رئيس برلمان أمريكا الوسطى يؤكد بالعيون أن المغرب شريك استراتيجي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    أسعار الذهب تبلغ أعلى مستوى لها على الإطلاق    هل هي عزلة أم إقامة إجبارية دولية: هكذا تخلت القوى الكبرى ‮ والدول الصغرى أيضا عن دولة العسكر في الجزائر!    شرطي يُطلق رصاصة تحذيرية لإحباط محاولة فرار سجين من داخل مستشفى    المتصرفون التربويون يحتجون يومه الخميس ويهددون بالاستقالات الجماعية من جمعية دعم مدرسة النجاح    المكتب الوطني للمطارات: منطقة مغادرة جديدة بمطاري مراكش- المنارة وأكادير- المسيرة    فرنسا توسع خدماتها القنصلية في الأقاليم الجنوبية: مركز جديد لمعالجة التأشيرات بمدينة العيون    نبيل باها يعتبر بلوغ نهائي كأس إفريقيا للفتيان فخرا كبيرا    بلقشور: إصلاحات "دونور" غير مسبوقة والمركب في أفضل حالاته    ثمانية أشهر فقط تفصلنا عن الطي النهائي لنزاع الصحراء؟    تساهم في تفشي معدلاته المخدرات، التفكك الأسري، الألعاب الإلكترونية وغيرها .. تلاميذ وأطر إدارية وتربوية تحت رحمة العنف في مؤسسات تعليمية    والدة بودريقة أمام الوكيل العام بتهمة سرقة 700 مليون من خزانة شقيقها المتوفى    جامعة عبد المالك السعدي تُثري فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثقافي متنوع في دورته ال30    ملاحظات عامة عن المهرجانات السينمائية المستفيدة من دعم الدورة الأولى لسنة 2025    أنشطة سينمائية بعدد من المدن المغربية خلال ما تبقى من شهر أبريل    «أجساد في ملكوت الفن».. عبد العزيز عبدوس يفتح نوافذ الذاكرة والحلم بطنجة    كرواتيا تشيد بريادة الملك محمد السادس بصفته رئيسا للجنة القدس    الركراكي: "الكان" يحدد مستقبلي    أوراق مؤتمر "بيجيدي" تتمسك بالمرجعية الإسلامية والصحراء وفلسطين    الأرصاد: رياح قوية وزوابع رملية تجتاح مناطق واسعة من المغرب    طعنة في قلب السياسة : لماذا اعتدى شاب على نائب عمدة سلا؟    عمال الجماعات المحلية يعلنون إضرابا واحتجاجا أمام البرلمان بسبب تجاهل مطالبهم    المعهد الوطني للعمل الاجتماعي بطنجة ينظم يومًا مفتوحًا لفائدة تلاميذ وطلبة جهة الشمال    المغرب يتسلح ب600 صاروخ أمريكي لمواجهة التحديات الجوية    حادثة سير خطيرة تودي بحياة شاب بأكادير    هل ما زال للقصائد صوت بيننا؟    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو لتعزيز الطلب المحلي في مواجهة التوترات التجارية مع واشنطن    "Prev Invest SA" تنهي مساهمتها في رأسمال CFG Bank ببيع جميع أسهمها    بين وهم الإنجازات وواقع المعاناة: الحكومة أمام امتحان المحاسبة السياسية.    إسرائيل: "لن تدخل غزة أي مساعدات"    بيلينغهام : واثقون من تحقيق ريمونتادا تاريخية أمام أرسنال    حكيمي: "الحقيقة أننا لا نهتم بهوية منافسنا.. لأنه للفوز بدوري أبطال أوروبا عليك أن تواجه الأفضل"    المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يشارك ضمن فعاليات البطولة الإفريقية بطرابلس    شهادة مؤثرة من ابنة مارادونا: "خدعونا .. وكان يمكن إنقاذ والدي"    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب غرب