قدم الفريق الوطني المغربي لكرة القدم في أقل من أسبوع واحد، مجموعة من القناعات التقنية والتكتيكية، سواء من حيث الأداء والإقناع، أو النتيجة بالنظر لسيل الأهداف الموقعة والطريقة التي جاءت بها. مواجهة مزدوجة ضد منتخب غينيا بيساو، أوفت بالمطلوب، بالرغم من الفريق الخصم الذي جاء للمغرب، وهو يحلم بتحقيق نتائج أفضل ضد أسود الأطلس. ما قدمته العناصر الوطنية خلال المواجهة ضد غينيا بيساو، سبق أن عجزت عن تقديمه في مناسبات عديدة، سواء خلال المباريات الرسمية أو حتى الإعدادية، رغم تعدد التجارب واختبار القدرات، إلى درجة الارتباك، حيث عم التذمر إلى حدود اليأس، من إمكانية بناء منتخب جديد. إلا أن الأمور تغيرت بدرجة ملحوظة، وبشكل ايجابي، لا يمكن أبدا تجاهله، أهداف بالجملة، تنوع على مستوى العمليات الهجومية، مع ظهور عمق في الأداء، خاصة بمنطقة وسط الميدان، مع ما تمثله من ثقل خاص، من حيث فرض سيطرة ميدانية، وربح النزالات، والأكثر من ذلك تسهيل مهمة عناصر الخط الأمامي، وهذا ما نجح فيه اللاعبون الذين تم الاعتماد عليهم. ثمانية أهداف في مباراتين، منح المنتخب المغربي ستة نقط في ترتيب المجموعة التاسعة، والتي تضم أيضا كل من غينيا والسودان، ويكفي الفريق الوطني الفوز في المباراة القادمة، ليصل مجموعه إلى 12 نقط، مما يعني التأهل مبكرا إلى الدور الأخير، والحاسم من تصفيات المونديال القطرى. هناك مجموعة من المؤشرات جد إيجابية أفرزتها هذه المواجهة المزدوجة، منها الاعتماد على نفس التشكيلة دون أحداث تغييرات غير مجدية، كما جرت العادة بذلك، ظهور بعض اللاعبين بمردود طيب نال استحسان المتتتبعين، وفي مقدمتهم لاعب الوسط المتقدم إلياس الشاعر، وزميله عمران لوزا، والمهاجم سامي مايي، وهذا ما يفسر التطور الذي عرفه الأداء، وظهور نوع من التكامل في الأداء بين مختلف الخطوط. فاستمرار ياسين بونو في حراسة المرمى يمنح كالعادة الاطمئنان المطلوب، نفس الثبات يظهره رباعي خط الدفاع المكون من حكيمي، ماسينا، سايس واكرد، مرورا بلاعب الارتكاز في الوسط الدفاعي، وما يمثله من ثقل إلى جانب الياس الشاعر وأيمن برقوق. ونحن نتحدث عن عناصر الإقناع، لابد من الإشادة بالدور الذي قدمه المهاجم الأوسط أيوب الكعبي، سواء كهداف" 3 أهداف في مباراتين"، أو صانع الفرص السانحة للتسجيل، وهذا المردود سمح لنا بنسيان الإخفاق الذي لازم يوسف النصيري في كل المباريات الأخيرة. مردود طيب خلف نوعا من الارتياح، إلى درجة أننا لأول مرة لاحظنا تلك الابتسامة المفقودة، تعود أخيرا لمحيا المدرب وحيد هاليلوزيتش، وهذا مؤشر يمكن أن نصنفه ضمن الإيجابيات التي قد تمنح أجواء مناسبة للعمل، في مواجهة باقي المواعيد الكبرى التي تنتظره أسود الأطلس في القادم من الأيام. قطع حتى الآن شوط، لكن هناك عمل كبير وكبير، لازال ينتظر الطاقم التقني، فالموضوعية تفرض علينا القول إن الفريق الوطني استفاد من بعض القرارات الإدارية الصادرة عن جهاز الكاف، والتي لعبت لصالحه، بسبب عدم جاهزية مجموعة من الملاعب الأفريقية، بالإضافة إلى الظروف الاستثنائية التي تعيشها دولة غينيا بسبب ظروف الانقلاب. كل هذه معطيات لابد من استحضارها، إلا أنها لا تلغي أبدا أن هناك تطورا بدأ يعرفه الأداء والعمل، والمطلوب هو العمل بكثير من الإلحاح والجدية، للوصول إلى قمة الجاهزية التي تطلبها الاستحقاقات القادمة.