تزامن الموسم مع عطلة الصيف يرفع الإقبال على حجز الرحلات في آخر لحظة على بعد أيام قليلة من حلول رمضان، يشد العديد من المغاربة الرحال إلى الديار السعودية حيث يختار هؤلاء المواطنون أن يقضوا عدة أيام من الشهر الفضيل في الحرم المكي على اعتبار أن ذلك يمنحهم شحنة أكبر وأجواء روحية أكثر للقيام بشعيرة الصيام. وهكذا تشهد وكالات الأسفار هذه الأيام إقبالا كبيرا من أجل الاطلاع على العروض الموجودة وحجز التذاكر ووضع الترتيبات اللازمة للسفر إلى الديار المقدسة. وهي الترتيبات التي لا تخلو من مشاكل سواء بالنسبة للمسافرين أو بالنسبة إلى وكالات السفر التي وجدت نفسها في مواجهة بعض الصعوبات في تنظيم عمرة رمضان لهذه السنة، وذلك بسبب تزامنها مع فترة عطلة الصيف. وحسب ما صرح به عدد من وكلاء السفر لبيان اليوم، فإن عمرة رمضان التي يشرع في الترتيب لها عادة منذ شهر فبراير، على أن يتم وضع آخر ترتيباتها خلال شهر يونيو، يعرف تنظيمها بعض الارتباك هذه السنة نظرا لحلول شهر رمضان متزامنا مع عطلة الصيف ومع شهر غشت تحديدا، إذ أن المواطنين الراغبين في السفر إلى الديار السعودية خلال هذه الفترة وجدوا أنفسهم عاجزين عن الترتيب لها في وقت مبكر بسبب ارتباطاتهم المهنية والعائلية، وهو ما جعل الإقبال على عمليات الحجز قليلا إلى منعدم طوال الشهور الماضية. ليتغير الأمر خلال الأسابيع الأخيرة التي تسبق حلول شهر رمضان حيث ارتفع الطلب بشكل ملفت. وهو ما جعل وكالات الأسفار تسارع إلى محاولة تلبية هذه الطلبات المفاجئة. كما أن شركات الطيران سارعت بدورها إلى الرفع من عروضها وهو ما قامت به الخطوط الملكية المغربية التي أعلنت منذ أيام عن رفع نسبة عروضها الخاصة بعمرة رمضان بنسبة 8%. وجميع الوكالات التي اتصلت بها بيان اليوم، كان المسؤولون بها يعتذرون لعدم القدرة على الإدلاء بتصريحات لأنهم أولا منشغلون بتدبير ملفات زبنائهم في هذا الوقت القياسي، وثانيا لأنهم يعجزون عن القيام بالتقديرات اللازمة من أجل تقييم هذه المرحلة من العملية وتحديد مشاكلها، مفضلين الانتظار إلى نهاية الأسبوع الجاري حيث تكون أولى أفواج المعتمرين قد بدأت في الوصول إلى الديار المقدسة، علما أن مرحلة الذروة تكون في منتصف شهر رمضان بما أن العديد من المعتمرين يحبذون عمرة العشر الأواخر من رمضان. بعض مصادرنا اعتبرت من جهة ثانية، أنه لا يمكن تحميل مسؤولية هذا الارتباك لا للزبون ولا لوكالة السفر، بما أن الأمر يتعلق بإكراهات «قاهرة» مرتبطة بأسباب موضوعية أكثر منها ذاتية. وأضافت ذات المصادر أن بعض المشاكل التي يواجهها المعتمرون مع بعض وكالات الأسفار قد لا تكون راجعة إلى سوء تدبير من قبل هذه الأخيرة بقدر ما تكون مرتبطة بدورها بارتباك في البرمجة ومواعيد الحجوزات، بحيث تقوم شركات الطيران ووكالات الأسفار بتحديد عروضها بناء على نسبة الإقبال المتوفرة لديها. وإذا تبين لاحقا أن نسبة الإقبال ارتفعت بشكل مفاجئ فإنه قد يكون من الصعب تدبير أزمة إعادة النظر في حجم العرض لملاءمته مع نسبة الطلب. وهذا ما يخلق وضعا مثيرا للجدل بين الحرج الذي تواجهه وكالة الأسفار مهما كانت حرفيتها ومصداقيتها، وبين الاستياء والتذمر والمعاناة التي يعيشها المعتمرون الذين وصل الأمر بهم في بعض المناسبات إلى البقاء محتجزين في المطارات بسبب عدم قدرة الوكالات على الوفاء بوعودها. على أن دفاع مصادرنا عن قطاع الوكالات لا ينفي قيام بعض الوكلاء بخروقات وقفت عليها السلطات المعنية في بعض مواسم العمرة أو حتى مواسم الحج، فحتى في حال وفاء الوكيل بالالتزامات المرتبطة بتدبير رحلة السفر من وإلى الديار المقدسة، إلا أن بعض الوعود المقدمة ضمن العروض تكون مخالفة للواقع تماما، خاصة من حيث جودة الخدمات المقدمة خلال الرحلة أو فترة العمرة، من حيث درجة الفنادق وبعدها عن أماكن أداء المناسك وغير ذلك من الخدمات. وهو ما يجعل وزارة السياحة تتخذ أحيانا عقوبات بحق الوكالات تتراوح بين التوبيخ والإنذار والمنع من تنظيم العمرة أو الحج. هذا ناهيك عن الملفات التي تجد طريقها إلى القضاء الذي يفصل بين الزبناء المتضررين والمسؤولين عن وكالات السفر. لكن كل ذلك لا ينفي أن الزبون مطالب بدوره دوما بتوخي أسباب الحيطة والحذر وأخذ الوقت الكافي للترتيب لرحلة العمرة أو الحج حتى يتسنى له اختيار الأفضل من العروض، وبذلك يكون قد تمكن، من جهة، من قضاء رحلة جيدة، وساهم، من جهة ثانية، في توفير الشروط الضرورية للرفع من مستوى تنظيم هذه العلمية إلى جانب الفاعلين والمهنيين في القطاع.