أستراليا    وقفات احتجاجية في مدن مغربية ضد التطبيع واستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة    مطالب متجددة بوقف استخدام موانئ المغرب لرسو "سفن الإبادة"    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    "جيتيكس إفريقيا".. توقيع شراكات بمراكش لإحداث مراكز كفاءات رقمية ومالية    وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وشركة "نوكيا" توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الابتكار المحلي    أسعار المحروقات تواصل الارتفاع رغم تراجع أسعار النفط عالميا    أسعار صرف العملات اليوم الأربعاء    المغرب يعزز درعه الجوي بنظام "سبايدر".. رسالة واضحة بأن أمن الوطن خط أحمر    بطولة إسبانيا: توقيف مبابي لمباراة واحدة    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    فاس العاشقة المتمنّعة..!    قصة الخطاب القرآني    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان أماناي الدولي للمسرح بورزازات في دورته ال 13 .. نجاح منقطع النظير وغنى وتنوع فني وفكري
نشر في بيان اليوم يوم 11 - 05 - 2023

نظمت جمعية فوانيس ورزازات الدورة 13 لمهرجان "أماناي" الدولي للمسرح بورزازات بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، في الفترة ما بين 29 أبريل و03 ماي 2023.. وتم اختيار "المسرح والشعر" كتيمة رئيسة للدورة، والتي تحمل شعار "الْمَسْرَحُ وَالشِّعْرُ… وَهَجُ الْمَرَاقِي وَحُدُودُ التَّلَاقِي"
وتوزعت برمجة هذه الدورة على المحاور االتالية:
* واحة أماناي المعرفية للثقافة المسرحية
* واحة أماناي الإبداعية للكتابة المسرحية
* واحة أماناي التكوينية للممارسة المسرحية
* واحة أماناي الفنية للفرجة المسرحية
وبخصوص واحة أماناي الفنية للفرجة المسرحية، خاصة في شقها المرتبط بالمسابقة الرسمية للمهرجان، فقد شهدت تقديم 8 عروض مسرحية تنافست على جوائز تحمل أسماء أعلام مسرحية وفنية وطنية كنوع من الاعتراف والتكريم لمن قدموا الكثير في ترسيخ وإشعاع الممارسة والفعل المسرحي بالمغرب.
وتوزعت الجوائز كما يلي:
1 – جائزة المرحومة فاطمة جوطان للتشخيص إناث للممثلة (كنزة فركاك Kenza Fergag) عن دورها في مسرحية (غشية) لجمعية كوريو سبيريت للإبداع الحركي وفنون الشارع بفاس.
2 – جائزة المرحوم نور الدين بكر للتشخيص ذكور مناصفة بين الممثلين محمد سي موكا أوراغ وحسن عليوي عن دوريهما في مسرحية في (أمان ن مارور) لفرقة أكبار للثقافة والفنون من أكادير.
3 – جائزة المرحوم حسن المنيعي للبحث الفني لمسرحية (أفار) لفرقة (دراميديا) بأكادير.
4 – جائزة الفنانة الشعيبية طلال للسينوغرافيا لمسرحية (غشية) لجمعية كوريو سبيريت للإبداع الحركي وفنون الشارع بفاس.
5 – جائزة الأستاذ عبد الكريم برشيد للتأليف المسرحي لمسرحية تازأكاTAZ AGA لأحمد الراجي لفرقة أزا دراماتيك للإبداعات الدرامية بتزنيت.
6 – جائزة المرحوم عبد القادر عبابو للإخراج المخرج (عبد الجليل أبو عنان) عن مسرحية (زنقة 13) لفرقة النون والفنون من الفقيه بنصالح.
7 – جائزة أماناي الكبرى لمسرحية (الروبة)، لمركز الفنون الدرامية والركحية بالقيروان من تونس.
