دعا المشاركون في ختام المؤتمر الدولي لحوار الفاعلين المتعدد الأطراف الذي أنهى أشغاله، يوم الجمعة الماضي بالرباط، إلى تقوية دور القانون من خلال دعم مبدأ المساءلة والمحاسبة لوضع حد للإفلات من العقاب. وطالب المشاركون في الخلاصات الأولوية لهذا اللقاء التي قدمها الوزير المنتدب المكلف بتحديث القطاعات العامة محمد سعد العلمي، بالعمل على سن قوانين مضبوطة وأنظمة فعالة وعادلة واستثمار آليات التعاون الدولي في هذا السياق. وأكدوا على تعزيز آليات الوقاية، مع التركيز على نزاهة المسؤولين العموميين، من خلال وضع ضوابط تتعلق بحسن السلوك ومنع تضارب المصالح والتصريح بالممتلكات ودعم الشفافية عبر التركيز على تعزيز الاستشارة المتعددة الأطراف وتمكين المواطنين من المشاركة في وضع السياسات والقوانين الخاصة في هذا الشأن، التي تتيح لهم الحصول على المعلومة والتبليغ عن السلوكات المشينة والإفصاح عن حالات الفساد باستعمال تكنولوجيا المعلومات. واقترحوا محاصرة الفساد في مجال تقديم الخدمات العمومية، خصوصا بالقطاعات التي لها تأثير مباشر على حياة المواطنين كالصحة والماء والتعليم وأنظمة الصفقات العمومية المتعلقة بها، فضلا عن تعزيز مناخ الاستثمار بإيلاء الأهمية اللازمة لترسيخ النزاهة في مجال تبسيط المساطر والإجراءات المتعلقة بالمنافسة ودعم الاستشارة بين القطاع العام والخاص ومواثيق النزاهة داخل القطاع الخاص. وارتباطا بالتطورات التي تعرفها بعض الدول العربية وانعكاساتها على الجهود المبذولة في مكافحة الفساد، أكد المشاركون على أن «الشعوب هي التي كانت من وراء هذا الإصلاح والتغيير بالمنطقة العربية وهي التي أعربت عن قلقها إزاء الوضع الذي تعرفه هذه البلدان». واستنادا إلى ذلك، أقر المشاركون بأن الأمر يستدعي إدماج جهود مكافحة الفساد ضمن إصلاحات أكثر شمولية تقوم على تعزيز الشفافية وسيادة القانون والانتقال بصفة فعلية إلى مرحلة العمل والتطبيق والوفاء بتفعيل الالتزامات المتعهد بها في مجال مكافحة الفساد وتمكين المواطنين من الاضطلاع بدور أكثر نشاطا في عملية وضع السياسات العمومية ومراقبة عمل الحكومة، ودعم الكفاءة والاستقلالية والنزاهة في المؤسسات القضائية. وشددوا على ضرورة تعزيز الإطارات الخاصة بتقييم التقدم المحرز في مجال الآليات والمعايير الدولية لمكافحة الفساد بالدول العربية استنادا على شبكات وآليات المراقبة المتوفرة، إضافة إلى استثمار الجهود في بناء منظمات المجتمع المدني والاستشارة معها بطريقة منتظمة في ما يخص وضع سياسات مكافحة الفساد، مع تأهيل وتأطير المجتمع المدني في المنطقة العربية لتمكينه من مراقبة العمل الحكومي. وأوصوا بتركيز جهود مكافحة الفساد لتحقيق إنجازات واضحة وملموسة في المجالات الحيوية التي تهم المواطنين والتركيز على البعد الديمقراطي كدعامة أساسية للحكامة الجيدة. والتزم المشاركون، في هذا الصدد، بنقل هذه الخلاصات إلى المسؤولين في البلدان العربية بغية تأطير عمليات الإصلاح وشراكات التعاون في مواجهة الفساد بالمنطقة العربية. وثمن المشاركون، من جهة أخرى، حوار السياسات الإقليمية في مجال مكافحة الفساد بهدف تبادل التجارب الناجحة واستخلاص الدروس، داعين إلى تطوير ودعم المساعدة التقنية في مجال مكافحة الفساد وإعداد خريطة طريق شمولية للإصلاحات المتعلقة بالوقاية وتطبيق القوانين. كما أكدوا على ضرورة تطوير برامج الانفتاح لتشجيع الدول على المصادقة وتطبيق اتفاقية الأممالمتحدة حول مكافحة الفساد وتشجيع اعتماد آلية استعراض الأقران في البلدان العربية بطريقة شفافة وشمولية. واعتبر المشاركون أن هذه التوصيات ستعمل أيضا على إثراء النقاش خلال الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي ستنعقد بمراكش، كما ستستفيد منها مستقبلا مبادرة مينا-منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والشبكة العربية للنزاهة ومحاربة الفساد.