لم يتقاعد.. لكن غيبه الموت، وترك وراءه تاريخا مليئا بالنضال في تونس.. محمد حرمل الذي ارتبط اسمه بالحزب الشيوعي التونسي، طيلة 82 سنة، سيوارى جثمانه الثرى بعد ما وافته المنية مساء أول أمس الأحد، بالعاصمة تونس. يعد محمد حرمل الذي غيبه الموت، أحد قيدومي الحركة الشيوعية العربية، وأحد المساهمين البارزين في حركة التحرير الوطني بتونس، حيث سجن بسبب نشاطاته السياسية ونضاله ضد الاستعمار. وظل حرمل يتولى الأمانة العامة للحزب الشيوعي التونسي مند 1981 بعد رفع الحظر عن نشاط هذا الحزب. في سنة 1993 أصبح الحزب الشيوعي التونسي يحمل اسم حركة التجديد، حيث تولى الراحل منصب أمينها العام. وساهم حرمل بدور كبير في تشكيل تكتل سياسي رأى النور في تونس سنة 2001، تحت اسم (المبادرة التقدمية والديمقراطية)، وتضم بالإضافة إلى حركة التجديد، تيارات سياسية أخرى وشخصيات مستقلة. حرمل.. انتخب عضوا في مجلس النواب التونسي خلال دورتين نيابيتين متتاليتين (1994 و1999)، قبل أن يعين سنة 2008 عضوا في مجلس المستشارين. وانطلاقا من المؤتمر الأخير لحركة التجديد سنة 2007، أصبح محمد حرمل يتولى منصب رئيس شرفي للحزب. واستمر الراحل في نضالاته واضطلع بدور بارز في بعث «المبادرة التقدمية والديمقراطية»، وساهم في بلورة الفكر الشيوعي في تونس. ويعتبر حرمل من الوجوه البارزة التي ساهمت في نضالات الحركة الوطنية التونسية من أجل التحرر من الاستعمار الفرنسي، وقد عانى كثيرا من الممارسات القمعية التي كان النظام التونسي يضايق بها المناضلين، حيث تم نفيه إلى معسكر «تبرسق» في ذلك الوقت، قبل أن يعود إلى تونس والاستمرار في نضالاته. شهادات أعضاء المكتب السياسي لحركة التجديد التونسية، أشادت كلها بعطاءات الراحل، وبدوره في بلورة الفكر الشيوعي في تونس ومساهماته في الحياة السياسية التونسية. رحل محمد حرمل.. لكن اسمه لن يرحل من ذاكرة التونسيين وعموم التقدميين في العالم، وسيبقى منقوشا في تاريخ تونس، وحركة التجديد، وسيبقى فكره المتنور قبسا للأجيال القادمة وباعثا عن التجديد ومحفزا على التغيير نحو مجتمع ديمقراطي حقيقي طالما ناضل من أجل تحقيقه.