تتصاعد حملات الترافع منذ مدة من أجل إصلاح مدونة الأسرة، خاصة بعد مرور 18 عاما على اعتماد المدونة وتسجيل عدد من النواقص والثغرات التي أبان عنها تطبيق هذا النص. حملات الترافع ودعوات صريحة من أجل الإصلاح الجذري والشامل رفعتها هيئات مدنية من داخل صف الحركة النسائية، تتمثل في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، واتحاد العمل النسائي وربيع الكرامة، ومنتدى المناصفة والمساواة وكذا هيئات سياسية على رأسها حزب التقدم والاشتراكية. و ي هذا السياق، تقدمت المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية في الولاية السابقة، بمقترح قانون لتعديل بعض مواد مدونة الأسرة وذلك لوضع حد للاستثناء الذي يتيح تزويج الفتيات دون سن 18 سنة. حيث أشارت عضوة حزب التقدم والاشتراكية والنائبة البرلمانية السابقة فاطمة الزهراء برصات، في تدوينة لها على منصة «فيسبوك»، إلى الارتفاع المهول لظاهرة تزويج القاصرات» حيث سجلت» أنه حسب وزارة العدل، فقد وصلت نسبة تزويج القاصرات إلى 9.13 بالمائة من مجموع عقود الزواج المبرمة سنة 2018 أي ما مجموعه 25.514 طفلة متزوجة سنة 2018.» وأكدت حينها أن مقترح القانون الذي تقدمت به المجموعة النيابية، يرمي نسخ المواد 20،21و22 من مدونة الأسرة التي تعطي سلطة تقديرية للقضاء الأسري من أجل إمكانية تزويج قاصرات، في حين أن الأصل في المادة 19 من مدونة الأسرة هو أن الزواج لا يتم إلا ببلوغ سن 18 سنة. وأضافت أن استجابة القضاء لهذا النوع من الطلبات التي تقضي بتزويج القاصرات تبلغ 85 بالمائة، ووصفت ذلك بسوء تدبير السلطة القضائية لهذا الاستثناء الذي أصبح لا يقتصر على حالات محدودة وخاصة. وأكدت أن إجراء هذه التعديلات بات ضروريا حتى يتلاءم النص القانوني مع دستور المملكة لسنة 2011 والتزاماته الدولية من خلال مصادقته على عدد من الاتفاقيات، وأوضحت أن استمرار المقتضى القانوني الذي يمكن من تزويج الطفلات، يشكل مدخلا لممارسة العنف باسم القانون وشرعنته مما يعتبر شكلا من أشكال اغتصاب الطفولة. ولفتت إلى أن المدخل القانوني لإيقاف ظاهرة زواج الأطفال وحده يظل غير كاف، لإن الأمر يحتاج إلى تظافر جميع الجهود من أجل وضع حد نهائي لهذه الظاهرة التي تنخر المجتمع. ولم يفت أن تنبه إلى الأضرار التي يخلفها تزويج القاصرات، سواء ما يرتبط بالآثار النفسية والصحية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن استمرار تزويج القاصرات، حيث أن حوالي 99 بالمائة من الفتيات اللواتي يتم تزويجهن تتراوح أعمارهن ما بين 15 و17 سنة، أي فتيات يتابعن دراستهن بالمستوى الإعدادي والثانوي، وهو ما يشكل حرمانا وانتهاكا لحقهن في متابعة الدراسة، وتنمية وضعهن الاجتماعي. كما أن تزويج الطفلات في سن مبكرة يحرم البلاد من دور النساء في التنمية، ومن قدراتهن المعرفية، وهو ما يبدو جليا في وضع حد لمسارهن التعليمي وإرغامهن على تحمل مسؤولية بناء أسرة في سن مبكرة. كما استنكرت، في السياق ذاته، ما سمته ب»المفارقات» الموجودة في بعض التشريعات، «التي لا تسمح للقاصر بالقيام بعملية بيع وشراء لعدم بلوغها سن الأهلية، فيما تسمح لها بالزواج وتحمل مسؤولية أسرة بأكملها».