وقد تكونت لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان من:
– الدكتور إبراهيم الهنائي: رئيسا من المغرب
– الفنانة وفاء ملاك: عضوة من لبنان
– الفنان محمد علي سعيد: عضوا من تونس
– الدكتور عبد المجيد اهرى: عضوا مقررا من المغرب
وعرف الشق الفكري للدورة، التي توجت بنجاح منقطع النظير، عدة جلسات ثقافية وأدبية، منها ندوة الدورة المتمحورة حول موضوع: "المسرح وفنون القول الشعبي: تخييل وفرجات" بمشاركة نخبة من الباحثين من مختلف الأجيال؛ منهم: حسن يوسفي، خالد أمين، محمد بهجاجي، سعيد كريمي، محمد جلال أعراب، عبد المجيد فنيش، عبد الله بريمي، سالم بن الصادق، بشرى السعيدي، فوزية لبيض، يوسف أمفزع.. كما أقيمت جلسة الماستر كلاس مع الكاتب المسرحي محمد قاوتي بإدارة إسماعيل الواعرابي؛ ولقاء مفتوح مع المسرحي والإعلامي الحسين الشعبي حول "المسرح المغربي.. تراكمات وإكراهات"، أطره الدكتور عبد المجيد أوهرى؛ وجلسة شعرية زجلية شارك فيها كل من أحمد لمسيح ومولاي عبد العزيز الطاهري وبوعزة صنعاوي.. إضافة إلى جلسات توقيع كتب وإصدارات جديدة شهدتها رحاب مقهى أماناي بإشراف من الدكتور اسليمة أمرز، وشارك فيها كل من: محمد بهجاجي بكتابه "المسرح في المغرب.. أفق السؤال"، حسن اليوسفي بكتابه "عبور التشكيل نحو السينوغرافيا"، توقيع كتاب "الحسين الشعبي.. فواتح العرفان" مصنف جماعي بإشراف محمد قاوتي ونشر المركز الدولي لدراسات الفرجة، وشارك يوسف أمفزع بكتابه "المفارقات الجديدة في مسرح الألفية الثالثة"، وتم توقيع أيضا كتاب "ليليات" للراحل حسن المنيعي..
ولعل الورشات التكوينية التي أقيمت لفائدة الشباب المسرحي من أهم الأنشطة الموازية للمهرجان، وكانت تتوزع على ورشة الدراماتورجيتا أطرها الدكتور حسن يوسفي، وورشة المسرح التربوي أطرها الدكتور عبد الله المطيع، وورشة تكوين الممثل من تأطير المخرج المسرحي والسينمائي فريد الركراكي، وورشة المسرح وفنون القول أطرها المخرج الفنان أمين غوادة، وورشة الجسد والممثل من تأطير الفنانة إنصاف زروال..
يذكر أن حفل الافتتاح تميز بلحظة تكريمية وازنة للفنان مولاي عبد العزيز الطاهري الذي أذهل الحضور بتلقائيته وأريحيته الواسعة، كما شهد اليوم الأول تقديم عرض الفرقة المنظمة بعنوان "تكنزة" وهو عرض للمخرج أمين ناسور برمج خارج المسابقة الرسمية..
وعرف حفل الاختتام لحظة الإعلان عن نتائج المهرجان ووصلات فنية جميلة بتنسيق وتنشيط الفنانة المتألقة حنان الخالدي التي كانت في مستوى مهني عال وراق، حيث استطاعت، وهي الحائزة هذه السنة على جائزة أحسن ممثلة في المهرجان الوطني الأخير للمسرح، أن تشد أنظار الجمهور وتستهويه وتستميله لمتابعة فقرات الحفل دون ملل ولا كلل بثقة في النفس ورشاقة وأناقة وتألق.
***
في كلمة مدير المهرجان اسماعيل الوعرابي في حفل الافتتاح: المسرح أضحى في هذا العصر المتسارع فنا عابرا لكل الحدود أملنا في المسرح كبير..
إسماعيل الوعرابي مدير المهرجان أثناء إلقاء كلمة الافتتاح
وَتَسْتَمِرُّ الْمُبَادَرَة
دَوْرَةٌ أُخْرَى ..
ثَالِثَةٌ بَعْدَ الْعَاشِرَة
حِكَايَةُ مَسْرَحٍ فِي مَدِينَةٍ
قَصِيدَةُ حُبٍّ،
أَلْفَاظُهَا ظَاهِرَة
وَجَوْهَرُ الْقَصْدِ فِيهَا مُغَامَرَة
وَرْزَازَاتُ أَرْضُ الْفُرْجَاتِ .. أَمَانَّاي وَاحَةُ الْمُشَاهِد.
في المسرح فقط، وحين اللقاء، يتواطأ العقل والقلب فيوهمان اللسان ادعاءً، أن كل عبارات الترحيب والبهجة التي تليق بجمع أهل المسرح وخاصته، يمكنه أن يزفها كما يشاء في لفظ أنيق.
