خطاب جلالة الملك يعلن ولادة المغرب الجديد.. بعد تاسع مارس، حيث أبرز جلالة الملك معالم «الاستثناء المغربي» مضمونا ومنهجية، يعود اليوم ليقدم للعالم «موديلا» مغربيا للتغيير، يمكن أن يشكل درسا لبلدان عربية تعاني شعوبها هذه الأيام من المجازر التي ترتكب في حقها، ولا يعلو أي كلام على لغة السلاح والقتل بين مكوناتها، أو لبلدان وجدت نفسها بعد نجاح ثوراتها أمام الارتباك والعديد من المنغلقات التي تجعل المستقبل مفتوحا على كل الاحتمالات.. المغرب إذن اختار طريقا تختلف، طريقا تقوم على الحوار الوطني الواسع، وعلى وعي كل الأطراف بضرورة الإصلاح، وبضرورة التفاعل مع نبض الشعب ومع تحديات السياق والزمن الحاليين، وبضرورة الانخراط في مسارات الديمقراطية والتحديث والتنمية بجدية وحزم.. الطريق لم يكن سهلا، ولم يكن مستقيما دائما، ولكن على العموم نجحت الدولة والمجتمع في قطع كثير من مراحله بنجاح وبخسائر أقل مقارنة مع ما يشهده محيطنا المغاربي والعربي، ونحن اليوم في العتبة الأخيرة من المرحلة الأولى التي ستكتمل بالاستفتاء الدستوري، وستفتح لنا الطريق نحو بلورة إصلاحات سياسية، ومن ثم التعبئة لإعمال إصلاحات اقتصادية واجتماعية وثقافية تستجيب لانتظارات ومطالب شعبنا وفئاته المستضعفة. اللحظة اليوم هي بمثابة فرصة تاريخية للمغرب وللمغاربة، ولن يقبل شعبنا من أحزابه ونقاباته وجمعياته ونخبه أن يتركوا الفرصة تضيع، وأن يبقى التغيير مؤجلا، ولذلك، فمرة أخرى نلفت إلى أننا كلنا أمام المسؤولية، وعلى الجميع المساهمة القوية ليكسب المغرب الرهان، ويؤكد للعالم أن «الموديل المغربي» يمتلك كل شروط النجاح والنجاعة والقدرة على ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية. اليوم وغدا تعقد الكثير من أحزابنا اجتماعات لهيئاتها القيادية لتدقيق مواقفها النهائية من مشروع الدستور الجديد، وهي مناسبة لكل الفاعلين السياسيين والنخب الحزبية لتفعيل حوار سياسي حقيقي في البلاد، والتقاط الإشارات المتجسدة في اللحظة التاريخية التي يعبرها المغرب، ومن ثم الابتعاد عن التصويب الخطأ، أو جر المواقف إلى رصيف اللحظة وإلى الهوامش، والانكباب، بدل ذلك، على تعزيز شروط إنجاح العبور المغربي نحو مرحلة تاريخية جديدة، لأن الفشل في ذلك معناه دفع البلد كله إلى ... الخسارة. المسؤولية السياسية والوطنية تفرض أيضا على نخبنا الحزبية وقياداتنا السياسية أن تنكب بجدية واستعجال على بلورة الرؤى وتوفير الطاقات والكفاءات البشرية القادرة على تطبيق الوضع المؤسساتي الجديد على أرض الواقع، وتفادي منح دستور ممتاز إلى قوى ولوبيات فاسدة ومفسدة، لأن ذلك سيكون بمثابة الكارثة على بلادنا وشعبنا. المزيد من التعبئة إذن لإنجاح التغيير الدستوري، والمزيد من اليقظة لكسب رهانات الإصلاح السياسي. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته