الاتحاد الأوربي يتنفس الصعداء بعد تحديد مصدر البكتيريا القاتلة التي وصلت أضرارها المادية إلى 600 مليون أورو الأبحاث مستمرة حول الأسباب الغامضة لتفشي عدوى «إي كولاي» حددت ألمانيا يوم الجمعة مصدر بكتيريا اي-كولاي التي أدت إلى وفاة 33 شخصا في أوروبا. وأكد معهد فيدرالي أن المصدر هو حبوب نابتة. وأشار مسؤولون من السلطات الصحية انه تم إجراء تحاليل «متعددة» في الحقول وفي منتجات مزرعة غارتنرهوف البيولوجية في بياننبوتل بشمال ألمانيا والتي كان يشتبه بها منذ بضعة أيام، و لم يثبت بشكل قاطع وجود البكتيريا فيها، إلا أن «المؤشرات المتعاقبة واضحة إلى حد» بات بالإمكان تحديد مصدر البكتيريا. وصرح راينهارد بورغر مدير معهد روبرت كوخ في مؤتمر صحافي في برلين للمعاهد الصحية الثلاثة التي تعمل على الملف «إنها بذور نابتة». وأظهرت التحاليل أن «الأشخاص الذين تناولوا هذه الحبوب كان احتمال إصابتهم بإسهال مميت وغيره من عوارض بكتيريا إي-كولاي أكبر بتسع مرات من الأشخاص الذين لم يتناولوها». وفي المقابل، أتت آلاف التحاليل التي أجريت على عينات من الطماطم والخيار والسلطات سلبية. لذلك أعلنت الهيئات الصحية رفع التحذير من استهلاك هذه الأطعمة منذ يوم الجمعة الماضي. وتابع بورغر أن «مصدر البكتيريا لم يعد ناشطا على ما يبدو» و»عدد حالات الإصابة الجديدة في تراجع». وأشار إلى أن «وحدها البذور النابتة هي المصدر وليس هناك دليل جدي آخر للتحقيق بشأنه». واكد علماء المعهد الفدرالي لتقييم المخاطر النتائج التي توصلت اليها سلطات رينانيا الشمالية فستفاليا (غرب). وقالوا ان النوع البكتيري «0104:اتش4» للاي-كولاي النزفية رصد في كيس من الحبوب النابتة سلمه رب عائلة في المقاطعة إلى السلطات. وقد جاء هذا الكيس من مزرعة غيرتنهوف البيولوجية في بيننبوتل في ساكسونيا السفلى (شمال المانيا)، التي تم إغلاقها. وأودت بكتيريا (اي كولاي) حتى الآن بحياة 33 شخصا في ألمانيا، في حين أصيب نحو ألفي شخص في دول أوروبية مختلفة. وأعلنت وزارة الصحة في ساكسونيا السفلى وفاة امرأة في الخامسة والسبعين من العمر صباح الجمعة إثر إصابتها بالبكتيريا. وبعد الظهر أعلنت الوزارة وفاة شخصين هما امرأة سبعينية في شليسفيغ هولشتاين (شمال) ورجل يبلغ من العمر 81 عاما في مستشفى هامبورغ-ايبيندورف الجامعي (شمال). نهاية الكابوس ووضعت هذه التأكيدات حدا لمسلسل من الهلع والرعب روع الدول الأوربية لمدة أسابيع، وكاد يمتد عبر العالم الذي شرع في فرض الحظر على المنتوجات الأوربية من الخضار والبقول، مما كبد المزارعين الأوربيين خسائر جسيمة وكاد يعصف بالاقتصاد الأوربي في أزمة غير مسبوقة. ورحبت المفوضية الأوروبية، يوم السبت الماضي، بالنتائج المخبرية التي أعلنتها السلطات الألمانية حول مصدر البكتيريا. وقال مفوض الصحة بالاتحاد الأوروبي جون دالي في بيان إن التحقيقات الوبائية ستستمر من أجل استكمال الصورة حول الروابط بين الناس الذين أصيبوا بالمرض والمنشآت الغذائية والمزارع في ألمانيا وذلك في تحقيقات الأيام القليلة المقبلة. ومن جهة أخرى، قال الجهاز الأوروبي إن مصالحه ظلت تعمل بجد لتنفيذ اتفاق سياسي تم التوصل إليه، يوم الجمعة، في قمة روسيا والاتحاد الأوروبي والذي نص على رفع الحظر الروسي على واردات الخضروات من دول الاتحاد وإدخال نظام لإصدار الشهادات. وقال دالي، في هذا السياق، إنه نظرا للتطور الجديد اليوم، فإن المفوضية تتطلع الآن لإجراء فحص سريع لهذا الاقتراح من جانب السلطات الروسية بحيث تستأنف صادرات منتجات الاتحاد الأوروبي إليها في أقرب وقت ممكن. وعبرت وزارة الزراعة الاتحادية عن ارتياحها لكشف مصدر المرض بينما قال المفوض الأوروبي للصحة جون دالي انه «حدث بالغ الأهمية». وصرح دالي إن «المستهلكين الأوروبيين والشركاء التجاريين (للاتحاد الأوروبي) يمكنهم الآن أن يثقوا في سلامة خضار الاتحاد الأوروبي». وأضاف أنه يأمل أن يستأنف استيراد الخضار الأوروبية في روسيا بعد موافقة موسكو المبدئية الجمعة على ذلك. خسائر جسيمة ودعا رئيس