حياة الأديب أو الفنان، حافلة بالذكريات الجديرة بأن تسرد ويطلع عليها العموم، بالنظر لوضعه الاعتباري والرمزي. وفي صلب هذه الذكريات، تبرز الوقائع الطريفة، التي – باعتبار طرافتها- تظل محفورة في الذاكرة وفي الوجدان. ولهذه الغاية، كان لبيان اليوم، اتصال بمجموعة من الأدباء والفنانين؛ لأجل نفض غبار السنين عن جملة من الطرائف التي عايشوها في محطات مختلفة من حياتهم اليومية. لفظة الطريف- حسب القاموس اللغوي- هي مرادف للحديث الجديد المستحسن، وهي كذلك مرادف للغريب والنادر من الثمر ونحوه، وحسب هذه الحلقات أن تكون ثمارا ذات مذاق طيب، في هذا الشهر الفضيل. أنا وحراس السيارات وابنتي الصغيرة الطريفة التي سوف أحكيها، لها ارتباط بمشاركتي في المسلسل التلفزي «خمسة وخميس»،الذي كنت ألعب فيه دور حارس سيارات، وهو إنسان بسيط، يخالط الناس،ويعاملهم معاملة حسنة. وعندما انتهى بث المسلسل على شاشة التلفزة. أصبحت أواجه بعض الوقائع الطريفة، التي لم أكن أتصورها، على اعتبار أن مشاركتي في المسلسل، هي مشاركة عادية، تتمثل في تقديم دور عادي، هو دور حارس السيارات، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، إلا أنني صرت كلما مررت بشارع ما، أو بزنقة ما،يقصدني حراس السيارات، ويوجهون لي الشكر الكثير، ويعظمون الدور الذي قمت بأدائه في ذلك المسلسل،ويخاطبونني بالقول: - يا ممثلنا العظيم! وكنت لا أكاد أصدق مشاعرهم، وكنت أسألهم عن سبب شكرهم لي وترحيبهم الخاص بي، فكانوا يجيبونني بأنني دافعت عليهم وكشفت عن مشاكلهم،وأسمعت صوتهم إلى المسؤولين، لأجل أن يتم إعادة الاعتبار لهذا المهنة. والأغرب من كل ذلك، أنني حتى عندما أكون بداخل السيارة وأريد أن أوقفها، أو أخرج منها،أصبحت ألاحظ أنهم لم يعودوا يرغبون في أن يتسلموا مني ثمن أتعاب حراستهم لموقف السيارات، وكان كلما أراد أحدهم أن يتسلم مني النقود، كان زملاؤه ينهوه عن القيام بذلك، ويخبروه بأنني واحد منهم! مع أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد دور صغير، قمت به في مسلسل تلفزي، وهذا أكد لي على حقيقة أخرى، وهي أن ذلك المسلسل حظي بمشاهدة كبيرة، من لدن شرائح مختلفة من المواطنين، وضمنهم طبعا حراس السيارات. هناك طرائف أخرى عديدة، أذكر من بينها، تلك المتعلقة بالدور الذي لعبته في مسلسل تلفزيوني آخر، وهو دور الأب، حيث كان الأطفال المشاركون في هذا المسلسل، ينادونني: بابا بابا،باعتباري فعلا أباهم ضمن الملسلسل، وخلال ذلك كانت ابنتي، التي كانت لا تزال صغيرة السن آنذاك، تتفرج على المسلسل، مصدقة بالفعل أن هؤلاء أبنائي، وأن هؤلاء الأبناء هم إخوتها، فكانت سألتني ببراءة إن كان هؤلاء فعلا إخوتها ، ولماذا لا يأتون عندنا إلى البيت. وفسرت لها أن ذلك مجرد تمثيل، وأنني لست أباهم الحقيقي. كان عمرها آنذاك صغيرا،غير أنها في ما بعد، فهمت أن ذلك مجرد تمثيل، ولا علاقة له بالواقع. كانت ابنتي هاته، تأتي لمشاهدة العروض المسرحية التي أشارك فيها، لكنها لم يسبق لها أن أبدت الرغبة في ممارسة التمثيل، ولكن مع ذلك سبق لها أن لعبت دورا وهي لا تزال صغيرة السن، لم تكمل سنتها الثانية بعد، وكان ذلك في الشريط السينمائي «المطرقة والسندان» لحكيم النوري، حيث لعبت دور ابنة سيدة موظفة، كانت السيدة التي لعبت هذا الدور، هي الفنانة فاطمة وشاي، ومن بين المشاكل التي كانت تعانيها، هي أنها لم تكن تجد أين تترك مولودتها الجديدة،أثناء غيابها عن البيت، بسبب ظروف العمل.