الانتفاع من الأراضي الجماعية حق مشروع تتساوى فيه النساء مع الرجال نظمت النساء السلاليات بمدينة القنيطرة صباح أول أمس الأربعاء وقفة احتجاجية، تنديدا بالتعسف واستمرار التمييز في حقهن الذي يمارسه مجموعة من نواب الجماعات السلالية وبتواطؤ مع بعض رجال السلطة المحلية، في خرق سافر ومحاولة للالتفاف على دورية وزير الداخلية الصادرة بتاريخ 25 أكتوبر الماضي والتي تم بموجبها تعميم قرار الاعتراف بأحقية النساء السلاليات في أراضي الجموع على مستوى كافة مناطق المغرب، وتمكينهن بذلك من حق الانتفاع على قدم المساواة مع الرجال في كل ما يخص التعويضات المالية والعينية. الوقفة التي انطلقت أمام مقر الجهة شاركت فيها العشرات من نساء الجماعة السلالية للمهدية، والجماعة السلالية للساكنية، والحدادة والمناصرة، وسيدي سليمان وسيدي الطيبي، والحنشة... ورفعت النساء خلالها شعارات تندد بالخروقات والشطط الذي يمارسه نواب الجماعات السلالية واستعمالهم ملف تلك الأراضي لأهداف انتخابية، وذلك عبر إقحام أسماء أشخاص غرباء وأطفال قاصرين ضمن لوائح ذوي الحقوق والمستفيدين، في محاولة من النواب الاستحواذ على المزيد من الأراضي وحرمان النساء المستحقات من حق الانتفاع. ونددت النساء في ذات الوقت بالتجاوزات التي تطال مبدأ المساواة بين النساء والرجال في توزيع التعويضات المحصلة عن تفويت أراضي جماعية، رغم ما جاء في دورية وزير الداخلية حول الاعتراف بأحقية النساء السلاليات كذوات حقوق أسوة بالرجال، إذ يستغل النواب سلطتهم التقديرية كمسؤولين عن وضع لوائح المستفيدين وذوي الحقوق، كما يستغلون غياب رقابة وزارة الداخلية باعتبارها الجهة الوصية على هذا الملف، بل يسجل تواطؤ بعض رجال السلطة للالتفاف على ماجاءت به الدورية السالفة الذكر. وسجلت منانة السحيسح رئيسة جمعية النساء السلاليات بجماعة المهدية، في تصريح لبيان اليوم «بأن الفوضى هي ما يميز الوضع السائد بخصوص إعداد لوائح ذوي الحقوق والمستفيدين، وأن نواب الجماعات السلالية أصبحوا يعتبرون أنفسهم «فوق القانون» بل ويصرحون بذلك علانية عبر القول»ليس هناك أي قانون يمكن أن يوقفنا»، مشيرة إلى نموذج الجماعة السلالية للمهدية، حيث يعمد أحد نواب الجماعة إلى ضرب بعرض الحائط المعايير التي على أساسها تحدد الاستفادة والمتمثلة في بلوغ السن القانوني والتوفر على بطاقة التعريف الوطنية». وأوضحت «أن النائب العربي المهيدي العضو ببلدية المهدية وممثل دائرة القنيطرة بالبرلمان باسم الحركة الشعبية، عمد إلى إقحام نساء وأطفال في اللوائح، واستعمل التحايل للالتفاف على تلك المعايير عبر استخراج وثيقة جواز السفر لهم للحصول على بطاقة التعريف الوطنية التي تتيح التسجيل في لوائح ذوي الحقوق والمستفيدين، وقدم تلك اللوائح لوزارة الداخلية، وحينما احتجت عليه نساء الجماعة السلالية صرخ في وجههن بأن «لا أحد ولا قانون يمكن أن يحد من سلطتهم». واعتبرت نساء من الجمعية أن ملف الأراضي السلالية بجماعة المهدية بات يستعمل لأهداف انتخابية، بل وفي حملة انتخابية سابقة لأوانها، وهذا الأمر بات يتطلب تدخلا مستعجلا من طرف وزارة الداخلية باعتبارها الجهة الوصية على هذه الأراضي وعلى مؤسسة