أغنياء مغاربة يستحوذون على شقق في قلب العاصمة باريس وينافسون الفرنسيين والإيطاليين يتجولون في شارع «فوش» الشهير، ويتنزهون في ساحة ال»تروكاديرو» المطلة على برج «إيفل» ويستمتعون بأقوى المباريات في ملعب «بارك دي برانس» (حديقة الأمراء) ويعلمون أبناءهم في أرقى الجامعات «باريس- دوفين»، ويقطنون بأغلى نقط العالم ثمنا بالنسبة للشقق. هذه النقطة من العالم، كما استقطبت العديد من الشخصيات القوية في عالم المال والأعمال عبر العالم زيادة على كبار الدبلوماسيين المعتمدين بالجمهورية الفرنسية، استقطبت أيضا أغنياء مغاربة من الذين فضلوا اقتناء عقاراتهم بالمقاطعة الباريسية 16 وسط عاصمة الأنوار بالجمهورية الخامسة. فغريبة هي الأرقام التي كشف عنها تقرير صدر حديثا لجمعية الموثقين الفرنسيين يهم إقبال الأغنياء على شراء الشقق الفاخرة الموجودة بالمقاطعة 16 وسط باريس، حيث وضع التقرير المغاربة الأغنياء في المرتبة الثانية بعد الإيطاليين في ترتيب الأجانب الذين دفعوا أموالا طائلة مقابل شقة بقلب العاصمة باريس. وأفاد التقرير الفرنسي أن المغاربة شكلوا 8,7 في المائة من قيمة المعاملات المالية التي تمت خلال السنة الماضية من أجل اقتناء عقارات في النقطة التي تجمع المال والسلطة ومشاهير الفن والرياضة... ونشير إلى أن سعر المتر المربع الواحد يصل إلى حوالي 7500 أورو، وقد يتجاوز هذا الثمن في حالات كثيرة، إذ يرتفع فيها إلى 9 آلاف أورو ( حوالي 11 مليون سنتيم). وكما يهتم المغاربة الأغنياء بأرقى المقاطعات الباريسية، نجد مغاربة آخرون يصارعون الظروف من أجل الحصول على شقة لا تتجاوز مساحتها 50 متر مربع مقابل 400 ألف أورو في أحياء هامشية تحيط بالعاصمة الفرنسية باريس. إلى ذلك، أكد التقرير أن أسعار المساكن القديمة ارتفعت بنسبة 20 في المائة لتصل إلى 7500 أورو للمتر المربع بشكل وسطي وهو مستوى قياسي. ويتوقع، حسب ذات التقرير، أن يستمر الارتفاع مطلع العام 2012 مع احتمال أن يصل السعر الوسطي للمتر المربع إلى 8 آلاف أورو. ويفيد التقرير أن الحمى وصلت إلى حد تباع فيه الشقق بطرفة عين من دون أي مفاوضات في غالب الأحيان وبالسعر المعروض أو أكثر منه حتى. وهذا الوضع يثير مخاوف من انفجار الفقاعة مع عواقب مجهولة على غرار ما يحصل في ايرلندا واسبانيا مع أن خبراء العقارات يستبعدون هذه الفرضية. ويعود السبب في هذا الارتفاع الجنوني، حسب التقرير، إلى نقص في العرض ونسب فائدة متدنية وجذب العاصمة الفرنسية للأجانب، إذ يستثمر الأجانب وعلى رأسهم الإيطاليون والبريطانيون والمغاربة والأمريكيون خصوصا في الأحياء المركزية والغالية جدا مثل لو ماريه. وكانت صحيفة لوموند قد وصفت الوضع بأنه «شرخ اجتماعي» فيما قال أحد صحافييها أن باريس «على شفير حرب أهلية» موضحا «من جهة هناك أصحاب الشقق الفرحين ومن جهة ثانية المستأجرون الذين يدفعهم ارتفاع الأسعار الكبير إلى اليأس والتمرد». وليس الوضع في فرنسا أسوأ مما هو عليه في المغرب، فأزمة السكن وارتفاع أسعار الشقق في تفاقم مستمر، هذا ما تكشف عنه تقارير بنك المغرب حول أسعار الشقق. وكشفت تلك التقارير أن أسعار الشقق في ارتفاع مستمر رغم تراجع الطلب، وبالتالي فالمعادلة لم يحكمها قانون العرض والطلب الكلاسيكي بل هناك تدخل لعوامل أخرى لا يتردد الكثيرون في إثارة عامل المضاربة كواحد من تلك العوامل. وحسب نشرة بنك المغرب فارتفاع أسعار الوحدات العقارية المعدة للسكن يختلف من فئة لأخرى حيث سجلت أسعار الشقق، التي تشكل القسم الأعظم من حجم المعاملات، ارتفاعا، حسب التطور السنوي، بنسبة 3 في المائة فيما شهدت أسعار المنازل استقرارا، بينما تراجعت أسعار الفيلات بنسبة 3 في المائة. ورغم ارتفاع الأسعار في المغرب، وتضاعفها في باريس إلا أن تقرير جمعية الموثقين الفرنسيين يكشف أن الأغنياء المغاربة لا تخيفهم الأسعار، ويسعون جاهدين إلى الحصول على أمتار صغيرة في قلب العاصمة باريس.