أكد مجموعة من الأكاديميين والفقهاء القانونيين، في ندوة دولية نظمت، مؤخرا بالرباط، العلاقة بين العدالة الجنائية وحقوق الإنسان، والإنجازات التي تم تحقيقها في هذا المجال سواء على الصعيد الوطني أو الدولي. وأكد المتدخلون، خلال الجلسة الإفتتاحية للنسخة الرابعة للندوة الدولية التي تنظم بشراكة بين كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، على مدى يومين حول موضوع "العدالة الجنائية وحقوق الإنسان: وجهات نظر وتبادل الخبرات بين خبراء دوليين: من أمريكا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا"، على ضرورة تكريس مبادئ حقوق الإنسان، والعدالة الجنائية، وذلك من خلال تبني مقاربات قانونية فعالة. وبهذه المناسبة، قالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، في كلمة لها، إن العلاقة ما بين العدالة الجنائية الحالية وحقوق الانسان تستوجب، الانفتاح على مختلف الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة وعلى الآفاق الواسعة للقانون الجنائي المقارن. وأكدت أن المجلس يطمح إلى ضمان حقوق الانسان وتوطيد دولة القانون، كما يشتغل باستمرار على القانون الجنائي وتطبيقاته المختلفة وكذا مختلف مشاريع تعديله في أفق ملاءمته مع المعايير الدولية ذات الصلة، مشيرة إلى أن العدالة الجنائية وحقوق الانسان تجد مرتكزاتها في تفاعل المملكة المغربية مع ملاحظات وتوصيات آليات تتبع تنفيذ تعهدات الدول الأطراف في معاهدات حقوق الإنسان وتوصيات المجلس. وأبرزت أن المجلس يتوخى الارتقاء بالتشريع الجنائي بما يجعله يستوفي أسباب الأمن القانوني، ومن ثم توفير شروط الطمأنينة للمجتمع وفي ذات الوقت الوقاية من الجريمة ووضع حد لكل إفلات من العقاب، مضيفة أن المملكة تتشبث بحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها كما تقوي انخراطها في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان. من جانبه، قال المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، أحمد شوقي بنيوب، إن موضوع العدالة الجنائية وحقوق الإنسان يعد في صميم انشغالات المندوبية، وذلك بسبب القضايا التي تتصدى لها في إطار تفاعلها مع الآليات الدولية لحقوق الانسان، وتتبعها للمعطيات القضائية المتولدة عن الأحكام والقرارات القضائية، وكذا بفعل مواكبة أعمال التشريع من باب إبداء الرأي، وأيضا من مدخل توثيق التجربة المعرفية المغربية. وأكد أن المندوبية تقترح سبعة عناصر للتفكير حول الموضوع، من بينها إطلاق حوار حول مشروع تأسيس المؤتمر العلمي الجامعي حول حقوق الإنسان، وكذا إعداد وجهة نظر المندوبية بشأن مشروع مراجعة قانون المسطرة الجنائية، وأيضا إنجاز عمل بحثي يكون بمثابة مذكرة تفسيرية لما استقرت عليه عملية التشريع. وسجل أن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان منكبة على إعداد كتاب مرجعي حول الإجتهاد القضائي في مجال حقوق الإنسان ، لافتا إلى أن المندوبية أنهت، في إطار التنسيق التام مع وزير العدل، مشروع تحيين وتجويد خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. من جهته، قال رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، محمد غاشي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن نسخة هذه السنة تعتبر منصة لتبادل الآراء والأفكار ووجهات النظر بخضوض الآليات القانونية بغية تحقيق عدالة جنائية، وتفعيل تدويل مبادئ حقوق الإنسان. وذكر غاشي بأهمية هذه الندوة في التذكير بأهمية تدبير حقوق الإنسان، لافتا إلى ضرورة تكوين جيل من الباحثين القانونيين في مجال حقوق الإنسان، والقانون الجنائي المقارن حتى يتكمن الباحثون المغاربة والاجانب من معرفة خصائص القواعد الجنائية لكل دولة، مبرزا أن تمضي قدما في تشجيع البحث العلمي من خلال تكوين طلبة باحثين قادرين على مجابهة التحديات التي تفرضها التحولات الاجتماعية الدولية الراهنة. بدورها، قالت مديرة المركز الدولي لتعزيز حقوق الإنسان التابع لليونسكو بالأرجنتين، فرناندا خيل لوثانو، في تصريح مماثل، "نحن اليوم بصدد بناء مفهوم جديد للعدالة الجنائية "، مضيفة أن تبني مفهوم جديد لحقوق الإنسان أضحى أمرا لا محيد عنه، وذلك من خلال إرساء مبادئ السلام والحوار، ومؤكدة أن المجتمع الدولي بات أكثر من أي وقت مضى مدعوا إلى ضمان احترام حقوق الإنسان الكونية. وسجلت أن اختيار الرباط لاحتضان هذه الندوة لم يأت بالصدفة، بل لكونها "نافذة نطل من خلالها على القارة الإفريقية الرائعة والمتنوعة ثقاقيا". وتم بهذه المناسبة، إبرام اتفاقيات تعاون على هامش أشغال الندوة، بين كل من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان وعدد من المنظمات ومراكز البحث والتدريب في مجال العدالة الجنائية وحقوق الإنسان، كالمركز الدولي لتعزيز حقوق الإنسان التابع لليونيسكو، ومعهد السياسات العمومية لحقوق الإنسان لدول "الميركوسور" المتواجدان بالأرجنتين، وجامعة بيربينيون بفرنسا، وجامعة لانوس بالأرجنتين، والجمعية الدولية لعلم الإجرام بإيطاليا. وتروم هذه الإتفاقيات تعزيز التعاون الأكاديمي في مجال البحث العلمي والسبل الكفيلة لتدارس القضايا المتعلقة بالعدالة الجنائية وحقوق الإنسان، عبر إجراء دراسات مقارنة في المجال الجنائي. وتشكل هذه التظاهرة العلمية مناسبة لتبادل التجارب والرؤى حول مختلف القضايا المتعلقة بالعدالة الجنائية وحقوق الإنسان بين خبراء متخصصين في القانون الوطني والدولي، الخاص والعام، وأكاديميين من أوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا. ويتخلل برنامج هذه الدورة مجموعة من الجلسات والمداخلات التي تنصب أساسا حول مواضيع ذات الصلة بالعدالة الجنائية وحقوق الإنسان.