إنسان استثنائي ومبدع معطاء من الزمن الجميل حظي الفنان عبدالله شقرون باحتفاء كبير في إطار الدورة الخامسة لرمضانيات البيضاء الثقافية، بحضور جوق موسيقي عصري، قام في مستهل الحفل بأداء مقطوعة رقصة الأطلس غير المصحوبة بالغناء والتي كان قد أبدعها الموسيقار المرحوم عبد القادر الراشدي، بالإضافة إلى مجموعة من الأغاني التي كتب كلماتها المحتفى به، من قبيل يا بنت المدينة. وقد تولى تأطير هذا الحفل الاحتفائي الأديب عبدالنبي دشين، الذي تلا في البداية ما يشبه البروفايل، ذكر فيه أن شقرون إنسان استثنائي ومبدع معطاء من الزمن الجميل، بشوش هادئ، في رقة الشعر يمر في صمته الصاخب، عاشق للصورة والصوت، كأنه قد منهما، يعيش إحساسه في اليومي، تجمع فيه ما تفرق في غيره، على اعتبار أنه إعلامي وكاتب تمثيليات إذاعية، وشاعر غنائي وممثل وباحث ومسؤول إداري.. وساهم في هذا الحفل رئيس مقاطعة سيدي بليوط كمال الديساوي، بإلقاء شهادة، عبر من خلالها على تقديره للمحتفى به، مذكرا بأنه مبدع في عدة ميادين، وأنه أحد رواد ومؤسسي الصحافة الإذاعية والتلفزية، أعطى الكثير للمسرح تأليفا وإخراجا وإعدادا، واعتبر هذه المناسبة بمثابة لحظة وفاء واعتراف بعطاءات مبدع من العيار الثقيل، منوها بفكرة تكريم رموزنا وهم على قيد الحياة. وتحدث عبدالله شقرون عن تجربته المهنية والإبداعية، مذكرا بأنه لم يخطط لما أصبح عليه، وأن أسمى ما كان يود بلوغه هو تدريس اللغة العربية، غير أن الظروف شاءت أن يلج الميدان الإذاعي، حيث اكتشف أنه بمثابة مدرسة للإعلاميين والفنانين على حد سواء، وأوضح في هذا الإطار أن اهتمامه في البداية كان محصورا في الجانب الإبداعي، وأن تقلد المسؤولية الإدارية تم في ما بعد، مع ذلك حرص على أن يحافظ على مسافة بين المبدع والمسؤول الإداري في شخصه. وتطرق إلى الحديث عن واقع الأغنية المغربية حاليا، باعتباره من رواد الشعر الغنائي وأحد مؤسسي الجوق الوطني للإذاعة، موضحا أنه بالرغم من التعلق الكبير بأغنية الزمن البعيد، أي في بداية الاستقلال؛ فإن الانتاجات الحديثة لا تعدم الجودة، وإن كان قد طرأ هناك تغير على مستوى الذوق، إلا أن البقاء هو للأصلح، وأن الأجيال تتعلم من بعضها ولا يمكن أن تيأس. وسجل شقرون كذلك أن أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي، كانت فترة استثنائية في شتى مجالات الإبداع، على اعتبار أن الفنانين كانوا يقومون بعمل تأسيسي. وتم بالمناسبة عرض شريط وثائقي اشتمل على شهادات نخبة من الفنانين والإعلاميين، في حق المحتفى به؛ فهو واحد من جيل الرواد الذين أسهموا في خلق الإعلام السمعي البصري ببلادنا؛ بفضل الخبرة والتكوين والبحث الدؤوب. كما تمت الإشادة في هذه الشهادات بتمكنه وتحكمه في اللغتين العربية والفرنسية بنفس المقدرة، إلى جانب أن له خبرة في كل موضوع يتناوله، وهو ما ينم عن رصيده المعرفي وثقافته الموسوعية. كما لم تغفل هذه الشهادات الإشارة إلى مهارته في فنون الطبخ، التي تنم على أنه صاحب ذوق رفيع. وعلى مستوى إنتاجاته الإبداعية، تم إحصاء ما يفوق خمسمائة تمثيلية ألفها للإذاعة وللمسرح، بالإضافة إلى مجموعة من الأغاني التي كتب كلماتها، من قبيل: يا بنت المدينة، المسرارة، عندي وحيدة.. وقام بأدائها أبرز المطربين، من بينهم بهيجة إدريس، والمعطي بنقاسم. وتم التذكير في هذه الشهادات كذلك بفضله على نخبة كبيرة من الفنانين، على اعتبار أنه كان يرأس فرقة تمثيلية، وكان ملقنا جيدا لمخارج الحروف.