تقترب هدنة الشهرين في اليمن الغارق في الحرب من نهايتها من دون اتفاق على تمديدها، رغم مساهمتها في خفض العنف في البلد الفقير وسماحها لليمنيين بالتنقل من مطار صنعاء للمرة الأولى منذ ست سنوات في رحلات تجارية آخرها بين العاصمة اليمنية والقاهرة الأربعاء. وكانت الهدنة دخلت حيز التنفيذ في الثاني من أبريل بوساطة من الأممالمتحدة، على أن تنتهي مفاعيلها الخميس. وشمل الاتفاق السماح برحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي المفتوح فقط لرحلات المساعدات منذ 2016، ما مثل بارقة أمل نادرة في الصراع بعد حرب مدمرة. وبينما أعلن المتمردون والحكومة عدم ممانعتهم في التمديد، إلا أنهم وضعوا شرطا لذلك، وبات الفشل في تنفيذ كامل بنود الهدنة الأولى وخصوصا رفع حصار الحوثيين عن مدينة تعز جنوب غرب البلاد، يحول دون التوصل إلى اتفاق جديد، حسبما أفاد مسؤول في الحكومة اليمنية. وقال لوكالة فرانس برس إن مجلس القيادة الرئاسي اليمني أبلغ المبعوث الأممي بأن السلطة المعترف بها "تطالب بتطبيق كامل بنود الهدنة، بما في ذلك رفع الحصار عن تعز، للموافقة على تمديدها". وفي اتصال بين رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي والأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، دعا المسؤول اليمني إلى "مضاعفة الضغط على الميلشيا الحوثية للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق الهدنة، وفي المقدمة فتح معابر تعز"، حسبما أفادت وكالة الأنباء الحكومية "سبأ". من جهتهم، طالب المتمردون بان تدفع السلطة المعترف بها مرتبات الموظفين الحكوميين في كامل اليمن، بما يشمل المناطق الخاضعة لسيطرتهم والتي تديرها حكومة غير معترف بها، وهو موضوع شائك لم يتم التوصل لحل له على مدار السنوات الماضية. وجاء في بيان نشرته وسائل إعلام متحدثة باسمهم أن "قرار تمديد الهدنة لفترة جديدة مرهون (…) بالالتزام ببحث القضايا الإنسانية وعلى رأسها قضية المرتبات والخدمات الأساسية والسياسة النقدية". وفي واشنطن، قالت سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة ليندا توماس-غرينفيلد إن المحادثات الرامية إلى تمديد مفاعيل وقف إطلاق النار "لم تنته بعد لكن يبدو أنها تواجه بعض الصعوبات". وأشارت في تصريح للصحافيين إلى أن بلادها تعتبر وصول المحادثات إلى مأزق مشكلة، قائلة "أشجع الفرقاء في الجانبين على مواصلة تلك الجهود وعلى إيجاد سبيل سلمي لتوفير المساعدات الإنسانية للشعب اليمني". منذ 2014، يدور النزاع في اليمن بين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى في شمال وغرب البلاد، وقوات الحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو بسبب تداعيات الحرب، وفق الأممالمتحدة. يتهم الحوثيون المدعومون من إيرانالرياض بفرض "حصار" على اليمن خصوصا عبر إغلاق المطار أمام الرحلات الجارية منذ 2016، في حين يقول السعوديون إنهم يريدون منع تهريب الأسلحة إلى المتمردين. وخلال فترة الهدنة، تبادلت الحكومة اليمنية والمتمردون اتهامات بخرق وقف إطلاق النار، كما أن الاتفاق لم يطبق بالكامل وخصوصا ما يتعلق برفع حصار المتمردين لمدينة تعز، لكنه نجح بالفعل في خفض مستويات العنف بشكل كبير. وبموجب اتفاق الهدنة، كان يفترض السماح برحلتين تجاريتين من صنعاء أسبوعيا، لكن خلافات حول مصادر جوازات السفر قل صت أعداد هذه الرحلات. والأربعاء نقلت طائرة تابعة للخطوط اليمنية عشرات المسافرين من صنعاء إلى القاهرة في أول رحلة تجارية بين العاصمتين منذ 2016. وأفاد المكتب الإعلامي للمبعوث الأممي لليمن وكالة فرانس برس بأن 77 شخصا استقلوا الطائرة التي أقلعت صباحا من المطار المغلق أمام الرحلات التجارية منذ نحو ست سنوات، فيما أفاد مصور الوكالة بأنه لم ي سمح للصحافيين بدخول المطار. وهذه سابع رحلة تجارية تنطلق من العاصمة صنعاء منذ بدء سريان الهدنة. والرحلات الست الأخرى كانت بين صنعاء وعمان في الأردن ونقلت غالبيتها مرضى يمنيين. ويتهدد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج آلاف وبينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين، إلى علاج طبي عاجل لا يتوافر في البلد الذي تعرضت بنيته التحتية للتدمير. ويعتمد نحو 80 بالمئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. وكانت منظمات إغاثية عاملة في اليمن دعت أطراف النزاع الثلاثاء إلى تمديد الهدنة، في وقت أعرب المتمردون والحكومة عن عدم ممانعتهم إنما من دون التوصل إلى اتفاق فعلي بشأن ذلك. وقالت المنظمات وعددها أكثر من ثلاثين بينها "المجلس النروجي للاجئين" في بيان "رأينا الآثار الإنسانية الإيجابية للهدنة، ففي الشهر الأول من الهدنة فقط انخفض عدد القتلى أو الجرحى في اليمن بأكثر من 50 بالمئة، ونظرا للدخول المنتظم لسفن الوقود إلى ميناء الحديدة لم يعد الناس يقفون في طوابير".