أكد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، خلال استقباله يوم الاثنين المنصرم، بالمقر الوطني للحزب، أعضاء تنسيقية المناصفة، والتي أعدت مذكرة حول" المناصفة في الإرث" على ضرورة فتح ورش إصلاح منظومة المواريث وعدم تركه خاضعا لغلبة الطابو، والعمل على إطلاق حوار مجتمعي واسع ومسؤول بشأنه في إطار الاستعداد الجاري لإصلاح مدونة الأسرة التي طالب جلالة الملك محمد السادس بإصلاحها. ولحشد الدعم والتعبئة لهذا الإصلاح، شدد بنعبد الله، على أنه ينبغي الحرص على أن يشارك في هذا الحوار المجتمعي جميع الأطراف من أحزاب سياسية وهيئات الحركة النسائية والحقوقية والفاعلين من داخل المؤسسات الرسمية ومختلف الخبراء المعنيين، قائلا" إن إصلاح مدونة الأسرة ينبغي أن يكون جذريا يشمل تنظيم الإرث الذي يجب أن يخضع لتنظيم يعتمد فيه على اجتهادات من داخل النص القرآني بحيث ترسي للمساواة في الإرث فضلا عن الأخذ بالتغيرات والتحولات العميقة والتطور الذي شهده الواقع المجتمعي ". وأبدى بنعبد الله في كلمته خلال استقباله هذه التنسيقية التي تضم مارية شرف كمنسقة، وهي خبيرة في مجال حقوق الإنسان والمناصفة، وكلا من رشيد أيلال الباحث في الموروث الثقافي الإسلامي، وسعيد الكيحل الأستاذ الباحث في حركات الإسلام السياسي، تثمينه مبادرة التنسيقية بتقديم المذكرة السالف ذكرها، مشددا على أن مسألة المساواة ونداءات إصلاح تنظيم الإرث لا يجب أن يخضع للمنطق السياسوي أو يكون موضوعا للتراشق والتدافع السياسي، بل يجب أن يخضع للنقاش الهادئ والرصين يستلهم أسسه من روح العصر واعتماد نهج الاعتدال الذي اختارته المملكة والاجتهاد المتنور في نصوص الدين وأيضا الانفتاح على الرؤى والتصورات الحداثية في الموضوع على اعتبار أن مسعى الإصلاح الحداثي للمجتمع ينبغي أن لا تحيطه أو تقيده أي حدود . وأكد في هذا الصدد على الانخراط الكامل واستمرارا لنهج حزب الكتاب ومختلف آلياته التي تشتغل على قضايا المساواة والإصلاحات التشريعية التي ترتبط بحقوق النساء، خاصة منظماته الموازية، أساسا داخل مكتبه السياسي وكذا منتدى المناصفة والمساواة، من أجل الدفع بإصلاح تنظيم الإرث،ودعم كل المبادرات التي تترافع وتسير في هذا الاتجاه، خاصة وأن الأمر يرتبط بمسألة المساواة التي تعد قضية تتقاطع فيها الأبعاد الثقافية والديمقراطية والاجتماعية والاقتصادية بل وأساسا الأبعاد التنموية". وأعلن بنعبد الله أن حزبه على وعي بالحمولة الثقافية والبناء التقليداني الذي يطبع موضوع منظومة الإرث، وأنه لهذا الاعتبار يدعم مختلف الأصوات الداعية إلى الإصلاح بإعمال مقاربة تعتمد اساسا على اجتهادات من داخل النص والتي ترسي للمساواة في الإرث، هذا فضلا عن إطلاق بالموازاة مع ذلك لحملة لتوعية الناس بوجود عدة قراءات حول النصوص التي تتناول موضوع الإرث، وأن الإسلام دين تدرجي متطور، فإنه في جوهره لايمانع في تقرير المساواة بين الجنسين متى انتهت أسبابها بتطور الزمن مادام يتغيى في جوهره العدالة التامة وروح الحق. هذا وأوضحت مارية شرف، منسقة تنسيقية المناصفة، أن هذا الاجتماع مع قيادة حزب التقدم والاشتراكية يعد أول لقاء لها في سلسلة اللقاءات التي برمجتها التنسيقية مع الأحزاب السياسية الوطنية وهيئات الحركة النسائية والحقوقية من أجل تقديم المذكرة التي أعدتها حول المناصفة في الإرث والتي يأتي طرحها في إطار النقاش والاستعداد الجاري لإصلاح مدونة الأسرة وحشد الدعم لها". وأضافت أن التنسيقية تسعى إلى الانفتاح على مختلف الرؤى والتصورات التي تعتمد الاجتهاد وتحرص على الأخذ بالتحولات والتطورات التي يشهدها الواقع المجتمعي. هذا ولفت رشيد