متدخلون من مختلف مناطق العالم يجددون في نيويورك دعمهم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي شرعت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ابتداء من أول أمس الثلاثاء، في الاستماع لمتدخلين من مختلف جهات العالم سيجددون دعمهم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء. ويشارك هؤلاء المتدخلون، الذين ينتمون لأوروبا وآسيا وأوقيانوسيا وأمريكا وإفريقيا، في مناقشات اللجة الرابعة حول الموضوع التي تستمر حتى مساء يومه الخميس. ويساهم عدد من الصحراويين، الذين عادوا إلى أرض الوطن مؤخرا عقب اقتناعهم بالدينامية الجديدة التي أطلقها مخطط الحكم الذاتي، وكذا موظفون سامون سابقون بالأممالمتحدة مهتمون بالموضوع وجامعيون وملاحظون، بآرائهم وتحليلاتهم حول قضية الصحراء وسيبرزون أمام اللجنة الرابعة وجاهة المبادرة المغربية حول الصحراء التي وصفها مجلس الأمن ب»الجادة وذات المصداقية». وتنعقد أشغال اللجنة الرابعة هذه السنة في سياق معطى جديد يتميز أساسا ب»الربيع العربي» وتأثيراته على المنطقة، وخاصة بانهيار نظام معمر القذافي في ليبيا الذي كان أحد الآباء المؤسسين للانفصاليين وداعما ماليا و»معنويا» كبيرا ل «البوليساريو»، كما لاحظ ذلك الأستاذ الجامعي المغربي زكريا أبو ذهب. وقال الأستاذ أبوذهب، وهو خبير في العلاقات الدولية في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الحركة الانفصالية «كانت تستفيد من المساعدات المالية التي يقدمها بسخاء القذافي لعدة أنظمة وحركات انفصالية إفريقية لضمان ولائها لليبيا». وقال إن التحولات العميقة التي حدثت على خلفية «الربيع العربي» أوجدت معطى جديدا وحملت على التفكير جماعيا في نظرة إقليمية جيوسياسية جديدة بهدف ضمان الاستقرار والأمن بكيفية دائمة بالضفة الجنوبية للمتوسط. ويعتبر العديد من المهتمين بالوضع في المنطقة المغاربية أن النموذج الإيديولوجي الذي شكل أساس الخلافات التي تسببت في تطور غير طبيعي في الحقل الجيوسياسي الإقليمي، أصبح متجاوزا، والواقع أن المجلس الوطني الانتقالي الليبي عبر عن الأمل في فتح صفحة جديدة في علاقاته الثنائية مع المغرب، وهي علاقات -يقول محمود جبريل الوزير الأول بالنيابة بالمجلس- في تصريح أدلى به لوكالة المغرب العربي للأنباء مؤخرا بنيويورك «أكثر متانة وتليق بعمق العلاقات التاريخية بين الشعبين». وفي الأسبوع الماضي عبرت تونس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن أملها في إيجاد «حل نهائي» لمشكل الصحراء الذي «كان دوما عائقا أمام الاندماج المغاربي». وأكد وزير الخارجية التونسي محمد المولدي الكافي أن تونس التي «يحدوها الأمل في التوصل إلى حل نهائي» لمشكل الصحراء، الذي «كان دوما حاجزا أمام الاندماج المغاربي، تعول على الجهود الدولية وأطراف الأزمة من أجل استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى حل سياسي نهائي وفقا للشرعية الدولية». ومن جانبه، جدد المغرب، على لسان وزيرالشؤون الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري، التأكيد على ضرورة قيام كيان مغاربي يساهم في تفعيل ملموس للتعاون الأورومتوسطي، في إطار الاتحاد من أجل المتوسط، وفي دعم التنمية والاستقرار بمنطقة الساحل الإفريقي. وقال إن منطقة الساحل منطقة استراتيجية ولكنها هشة ومعرضة حاليا للتهديد الإرهابي ولارتباطاته الجلية مع الجريمة المنظمة العابرة للحدود. وحذرت العديد من الوفود، بعد زوال يوم الاثنين الماضي خلال مناقشة عامة أمام اللجنة الرابعة، من الأخطار التي تتربص بالمنطقة في غياب تسوية نهائية لهذا النزاع المفتعل. وأبرز مساعد الممثل الدائم لاتحاد جزر القمر، سعيد محمد أوسين، أن «وضعية الجمود لا يمكن أن تستمر وهي غير مقبولة، خاصة أنها غذت وشجعت أنشطة إرهابية بتشعباتها وارتباطاها بالتهريب بجميع أشكاله، مهددة بالتالي بشكل خطير وحدة وسلم وأمن المنطقة بكاملها». واعتبر سفير السنغال في الأممالمتحدة، عبد السلام ديالو، أنه «يتعين التصدي لكل شكل من أشكال تفتيت النسيج الاجتماعي لهذه المنطقة وهو الخطر الذي يهدد للأسف استقرار مختلف مناطق العالم». وأضاف إن «الضرورة الملحة لتخليص إفريقيا من الأمراض المفتعلة كنزاع الصحراء لا تحتاج لدليل»، قائلا إنها تقاس «بحجم المكانة المتميزة الذي تحتلها المنطقة المغاربية والدور الوازن الذي تضطلع به على الساحة الإفريقية والدولية». من جهته، شدد الجامعي زكرياء أبو الذهب على أن كيانا مغاربيا «دون مصالحة بين المغرب والجزائر، لا يمكنه النجاح، خاصة أن الجزائر والمغرب يفترض أن يشكلا النواة الصلبة للكيان المرتقب». وفي مواجهة هذه الرهانات والتهديدات، سيواصل «البوليساريو» محاولة صرف أنظار الرأي العام الدولي عما هو أساسي، أي التسوية النهائية لهذه القضية التي تسمم العلاقات المغاربية. وكلما تأخر تحقيق هذه التسوية، إلا وزاد التهديد للتوازن، والاستقرار، والأمن بالمنطقة. وقال أبو الذهب ساخرا «..سترون الانفصاليين يستغلون الأحداث الأخيرة بالداخلة واللعب مجددا على وتر حقوق الإنسان كالمعتاد خلال مثل هذه الملتقيات الدولية». وكان العديد من المتدخلين قد عبروا عن أسفهم، في السنة الماضية أمام نفس اللجنة، لغياب إرادة سياسية لدى الجزائر و»البوليساريو» لتسوية نزاع يعرقل مسيرة الشراكة الأورومتوسطية ويهدد الاستقرار الإقليمي إلى جانب كلفته السياسية والاقتصادية بالنسبة للمنطقة المغاربية. واعتمدت اللجنة الرابعة في أكتوبر الماضي بالتوافق قرارا يتعلق بالصحراء المغربية. ويعكس هذا التوافق، حسب المراقبين، تلاقي إرادتي مجلس الأمن والجمعية العامة بشأن أسس الحل السياسي الذي يريده المجتمع الدولي، لصالح الاستقرار والسلم الإقليمي.