جائزة الإخراج تنضاف لأول مرة إلى جوائز المسابقة الرسمية تقاطر على مدينة طنجة منذ مساء الإثنين الماضي حشود من عشاق وممارسي الفن السابع، قادمين من مختلف أقطار المعمور، لأجل متابعة دورة جديدة من دورات مهرجان الفيلم القصير المتوسطي،الذي يسهر على تنظيمه المركز السينمائي المغربي، علما بأن هذه التظاهرة الفنية، باتت تحتل موقعا بارزا ضمن أجندة المهرجانات السينمائية. كانت مظاهر الاحتفال بهذه الدورة بادية تماما في شوارع طنجة، وبالأخص في محيط القاعة السينمائية روكسي التي احتضنت حفل الافتتاح، والتي ستحتضن كذلك ابتداء من أمس الثلاثاء جميع الأشرطة المشاركة ضمن المسابقة الرسمية، وهي بالتحديد خمس وخمسون شريطا قصيرا-ولهذا الرقم دلالته في المخيلة الشعبية باعتباره يطرد الشر- تنتمي لعشرين دولة، مطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط. إن ميزة هذه التظاهرة السينمائية، تكمن في أنها تتيح المجال للتواصل والتحاور مع حضارات وثقافات متعددة، في سبيل تكريس فرص التعاون بينها، واكتساب قوة ومناعة، وطبعا، دون أن يكون ذلك على حساب الفرجة السينمائية، التي يضمنها المهرجان. كانت الأضواء الكاشفة قد رصت على جنبات سينما روكسي منذ الساعات الأولى من مساء الإثنين،كما تم بسط سجادة حمراء تفضي إلى مدخل القاعة السينمائية، مع العناية بإحاطتها بحواجز، وتكليف رجال الأمن الخاص بأداء المهمة المنوطة بهم. وظلت حشود من الجمهور واقفة عند المدخل، تترقب إطلالة النجوم السينمائية،وكلما ظهر أحدهم تعالى صفير الإعجاب، واشتعل الشوق لالتقاط صورة فوتغرافية رفقتهم. وبرز أن اللجنة المنظمة، حسبت لكل شيء حسابه، كما هو معهود، مستفيدة من الخبرة التي اكتسبتها مع توالي الدورات؛ فقد كانت كراسي القاعة السينمائية، تحمل لافتات تشير إلى صفات مختلف المدعوين: المخرجون، المنتجون، النقاد، الصحافيون، إلى غير ذلك من الصفات، ولا مجال للتيه والفوضى. وأطل الوجه الباسم للإعلامية فاطمة النوالي، لتقديم فقرات الافتتاح، حيث تناول الكلمة عمدة المدينة فؤاد العمري،مذكرا بأن «مهرجان الفيلم القصير المتوسطي، من شأنه أن يفتح المجال للشباب لخوض غمار الإخراج وكتابة السيناريو،إلى جانب كونه يكرس فلسفة الانفتاح على مختلف دول البحر الأبيض المتوسط،وتبادل الخبرات وإغناء التجارب،معتبرا أن مدينة طنجة، باتت في مركز هذا التفاعل، كما أنها لا ينبغي اختزالها في استضافة مهرجانات من هذا القبيل، بل هي تعد كذلك-حسب تأكيد العمري- فضاء متميزا لتصوير أفلام عالمية، بالنظر لتوفرها على مآثر تاريخية ومشاهد طبيعية. إلى جانب كونها تأوي أسماء سينمائية وازنة، من بينهم العربي اليعقوبي الذي توفي أخيرا..»، ولفت العمري الانتباه بهذا الصدد، إلى الوضع الاجتماعي المقلق للعديد ممن نذروا حياتهم لأجل خدمة الفن، وأكد على ضرورة ضمان حياة كريمة لهم. وتم استعراض بمناسبة الافتتاح كذلك، أعضاء لجنة التحكيم: المنتجة السينمائية الجزائرية يامنة بشر، الممثلة المغربية السعدية لديب، الناقدة اللبنانية فيكي حبيب، المنتج الفرنسي إمنويل بريفوست، المخرج السينمائي الإفواري كيتيا توري، المخرج السينمائي المغربي جمال بلمجذوب. حيث تناول الكلمة رئيس هذه اللجنة الناقد السينمائي محمد بكريم،مذكرا بأن المهرجان يعد مفخرة للمغرب، باعتباره يحتضن مختلف الدول المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط، وأشاد بقيمة ووزن الأعضاء المشكلين للجنة التحكيم، مؤكدا على أن متابعة الأشرطة المتنافسة على جوائز الدورة، ستتم -حسب تعبيره- بذكاء القلب. وتمت بالمناسبة، الإشارة إلى المستجدات التي تعرفها هذه الدورة،والتي تتمثل بالخصوص في رفع عدد الجوائز الرسمية إلى أربعة، حيث أضيفت جائزة الإخراج، إلى الجوائز الأخرى المعهودة:الجائزة الكبرى وجائز السيناريو، وجائزة لجنة التحكيم. وتميز حفل الافتتاح كذلك بعرض الشريط السينمائي القصير «ذاكرة 14» للمخرج أحمد البوعناني الذي رحل عن دنيانا خلال السنة الجارية، ويعود تاريخ إنتاج هذا الشريط إلى سنة 1971 من طرف المركز السينمائي المغربي، وقد صور بالأبيض والأسود، وهو يتناول فترة عصيبة من تاريخ المغرب والمتمثلة في سنوات الإحتلال الفرنسي، واعتمد المخرج بصفة أساسية على نقل مشاهد صامتة لبؤس المواطن المغربي، وهو ما كثف من الجانب المأساوي، كما عنى بإبراز أن هذا المواطن الذي يرزح تحت نير الاستعمار، لم يقف مكتوف الأيدي، بل قاوم وانخرط في النهوض بالحركة الاقتصادية وتحسين وضعه المعيشي، وبالرغم من أن هذا الشريط أنجز بوسائل بسيطة، غير أنه يظل عبارة عن تحفة من تحفنا السينمائية، علما بأنه يعود إلى السنوات الأولى للحركة السينمائية ببلادنا.