أنجزت فدرالية رابطة حقوق النساء، دراسة حول واقع تطبيق قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، أمام المحاكم سنة بعد دخوله إلى حيز التنفيذ، حيث خلصت إلى أن النساء في المغرب تواجهن عدة عراقيل تحول دون لجوئهن إلى السلطات المكلفة بإنفاذ القانون للتبليغ عن حالات العنف التي يتعرضن لها، وهي عراقيل تتعلق في الأساس بالحق في الولوج إلى العدالة، كأحد أهم الحقوق التي كفلها دستور 2011 . وحددت الفيدرالية النطاق الزمني لهذه الدراسة في مدة تناهز حوالي سنة مند دخول قانون 103.13 حيز التنفيذ؛ أما النطاق المكاني فيهم عددا من المحاكم الابتدائية التي تبت في قضايا العنف ضد النساء، سواء من خلال جلسات التلبس (المتعلقة بالمعتقلين)، أو جلسات الجنحي العادي، أو حتى المحاكم التي تفرد لقضايا العنف ضد النساء جلسات مستقلة. وفيما يلي ملخص لهذه الدراسة. بعد انتظار طويل، ومسار تشريعي حافل بالنقاش صدر قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، حيث دخل حيز التنفيذ في سبتمبر 2018. ورغم التحفظات التي سجلتها فدرالية رابطة حقوق النساء حول هذا القانون، طوال مساره التشريعي، إذ لم يلب مطلب الحركة النسائية بضرورة إصدار تشريع شامل لمحاربة كل أشكال العنف ضد النساء، يستجيب لمتطلبات الوقاية والحماية والتكفل، إلا أن هذا القانون أصبح اليوم واقعا نتعامل معه بعد دخوله حيز التنفيذ ويتعين الاستفادة من عدد من المقتضيات الجديدة التي جاء بها لأجل محاربة كل أشكال العنف. وفي هذا السياق بادرت فدرالية رابطة حقوق النساء الى انجاز وثيقة دراسية تتعلق بتتبع تطبيق قانون 103.13بشان العنف ضد المرأة، أمام المحاكم بعد سنة من التطبيق. فمن الناحية العملية، تواجه النساء في المغرب عدة عراقيل تحول دون لجوئهن إلى السلطات المكلفة بإنفاذ القانون للتبليغ عن حالات العنف التي يتعرضن لها، وهي عراقيل تتعلق في الأساس بالحق في الولوج إلى العدالة، كأحد أهم الحقوق التي كفلها دستور 2011 والمعايير الدولية ذات الصلة. وأهمها: عراقيل ثقافية تتمثل أساسا في موروث ثقافي يطبع مع ظاهرة العنف ضد النساء ويتسامح معها، وغياب الوعي والجهل بالقانون؛ عراقيل قانونية تتمثل في مشكل عدم وضوح الإطار التشريعي وتحميل الضحية عبء الإثبات؛ عراقيل اقتصادية تتمثل في ضعف الإمكانيات وغياب المساعدة القانونية والقضائية؛ عراقيل نفسية تتمثل في الخوف ، وفقدان الأمل في الإنصاف نتيجة تراكمات وأفكار مسبقة وصور نمطية؛ عراقيل إجرائية: تتعلق بسلوك بعض الجهات المكلفة بإنفاذ القانون. وإيمانا من الفدرالية، بأن دورها لا يقتصر فقط على الترافع من أجل إصدار القوانين وإنما يمتد أيضا ليشمل تتبع طريقة تطبيقها، فإنها بادرت إلى انجاز هذه الوثيقة الدراسية حول تتبع تطبيق قانون 103.13 أمام المحاكم بعد سنة من دخوله حيز التنفيذ. أهمية الموضوع : تعد أول مبادرة من نوعها، مند صدور قانون 103.13، تخص تتبع تطبيقه أمام المحاكم. الأهداف: تجميع الإشكاليات الأولية التي كشف عنها التطبيق العملي للنصوص؛ تجميع التجارب القضائية الفضلى؛ رصد الاختلالات الموجودة سواء في