ايلال، أحد الأعضاء المؤسسين لتنسيقية المناصفة" أن التنسيقية من خلال المذكرة التي أعدتها حول المناصفة في الإرث تحاول أن تكسر وضع الطابو الذي يوجد فيه موضوع الإرث، وعدم الارتكان والارتهان إلى إنتاج فقهي أفرزه سياق اجتماعي وتاريخي يختلف جذريا عن السياق الحالي، وإبراز عدد من المغالطات التي يتم ترويجها حول الدعوات والداعين إلى الإصلاح. ولفت المتحدث إلى المعايير التقدمية والمقاصدية الواضحة التي بصيغتها دعوة جلالة الملك محمد السادس بوصفه أميرا للمؤمنين لتعديل المدونة الأسرة، بما ينصف النساء ويكرس المساواة بين المرأة والرجل في انضباط لمقتضيات دستور 2011. هذا وعدد أبلال، العناصر التي باتت تفرض إصلاح تنظيم الإرث، خاصة وأن المذكرة تحاول أن تناقش التراث الديني وليس الدين،وفق تعبيره، وتقديم قراءة متنورة للنص القرآني، منبها أن القواعد المعمول بها في تنظيم الإرث حاليا بالمغرب تستند إلى المذهب الحنبلي الذي لاينصف الإناث في الإرث وذلك عوض إعمال المذهب المالكي الذي تتبناه المملكة. ومن جانبه، نبه سعيد الكيحل إلى الاستعمال المتحايل للدين الذي تلجأ له بعض الأطراف حينما يتعلق الأمر بحقوق المرأة، مقرا أن موضوع إصلاح تنظيم الإرث موضوع حساس لارتباطه بالمعتقد داخل المجتمع، مراهنا على ضرورة إطلاق حملات توعوية اتجاه الناس للقطع مع المغالطات التي يتم ترويجها و ترديدها بشان قاعدة "للذكر مثل حظ الإنثيين"، في حين يتم تجاهل القراءة التدرجية المقاصدية للأحكام والنصوص القرآنية،حيث أن دين افسلام وضع مبادئ مثلى للمجتمع بحيث ينتفي فيه الحيف بين النساء والرجال. هذا وأعلنت شرفات أفيلال، عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، رئيسة منتدى المناصفة والمساواة، عن إشادتها بالمذكرة التي قدمتها تنسيقية المناصفة، وأكدت من جانبها على توسيع النقاش حول إصلاح منظومة الإرث، وإخراجها من وضع الطابو وعدم وضع خطوط حمراء أمام ذلك. وأكدت أن شرفات موضوع إصلاح منظومة المواريث، تراكمت بشكل خاص حوله الأحكام المسبقة والمنطلقات الخاطئة، وبل وأحاطت به الكثير من التعقيدات، حتى أن عددا من الأطراف داخل المجتمع تنظر إليه بنوع من الإحراج لاعتقادها أن الأمر يرتبط ارتباطا وثيقا بالمعتقد الديني، في حين الأمر يتعلق بقراءة تأويلية لنصوص قرآنية، مشيرة إلى ضرورة إجراء حوار مجتمعي عميق يستحضر التطورات والتغيرات التي شهدها المجتمع والجانب المقاصدي في الدين. أما سمية حجي، عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، المسؤولة عن قضايا حقوق النساء والمساواة، فقد أكدت من جانبها على أهمية وضرورة التنسيق مع مختلف الفاعلين من أجل إعطاء زخم قوي للترافع حول إصلاح منظومة الإرث، على اعتبار أن مسألة إصلاح الإرث لاينبغي الانسياق لجعله قضية للمواجهة، خاصة وأن الموضوع داخل المجتمع يطغى عليه البعد الثقافي الديني.ودعت في هذا الصدد على ضرورة التركيز على عمل القرب لحلحلة مع النساء اللواتي بشكل غريب يعبرن عن رفضهن للعدل في الإرث لاعتقادهن أن الأمر يرتبط في جوهره بالدين. يشار إلى أن هذا اللقاء حضره، فضلا عن كل من شرفات أفيلال،عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، رئيسة منتدى المناصفة والمساواة، وسمية حجي،عضوة الديوان السياسي، مكلفة بقضايا حقوق النساء والمساواة، كلا من عزوز الصنهاجي عضو المكتب السياسي، مدير فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب،وفوزية الحرشاوي، عضوة المكتب السياسي للحزب، مكلفة بقضايا الطفولة، ونادية التهامي النائبة البرلمانية عضوة فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب.