نظمت جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، بشراكة مع اتحاد المحامين الشباب بهيئة الرباط وبدعم من جمعية المحامين الأمريكيين، دورة تكوينية في إطار مشروع: "استجابة كوفيد 19 لمحاربة العنف ضد المرأة"، لفائدة المحامين المتمرنين والطلبة الباحثين والفاعلين والعاملين مع النساء ضحايا العنف. استهلت أشغال الدورة بكلمات الافتتاح للجهات المنظمة، ركزت على سياق تنظيم هذه التظاهرة بعد مرور سنتين على دخول قانون محاربة العنف ضد النساء حيز التنفيذ، وفي خضم تداعيات جائحة كورونا والتي شهدت في جميع أنحاء العالم تزايد حالات العنف ضد النساء، الشيء الذي يحتم ضرورة البحث عن سبل لتحقيق استجابة ناجعة وسريعة لمواجهة الظاهرة وهو ما يفرض تعدد المقاربات. من جهتها، قالت زهور الحوررئيسة اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، إن موضوع العنف ضد النساء يشكل أحد العراقيل والاكراهات التي تواجه نشر ثقافة حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، والتنمية المستدامة، نظرا للكلفة الاجتماعية والاقتصادية التي يتكبدها المجتمع من جراء تنامي هذه الظاهرة. وأضافت أن العنف بات يخترق كل الشرائح الاجتماعية، وهو ظاهرة كونية تختلف فقط في مستويات معالجتها وسقف الحماية الاجتماعية والقانونية، واستعرضت المتحدثة في مداخلتها بعض العراقيل التي تواجه النساء الناجيات من العنف والمتمثلة في صعوبة الحصول على الشواهد الطبية، وعبء الإثبات ومشكل التبليغ، ومشكل الايواء. وتناولت المتدخلة في عرضها جوانب من عمل اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء المعنفات والمهام الموكولة إليها وعلى رأسها: – ضمان التواصل والتنسيق وطنيا بين تدخلات القطاعات الحكومية والإدارات المركزية المعنية بموضوع العنف ضد النساء؛ – إبداء الرأي في مخططات عمل اللجن الجهوية والمحلية؛ – تلقي تقارير اللجن الجهوية والمحلية وفحصها؛ – رصد واقتراح إمكانات تطوير عمل اللجن المحلية والجهوية؛ – المساهمة في وضع آليات لتحسين تدبير عمل الخلايا، واللجن الجهوية والمحلية ومواكبة عملها مركزيا؛ – تقوية وتفعيل آليات الشراكة والتعاون بين اللجن الجهوية واللجن المحلية وجمعيات المجتمع المدني وباقي المتدخلين. – إصدار تقرير سنوي عن حصيلة العمل. في نفس السياق تطرقت زهور الحور الى دور الخلايا واللجان المتعلقة بالتكفل بالنساء ضحايا العنف من خلال شرح وتحليل مقتضيات الباب الرابع من قانون 103.13 المخصص لآليات التكفل. من جهته، قال الدكتور أنس سعدون عضو نادي قضاة المغرب، إنه من المواضيع التي يتم إغفالها عند تلقي الشكايات أو البحت والتحقيق في قضايا العنف القائم على أساس النوع، سواء من طرف بعض الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون، أو من مراكز الاستماع أو من طرف الدفاع، الموضوع المتعلق ب"تقييم المخاطر"، أي دراسة مدى زيادة خطر الانتقام من الضحية أو الناجية من العنف نتيجة لجوئها للتبليغ، هذا الانتقام الذي قد يطال الضحية نفسها، أو الأشخاص القريبين منها بمن فيهم الأطفال أو الوالدين، ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة إعمال أوسع لتدابير الحماية الواردة في قانون 103.13 وعلى رأسها تدبير المنع من الاقتراب أو الاتصال بالضحية أو إيداع المعنف في مؤسسة للعلاج النفسي، كما توقف المتدخل عند إشكالية مراعاة خصوصية المرأة المعنفة خلال مراحل البحت والتحقيق والمحاكمة، وهو ما يفرض على العاملين في المجال تفادي طرح بعض الأسئلة المحرجة عليها، والتي قد تجعلها أحيانا تتفادى اللجوء الى التبليغ عن العنف الذي تتعرض له، كما أوصى المشاركات والمشاركين بضرورة الأخذ بعين الاعتبار لأهمية تخفيف أعباء المحاكمة على الناجيات من العنف عملا بأفضل التجارب الدولية في المجال. وبخصوص تجريم كافة أشكال العنف ضد النساء، أوصى المتحدث بضرورة الاسترشاد بكافة النصوص القانونية الموجودة سواء قانون محاربة العنف ضد النساء أو القانون الجنائي الذي يبقى بمثابة الشريعة العامة لتجريم عدة أفعال من قبيل جرائم الاعتداء على الملكية العقارية التي قد تطال النساء، رغم أن قانون العنف لم يتعرض لها، فضلا عن جرائم الاغتصاب، معتبرا أن الإطار القانوني الحالي يجرم الاغتصاب الزوجي وهو ما أكده الاجتهاد القضائي والمعايير الدولية. وتجدر الإشارة، إلى أن هذا التدريب الذي استمر لفائدة يومين وتابعه الى جانب المشاركين حضوريا مئات عبر تقنية الاتصال عن بعد، يتضمن التعريف بالأساليب الممكنة لمواجهة الظاهرة سواء المتعلقة بالجانب القانوني الموضوعي والإجرائي أو الصحي، وسيتوج قريبا بصدور دليل قانوني يبقى متاح لكل الفاعلين والباحثين في معالجة ظاهرة العنف ضد النساء، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية لمكافحة كل أشكال العنف ضد النساء، وبالانسجام مع الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية من اجل إيجاد حلول لهذه الظاهرة التي تمس بالقيم الإنسانية وبكرامة النساء.