النواب. فيما قالت رقية بلوط المنتمية إلى جماعة الحدادة، «إن النواب السلاليين لم يلتزموا بالتطبيق الأمثل لمقتضيات الدورية السالفة الذكر ضمانا للشفافية والوضوح، بل حتى وزارة الداخلية باعتبارها الجهة الوصية تقف موقف المتفرج، فهي لم تتدخل وتركتنا بذلك نواجه مصيرنا في مواجهة جبروت النواب «برغم الشكايات التي رفعناها بخصوص الخروقات التي تشوب إعداد اللوائح من أجل الاستيلاء على أراض وحرمان ذوي الحقوق من النساء». وأضافت «إذا كان المحتجون في مصر يصرخون بأن هناك محاولة للالتفاف على مكاسب الثورة «فهنا يتم تنفيذ محاولة للالتفاف على الدورية التي وصفت حين صدورها بأنها قرار إيجابي لكونها ستصحح وضعا مختلا ونشازا وترفع عنفا مؤسساتيا كان مسلطا على النساء باعتبارهن نساء لا غير». أما معزوزة زراولة فأشارت» أن المعايير التي على أساسها تحدد الاستفادة والمتمثلة في بلوغ السن القانوني للحصول على بطاقة التعريف الوطنية، ومعيار الإقامة يتم خرقهما بشكل واضح، فعلى مستوى السن، يتم إقحام أطفال قاصرين في اللوائح الذين هم بحكم القانون لازالوا قاصرين وليس بإمكانهم ممارسة مختلف عمليات التعاقد والبيع، أما فيما يتعلق بمعيار الإقامة فيتم التحايل عليه بشكل فج». فما يلاحظ، تضيف المتحدثة، «أن أي طرف من المتدخلين في هذا الملف وعلى رأسهم نواب الجماعة لم يلتزم بما تضمنته دورية وزارة الداخلية التي دعا فيها الوزير إلى ضرورة الاتجاه نحو تغيير القواعد الجاري بها العمل على صعيد الجماعات السلالية، وذلك من أجل تمكين النساء السلاليات، أسوة بالرجال، من العائدات المادية والعينية التي تحصل عليها الجماعات إثر العمليات العقارية التي تجري على بعض الأراضي الجماعية». وللإشارة كانت العديد من الأصوات قد ارتفعت طيلة ثلاث سنوات الماضية، خاصة داخل الحركة النسائية، والجمعيات الحقوقية وفاعلين حزبيين والنساء السلاليات من ذوي الحقوق، مطالبة بإلغاء ظهير 27 أبريل 1919 بمثابة قانون المنظم لأراضي الجموع، والقطع بذلك مع ممارسات التمييز والفساد، على اعتبار أن هذا النص القانوني يتأسس على منطق إقصائي استعماري محض ويحرم النساء من حق مشروع، بل وطالبت هذه الأصوات برفع وصاية وزارة الداخلية لكونها لم تستطع حماية هذه الأراضي من لوبيات العقار التي حسب قولهم «التهمت بأثمان بخسة جزء مهما من هذه الأراضي بينما أفراد الجماعة السلالية خاصة النساء والشابات يتم حرمانهن ليعشن الفقر والمعاناة». وتم اقتراح في مقابل هذا القانون وضع مدونة لأراضي الجموع، تعتمد أسسا وفلسفة جديدة في تنظيم بنيانه وصياغة بنوده، وذلك عبر إعداد لوائح وجرد للأراضي والممتلكات الخاصة بكل جماعة سلالية ووضعها رهن إشارة ذوي الحقوق، وإلغاء مؤسسة نواب الجماعة السلالية كمتحكمين وممثلين للجماعة السلالية، واستبدالها بتعاونيات تضم أفرادا عديدين من الجماعة السلالية، مع التنصيص على وجوب تمثيل النساء بأكثر من الثلث، والعمل من جانب آخر على تقسيم الأراضي على نساء ورجال الجماعات السلالية بصفة نهائية مع تحفيظها باسمهم، واسترجاع الأراضي المنهوبة من طرف الأشخاص واللوبيات التي تبث في حقها ممارسة الفساد والنهب لهذه الأراضي بكل مناطق المغرب.