النصوص أو الممارسة؛ اقتراح البدائل الكفيلة بتجاوز هذه الاختلالات قصد ضمان مسار ناجح للتكفل بالنساء ضحايا العنف. النطاق: يتحدد نطاق الدراسة عبر مستويات ثلاثة زمنية، ومكانية وموضوعاتية. فالنطاق الزمني لهذه الدراسة يخص بالأساس مدة تناهز حوالي سنة مند دخول قانون 103.13 حيز التنفيذ؛ أما النطاق المكاني فيهم عددا من المحاكم الابتدائية التي تبت في قضايا العنف ضد النساء، سواء من خلال جلسات التلبس (المتعلقة بالمعتقلين)،أو جلسات الجنحي العادي، أو حتى المحاكم التي تفرد لقضايا العنف ضد النساء جلسات مستقلة. وبخصوص النطاق الموضوعاتي، فإنه سيقتصر على التطبيق العملي لقانون 103.13 في شقه الجزائي، المتعلق بالتجريم والعقاب، الى جانب الشق المتعلق بتدابير الحماية، وهي المقتضيات التي كانت قابلة للتنزيل الفوري بمجرد دخول القانون حيز التنفيذ.في المقابل لم نتطرق للشق المتعلق بالتكفل بالنساء ضحايا العنف نظرا للتأخير الذي تم تسجيله في تنزيل هذه المقتضيات على أرض الواقع. الصعوبات: تكمن أول صعوبة هي ندرة الأحكام القضائية المنشورة، وصعوبة الوصول إلى الأحكام القضائية غير المنشورة، في غياب قنوات رسمية تكفل للمتتبعين والمهتمين بالموضوع الحق في الوصول الى المعلومة القضائية؛ وفي غياب إعلام قضائي قادر على “تسويق” التجارب القضائية الفضلى، والتعريف بالمنتوج القضائي . إلى جانب حداثة الموضوع، إذ أن سنة واحدة على دخول قانون 103.13 حيز التنفيذ تبقى مدة غير كافية لتقييم حقيقي لمدى نجاعة تطبيق هذا القانون، والكشف عن ثغراته وتقاطعاته مع نصوص قانونية أخرى ذات الصلة. المنهجية المعتمدة: اعتماد المنهج الاستقرائي التحليلي، من خلال استقراء الاحصائيات الرسمية التي كشف عنها تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2018، بشأن تطبيق قانون 103.13، ثم الوقوف على عينة من الأحكام القضائية المتعلقة بالتطبيقات العملية للقانون الجديد، بهدف دراستها، وتجميع الإشكاليات الأولية، وتحليلها، وتقييم طريقة تنزيلها. الأجزاء: على ضوء ما سبق، سيتم تقسيم القراءة إلى المحاور التالية: أولا- قراءة في إحصائيات العنف ضد النساء الواردة في تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2018 ثانيا- دراسة عملية لعينة من الأحكام القضائية الصادرة تطبيقا لقانون 103.13 ثالثا- خلاصات رئيسية وتوصيات أولا- قراءة في إحصائيات العنف ضد النساء الواردة في تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2018 الجنايات والجنح المرتكبة في قضايا العنف ضد المرأة سنة 2018 تقدم الإحصائيات المتعلقة بعدد الجنايات والجنح المرتكبة في قضايا العنف ضد النساء سنة 2018، والواردة في تقرير رئاسة النيابة العامة بشأن تنفيذ السياسة الجنائية، عدة معطيات أولية يمكن الوقوف عليها لفهم واقع الظاهرة وانعكاساتها: استقرار عدد قضايا العنف ضد النساء التي تسجلها المحاكم، ففي سنة 2017 سجلت 16873 قضية، بينما شهدت سنة 2018 تسجيل 17103 قضية، وهو ما يعني تسجيل تزايد طفيف في عدد القضايا المسجلة بالمحاكم، أرجعها تقرير رئاسة النيابة العامة إلى