اتحاد المزارعين الألمان غيرت سونلايتنر الاتحاد الأوروبي إلى زيادة مساعدته للمنتجين الأوروبيين المتضررين بعد وعود بتخصيص أكثر من 210 ملايين يورو لهذه المسألة. وقال «هذا لا يكفي. قيمة الأضرار في مجمل الاتحاد الأوروبي تتراوح بين 500 و600 مليون يورو» بينها 65 مليونا في ألمانيا وحدها. وانعكس التحذير من استهلاك الخيار والطماطم والسلطات الذي أصدر في ألمانيا في 25 ماي بسبب انتشار الإصابة ببكتيريا إي-كولاي النزفية، خسائر بمئات ملايين اليورو بين المزارعين الأوروبيين بعد الامتناع عن استهلاك منتجاتهم خصوصا الاسبانية منها، لأن ألمانيا اتهمت خطأ عند بدء ظهور الإصابات خضروات إسبانية بأنها مصدر البكتيريا. وفي اسبانيا وحدها قدرت الخسائر ب200 مليون يورو في الأسبوع. وتبيع إسبانيا، المصدر الأول للفواكه والخضار في الاتحاد الأوروبي، 25% من إنتاجها لالمانيا. وفي ألمانيا، قدر النقص في الأرباح ب60 مليون يورو للمزارعين منذ بدء الأزمة، بحسب اتحاد المزارعين الألمان. غموض ومع ذلك تبقى مسألة العدوى عالقة. وقال وزير البيئة وحماية المستهلكين في رينانيا الشمالية يوهانس ريميل «ما زال الأمر غامضا(...) هل انتقلت البكتريا عن طريق الإنسان أو الحيوان؟». ودعا المستهلكين إلى تسليم أي نوع من الحبوب النابتة التي يشتبهون بها مثل رب العائلة «الواعي جدا» قرب بون. وأضاف أن الرجل «سمع عبر الإذاعة أو التلفزيون القصة (الشكوك) حول الحبوب النابتة وتذكر أن لديه كيسا منها في الثلاجة القي في سلة النفايات. لكنه استرد الكيس وقام بتسليمه إلى السلطات». ولم يتناول الرجل هذه الحبوب خلافا لزوجته وابنته اللتين أصيبتا بالمرض مع أكثر من ثلاثة آلاف شخص آخرين. وأعلنت وزيرة الزراعة ايلسه ايغنر في تصريحات لصحيفة فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ تعزيز الرقابة الصحية لإنتاج الحبوب النابتة في ألمانيا بينما أكد دالي أن الأزمة «ستقود إلى تعزيز أنظمة الإنذار» الأوروبية. ويتم إنتاج الحبوب النابتة في درجات حرارة مرتفعة وأجواء من الرطوبة. ويرى باحثون إنها يمكن أن تحمل أنواع عدة من البكتريا مثل الاي-كولاي والسالمونيلا. والحبوب النابتة من عدس وبرسيم وفول وصويا وخردل وقمح وفجل وشمر وغيرها توضع في الماء ثم تعرض للهواء والحرارة والضوء حتى تنبت لها جذور فتصبح أغنى بالفيتامينات والمعادن وترتفع قيمتها الغذائية. وخلال السنوات الماضية انتشرت ظاهرة تناول هذه الحبوب ولا سيما في المطاعم حيث تستخدم خصوصا في السلطات والسندويشات. المزرعة «سيئة الحظ» وأعلنت الوزيرة الفدرالية للزراعة ايلسه ايغنر خلال مؤتمر صحافي آخر الجمعة أن مزرعة بياننبوتل العضوية في شمال ألمانيا «أقفلت بالكامل» وأن «أيا من منتجاتها لم يعد في الأسواق». لكن المسؤولين الذين يحققون في تسبب المزرعة عضوية في تفشي السلالة الفتاكة من البكتيريا أكدوا السبت أنهم لا يتوقعون اتخاذ إجراء قانوني ضدها. وقال جيرت هانه المتحدث باسم مكتب حماية المستهلك في ولاية ساكسونيا السفلى «كل شيء فحصناه حتى الآن يظهر أن المزرعة لم ترتكب خطأ. إنها تتبع الأساليب الصحية وجميع الإجراءات». وأضاف «لا يهم كيف تنظرون إليها فنحن لا نرى أي خطأ من جانب المزرعة أو أي سند قانوني لتحميلها المسؤولية...لا يمكنك معاقبة شخص لسوء حظه». وتقول السلطات إن نتائج الاختبارات التي أجريت هناك لم تحدد بعد موقع التفشي لكن لا يزال نحو 500 عينة يجري فحصها تشمل بعض بذور من المزرعة بعضها جلب من أوروبا واسيا. وكانت الحكومة الألمانية قد تعرضت لانتقادات داخلية وفي أنحاء أوروبا لعجزها عن تحديد سبب التفشي المندلع منذ شهر والذي لم يحدد رسميا أنه أتى من بقول مستنبته سوى يوم الجمعة. ورد وزير الصحة دانيال بار في وقت متأخر من مساء الجمعة على الانتقادات المتصاعدة لطريقة التعامل مع التفشي وقال لتلفزيون «زد.دي.اف» إن المعلومات كان يجب أن يجري الاطلاع عليها في وقت أقرب من ذلك. ويقول بعض العلماء إن التحقيق كان يجب أن يركز على البقول المستنبتة في موعد سابق.