فتتسع المعاني اتساعا، تناغما مع الفرح الكبير، حتى تضيق العباراتُ بكل ناطق، فهنا التأم بمحبة أهل القول والفعل والمعنى، وما شئنا من صنوف الإبداع والإمتاع.
سفر متواصل نحو هذا الجنون، تلبية لدعوة أب الفنون، فلا نجد ما يعادل هذا الكرم، إلا الصدح بسلام المحبة، كما ينشده زجال المدينة، ومُوَطِّنُ حركاتها وسكناتها بالمعنى، وضابط إيقاع نبضات قلبها بالوزن والمبنى، مولاي عبد العزيز المكي الناصري، وهو يرسل ترنيمة الاستقبال الجنوبي:
سْلَامْ لْعَاشق
سْلَام الَّلهْ علِيكُوم
وْلدْكُمْ أَنَا
غِيرْ مْن هنَا
جِيتْكُومْ بلْهنَا…
سْلَام الَّلهْ علِيكُوم
يَا السَّاكْنِينْ فدْوَاخْلِي
السّْلاَم بْرِيحة الدُّكَّار
السّْلاَم بْطَعْم الجّْمَّار
لُونْ الزِّيوَان الِّلي فْعْيُونْكُم عْطَانِي لْخبَار…
سْلَام الَّلهْ علِيكُوم
عَلَى ظْهر كِيسَان
جِيتْكُوم يَا وْلَاد لْحْرَار
وْلَادْ بلَادِي
نْعرفْهُم بْلِيد لْحَرْشَة
ؤُ التْرَاب فْلݣدَام
الْقْصِير فِيهُوم طْول مْن نْخلَة
مَا يْعرْفُو حِقْد
الْكلمَة عَقْد
ؤُ الْوَعْد بقْطِيع الرَّاسْ
مَا يْتخَان عنْد لْبرَار
سْعدِي أَنَا بْاللمَّة
لْبْلَاد دْارِي ؤُ لُوجُوه مَا غْرِيبَة
سْعدِي أَنَا ببْلَادِي
النّْهَارْ فِيهَا حَاسْد الِّليلْ
ؤُ الشّْمس فِيهَا بْلݣَمْرَة تْرَارِي
لْݣرَّابْ دَرْعَة
نَازْل حَازْم فِيهَا لْخِير لْلصْحَارِي
مُّو لُوْلَاد الرّْملَة
ؤُ لْعجَاجْ نْسِيبَة…
سْعدِي أَنَا
لْبلَاد الِّلي الشْيُوخْ فِيهَا
جْنبْ لْوَاد شْجر
ؤُالنجُوم فِيهَا دْرَارِي
بْعنَايْتكْ يَا رْبِّي
احْرسْ بْلَادِي لْحبِيبَة…
أيها الجمع المسرحي الكريم:
منذ أن استوى أماناي مهرجانا مسرحيا، ونضج فنيا كمحج سنوي لعشاق الركح، ظل يراودنا طيلة السنوات الماضية، وما طبعها من توقف إجباري بسب جائحة لا نزال حتى اليوم نتساءل بصمت مرهق:
– هل ما حدث واقع واضح، أم محض خيال جامح؟
إلا أن الشغف بالفن استمر ضدا في كل شيء، تفكيرا وتدبيرا وإعدادا واستشارة، ودون كلل أو ملل، لأنه وبكل موضوعية لم يعد ممكنا لأماناي أن يحسب منظموه على من يصيبهم الاستعجال في التفكير والتدبير، بل لا يليق على الإطلاق أن يتصف أهل الفن بالتسرع وقصر النظر ومحدودية الأفق.
ورزازات.. المسرح النبيل والقصيدة البهية أيها
الحضور الكريم:
إن من جميل المسرح على الفوانيس، هذه الصحبة الفنية الراقية، والرفقة المبدعة النقية، التي تتبنى النصح والتناصح شعارا في حياتها، وتبادر بالرأي، وتسدي المشورة دون مقايضة، هؤلاء هم عمود خيمة أماناي، الذين أنضجوا مداركه، ووطنوا معالمه، وفَتَّحُوا أَعْيُنَهُ على مشاربَ مختلفةٍ من عوالم المسرح مترامية الأطراف.