إدراج جرائم جديدة، نتيجة دخول قانون 103.13 حيز التنفيذ. التنزيل الفوري لقانون 103.13، فرغم أنه دخل إلى حيز التنفيذ بتاريخ 13 سبتمبر 2018، فقد رصد الجهاز الإحصائي التابع لرئاسة النيابة العامة تحريك المتابعة في حق عدد من الأشخاص من أجل جنح جديدة أقرها قانون محاربة العنف ضد النساء، وعليه تمت متابعة 360 شخصا بجنحة الطرد من بيت الزوجية، و 165 شخصا بجنحة الامتناع عن إرجاع الزوجة المطرودة إلى بيت الزوجية، وسجلت 29 قضية تحرش جنسي داخل فضاء العمل، 129 قضية تحرش جنسي داخل الفضاء العام، و56 قضية تحرش جنسي داخل الفضاء المعلوماتي، كما سجلت أيضا 03 قضايا تتعلق بتبديد ممتلكات الزوجية بسوء نية. غالبية الجرائم التي سجلت بالمحاكم بخصوص قانون 103.13 تتعلق بذكور، حيث أن عدد المتابعات المسطرة في حق النساء بشأن القانون المذكور تبقى جد منخفضة، حيث توبعت 06 نساء فقط من أجل طرد أزواجهن من بيت الزوجية في مقابل 354 رجلا، وتوبعت امرأة واحدة فقط من أجل امتناعها عن إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، في مقابل 164 رجلا. تسجل قضايا العنف الجسدي ضد المرأة وقضايا إهمال الأسرة أكثر من نصف القضايا المسجلة خلال سنة 2018 بخصوص العنف ضد النساء. ملاحظات الفدرالية: اقتصر التقرير على إبراز عدد المتابعات التي سطرتها النيابة العامة في حق المتهمين في قضايا العنف ضد النساء وعدد الأشخاص الذين تمت متابعتهم، لكن المعطيات الإحصائية لم تتطرق لعدد الشكايات المسجلة، وعدد الملفات التي تم حفظها، وسبب الحفظ، وهو ما لا يسمح بتقييم الحصيلة العملية لقانون 103.13 أمام المحاكم، إذ أن عددا كبيرا من الشكايات التي تسجل بمخافر الشرطة أو الدرك، أو بخلايا التكفل بالنساء المعنفات، لا تصل مطلقا إلى المحاكم، إما بسبب إعمال التنازل، أو بسبب انعدام الإثبات، أو بسبب إهمال المشتكيات لشكاياتهن، أو بسبب تعذر الاستماع إلى المشتكى بهم، أو لأسباب أخرى مختلفة. يبدو أن الجانب الزجري في قانون 103.13 هو الجانب الوحيد الذي كان جاهزا لتنزيله على مستوى محاكم المملكة بشكل فوري، فتقرير رئاسة النيابة العامة اقتصر على بيان عدد القضايا المسجلة بالمحاكم بخصوص جرائم العنف ضد النساء وعدد الأشخاص الذين تمت متابعتهم بموجب هذا القانون الجديد، إلا أنه لم يتطرق إلى عدد تدابير الحماية التي طبقتها المحاكم سواء تلك التي قامت النيابات العمومية بإعمالها بشكل تلقائي، أو أمرت هذه الأخيرة الشرطة أو الدرك بتطبيقها، أو التمست من قضاء الحكم أو قضاء التحقيق إعمالها، علما بأن التقرير نفسه أشار إلى عدم تسجيل أي متابعة بشأن جنحة خرق تدبير منع الاتصال بالضحية، مما يدل على أن تدابير الحماية ورغم أهميتها ما تزال غير مفعلة على مستوى الممارسة القضائية إلا بشكل نادر. المتابعون حسب نوع القرابة في قضايا العنف ضد المرأة خلال سنة 2018 تؤكد الإحصاءات المتضمنة في تقرير رئاسة النيابة العامة بشأن تنفيذ السياسة الجنائية لسنة 2018، والتي تحدد نوعية القرابة بين المرأة ضحية العنف والمعتدي، عدة معطيات، أهمها: غالبية الاعتداءات التي تطال النساء في