مفتشو الشغل يضربون وطنيا بعد غد الأربعاء دعا المكتب الوطني الموحد لقطاع التشغيل إلى إضراب وطني بعد غد الأربعاء ردا على حرمان مفتشي الشغل من ولوج الإدارة المركزية التي باتت تحرسها شركة أمن خاصة لا تسمح بالدخول والخروج إلا بإذن مسبق، ودفاعا عن مطالب وحقوق مكتسبة طال انتظار الاستجابة لها، وتتحمل. الوزارة مسؤولية القفز عليها، إما بشكل مقصود، أو جهلا بالقانون، أو ربما هما معا، مادامت واقعة القفز على العديد من الحقوق ثابتة بإقرار من مسؤول بالوزارة الذي ذهب، في تصريح لبيان اليوم، أبعد من المتوقع باسترجاعه ما ميز سنة 2009 من تضارب بين وزير المالية صلاح الدين مزوار وجمال أغماني. فالأول، في جواب على سؤال شفوي حول موضوع إخضاع التعويض عن الجولات الخاص بهيئة تفتيش الشغل للاقتطاع الضريبي، أكد أن «هذه التعويضات معفاة من الاقتطاع الضريبي طبقا لمدونة الضرائب»، وأن المصالح المختصة التابعة لوزارته «ستعمل على إصلاح هذا الخلل». فيما فضل الثاني الصوم عن الكلام في انتظار تصحيح الخطأ. ومنذ سنة 2009 التي تميزت بواقعة التضارب بين الوزارتين، وإلى غاية سنة 2011، «لم تتقدم وزارة التشغيل والتكوين المهني على درب إصلاح الأخطاء والاستجابة لأبسط المطالب»، وبالتالي كان لزاما، يقول بلاغ للمكتب الوطني الموحد لقطاع الشغل، توصلت الجريدة بنسخة منه، الدعوة إلى إضراب وطني، بعد غد الأربعاء، تنديدا بما وصفه البلاغ، تشبث من طرف الوزارة ب «إغلاق باب الحوار الجاد والمسؤول وتراجعها عن المكتسبات وعدم التزامها بتنفيذ الاتفاقات المبرمة». فالغموض والمصير المجهول، يقول محمد أبو السهل عضو المكتب الوطني الموحد لمفتشي الشغل لبيان اليوم، لا يزال يكتنف مستخدمي صناديق العمل، والنظام الأساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل لا يساير مضامين الاتفاقيات الدولية خاصة 81 و129 وكذا انتظارات مفتشي الشغل بما فيهم الأطباء والمهندسون والفرقاء الاجتماعيون، ناهيك عن إصرار غير مفهوم من قبل الإدارة العامة على تغييب أبسط الآليات التي تسمح بتوفير ظروف عمل ملائمة (كمقرات العمل ووسائل التواصل البيني)، وعدم رغبتها في وضع معايير شفافة وموضوعية للترقي في الدرجة. ولا تقتصر الأسباب التي تؤدي إلى حنق مفتشي الشغل وإصرارهم على الإضراب الوطني على هاته العوامل. فهم يرفضون، حسب محمد أبو السهل، من جهة، الارتجالية في وضع برامج ترهق كاهل الموظفين دون تحقيق نتائج ملموسة، ومن جهة أخرى، يضعون علامات استفهام بخصوص الحركية الإدارية التي تمس الاستقرار الاجتماعي لمفتشي الشغل وعموم الموظفين، في ظل غياب استراتيجية واضحة وهادفة في مجال استكمال تكوين الأطر والموظفين واحتكار السفريات للخارج من قبل لائحة أسماء قارة من المقربين وغياب معايير موضوعية للتعيين في مناصب المسؤولية. وعشية الإضراب الوطني، ظلت وزارة التشغيل، مصرة على اعتبار الإضراب المستند إلى عدم الاستجابة لهذه المطالب، التي ينضاف إليها ملف تسوية الوضعية المادية للأطباء -مفتشي الشغل الجدد- غير ذي معنى. ورفض مصدرنا بإدارة التشغيل والتكوين المهني تقديم أية إضافات خاصة، بعد طلبنا توضيحات بخصوص ما يعتبره مفتشو الشغل «مضايقات يومية غير منطقية تواجه الموظفين والمرتفقين على السواء عند ولوج المقر المركزي للوزارة»، وبخصوص الحركية الإدارية التي تركز، حسب المضربين، «على تنقيل القيادات النقابية من الدارالبيضاء إلى مدن أخرى، تبعد بمئات الكيلومترات عن مقر سكناها ومكان تواجد أسرها، دون الاستناد إلى طلبات من المعنيين بالأمر ودون أدنى اعتبار للضوابط الإدارية مما يؤدي إلى خلل واضطراب في السير العام لأنشطة الوزارة ولتدخلاتها بشكل ناجع». بالمقابل يرى مفتشو الشغل أن إضراب يوم الأربعاء القادم ليس عبثيا، بل هو فرصة للإعلان على أن الأخطاء التي وقعت فيها وزارتهم ليست نهاية العالم، وبأن الفرصة لاتزال مواتية لأخذ العبرة من أخطاء الماضي ولسد الثغرات التي تكبح جماح الشغيلة،ومحطة مواتية للقاء أعلى قمة الهرم بأسفله من أجل عرض أسباب الزلات المدوية التي سبق للبرلمان المغربي أن أرجع صداها، ولم تكل وسائل الإعلام من تناقل تداعياتها في انتظار ردة فعل جمال أغماني الذي يطالبه ممثلو مفتشي الشغل بلقاء عاجل يختزل المسافات الضوئية التي يصر البعض على وضعها ورسم أخاديد إضافية لتحويل مسار نهر الحوار الذي يبدو بسيطا، سلسا وفي المتناول. فمفتشو الشغل، عبر مسلسل مطالبهم الطويل، لا يرغبون، يقول محمد أبو السهل، من لقاء ما بعد الهزات العنيفة التي تعرض لها العاملون بالقطاع، سوى النظر في التراجعات، انطلاقا من التحكم الجيد في تدبير الموارد البشرية والوقوف على آليات العرقلة المفتعلة داخل الوزارة وإعادة النظر في المدراء المركزيين وضمان الحقوق المكتسبة التي لا زالت مجمدة. اجتماع يسعى من خلاله مفتشو الشغل دعوة أعلى الهرم في وزارتهم إلى النظر في المرآة العاكسة، لتقييم التعثر الكبير في تلبية الحد الأدنى من المطالب، والمضي قدما لتنقية الأجواء بما يضمن القضاء النهائي على حالة الاحتقان داخل القطاع الناجمة عن سلوكات «الاستصغار» و»الإلهاء»، ومحاولة مخزنة الوزارة والتراجع عن كل الوعود والعهود وتكريس مزيد من التراجعات التي لا يمكن اعتبارها إلا إعلانا مسبقا بالموت الوظيفي والقانوني لهيئة التفتيش التي تبقى الملاذ الحقيقي ليس فقط للعمال بل أيضا للنسيج الاقتصادي الوطني وسط يم المتغيرات الجديدة التي اتضحت معالمها بجلاء سواء على المستوى الوطني أو على الصعيد العالمي.