برزت طالبات إيرانيات في مقدم الاحتجاجات التي تشهدها مختلف أنحاء البلاد في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني، فخلعن حجابهن ونزلن في تظاهرات خاطفة في تحد للحملة الدامية التي تشنها قوات الأمن. توفيت مهسا أميني الكردية الإيرانية البالغة من العمر 22 عاما، بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران من قبل شرطة الأخلاق على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الإسلامي. وأشعلت وفاتها موجة احتجاجات في إيران ومسيرات تضامن مع النساء الإيرانيات في مختلف أنحاء العالم. وتواصلت الاحتجاجات رغم حملة أمنية قتل فيها العشرات واعتقل المئات. وقتل 92 شخصا على الأقل في إيران منذ 16 شتنبر حسبما أعلنت "منظمة حقوق الإنسان في إيران"(IHR) التي تتخذ من أوسلو مقرا . وأكدت منظمة العفو الدولية مقتل 53 شخصا بينما أفادت وكالة فارس للأنباء عن مقتل "حوالي 60 شخصا"، وأفادت تقارير بمقتل 12 عنصرا في القوات الأمنية. وذكرت السلطات أن أكثر من ألف شخص اعتقلوا، وأفرج عن أكثر من 620 في محافظة طهران وحدها. وتظاهر طلاب ليل الأحد الاثنين في جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران، التي تعد أهم جامعة علمية في إيران، قبل أن تلاحقهم الشرطة وهم يركضون في موقف سيارات تحت الأرض. وتوالت تظاهرات الطالبات في أنحاء البلاد، فخلعن حجابهن وأطلقن هتافات مناهضة للنظام وقمن بتشويه صور القادة الدينيين. وفي مقطع مصور تأكدت فرانس برس من صحته يمكن مشاهدة مجموعة من الشابات اللواتي خلعن الحجاب وسماعهن يهتفن "الموت للديكتاتور" في إشارة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، بينما قمن بدفع مسؤول، ذكرت تقارير إنه المدير، خارج مدرسة في كرج غرب طهران الاثنين. وتسمع مجموعة أخرى من النساء يهتفن "امرأة حياة حرية" لدى نزولهن إلى شارح في حي جوهشردشت في كرج. وكتب اسفنديار باتمانغليدج من موقع "بورصة وبازار" (Bourse & Bazaar) للأنباء والتحليلات في تغريدة "إنها مشاهد استثنائية حقا، وإذا كانت هذه الاحتجاجات ستحقق أي شيء، فسيعود ذلك إلى الطالبات". وفي مقاطع مصورة أخرى نشرت على الانترنت تبدو طالبات وهن يخرجن من صفوفهن ليظهرن في تظاهرات خاطفة لتفادي اعتقالهن. ولم تتمكن فرانس برس من التأكد من صحة المقاطع. لكن النائب العام الإيراني محمد جعفر منتظري اعترف الأربعاء بمشاركة شبان في الاحتجاجات، مستنكرا تأثير شبكات التواصل الاجتماعي. ونقلت وكالة "إيسنا" عنه قوله "حقيقة وجود شباب بعمر السادسة عشرة في هذه الأحداث سببها شبكات التواصل الاجتماعي، لقد أوقع بهم". كذلك، نقلت وكالة "إرنا" عن وزير التعليم يوسف نوري قوله إن "هجمات العدو تستهدف الجامعات وعالم العلم والتعليم". وبينما تواصلت التظاهرات للأسبوع الرابع، وسعت إيران حملتها الأمنية فاعتقلت مؤيدين بارزين للحركة الاحتجاجية وفرضت قيودا على الانترنت تحد من الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الأربعاء إن ها تحققت من 16 مقطع فيديو ن شر على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن ها ت ظهر "الشرطة وقوات الأمن الأخرى تستخدم القوة المفرطة والقاتلة ضد المتظاهرين" في طهران ومدن أخرى. وأضافت المنظمة في بيان أن هذه الصور تظهر قوات إنفاذ القانون "تستخدم أسلحة نارية مثل المسدسات أو بنادق هجومية من طراز كلاشنيكوف". ونقل البيان عن الباحثة من المنظمة تارا سيهري فر قولها إن حملة القمع هذه "تشهد على عمل منس ق من قبل الحكومة لسحق المعارضة، في تجاهل قاس للحياة". في هذه الأثناء، نفت السلطات القضائية الإيرانية أي صلة بين وفاة مراهقة، والاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني. وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد أفادت خلال النهار بأن الفتاة نيكا شاكرامي لقيت مصرعها على يد قوات الأمن خلال التظاهرات، لكن القضاء رفض هذه الرواية. وقتل 63 شخصا الأسبوع الماضي عندما نفذت قوات الأمن الإيرانية "قمعا داميا" لتظاهرة في زاهدان بجنوب شرق إيران، حسبما أعلنت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" من أوسلو الثلاثاء. واندلعت التظاهرة في زاهدان عقب صلاة الجمعة إثر اتهامات بأن قائد شرطة في المنطقة اغتصب شابة من البلوش عمرها 15 عاما. أثار قمع التظاهرات تنديدا دوليا . كما نظمت تجمعات دعما للنساء الإيرانيات في العديد من الدول حول العالم. وانضم الاتحاد الأوروبي الثلاثاء إلى الولاياتالمتحدة وكندا في الإعلان عن نيته معاقبة إيران ب"إجراءات تقييدية" احتجاجا على "الطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن الإيرانية مع التظاهرات". لكن وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان حذر الاتحاد الأوروبي من أنه يمكن أن يتوقع "إجراء مماثلا". وتتهم إيران باستمرار قوى خارجية بتأجيج التظاهرات، وأعلنت الأسبوع الماضي توقيف تسعة أجانب من بينهم رعايا من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا. والأربعاء استدعت طهران السفير البريطاني سايمون شيرليف للاحتجاج على تدخل بلاده في ما يتصل بالاضطرابات التي أشعلتها وفاة مهسا أميني.