قضايا العنف يرتكبها أزواجهن، حيث بلغ عددها 10237 جريمة بنسبة تقارب 56.11 بالمائة من مجموع قضايا العنف ضد النساء، كما أن حوالي ثلث الاعتداءات التي تطال النساء، يكون مرتكبوها من الأغيار (6805 اعتداء بنسبة 37.30 بالمائة)، بينما تظل بقية أشكال العنف الممارسة من طرف الأب أو الأم أو رب العمل ضعيفة. كثر من 75 بالمائة من النساء المعنفات، هن ضحايا العنف الجسدي الناتج عنه عجز مؤقت، أو ضحايا إهمال أسرة. ثانيا – دراسة عملية لعينة من الأحكام القضائية الصادرة تطبيقا لقانون 103.13: رغم أن مدة سنة تبقى غير كافية لتقييم حصيلة التطبيق العملي لقانون 103.13، ورغم الصعوبات التقنية واللوجيستيكية التي واكبت تنزيل القانون الجديد، رصدت فدرالية رابطة حقوق النساء عدة اجتهادات مبدئية رائدة للقضاء المغربي في الشق المتعلق بتطبيق تدابير الحماية، والتي تبقى حديثة العهد في الممارسة القضائية. تطبيقات عملية لتدابير الحماية أمام المحاكم مند دخول قانون 103.13 حيز التنفيذ يلاحظ أن تطبيق تدابير الحماية من طرف المحاكم ظل نادرا، نظرا لحداثة المقتضيات المنظمة لها، التي ظلت غير مألوفة لدى غالبية السلطات المكلفة بإنفاذ القانون وكذا لدى الناجيات من العنف؛ شكلت دورية رئاسة النيابة العامة الموجهة إلى المسؤولين القضائيين وقضاة النيابة العامة في كافة المحاكم نقطة تحول في إعمال تدابير الحماية الجديدة، وقد رصدت الفدرالية عدة توجهات في هذا السياق: تقديم نيابات عمومية لملتمسات كتابية مستقلة أثناء إجراءات المحاكمة لالتماس تطبيق تدابير الحماية؛ وقد لوحظ هذا التوجه في العديد من المحاكم الابتدائية؛ تقديم نيابات عمومية ملتمسات شفوية خلال إجراءات المحاكمة لالتماس تطبيق تدابير الحماية؛ وقد لوحظ هذا التوجه في العديد من المحاكم الابتدائية؛ قيام نيابات عمومية بالتماس تطبيق تدابير الحماية في صلب صك المتابعة؛ تطبيق بعض النيابات العمومية تدابير الحماية بشكل تلقائي قبل البت في القضية؛ تطبيق بعض المحاكم لتدابير الحماية دون إثارتها من لدن الأطراف؛ تطبيق بعض محاكم الاستئناف لتدابير الحماية خلال مرحلة الاستئناف، رغم عدم تطبيقها خلال المرحلة الابتدائية. رغم أن القانون الجديد اشتمل على العديد من تدابير الحماية اقتصرت النماذج التي اطلعت عليها فدرالية رابطة حقوق النساء على نوعين، وهما المنع من الاتصال، وإيداع المحكوم عليهم داخل مؤسسات للعلاج النفسي، وهي تدابير تطبق في غالب الأحيان من طرف المحاكم. في كثير من الأحيان تطبق تدابير الحماية ومن بينها المنع من الاقتراب أو الاتصال بالضحايا كإجراء بديل عن إيداع الضحايا بمراكز الإيواء نظرا لعدم وجود هذه المراكز؛ رصدت فدرالية رابطة حقوق النساء تجربة رائدة لبعض النيابات العمومية التي وضعت نماذج لأوامر الحماية تقوم بتفعيلها بتنسيق مع الشرطة أثناء إجراءات البحت التمهيدي وقبل النظر في القضية خاصة في شكايات الطرد من بيت الزوجية أو انتزاع حضانة الأبناء الرضع؛ رغم هذه الممارسات الجيدة لبعض المحاكم في تطبيق تدابير الحماية، تبقى في غالب الأحيان غير مألوفة لدى غالبية الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون، نظرا لعدم التحسيس بها، وغياب دليل عملي يوضح طريقة تطبيقها، وغياب الإمكانيات اللوجيستيكية الكفيلة بتتبع مدى احترامها. أحكام قضائية “مخففة” من بين الملاحظات التي سجلتها فدرالية رابطة حقوق النساء اتجاه غالبية الأحكام القضائية التي شملتها العينة، إلى تخفيف العقوبات المقررة في حق المدانين في جرائم العنف ضد النساء، حيث يتم تطبيق ظروف التخفيف بشكل تلقائي، وهو ما يعكس نوعا من التساهل مع خطورة الأفعال الجرمية وشكلا من أشكال التطبيع معها، وغالبا ما يتم تعليل ظروف التخفيف بانعدام السوابق القضائية، علما بأنه من الناحية العملية لا يتم في كثير من الأحيان إثبات حالة العود في قضايا العنف ضد النساء، كما يتم تعليلها أيضا برابطة الزواج ووجود أبناء. في نفس السياق ورغم تسجيل أول سابقة قضائية بتحريك المتابعة في قضية اغتصاب زوجي، على مستوى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بطنجة، في قضية هزت الرأي العام الوطني، وحظيت بتتبع اعلامي واسع محليا ودوليا، فإن صدور حكم قضائي ابتدائي قضى بإعادة تكييف الواقعة من جناية اغتصاب طبقا للفصل 486 من القانون الجنائي، إلى جنحة عنف زوجي طبقا للفصل 404 من نفس القانون يؤكد ضرورة التدخل التشريعي بنص واضح لتجريم الاغتصاب الزوجي لوضع حد لاختلاف التأويل والتفسير للنصوص القانونية على حساب وضعية وحقوق النساء المعنفات . نقص في الأبحاث المتعلقة بشكايات العنف ضد النساء وقفت فدرالية رابطة حقوق النساء من خلال تحليل عينة من الأحكام القضائية، على وجود ثغرات تهم تطبيق قانون 103.13 وتتمثل بالأساس في طريقة الأبحاث التي يتم إجراؤها في شكايات العنف ضد النساء، حيث لا يتم أحيانا إعطاؤها الأهمية التي تستحقها في البحث، مما يؤدي إلى نقص في عملية جمع الأدلة، كما أنه يتم في غالب الأحيان الاعتماد على وسائل الإثبات التقليدية المتمثلة أساسا في شهود الإثبات، أو الاكتفاء بتصريحات الأطراف، دون القيام بالأبحاث والانتقالات والمعاينات الضرورية واللازمة، ودون استحضار خصوصيات الإثبات التي تميز جرائم العنف ضد النساء والتي تتم غالبا داخل الفضاءات المغلقة. غياب جبر الضرر إن الحلقة المغيبة في عدد من الأحكام القضائية التي اطلعت عليها فدرالية رابطة حقوق النساء تتمثل في الناجيات من العنف، حيث يتم الاقتصار في كثير من الأحيان على الدعوى العمومية، والتي تركز بالأساس على الجانب الزجري المتمثل في العقوبات السجنية والغرامات المالية المحكوم بها، ويتم إغفال انتصاب الضحايا كمطالبات بالحق المدني، نظرا لعدة اعتبارات أهمها عدم استفادتهن من المساعدة القانونية وعدم تمكنهن من تنصيب محام أو أداء الرسوم الجزافية، وحتى في حالة الحكم لهن بتعويض، غالبا ما يكون هزيلا، غير قادر على جبر الضرر اللاحق بهن، أو لا يتم الحصول عليه لعجز المحكوم عليهم بأدائه، حيث يفضلون قضاءه في شكل إكراه بدني، وفي غياب صندوق ائتمان يحل محل المحكوم عليهم لأداء تعويضات مدنية للناجيات من العنف. ثالثا :الخلاصات الرئيسية والتوصيات : الخلاصات الرئيسية : بعد مرور