هؤلاء هم من يَفَتَحُونَ صفحاتٍ جديدةٍ من مذكراتِهم مباشرة بعد إسدال الستار عن الدورة السابقة، بل وفي ثناياها كانت مسودات الإعداد حديثَهم ونقاشَهم لبحث سبل إنجاح الدورة الموالية، فأن تحظى بكل هذا الحب والسند الصادق، من مسؤولين مركزيبن ومحليين، وأساتذة ومفكرين ومبدعين وفنانين، وفاعلين جمعويين بالمدينة والإقليم، وهيئات المجتمع المدني، وأشخاص ذاتيين، ومؤسسات خاصة، ومتعاطفين، وجمهور ورزازات الذي يستحق كل التقدير، وللجميع كل عبارات الشكر والثناء… أمام كل هذا الالتفاف لن يكون من الغريب اليوم، والآن، أن نعلن أننا مستعدون، لكل شيء عن المسرح، وهذه السنة استثناءٌ آخر، فأماناي يرفع شعار: "الْمَسْرَحُ وَالشِّعْرُ… وَهَجُ الْمَرَاقِي وَحُدُودُ التَّلَاقِي". فلا بد أن نكون في أَتَمِّ الجاهزية لدورة ناجحة تشرف ضيوفنا وتشرفنا وتشرف ورزازات التي نسعى إليها، أرضا للفرجات:
وَرْزَازَاتْ لْبَاهْيَة بْتْرَابْكْ
حْرُوفْك لْوِيزْ
مَنْضُومَة فعْقِيق،
مُوسْطْهَا لُوبَان
تْجُودِي بالْفرح
ؤُ لْجْبَال هَزَّاكْ عَلَى كْفُوف الرَّاحَة
وَرْزَازَاتْ لْعَالْيَة بسْوَاركْ
لْأَصلْ فِيكْ زْمَان
وُالزمَانْ فِيكْ مأْصّْل
مْبنِيَّة بْالصّْحْ،
بْلسَانْ تْحكِيه قْصُورْ ؤُقْصبَاتْ
تْخلِّي النْظرَة سَارْحَة مْرتَاحَة.
دخّْلتْ عْلِيكْ بْوَادْك
درْعَة مُولَاي،
لْيُوم ندْوِي بلسَانك
مْسْرح، ؤُقْصَايد
وَأَنَا غَا بُوهَالِي
نَاظْم كلَامِي علَى مِيزَانك
بْغِينَا يْنبتْ الْفنْ فْهَاذ الْوَاحَة..
ؤُ مَزَال كَاتْمَة عْلِينَا فْسرَارْك
بُوحِي بِيهَا لِينَا
لْضْيَافكْ..
ؤُ عطِينَا مِيعَاد،
نرْجعُو السَّاݣيَة وُ لْوَاد،
وُ يْندَى ترَابكْ
وُ يبَان رْبِيعك زَاهِي،
وُتولِي وْرْدَة فْوَّاحَة…
هكذا يتصور الجميع ورزازات، وهكذا ينبغي لمهرجانها أماناي أن يكون واحة للمشاهد، وقد حظي من لدن محبيه بكل دلال المشورة الكافية، والإعداد الجيد، وهبت نسائمه العليلة منذ شهور خلت، حتى صار وقوفنا على خشبته اليوم احتفالا بهيجا بسيد الفنون، المسرح الذي أضحى في هذا العصر المتسارع فنا عابرا لكل الحدود، فضاء لا تحده الفضاءات، بل استطاع أن يتكيف مع كل الساحات والأقبية والمباني، وكلما وجد في مبدعيه الوفاء والتفاني، أغدقهم باتساع أفق الاشتغال، وألهمهم بالولع والوله، فقدموا على خشباته أبهى العروض في أحلى ما تَكُونُه الصور وأنشدوا فيه الأشعار، والمعاني، عن حبهم، عن شغفهم، عن اكتوائهم بالمسرح، عن هذا الرهيب الذي كلما لسعك أحببته، فلا تدري بعد اللسعة ما أنت عليه من تعلق، فلا يجد المسرحي وصفا لحاله، أبهى من توصيف مولاي عبد العزيز الطاهري، بشحمه ولحمه، بدمه وروحه، بأشعاره وملحونه، بغيوانه وكل أجياله، بتاريخه، أفرد للمسرح قصيدة عشق لا تبلى، أرخها في ديوانه، وبث فيها من أشغاف روح أشعاره، منشدا:
حَالْتِي لَا حَالة إِزَّانِي
نْصَارْعْ ولَارْيَاحْ هْدْنُو
غِيرْ نْتْلَاوْحْ بِينْ أرْكَاني
وْقْتَاشْ يْضْمنِي لْحضْنُو
حُبْ الْمْسرحْ خْذَانِي
منْ يُومْ سْقَانِي رْحِيقْ فنُّو
تمْلّكْ رُوحِي وْكْنَانِي
مَا طْقتْ لْفْرَاق عْنُّو
هذه الحضرة العصية عن الاحتواء، هي المسرح، هذه الهوية المغرية بالانتماء هي المسرح، هذه اللهفة الباعثة على الانتشاء هي المسرح، هذا الاحتراق، والالتقاء، والوفاء، والبلاء والابتلاء، هذا الاحتفاء، هذه الكينونة التي تسع الجميع وتأبى الانتهاء، هي المسرح، هذا النبيل الذي سيظل يجمعنا، وعلى درب الفنون سائرون.
