بإسبانيا كما بعدة دول غربية تدعي التسامح والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة والعدالة الدولية. هناك كائنات سياسية تعتبرها مجرد شعارات للتسويق الإعلامي والتعالي على الدول النامية. هدفها تعويم وتنويم شعوب تلك الدول، وإغراق أنظمتها في الديون من أجل ابتزازها والاستمرار في استغلال ثرواتها الطبيعية والبشرية. وتبقى الحقيقة المرة واضحة في قرارات وتحركات أنظمة تلك الدول، وتكشف مدى الحقد الدفين والكراهية التي تختزنها للدول العربية والإسلامية. وشحنات العنصرية الزائدة التي تفرزها اتجاه شعوب وأنظمة تلك الدول. وخصوصا المستعمرة سابقا من طرفها. كما هو الحال بالنسبة للمغرب، الذي لم تستسغ دول مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا، ما عرفه ويعرفه من تنمية ورقي. ولم تستوعب بعد مكانة ومستوى مغرب اليوم، الذي لم يعد لقمة سائغة لمن هب ودب. وبات من الواجب والمفروض التعامل معه بحكمة ورزانة واحترام تام. بات واضحا أن مفعول الديمقراطية الإسبانية والفرنسية والألمانية ينتهي بمجرد الحديث عن حقوق المغرب وكرامة المغاربة. وأن العنصرية اتجاه العرب والأفارقة مترسخة داخل عقول مجموعة من المسؤولين الغربيين الذين يحنون لعقود الاستعمار والاستعباد. وقد تجلت واضحة في تصرفات بعض المسؤولين والبرلمانيين بإسبانيا. وتبين أن العنصرية نائمة بأذهانهم. تستفيق كلما طالب العرب والأفارقة بإنصافهم. نفس العنصرية تتوارثها بعض الكائنات السياسية الغربية. وتجعلها لا تتردد في التدخل من أجل جلد المغرب والطعن في قراراته وخياراته السيادية. والتعامل معه بمنطق (العبد والسيد)، أو (الأستاذ والتلميذ). بالأمس تتبعنا هذيان الطبيب جون بول ميرا، الذي أطلقه عبر قناة "LCI" الفرنسية. والذي اعتبرناه مجرد زلة لسان، أو حادث اصطدام شفتين، وتركته الشعوب الأفارقة يمر مرور الكرام. علما أن لسان الرجل كان سليطا وأفرز كبتا عنصريا مستجدا وكراهية عمياء غير مسبوقة تجاه الجنس الإفريقي. باقتراحه أن تجرى تجارب كل علاج لفيروس كورونا بالقارة السمراء. ما نطق به من سفاهة فاق مستوى الإهانة والاستخفاف. ناسيا أو متناسيا أن فرنسا تعيش وتحيى بفضل الموارد البشرية والطبيعية لعدة بلدان إفريقية. وأن (فرنسا) بدون القارة الإفريقية، ستكون مفلسة وجائعة. الطبيب الذي لا ندري كيف تقلد منصب رئيس طوارئ مستشفى "كوشان" بباريس، أهان أبناء وبنات القارة السمراء، في حديثه المباشر لقناة رسمية. ولم تبادر إدارة تلك القناة إلى الاعتذار. كما لم يتدخل مسؤولو بلده فرنسا. ليس من أجل رد الاعتبار للأفارقة الذين يمسكون بأسوار فرنسا ويحولون دون سقوطها. ولكن من أجل الدفاع عن المبادئ الأساسية للجنس البشري، التي ما فتئت تهلل بها في كل المحافل الدولية. وفي مقدمتها احترام حقوق الإنسان ومحاربة كل الأشكال العنصرية. عندما يتحدث مسؤول حكومي غربي بازدراء وتعالي عن المغرب، ويرفض الاعتراف بما ارتكبه من أخطاء ليس في حق دولة جارة ذات سيادة اسمها المغرب. بل في حق الديمقراطية العالمية. وعندما يتعرض نواب برلمانيين إسبان من أصول مغربية لتهجمات عنصرية من زملاء لهم داخل قبة البرلمان الإسباني. وعندما لا يتحرك عقلاء القارة العجوز وزعماء باقي دول العالم من أجل إنصاف الديمقراطية العالمية.. فاعلم أن الحديث عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان مجرد خرجات إشهارية لتسويق تلك المفاهيم. فطبيب فرنسا مثلا سكت ظهرا ونطق كفرا، محاولا تبرير فشله في التصدي لوباء، عجز هو ورفاقه عن إيجاد علاج له، بعدما استخفوا به في وقت سابق. أظهر فشله علما وسلوكا وأخلاقا. وأبان على أنه من طينة الأطباء الذين لا يسعون وراء البحث عن الوقاية والعلاج، والالتزام بقسم أبو قراط. لكنهم يلهثون وراء الاكتشافات المدمرة للإنسانية. مهووسون بصناعة الفيروسات والأوبئة. مثل هؤلاء الغربيين نجدهم بارعين في زرع فتيل جائحة أقوى من فيروس كوفيد 19. بإطلاقهم فيروسات متحورة لفيروس (العنصرية المستجد 21) الذي أصابهم. وعلى العقلاء الغربيين أن يسارعوا إلى وضعهم رهن الحجر المنزلي الإلزامي، تفاديا لتفشي الوباء داخل القارة العجوز. فيروس (العنصرية) الذي تبين أنه مترسخ ونائم داخل أدمغة بعض الأوربيين، يعود للظهور في شكل جديد بهويات وأجناس غربية وبمستوى أشد فتكا. على بلدان فرنسا وإسبانيا ودول أخرى بمستوى أقل، أن تدرك أن بصمة المغربي حاضرة في كل مظاهر نهضتها ورفاهيتها. كما هي حاضرة بصمات الشعوب العربية والإفريقية. وعليها أن تقوم بجرد لمساهمات العرب والأفارقة في اقتصادها وثقافتها وعلومها. وأن تكف عن اعتبار تلك الشعوب، مجرد دواب في خدمة مصالحها، أو فئران تجارب كما أراد لها الطبيب الفرنسي. فقد بحثت بين كل شعوب إفريقيا العظمى.. فلم أجد أثرا للفئران التي تحدث عنها. وتأكد لي أنه ربما عاش كابوسا إفريقيا قض مضجعه. فقرر الانتقام ممن أزعجوه في منامه. على سكان القارة العجوز، أن يبادروا إلى اكتشاف مغرب اليوم وإفريقيا اليوم. ليدركوا أنها تعج بالطاقات والكفاءات، وأن هناك من الغربيين من لازال يعيش على إرث تاريخ فرنسا وإسبانيا القديم، الذي لم يعد له أية ارتباط بنساء ورجالات مغرب اليوم. فالكل يعلم أن فرنسا ومعها إسبانيا يصارعان من أجل البقاء. بعد أن فقدا مكانتهما العلمية والمالية. وأن نظاميهما يعيشان حاملين شعار (كان أبي). يتغذيان بالفكر الإفريقي وثروات مستعمراتها السابقة. ويدركان أن المغرب نفض الغبار الفرنسي والاسباني. وأنه قادم من أجل انتزاع موقع مميز له وسط دول العالم. ولم يعد هناك مكان ل "الهبل الفرنسي" و"الاستغباء الإسباني". بقلم: بوشعيب حمراوي