من المنتظر أن تنظم «شبكة حق النساء في أراضي الجموع وأراضي الكيش» وقفة احتجاجية مساء أمس الجمعة أمام مقر البرلمان بالرباط، في إطار الحركة المطلبية للنساء السلاليات والكيشيات، ولإطلاع الرأي العام على ما وصفه بلاغ للشبكة، بالإقصاء والتمييز الذي يطال النساء في أراضي الجموع والكيش. وكانت فعاليات نسائية وحقوقية قد أعلنت في وقت سابق عن تأسيس هذه الشبكة خلال لقاء تشاوري نظم بمقر الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بداية الشهر الماضي، بهدف القيام بحملة ترافعية لدى مختلف الفاعلين المؤسساتيين للتعريف بالوضعية الحالية لنساء أراضي الجموع والكيش والمتمثلة في حرمانهن من حقهن في أراضي أجدادهن ضدا على مبدإ المساواة بين النساء والرجال المنصوص عليه في المواثيق الدولية والدستور المغربي. وتعتبر النساء السلاليات المنتمين لمختلف الجماعات السلالية بالمغرب، أنهن محرومات من حقهن في الاستفادة من أراضي الجموع التي يستفيد منها فقط الأبناء الذكور في الجماعة السلالية، رغم أن تلك الأراضي هي في ملك الجماعة بكل أفرادها، نسائها ورجالها، وأكدت هؤلاء النساء أن حرمانهن من هذا الحق يستند إلى عرف يرجع إلى ما قبل الإسلام، كما أن هؤلاء النسوة يتعرضن للإقصاء في كل ما له علاقة بأراضي الجموع سواء عند استغلال الأراضي في الفلاحة حيث تبقى الأرض في ملك الجماعة السلالية، أو عند نزع الملكية مقابل تعويض حيث يتم توزيع هذا التعويض بين الذكور فقط أوتفويت الأراضي للمؤسسات، مثل ما حدث في مدينة القنيطرة قصد إحداث تهيئة سكنية، حيث حصل كل فرد ذكر ،من الجماعة، على بقعة أرضية مجهزة للبناء في ملكيته الخاصة، فيما حُرِمت النساء اللواتي توجد من بينهن أرامل ومطلقات. وسبق للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ومنتدى بدائل المغرب أن طالبا بإقرار قانون جديد منظم للأراضي السلالية، بشكل يؤدي إلى سد الثغرات القانونية التي تعرفها هذه الأراضي، ورفع الحيف عن آلاف النساء اللواتي حرمن من حق الانتفاع سوى لكونهن نساء، مؤكدين على أن القانون وحده هو الكفيل بحل إشكالية التمييز والحرمان الذي يمارس في حق النساء بمختلف مستوياتهن وأعمارهن وأوضاعهن الاجتماعية، بدعوى وجود عرف منظم لهذه الأراضي. وكانت وزارة الداخلية، بعد لجوء العديد من النساء السلاليات إلى القضاء، وبعد حملتهن الترافعية، قد أصدرت قرارا في شهر يوليوز من العام الماضي، يقضي بتمكين نساء الجماعة السلالية للمهدية من الحصول على حقهن في هذه الأراضي، وقد اعتبر هذا القرار في حينه، حلا هشا، على اعتبار أن معظم رجال السلطة محليا مازالوا يرفضون أو يدفعون النواب السلاليين إلى رفض تسجيل النساء في لوائح المستفيدين بدعوى عدم التوصل بالقرار سالف الذكر، بالإضافة إلى كون القرار غير معمم على الصعيد الوطني. يشار أن أراضي الجموع والأراضي السلالية تبلغ مساحتها 12 مليون هكتار، وتستفيد منها ساكنة مهمة تقدر ب 9 ملايين نسمة من العالم القروي، وتقسم إلى ثلاثة أنواع من الأراضي، الأراضي النيابية التي تتواجد في المناطق الساحلية والسهول، الأراضي الجماعية الأصلية المتواجدة بالجبال والمرتفعات، ثم أراضي الجيش التي تتواجد قرب المدن العتيقة. وتعد هذه الأراضي إحدى الملكيات العقارية الأكثر تعقيدا وغموضا في المغرب والتي مازال يحتكم في تنظيمها إلى قانون عتيق يعود إلى سنة 1919 أي إلى بداية عهد الحماية، وهذه الوضعية التي يحيط بها الكثير من الغموض جعلت هذه الأراضي تكون محط أطماع لوبي العقار ومعرضة للعديد من الخروقات والتلاعب والنزاعات. وكان منشور وزاري صدر سنة 1957 قد وضع تفسيرا ضيقا لإحدى نصوص القانون السالف الذكر المنظم للأراضي السلالية ، والتي تقضي بأن حق الانتفاع الدائم من تلك الأراضي يكون لرب العائلة من العشيرة، ولم يحدد إن كان ذكرا أو أنثى، في حين أن نص التفسير يشير أن رب الأسرة أو رؤساء العائلة هم «الرجال المتزوجون منذ ستة أشهر على الأقل أو أرامل الجماعة اللائي لهن ابن ذكر ..»، وهذا التفسير الضيق أقصى آلاف النساء عبر مجموع تراب المغرب .