون أي تمييز. حيث تميزت سنة 2022 بتنوع وتعدد تدخلات المجلس ضمن مجالات عدة تروم تعزيز القدرات والتحسيس بالإشكالات الأساسية في مجال حماية حقوق النساء والفتيات وتأطير النقاش العمومي حولها مع فاعلين مؤسساتيين ومدنين مختصين إضافة الى أنشطة تهم التحسيس بأهمية الحق في المساواة والمناصفة والمشاركة في الحقل السياسي. حملة وطنية لمناهضة العنف ضد النساء تحت شعار "ما نسكتوش على العنف" تماشيا مع استراتيجيته المبنية على فعلية الحقوق، أطلق المجلس حملة وطنية لمناهضة العنف ضد النساء تحت شعار "ما نسكتوش على العنف"، بهدف تشجيع ضحايا العنف على التبليغ عن العنف ومناهضة الإفلات من العقاب، وذلك خلال الفترة الممتدة من 25 نونبر 2021 إلى 25 نونبر 2022، بهدف التحسيس بخطورة مختلف أشكال العنف وسوء المعاملة ضد النساء والفتيات التي أضحت تتخذ أشكالا متعددة كالعنف الجسدي والنفسي والجنسي والاقتصادي والثقافي والرقمي والابتزاز الجنسي والاتجار بالبشر. ارتفاع عدد الشكايات مقابل استمرارالصمت وعدم التبليغ عن العنف ورغم أن المجلس ولجنه الجهوية تلقوا 152 شكاية، إلا أن العديد من النساء الناجيات من العنف لازلن يفضلن الصمت وعدم التبليغ عن العنف المرتكب سواء في الفضاء العام أو الخاص. وقد تراوحت مواضيع هذه الشكايات بين التعرض للعنف الزوجي وإسقاط الحضانة والطرد التعسفي مع التعنيف من طرف المشغل، والتهديد والاعتداءات الجنسية، فضلا عن نزاعات معروضة على القضاء. وعمل المجلس على دراسة هذه الشكايات وتحليلها وتتبع مالاتها، حيث تم توجيه بعض المشتكيات إلى مراكز وجمعيات تقدم الدعم النفسي للنساء ضحيا العنف، كما تمت مرافقة البعض الآخر إلى المصالح المختصة بالمحكمة الابتدائية لتيسير ولوجهن إلى العدالة، فيما تم الاتصال بالدوائر الأمنية من أجل تحريك الشكايات التي تقدمت بها بعض النساء. وحسب المعطيات التي تلقاها المجلس من المديرية العامة للأمن الوطني بتاريخ 24 مارس 2023، بلغ عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء المسجلة لدى مصالح الشرطة للمديرية العامة للأمن الوطني خلال سنة 2022 ما مجموعه 75434 شكاية، فيما بلغ عدد الشكايات المتعلقة بالأطفال، بما في ذلك الفتيات، ما مجموعه 10502، من بينها 2967 قضية تتعلق بالعنف الجنسي. فيما سجلت النيابات العامة خلال سنة 2022 ما مجموعه 96726 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء، تمت معالجتها، حيث تمت المتابعة في 20834 قضية. ويؤكد المجلس في هذا الصدد على أهمية تجريم الاغتصاب الزوجي بنص خاص في مشروع تعديل القانون الجنائي والإعمال الأوسع لتدابير الحماية المقررة في قانون محاربة العنف ضد النساء. تفشي ظاهرة تزويج الطفلات واستمرار عراقيل فعلية المساواة وعدم التمييز ما زال المجلس يسجل بقلق تفشي ظاهرة تزويج الطفلات بمجموعة من الجهات وخاصة جهة درعة-تافيلالت وجهة مراكش-أسفي. ورغم أن الإحصائيات الرسمية تؤكد انخفاض عدد عقود تزويج الطفلات المسجلة بالمحاكم، إلا أن هناك مخاوف جدية من أن تأخذ هذه الزيجات صورا أخرى ملتبسة، من قبيل زواج الفاتحة، أو زواج "الكونترا". كما سجل المجلس استمرار العراقيل التي تحول دون فعلية المساواة وعدم التمييز في ولوج الناجيات من العنف إلى سبل الانتصاف نتيجة عوائق قانونية وأخرى ثقافية تتمثل أساسا في الافتقار إلى المعرفة بالحقوق والإجراءات القانونية أو طرق الولوج إلى المساعدة القانونية والقضائية والوصول إلى المعلومات. كما أثار الانتباه إلى الصعوبات المالية التي لا تزال تحول دون جبر الضرر في غياب صندوق أداء التعويضات المدنية المحكوم بها، في حالة عجز المحكوم عليهم على الأداء وعدم وجود ما يحجز. تعديل مدونة الأسرة…ضرورة ملحة لمناهضة التمييز القائم على النوع الاجتماعي وفي إطار مواكبته للنقاش العمومي حول تعديل مدونة الأسرة، دعا المجلس في كل التظاهرات التي نظمها، إلى إدخال تعديلات على مدوّنة الأسرة لملاءمتها مع الدستور ومع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وحذف كلّ النصوص التمييزية بما في ذلك التمييز الذي يعاني منه الأطفال المزدادون خارج مؤسسة الزواج والأمهات العازبات، والتمييز الذي يواجه النساء في موضوع الولاية على الأبناء، والتبعية للأب في الحماية الاجتماعية دون مراعاة المصلحة الفضلى للطفل كما هو منصوص عليه في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وحذف المقتضيات المتعلقة بتزويج الطفلات ومراجعة نظام المواريث الذي تسهم بعض تطبيقاته في تعميق ظاهرة تأنيت الفقر. في مجال حقوق النساء والفتيات، يقدم المجلس ويؤكد على التوصيات التالية: – الانضمام إلى اتفاقية مجلس أوروبا بشأن الوقاية من العنف ضد النساء والعنف المنزلي ومكافحتهما (اتفاقية اسطنبول)؛ – الانضمام لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل المعتمدة في سنة 2019 ؛ – أجرأة الهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة؛ – مراجعة مدونة الأسرة، بما يكفل المساواة بين الجنسين داخل الاسرة وحماية السلامة الجسدية للأطفال بإلغاء الاستثناء الوارد في المادة 20 الذي يسمح بتزويج الأطفال؛ – إعتماد توصية المجلس بمراجعة مقتضيات قانون المسطرة الجنائية وقانون المسطرة المدنية وقانون المساعدة القضائية بإدماج مقتضيات تكفل حق النساء والفتيات؛ – إعتماد توصية المجلس إحداث صندوق لتعويض ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي تموله الدولة في حالة عدم قدرة الجاني على أداء التعويضات تكريسا لحق الضحايا في الوصول إلى الانتصاف وجبر الضرر؛ – إعداد بروتوكول للتبليغ عن حالات العنف الجنسي مع تضمينه كافة المراحل للتعامل مع الوضعيات، وخلق مرصد للمعطيات حول العنف المبني على النوع؛