دعا فريق حزب التقدم والاشتراكية في مجلس النواب إلى التعجيل بإدخال عدد من التعديلات على مدونة الأسرة، بعد ثماني عشرة سنة من العمل بها. جاء ذلك خلال ندوة مشتركة نظمها فريق حزب التقدم والاشتراكية ومنتدى المناصفة والمساواة، التابع له، بمجلس النواب، الأربعاء 15 يونيو الجاري. في هذا الصدد، اعتبر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في كلمة له في بداية الندوة، أن "مدونة الأسرة جزء أساسي من إشكالية المساواة في بلادنا ومجتمعنا المغربي"، موردا أن "هذه الإشكالية ذات أبعاد حضارية ومجتمعية وحقوقية وسياسية واقتصادية وثقافية وقيمية". وقال: "علينا أن نجعل من قضية المساواة وإصلاح مدونة الأسرة مصدرا لبعث الروح في النضال الديمقراطي، ومصدرا لبعث الروح في النضال الحقوقي"، مشيرا إلى أن مدونة الأسرة تحتاج إلى تطوير بعد سنوات من العمل بها. وأضاف: "لا نريد إذكاء فتنة في البلد، بل نريد أن يتم الإصلاح بسلاسة، ولكن بالقوة اللازمة أيضا". ودعا بنعبد الله إلى مراجعة مدونة الأسرة بما يحقق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وإلغاء تزويج القاصرات، مشددا على أن موعد مراجعة المدونة سيقترب بقدر النضال من أجل الوصول إليه. من جهته، سلط رشيد حموني، رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، الضوء على بعض أوجه غياب المساواة بين النساء والرجال في المغرب. وقال حموني: "إن المرأة لا تستطيع إجراء عملية جراحية لابنها دون موافقة الأب حتى ولو كان معرضا للخطر، كما لا يسمح لها بنقل أبنائها من مدرسة إلى أخرى، فضلا عن الصعوبات التي تواجهها إذا تعلق الأمر باستخراج وثائق السفر إلى الخارج". ودعا الحكومة إلى التفاعل إيجابا مع مقترح القانون الذي قدمه فريق حزبه بمجلس النواب من أجل إلغاء تزويج القاصرات، مشيرا إلى أن الحكومة لا تتفاعل مع مقترحاته ومقترحات باقي الفرق النيابية. وأضاف حموني أن "حزب التقدم والاشتراكية على أتم الاستعداد للمشاركة في جميع المبادرات التي تروم إصلاح مدونة الأسرة"، كما انتقد ارتفاع حالات زواج القاصرات، معتبرا أن الاستثناء الذي أقرته مدونة الأسرة بخصوص إمكانية السماح بزواج القاصرات قبل بلوغ 18 سنة، "تحول إلى قاعدة". ولفت المتحدث إلى أن أزيد من 60 في المائة من طلبات تزويج القاصرات تتم الموافقة عليها، وهو ما يؤدي إلى حرمان العديد من الطفلات من إكمال دراستهن. وسجل أن 99 في المائة من طلبات تزويج القاصرين تهم الفتيات، مبرزا أن هذه الظاهرة لا تنحصر فقط في العالم القروي، بل أصبحت في قلب المدن الكبرى. واعتبر حموني أن مدونة الأسرة جاءت بإيجابيات كثيرة وحققت العديد من المكتسبات، إلا أن المجتمع المغربي عرف تحولات كثيرة منذ اعتماد هذه المدونة، أهمها دستور 2011 الذي أقر المساواة بين الجنسين، فضلا عن مصادقة المغرب على عدد من الاتفاقيات الدولية، داعيا إلى ملاءمة مدونة الأسرة مع الدستور والاتفاقيات الدولية. من جهتها، دعت شرفات أفيلال، القيادية في حزب التقدم والاشتراكية رئيسة منتدى المناصفة والمساواة، إلى تخليص مدونة الأسرة من المرجعية المزدوجة، وإقرار مدونة مدنية بمعزل عن المرجعية الفقهية. وطالبت أفيلال بإقرار المساواة بين الأب والأم، وإلغاء جميع أشكال التمييز، وإدماج العمل المنزلي ضمن الحقوق المالية للمرأة عملا بنظام الكد والسعاية كحق شرعي للمرأة المطلقة، وتنظيم شروط وضوابط الاستفادة منه. ودعت رئيسة منتدى المناصفة والمساواة وزير العدل إلى الإسراع بإحالة مشروع قانون جديد لمدونة الأسرة على مجلس النواب يضمن المساواة بين الرجال والنساء، عملا بمقتضيات دستور 2011 والمواثيق الدولية.