حياة الأديب أو الفنان، حافلة بالذكريات الجديرة بأن تسرد ويطلع عليها العموم، بالنظر لوضعه الاعتباري والرمزي. وفي صلب هذه الذكريات، تبرز الوقائع الطريفة، التي – باعتبار طرافتها- تظل محفورة في الذاكرة وفي الوجدان. ولهذه الغاية، كان لبيان اليوم، اتصال بمجموعة من الأدباء والفنانين؛ لأجل نفض غبار السنين عن جملة من الطرائف التي عايشوها في محطات مختلفة من حياتهم اليومية. لفظة الطريف- حسب القاموس اللغوي- هي مرادف للحديث الجديد المستحسن، وهي كذلك مرادف للغريب والنادر من الثمر ونحوه، وحسب هذه الحلقات أن تكون ثمارا ذات مذاق طيب، في هذا الشهر الفضيل. قبل يومين من عرض المسرحية في غياب الممثلة الرئيسية هناك طرائف كثيرة ومتعددة، لها ارتباط باشتغالي في فن المسرح على وجه الخصوص، بالنظر إلى الظروف المختلفة والصعبة التي كنا نقدم فيها عروضنا المسرحية، منذ السبعينيات من القرن الماضي إلى يومنا هذا. بعض هذه الطرائف التي سأذكرها، جرت في المسرح البلدي بمدينة الدارالبيضاء، هذا المسرح الذي أزيل من الوجود مع كامل الأسف. فخلال أدائنا للعرض المسرحي شامة لفرقة الهدهد بمدينة برشيد، التي كانت تسهر على تنظيم ورشات كذلك، كنا قد أسندنا دور شامة لممثلة شابة، لم نكن نعلم أثناء مشاركتها في التدريب على هذه المسرحية أنها مقبلة على الزواج، وأن هذا الحدث سيخلط جميع أوراق المسرحية، على اعتبار أن تلك الممثلة كان عليها أن تجسد الدور الرئيسي المتمثل في شامة، إلا أنه قبل عرض المسرحية بثلاثة أيام، سيصل إلى علمنا أنها أقامت حفل الخطوبة، وبطبيعة الحال، كانت الممثلة مسرورة بذلك، غير أن الطريف في الأمر هو أن زوجها أجبرها على عدم المشاركة في هذه المسرحية وعدم مواصلة التمثيل بصفة نهائية، وذلك بعد أن تدربت على العرض المسرحي وحفظت دورها ولم يعد يفصلنا عن تقديمه سوى ثلاثة أيام، هذه الممثلة التي تسمى عزيزة والتي كانت تقيم في نفس المدينة، كانت هي الممثلة الوحيدة آنذاك من الجنس اللطيف التي تمارس المسرح، في حدود1992 بمدينة برشيد. وعلى بعد يومين من عرض المسرحية قصدتني وأخبرتني بعدم إمكانية مشاركتها في العرض المسرحي، لأنها عقدت قرانها، ولأن خطيبها لا يسمح لها بالتمثيل. فسألتها عما قررت فعله، فأجابتني بأنه من الأفضل لها أن تتزوج من أن تمثل معنا. غير أن المسرحيين كانوا ينادون بفسخ تلك الخطوبة، سيما بعدما علموا بأن عزيزة ستحرم من متابعة ممارستها للمسرح إلى الأبد. وخلال هذين اليومين اللذين يفصلاني عن موعد العرض، كان علي أن أتدبر الأمر لكي لا يتم إلغاؤه، سيما وأننا كنا قد وعدنا الجمهور بعرض المسرحية، وحددنا موعد ذلك، وبعد تفكير عميق، وقع اختياري على شاب كان من عادته أن يتابع تداريبنا، ومن حسن الحظ أنني وجدته يحفظ شيئا من دور الفنانة عزيزة، فسلمته ملابس نسائية، وقام بأداء دور شامة، وكان من بين الذين تابعوا العرض، الممثلة التي كان من المفروض أن تؤدي ذلك الدور وبرفقتها زوجها. الجدير بالذكر بهذا الخصوص، أنه بعد مرور عام على ذلك الحدث، علمنا أنه لم يتم الاستمرار في زواج عزيزة، وأخبرتني بنفسها أن ذلك الرجل لا يستحق حياتها، وأنها تفضل المسرح عليه.