عرفت كرة القدم المغربية منذ سنوات قيودا وكتفت بالتسيير الإداري الجاف متجاهلة وجاهلة الميادين الحساسة والتي بدونها يستحيل أي تقدم أو تطور. ولعل الإحتراف سيحدث تغييرات إصلاجية جذرية توخى من ورائها إرجاع الثقة للممارس، ولعل كذلك القوانين المسنة والمشاريع الجديدة الهدف منها انصاف الممارس بصفته المحور الأساسي في إنجاح المشروع. لقد عشنا مسألة إدماج الممارس في المناخ العام من خلال تذمره من التسيير، وكانت العديد من الأندية مسرحا لصراعات خصوصا على مستوى مدينة البوغاز «طنجة» لترخي المشكلة بذيولها على مسألة الانتاج العام للممارس، وتنعكس بالتالي على خطط التنمية الرياضية. لقد أصبحنا، أكثر من أي وقت مضى، ونحن نتطلع لإنجاح مشروع الإحتراف، مطالبين بإعادة ترتيب أوراق تنمية قطاع كرة القدم وإرجاع بريقها، وإذا كنا ما شفناه من تراجع وتردي، مسائل واضحة وملموسة من خلال ملامسة النتائج المخيبة والمذلة أحيانا. فما أن ينتهي موسم رياضي إلا وتبدأ حركة الانتقالات في صفوف اللاعبين. وهذه العملية، بقدر ما هي ذات أبعاد صحية، فهي تثير الكثير من القيل والقال في غياب مكاتب مسيرة ناضجة في العديد من الأندية. والواقع أن التغيير مسألة عادية وتحدث في أكثر الفرق العالمية، لكن العملية عندنا لا تبنى على مقاييس مضبوطة ومعقلنة، فهناك فرق تستغني على لاعبين ما أحوج الفريق لخدماتهم، وذلك لحاجة في نفس يعقوب، وتتعاقد مع لاعبين أقل مستوى، لا لشيء، وإنما لكون المسير يرى أن اللاعب جريء في طلبات مستحقاته، أو أنه يعارض تدخل المسير في المسائل التقنية. من واجب المسير الناضج، أن يتخلى عن صراعات لا تخدم مصلحة الفريق، فاللاعب يحب أن يبقى في ذهن كل مسير لاعبا لا أقل ولا أكثر، على المسير أن يرعاه حق الرعاية، ويمكنه من حقوقه كاملة غير منقوصة، فاللاعب شمعة تحترق من أجل أن يلمع نور الفريق وبالتالي يشاد بكفاءة المسير والبرامج الناضجة والتعامل الجيد مع اللاعبين لا يمكن أن تنهار، لأن الأسس صلبة. لكن هل بدخول زمن الاحتراف سينتهي زمن المسير «الديكتاتوري» الذي يعاقب هذا ويوقف ذاك ويحرم هذا من مستحقاته؟ سؤال يبقى مطروحا، لأن الإحتراف الحقيقي ينبني على عقود مبرمة ببنود صريحة. قد حان الوقت الملائم لكي تربى في بعض مسيرينا روح المسؤولية والاستماتة وتقدير المسؤولية وبالتالي تحفز اللاعبين للدفاع بكل ما أوتي من جهد عن قميص فريقه. هذا الذي سيكون له أثر إيجابي على المردودية العامة. فكرة القدم المغربية افتقدت لمدة طويلة لمسيرين بمواقف وأفكار نيرة، افتقدت لمسيرين يغيبون التفاهم والتواصل سواء مع الممارس أو الجمهور، افتقدت لمسيرين لا يجيدون الحوار المستمر والجاد، فهل يحد الاحتراف من وصاية المسير على اللاعبين والفريق ككل. إن زمن الفوضى والتسيب قد ولى، ولم نعد نطيق رؤيته في مجال كرة القدم على وجه الخصوص، مجال يتطلب الوعي وتقدير المسؤولية من طرف جميع المتدخلين. لقد حان الوقت إن كان بعض مسيرينا يملكون حسا وطنيا يغار على مقوماتنا أن يكفوا عن التسيير الموبوء وينخرطوا في مسلسل الإصلاح.