لا يمكن لي أن أكون ضد شيء أنا ساهمت في بنائه تمت برمجة مسرحية «كرسي الاعتراف» للفنان عبدالحق الزروالي، في حفل افتتاح الدورة الثالثة عشر للمهرجان الوطني للمسرح، الذي تحتضنه مدينة مكناس، خلال الفترة الممتدة من خامس عشر إلى ثاني وعشرين يونيو الجاري، مع العلم أن مسرحيته لم تكن ضمن فقرات برنامج هذه الدورة، سواء داخل المسابقة الرسمية أو خارجها، وقد أوضح صاحب المسرحية في حوار مع بيان اليوم، أسباب مشاركته بالرغم من عدم برمجتها، وموقفه من عدة قضايا تهم أب الفنون. * في أي ظروف تمت مشاركتك ضمن المهرجان، علما بأن عرضك المسرحي لم يكن مبرمجا على الإطلاق؟ - هذا شيء طبيعي، هذا المهرجان، هو مكسب، نحن ناضلنا كثيرا، على امتداد خمسين سنة، لكي يكون هناك مهرجان وطني للمسرح، باعتبار هذا حق من حقوق الانسان، وبالتالي فظروف الاختلاف السائدة اليوم، أنا لست طرفا فيها، أنا لا أؤيد منهجية عمل وزارة الثقافة، مائة في المائة، ولا أنا مع توجهات النقابة المغربية لمحترفي المسرح، في عدة مواقف بصفة عامة وليس فقط في هذا الموضوع المطروح حاليا، ومن باب استقلاليتي، فأنا غير ملزم بالامتثال لأوامر وزارة الثقافة، وغير ملزم بالخضوع لأوامر نقابة تتحكم في حريتي الشخصية، فأنا ضمن لجنة الدعم، وكذا ضمن لجنة اختيار العروض الخاصة بالمهرجان الوطني للمسرح، وبالتالي لا يمكن لي أن أكون ضد شيء، أنا ساهمت في بنائه، منطقيا أنا أعددت هذا العمل، باعتباري عضو لجنة الدعم المسرحي لجنة اختيار عروض المهرجان، لمدة سنتين، أنا ساهمت في تهييئ هذا الموسم المسرحي، إذن لا يمكن لي أن أكون ضد شيء ساهمت في تهييئه. لدينا اختلافات، وعلينا تصريفها والبحث عن حلول لها، ليس بهذه الطريقة التي تنطوي على كثير من الرعونة والنظرة السلبية وما يمكن أن يعود بنا إلى أسباب تدهور مسرح الهواة في سنوات الثمانينات والتسعينات، لأن عدم النضج في اتخاذ القرارات والمواقف، هو الذي يخلق تشنجا زائدا عن اللزوم، ويؤدي إلى ما يسمى بالمقعد الفارغ، والنكوص عشر سنوات إلى الوراء بعد أن نكون قد تقدمنا عشر سنوات نحو الأمام، إذن لا يمكن لنا أن نتطور أبدا. أنا مع المسرح أولا، ولا تهمني التناقضات المطروحة في هذا المجال، لأنني حر في اختياراتي، أنا ما يهمني هو الجمهور واستمرارية هذه التظاهرة الفنية، فليحلوا المشاكل بالطرق التي يريدون، أما أنا فلست مع هذا ولا ذاك. * شاركت بعرض مسرحي جديد، نود أن تتحدث لنا عن هذا العرض؟ - المسرحية هي بعنوان «كرسي الاعتراف»، ولا يمكن تحديد ما تقوله بالضبط، لأنها تقول كل شيء، لكن بلغة الرمز والإيحاء، أي أنها تطرح قضايا سياسية واجتماعية وأخلاقية واقتصادية وفكرية وفلسفية، أي أن مجموعة من العناصر تتفاعل لتشكيل الصيغة النهائية للعرض المسرحي، بلغة شاعرية وشعبية، تتضمن مستملحات وكشكولا وغناء، وتناغما لمجموعة من العناصر والأساليب التعبيرية، أي كل مقوات الفرجة المسرحية حسب استطاعتي ووجهة نظري لما ينبغي أن يكون عليه العرض المسرحي، ويفرض وجوده ببصمته الخاصة، إنها مسرحية أعتبرها امتدادا لمسرحياتي السابقة، وإضافة أخرى لرصيدي المسرحي الذي أعتز بكوني حققت هذا العرض المسرحي. * تنصب ندوة هذه الدورة على عنصر السينغرافيا، ماذا يشكل بالنسبة إليك هذا العنصر؟ - هذا الاختيار مهم جدا، لأن المسرح المغربي اعتمد خلال مرحلة طويلة على النص، كان دائما هناك ما يسمى بديكتاتورية المخرج أو هيمنته على العمل المسرحي، وبالتالي ظل المسرح المغربي يعاني من نقص كبير في مجال التصورات السينغرافية، التي تعطي للعمل المسرحي، فرجة بصرية. ظهرت جهود، بصفة خاصة، من طرف خريجي المعهد العالي للمسرح، حيث هناك مجموعة من الأسماء التي لها قيمة في هذا المجال، ونحن نفتخر بالمجهود الذي يبذلونه مع عدة فرق مسرحية، علينا إذن أن نركز على هذا الجانب ونخصص له ما يكفي من الندوات والأيام الدراسية،لكي نعمق الشعور بأهمية السينغرافيا في منظورنا للمسرح. * يقام بالموازاة مع هذا المهرجان، معرض للملصقات الخاصة بالعروض المسرحية التي قدمت على امتداد تاريخ المسرح المغربي، ما دلالة هذا المعرض في نظرك؟ - إنه يشكل ذاكرة، فأهم ما في معرض الملصقات، هو أنه يقدم للمتتبع وكذا للمبتدئ في العمل المسرحي، أو الجمهور العادي، ان ما نعيشه اليوم، ليس وليد سنة أو سنتين، بل وليد ستين سنة على الأقل، من النضال والتجارب والمعاناة، في هذا الميدان، في ظروف سيئة جدا، حيث استطاعوا تحقيق الاستمرارية والحفاظ على هذا الجيل، وهو ما قلته في عرضي المسرحي الأخير: «اللي دار أكثر من جهدو، باش يمهد الطريق لهادو، اللي عاد جاو من بعدو..»، هذه الجملة كانت قد أتت في سياق آخر، لكنني كنت أخاطب بواسطتها ممارسي المسرح في يومنا هذا، لكي يفهموا من صنع قاعات المسرح، ومن صنع المعهد، ومن أسس نقابة المسرحيين. أنا من مؤسسي النقابة، لكننا أسسناها على أساس أن تؤدي مهمتها بوضوح ووفق قناعات متفق عليها، وليس لكي ينفرد بها شخص معين، ويصير يقرر، ونحن راكبون وهو يسوق بنا حسب السرعة التي يختارها، وهو الذي يحدد نقط الوصول وغير ذلك، لا نحن هم المسرح،