هذه لسعة المسرح… لوعة الفن… روعة الحياة..
ولكم أن تضعوا من مفردات الجمال ما تشتهون ..
كل عام والمسرح بخير
وكلُ عام وأهلُ المسرحِ والفنِّ بألفِ خير
وإلى الخير بفنِّنا نسعى، ونحن بذلك مؤمنون، أملُنا في المسرح كبير …
وفي ذلك فليتنافس المتنافسون….
***
الفنان مولاي عبد العزيز الطاهري: "سيرة فنان استثنائي.. أو حينما يكون الرجل تاريخا للمسرح والموسيقى… وللشعر حكايات أخرى.."
بقلم: إسماعيل الوعرابي
وأنت تُقدم على فتح سيرة الفنان مولاي عبد العزيز الطاهري، يهاجمك مسار فني مثقل بالإبداع يمنة ويسرة، تتلقفك الصور بالأبيض والأسود متلاحقة، وكأنك في منحدر عصي على الاستواء، لا التواء في المسار هو الالتزام الفني نفسه حتى عصر الألوان.
تتلون السيرة لحنا وغناء وموسيقى ومسرحا وما جَمُلَ من الفنون، ويطوف الشعر سيد الأوزان بهذه المناسك، يدوزنها على مقامات لا غربية ولا شرقية، يجليها الزجل الملحون فتتشكل هوية متفردة تصدح بِتَمْغْرِيبِتْ لا تقبل الانغلاق، منفتحة، متفتحة حد الأنغام بنوتاتها الموسيقية التي تدركها القلوب مهما اختلفت لغات ألسنتها، عالميةً، كونيةً كما ينبغي للفنان أن يكون، وكما كان مولاي عبد العزيز الطاهري، وظل فنانا عابرا للحدود والفنون…
تتيه بين ثقافته وفنونه تيها جميلا، تحملك لمعانقة تاريخ ممتد منذ كان الفن صفيحا ساخنا لا يستطيعه إلا أولو العزم من الرجال ذوي العزة الأطهار، فأبدع وأسمع وأمتع، فاتسع معه وجيلَه أفق الفن حتى صار للفن ما نحظى به اليوم من حظوة، ونأمل في الاستزادة..
ويتماهى الرجل والتاريخ لحظة بلحظة كأنه تواطؤ رهيب ضدا في كل ما كان يمكن أن يلجم العقول حينها ويكمم الأفواه، لتستمر حكاية الاستثناء الفني تأسيسا لفرق موسيقية قالت حينها كل شيء عن المجتمع والناس والحياة والسياسة، بكلمات رصاصية واجهت رصاصا حقيقيا، موسيقى ارتفعت حد عنان السماء فما اكتفت، وارتقت حتى قيل عنها ظاهرة.
****************
مولاي عبد العزيز الطاهري كان ظاهرا جليا متميزا في الظاهرة الغيوانية وجيل جيلالة، جيل من الغناء الذي لا ينتهي، ولا يمل ولا يعترف بالتقادم كيفما تقلب الزمان تقلب معه، أغان تحصيها أفئدة المغاربة وكأنها إكسير مكتسب مع حليب الأمومة، شعرا وشعارا خالدا.
