نظم فرع حزب التقدم والاشتراكية وفرع الشبيبة الاشتراكية بآزمور لقاء تواصليا يوم الأحد 28 غشت الماضي، قام بتأطيره محمد سعيد السعدي عضو الديوان السياسي للحزب الذي ألقى عرضا تحت عنوان «من الإصلاحات الدستورية إلى الإصلاحات السياسية». وقد حضر اللقاء أعضاء الحزب من كل من مدن آزمور والجديدة وسيدي بنور، إضافة إلى الكثير من المهتمين والمتعاطفين مع الحزب بآزمور. واستعرض محمد سعيد السعدي الوضع السياسي الراهن بالمغرب بعد الإصلاحات الدستورية التي تمت المصادقة عليها، مذكرا بدور حركة 20 فبراير في تحقيق مكاسب سياسية. فالحركة، حسب سعيد السعدي، هي حركة ذات مضمون سياسي انبثقت من رحم الشعب المغربي، لأن مطالبها المتمثلة في الحرية والكرامة وإسقاط الفساد والعدالة الاجتماعية هي تعبير عن رغبة الشعب في تغيير الأوضاع. وأضاف سعيد السعدي بأن المغرب عرف تقدما نسبيا من الناحية السياسية مقارنة مع مغرب السبعينات والثمانينات، لكن المحاضر أكد في نفس الوقت على أن الوضع السياسي بالمغرب يعرف مدا وجزرا مستمرا، كما عرف عدة تراجعات منذ 2002، من بين مظاهرها بروز نزعة تحكمية في سياسة الدولة واللجوء إلى التكنوقراط لتسيير شؤون الدولة، و ظهور مشروع الحزب الأغلبي، الأمر الذي أدى إلى دخول المغرب إلى نفق مسدود. ومن الناحية الاقتصادية حقق المغرب طفرة نسبية بين 2003 و2007، لكن الشعب لم يستفد للأسف من هذه الطفرة. و قد كان هذا، حسب سعيد السعدي، السياق الذي أدى إلى ظهور حركة 20 فبراير. ثم انتقل المحاضر بعد ذلك لمناقشة الإصلاحات الدستورية التي أقرها الدستور الجديد، ليعتبر هذه الإصلاحات طفرة نوعية مقارنة مع الدستور القديم، و ليعتبر أن الدستور الجديد يكرس لملكية نصف برلمانية، يتقاسم فيها الملك والشعب السلطة بالتساوي، وقد أعطى عدة أمثلة لذلك. وقد ركز على ذكر بعض الإيجابيات التي أتى بها الدستور الجديد كاقتران المسؤولية بالمحاسبة والتنصيص على الحقوق الاجتماعية بالدستور، وإقرار الجهوية كنظام متقدم لتسيير الشأن العام. لكن السؤال المشروع والذي يطرح بحدة هذه الأيام، كما يقول سعيد السعدي، هو كيف ننزل مضمون هذا الدستور على أرض الواقع؟ وهل ستتم فعلا القطيعة مع الماضي؟ وأي نخب ستتولى تسيير شؤون الدولة على المستوى المركزي والجهوي والمحلي؟ ومن بين النقط التي أتى بها الدستور الجديد التنصيص على أن الأحزاب تمارس السلطة، بالإضافة إلى دورها القديم في تأطير المواطنين، الأمر الذي سيؤدي حتما، إذا ما طبق هذا المبدأ، إلى تغيير المشهد السياسي، لكن ما يقع حاليا يؤشر، حسب سعيد السعدي، على أن ممارسة السلطة أخذت منحى تقنيا وأصبحت الأحزاب تتصارع بينها حول أمور تقنية وليس حول برامج لها علاقة مباشرة بمشاكل الشعب. لكن السؤال الآخر الذي يجب طرحه في الوقت الراهن هو الذي يسائل طبيعة الدور الذي ستلعبه وزارة الداخلية والعمال والولاة أثناء الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع. فالتخوف من هذا الدور يجعل من الضروري أن تتكلف هيئة وطنية للقضاة بالعملية الانتخابية ليبقى لوزارة الداخلية دور لوجيستي فقط. كما عبر سعيد السعدي عن تخوف آخر متعلق بالطابع الانتخابوي لبعض الأحزاب والتي لا يهمها في العملية برمتها سوى عدد المقاعد التي ستحصل عليها بغض النظر عن نزاهة الانتخابات وطبيعة النخب المشاركة فيها. وفي الأخير، ذكر سعيد السعدي بضرورة القيام بإصلاحات حقيقية سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، كما طالب الأحزاب بالتصالح مع الشعب لأنها فقدت اتصالها بالمواطن. وأكد على أن الأحزاب لا تمارس السياسة لوحدها بل أااااااااا أصبحت حركات الاحتجاج الاجتماعي تلعب دورا يوازي دور الأحزاب. وأعقب هذا العرض تدخل العديد من الحضور لمناقشة هذه الأفكار وإغنائها وفتح آفاق أرحب للتفكير السياسي وأمضى الجميع أمسية فكرية ممتعة بامتياز.