لا شك أن الفوز على منتخب من حجم السنغال سيكون بمثابة دفعة معنوية للاعبي المنتخب الوطني للمضي قدما في مشوار التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا .. موعد بات على الأبواب ولا تفصلنا عنه سوى أشهر قلائل. لكن لو أمعنا النظر في فوز الأسود سنجد ملامح لتناقض واضح، فمن المؤكد أن الانتصار على نمور «الترنغا»، وبالعاصمة دكار.. يعني أن منتخبنا قادر على منازلة كبار القارة السمراء. وبالتالي لا داعي للارتجاف إذا علمنا أن منتخب الكوت ديفوار خصمنا المرتقب في تصفيات كأس العالم 2014. وفي حالة نجاح مخططات غيريتس فقد تحط طائرة الأسود بالغابون وغينيا الاستوائية أولا على أن تشد الرحال في وقت لاحق صوب ريو دي جانيرو البرازيلية للانضمام إلى المنتخبات ال (31) إن مر كل شيء على ما يرام. ملامح التناقض ظاهرة في هذا اللقاء. فبغض النظر عن النتيجة التي كانت مرشحة للارتفاع لولا تزامنها مع شهر الفضيل والطابع الودي، فعلينا أن لا نغتر كثيرا بالنتيجة خاصة وأن لاعبي المنتخب لم يقدموا مستواهم الحقيقي- ربما بسبب آثار الصيام وطول السفر- وإلا لكانت النتيجة أكبر من هدفين نظيفين أمام منتخب بدا جد متواضع وغير قادر على مجاراة إيقاع الأسود الذين حسموا المباراة في وقت مبكر بهدفي خرجة والعربي، قبل أن تتراجع العناصر الوطنية بفعل درجة الحرارة والإرهاق ويكتفي الناخب الوطني بتجريب البدلاء استعدادا لقادم أهم. لكن من ناحية، فمن الصعب أن ننكر أن مسؤولي الكرة فطنوا إلى أخطائهم السابقة، أخطاء كانت تدفع بهم إلى حوض منتخبنا مباريات ودية مع منتخبات أوروبية، فإنها وعلى غير العادة تظهر بمستوى ضعيف.. مع العلم أن المنتخب الوطني مقبل على المشاركة في نهائيات «الكان» إذا اقتنص بطاقة العبور، وهو ما يفرض أن تكون استعداداته أمام منتخبات إفريقية كبيرة وقوية، فمواجهة السنغال أو الكاميرون أو الكوت ديفوار ستكون أفضل بكثير من مواجهة «ضعاف» أوروبا.. وللتنبيه فإن مباراة السنغال ليست محكا حقيقيا على مدى ثبات مستوى الأسود، وستكون مباراته الرسمية القادمة أمام إفريقيا الوسطى اختبارا حقيقيا للاعبينا ومدى جاهزيتهم لمقارعة الكبار، وعليهم نسيان حلاوة الانتصار الرائع أمام الجزائر لأنه أصبح من الماضي.. وعليهم التفكير في المستقبل عبر الحاضر.. وتوجيه الأنظار إلى بانغي. تناقض آخر يتعلق بتشكيلة الفريق. فمن تابع اللقاء سيقف بشكل واضح على أنه بالرغم من الانسجام الذي ظهر على اللاعبين، إلا أن تشكيلة إيريك غيريتس لا تخلو من بعض الثغرات.. عناصر تفتقد للتنافسية مع أنديتها ولا تشارك في المباريات أو تلعب للفريق الرديف في أحسن الأحوال، وهذا حال الحمداوي مع أياكس الهولندي. أما عناصر أخرى فقد أصبحت تشكل عبئا على الفريق لأن ها دخلت في العد التنازلي وحان الوقت لكي تعلن انسحابها ما دامت غير قادرة على تقديم شيء يذكر.. هاته أمور قد تؤثر على الانسجام داخل كتيبة الأسود، بعدما استفاق الأسد المغربي من غيبوبة طويلة. وبات بشهادة الجميع مؤهلا للعب دور متقدم في البطولة الإفريقية عقب النتائج اللافتة التي حققها في الآونة الأخيرة. ملاحظة بسيطة لم ينتبه لها الكثيرون. وهي أن لاعبي المنتخب الوطني دخلوا المباراة مفتقدين للتنافسية على الصعيد الدولي.. فلا يعقل أن لا تفكر جامعة الكرة في برمجة لقاءات ودية لتحافظ على انسجام اللاعبين. ولا يعقل أيضا أن تكون المدة بين آخر مقابلة للمنتخب ولقاء السنغال تتجاوز الشهرين.. وهو ما يثير الاستغراب، خاصة وأنهم يتابعون مباريات ودية بشكل منتظم للمنتخبات الأوروبية ومنتخبات أمريكا اللاتينية. فيما كانت المباراة أمام الجزائر آخر مقابلة للأسود.. فهل بانعدام النزالات الودية سنتمكن من بناء منتخب منسجم وقوي!!؟ للتذكير.. فغياب المباريات الودية جعل المنتخب المغربي يحتل مركزا متأخرا في آخر تصنيف عالمي ل «الفيفا»، ولم تنفعه نتيجة مقابلة الجزائر في شيء، حتى أنه صنف في المستوى الثاني لتوقعه القرعة مع مواجهة حارقة ضد أفيال الكوت ديفوار في التصفيات المونديالية. وهذا هو المحك الحقيقي للأسود!!؟ ولكن بعد أن ينهي مغامرته في الكأس الإفريقية بطريقة مميزة ولما لا.!؟