آهْ يَا وِين!
همس ثقيل في كل الآذان، صرخة مقفاة كما ينبغي للقوافي أن تكون.
آهْ يَا وِينْ!
سفر ماتع في ديوان محفوف بالحقائق والدقائق والرقائق، الحرف اليانع ممتد لا ينقطع، والوزن الماتع منساب متنوع، والديوان جامع لهوية فنان متتبع مبدع مولع بالفن والقول المرصع، جواهر منظومةٌ تدركها القلوب قبل الآذان، واللوم إيقاع آخر ووقع مختلف:
بَاشْ منْ حقْ يَا خْلَّانِي
نْتنحَّى منْ غِيوَانِي
وَأَنَا منْ جَابْ الْحَضْرَة
وابْصْمْ فْالْغُنَّة دَانِي
منْ آلْ طَهَ وَارْثْ بدْرَة
وَاهجْ بِيهَا بِينْ اقْرَانِي
منْ سْيَادِي نلْتْ الْفَخْرَة
وُعْلَّاتْ الْبَهْجَة شَانِي
هكذا يعلن الكبار، من عيار مولاي عبد العزيز الطاهري، محمد شهرمان، الطيب لعلج، وغيرهم من كبار القول، صناع المعنى الرفيع، عن أوجاعهم، وآلامهم، لا مكان في الجوف إلا للحرف الموزون، والبليغ من المتون.
يكفيك أن تنشد أبياتا لتهتز القاعة أية قاعة من القاعات كيفما كان جالسوها، المهم أن يكونوا مغاربة، لتسمع قلوبهم تنشد سوية، رائعة:
العيون عينيا
والساقية الحمرا ليا
والواد وادي يا سيدي والواد وادي
هكذا ظلت أجيالنا تردد وتنادي، فمن أبدع هذه الجواهر لا يمكن أن يوصف إلا بفنان وطني استثنائي.
وعن الاستثناء دائما يردنا كلام مرجعي لفقيه المسرح والقول والتأليف، المرحوم سيدي أحمد الطيب لعلج:
" إلا أن الاستثناء يتحقق عند شاعرنا الطاهري فهو مرجعية في حفظ الملحون وتدوينه وتجميعه والاستفادة من صوره وأخيلته والمواضيع التي تناولها، وهي جمة ومتنوعة، إلا أنه نسج عندما بدأ يكتب الشعر على سليقته هو، فهو مبدع وليس مقلدا، وهو مجدد يبحث عن الطرافة، ويأتيك في كل قصيدة بالدهشة، ومرة أخرى يحار الإنسان الملم بأصول الشعر العامي والمولوع بالمحاولة فيه أن يعطي رأيا فيه يتسم بالإطلاق، وإذا حق لي أن أقول رأيي في هذه المجموعة وباختزال كبير، فهي جمعت الأنس والمتعة والطرافة والجمال."
****************
مولاي عبد العزيز الطاهري، مكرم بيننا في مدينة ورزازات، وفي مهرجانها أماناي الدولي للمسرح، وهو رجل المسرح الذي عانق الركح المغربي، أحب المسرح فأحبه المسرح بكل حساسياته، فعاشر رواده وهو الرائد، ورافق كباره وهو الكبير، واستأنس معه حاملو المشعل وظل معهم على نفس الوفاء والعهد للفن النبيل، فأنشد فيه:
حُبْ الْمْسرحْ خْذَانِي
منْ يُومْ سْقَانِي رْحِيقْ فنُّو
تمْلّكْ رُوحِي وْكْنَانِي
مَا طْقتْ لْفْرَاق عْنُّو
مولاي عبد العزيز الطاهري نكرمه بيننا اسما مسرحيا كما يليق بعطائه منقطع النظير تأليفا وتلحينا وتشخيصا، لكننا ندرك يقينا أن الواقف بيننا مكرما هو تاريخ متنوع من الفنون، تاريخ من العطاء الفني الذي لا تشوبه الظنون، أماناي في دورته الثالثة عشرة سيكون له ترقيم خاص بعد الاحتفاء بمولاي عبد العزيز الطاهري، لأننا أمام سيرة فنان استثنائي.. أو حينما يكون الرجل تاريخا للمسرح والموسيقى، وللشعر حكايات أخرى…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.