أزيد من سنة من دخول قانون 103.13 حيز التنفيذ، يلاحظ أن عددا من محاكم المملكة أصدرت أحكاما قضائية رائدة في مجال محاربة العنف ضد النساء، من خلال الشروع في تطبيق تدابير الحماية، رغم الصعوبات التقنية واللوجيستيكية الموجودة، وهكذا أصدرت محكمة الاستئناف بتازة وفي سابقة تعد الأولى من نوعها، أمرا بمنع زوج معنف من الاقتراب من زوجته أو الاتصال بها لمدة سنة، كما قضت أيضا بإخضاعه خلال مدة سنة لعلاج نفسي ملائم على تدبير الغضب وحسن التواصل ونبذ العنف، وقضت المحكمة الابتدائية بوجدة بإيداع زوج معنف داخل مؤسسة للعلاج النفسي، كما قضت المحكمة الابتدائية بالعرائش بمنع ابن من الاتصال بأمه أو الاقتراب من مكان تواجدها لمدة سنة، بعدما أدين من أجل العنف ضد الأصول، كما أصدرت أوامر مماثلة في قضايا تتعلق بالتحرش الجنسي. وابتكرت عدد من النيابات العمومية أوامر للحماية تقوم بتطبيقها فورا قبل البت في شكايات العنف ضد النساء خاصة في حالات الطرد من بيت الزوجية. تسجل فدرالية رابطة حقوق النساء التفاوت الموجود بين المحاكم في تطبيق تدابير الحماية، وهو ما يفرض الزيادة في التحسيس والتعريف بهذا المستجد لدى كافة السلطات المكلفة بانفاذ القانون، ولدى الدفاع، ولدى منظمات المجتمع المدني. يبقى الجانب الزجري هو الجانب الأكثر قابلية للتطبيق أمام المحاكم بشكل فوري، وفي هذا السياق تسجل فدرالية رابطة حقوق النساء استمرار الأحكام القضائية المخففة المحكوم بها في قضايا العنف ضد النساء، وعدم تفعيل تشديد العقوبات المقررة في قانون 103.13، كما تسجل أيضا تغييب جانب التعويض وجبر الضرر للناجيات من العنف. الانتقال من التفكير في المساعدة القضائية إلى المساعدة القانونية وضرورة تقديم خدمات أكثر أهمية للمتقاضية خصوصا التي لا تتحدث اللغة العربية وضرورة توفير آليات التقاضي من محاكم متخصصة بقضاة متخصصين وبتجهيزات تسهل الولوج للعدالة بالإضافة إلى اعتماد المرونة في الإثبات في قضايا العنف ضد النساء، وإقرار قواعد خاصة للإثبات تراعي خصوصية الجرائم الموجهة ضد النساء. تأكيد التوصيات الواردة في مذكرات الفيدرالية: مراجعة التعاريف الواردة في القانون الجنائي خاصة تعريف العنف الذي أقره قانون العنف ضد النساء، ليشمل الاغتصاب الزوجي، والممارسات الضارة بما فيها الزواج المبكر، وجرائم الشرف وإساءة معاملة الأرامل ، وأن يشمل التعريف العنف الممارس ضد المرأة في سياقات محددة خاصة في حالات النزاع، أو الذي تتغاضى عنه الدولة، بما في ذلك العنف عند الاحتجاز لدى الشرطة والعنف الذي ترتكبه قوات الأمن. إعادة تعريف التحرش الجنسي باعتباره شكلا من أشكال التمييز وانتهاكا لحقوق الإنسان للمرأة، وتعريفه باعتباره سلوكا غير مقبول تحدده الرغبة الجنسية في العلاقات الأفقية والرأسية بما في ذلك أماكن العمل والتعليم والخدمات والترفيه، والنص على أن السلوك غير المقبول ذو الدوافع الجنسية يشمل السلوك البدني والإغراءات الجنسية، وطلب أو التماس مجاملات جنسية، والملاحظات ذات الطابع الجنسي، وعرض صور أو ملصقات أو رسوم أو كتابات صريحة جنسيا، وكل سلوك آخر غير مرغوب فيه جسديا أو لفظيا أو غير لفظي ذو طابع جنسي. (دليل التشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة). خلق شرطة قضائية متخصصة ومتفرغة للبحث في قضايا العنف ضد النساء، لضمان التخصص والتفرغ والتدخل النوعي؛ التنصيص على ضرورة قيام الشرطة القضائية بالانتقال الفوري في جميع شكاوى العنف ضد النساء، وأن تكون لها الصلاحية تحت إشراف السلطة القضائية المختصة بتفتيش الأماكن والدخول إلى المباني ومباشرة جميع الإجراءات الكفيلة بجمع الأدلة وتوثيقها في قضايا العنف ضد المرأة. التنصيص على أن المسؤولية الرئيسية في مباشرة الدعاوى العمومية في قضايا العنف القائم على أساس النوع يقع على عاتق السلطات المكلفة بإنفاذ القانون؛ وليس على المرأة التي تعرضت للعنف، واعتبار المتابعة تتم بشكل تلقائي بغض النظر عن رغبة الضحية لتجنيبها مختلف الضغوطات التي تتعرض من طرف محيطها لحملها على التنازل. تخصيص جلسات مستقلة للبت في قضايا العنف ضد النساء في أفق تخصص محاكم مستقلة لمعالجة هذه القضايا على ضوء أفضل التجارب الدولية المقارنة؛ التكوين والتكوين المستمر لقضاة الحكم وقضاة النيابة العامة ولكافة السلطات المكلفة بإنفاذ القانون في مجال : نشر جميع الأحكام القضائية في إطار تعزيز ثقافة مناهضة العنف ضد النساء؛ انجاز دليل عملي لتطبيق قانون محاربة العنف ضد النساء للتحسيس والتعريف به وتيسير استعماله من طرف السلطات المكلفة بإنفاذ القانون. تطوير تجربة تدابير الحماية بما يكفل تتبع مدى احترامها وتعميمها لتشمل كافة المحاكم. إعفاء ضحايا العنف القائم على أساس النوع من عبئ الإثبات؛ واعتبار الإثبات مسؤولية ملقاة على عاتق النيابة العامة وليس الضحية. تخويل ضحايا العنف القائم على أساس النوع فرصة الإدلاء بشهادتهم دون تحميلهم عبء المواجهة مع المشتبه فيهم، وإتاحة تدابير تكفل الإدلاء بالشهادة مع حماية الحياة الخاصة. إدراج مقتضى يقضي بإلزامية التحقيق في جرائم العنف ضد المرأة، ومن شأن ذلك تعميق الأبحاث القضائية، وإمكانية استعانة قاضي التحقيق بالمراقبة القضائية في هذا النوع من القضايا. تمديد نطاق قانون حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين، ليشمل جرائم العنف ضد النساء. إدراج مقتضى يقضي بتمتيع الضحايا والناجيات من العنف بالمساعدة القضائية بقوة القانون، بما في ذلك الحق في تنصيب محامي ومجانية مصاريف الدعوى والتي تشمل نفقات التبليغ والخبرات التي تأمر بها المحكمة. إحداث صندوق ائتماني لصرف معونات ومساعدات مالية للضحايا والناجيات من العنف اللواتي لا يتوفرن على دخل قار ويوجدن في وضعية صعبة. التنصيص على مقتضى يلزم الشرطة بضرورة إشعار الضحايا/الناجيات من العنف بحقوقهن بما فيها الحق في الحصول على محام. وضع تدابير لتأهيل وعلاج الضحايا على نفقة الدولة إسوة بالفاعلين. وفي الأخير فإن فدرالية رابطة حقوق النساء تؤكد أيضا كافة التوصيات التي سبق وأن سجلتها في مذكرتها بخصوص مشروع تعديل القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية وقانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.