المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة تفاعلية لحزب التقدم والاشتراكية حول "مهن التربية والتكوين ورهان الإصلاح"
نشر في بيان اليوم يوم 11 - 04 - 2021

قال محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إنه لا إصلاح في الأفق ما لم يتم إصلاح التعليم والنهوض به، وما لم يتم تقوية المرفق العمومي وفي مقدمته المدرسة العمومية التي تشكل عصب وجوهر أي إصلاح.
وأضاف بنعبد الله الذي كان يتحدث أول أمس السبت في افتتاح الندوة التفاعلية التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية حول "مهن التربية والتكوين ورهان الإصلاح" أن هناك حاجة وضرورة لاستماع إلى نبض الشارع والمتابعة والاهتمام بما يجري من حركية اجتماعية وما يتم التعبير عنه من مطالب اجتماعية.
وشدد بنعبد الله على أن حزب التقدم والاشتراكية يعتبر بشكل أساسي أن هناك الكثير من الأهداف التي يجب الإنصات إليها والمتعلقة بمضامين الإصلاح وكيفية بلورتها على مراحل مختلفة ومتتالية، مبرزا أن هناك شبه إجماع على المضامين الأساس للإصلاح والرقي بالمنظومة التعليمية، والمتمثلة في ضرورة الارتكاز على المدرسة العمومية والمرفق العمومي في الخدمة التربوية.
وأوضح بنعبد الله أن المدرسة العمومية الجيدة تشكل أول مدخل للإصلاح، لأن في ذلك ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص الذي نص عليه الدستور، والتي تمكن من تحقيق المساواة، مشيرا إلى أنه بالرغم من الإصلاحات والمجهودات الكثيرة المبذولة إلا أن هناك تأخر كبير على هذا المستوى.
وجدد بنعبد الله التأكيد على أنه لا يوجد أي مسار آخر للإصلاح غير الاعتماد على النهج العمومي، والاستعانة بالطبع بالقطاع الخصوصي كدور تكميلي فقط، مبرزا أن النجاح في مسار الإصلاح يبقى أيضا غير ممكن إلا بالاعتماد على الموارد البشرية المكونة للمنظومة التعليمية، وبالأخص هيئة التدريس.
في هذا السياق، قال بنعبد الله إن جميع الفئات التي تشتغل في التعليم، بغض النظر عن الإطار الذي سيخصص لها، يتعين أن تستفيد من نفس الحقوق بشكل متساو، وهذا هو الأساس، "ولا يمكن أن يستساغ أن يكون مدرس في فصل بحقوق معين، وفي الفصل المجاور مدرس أو مدرسة لا يستفيد من نفس الحقوق في حين يقوم بنفس الواجب ويقوم بنفس الدور ونفس الخدمة التي تساهم في تربية الناشئة وتكوين حاضر ومستقبل البلاد،لا يمكننا أن نقبل بهذا المنطق"، وفق تعبيره.
وأكد زعيم حزب "الكتاب" أن الجميع مطالب باحتضان هذه المطالب الاجتماعية المعبر عنها، والدفاع عنها، داعيا إلى ضرورة بلورة مقاربة تسعى إلى الوصول إلى هذا الهدف ضمانا لنوع من السلم الاجتماعي في المجال التربوي، وذلك بغض النظر عن نقاش الإمكانيات المالية للدولة.
وشدد بنعبد الله على ضرورة تحقيق السلم الاجتماعي في المجال التربوي، على اعتبار أنه دون هذا السلم لا يمكن التقدم إلى النتائج المرجوة، لافتا في هذا الإطار إلى الرفض التام وعدم قبول التعامل بمقاربة عنيفة مع المطالب الاجتماعية للشغيلة التعليمية. وقال المتحدث "لا يمكننا في مغرب 2021 أن نستمر في هذا النوع من الممارسات، والمجتمع الناضج هو المجتمع القادر على احتضان جميع أنواع المطالب، وهو الذي يعمل على توفير شروط الحوار الدائم مع جميع الفئات".
وتابع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية "بقدر ما نؤكد على هذه المنطلقات بقدر ما نقول أننا نتوجه إلى جميع المعنيين، من أجل إيجاد حل لهذه الوضعية والأخذ بعين الاعتبار ملايين الأطفال والتلاميذ الذين لم يستفيدوا من تحصيل دراسي كامل منذ 2020 بسبب الجائحة وظروف الحجر الصحي التي زامنت تفشي وباء كورونا منذ منتصف الموسم الدراسي السابق.
وبعدما شدد على أن حزب التقدم والاشتراكية يساند المطالب الأساسية المعبر عنها للشغيلة التعليمية، انطلاقا من توفير الحقوق للجميع بشكل متساو، أثار بنعبد الله الانتباه إلى ظروف الكوفيد التي ترخي بظلالها على الأوضاع وأثرت على تحصيل التلميذات والتلاميذ، داعيا الجميع دولة وحكومة ومختلف الفاعلين في القطاع إلى الأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات، والانتصار إلى مصلحة التلاميذ، على أساس أن يتفق جميع الأطراف في جو من الوضوح.
وخلص بنعبد الله إلى كون المسألة التربوية هي أهم قضية وطنية لما لها من دور كبير في تنشئة الأجيال الحالية والمقبلة، وصناعة حاضر ومستقبل البلاد، مما يتوجب وفق المتحدث "تعبئة الجميع وتوفير الشروط إلى ذلك من قبل الدولة والحكومة، ومختلف الفعاليات الموجودة من داخل هذا الجسم على أساس الوضوح وتوفير شروط ذلك بشكل تدريجي من أجل بلوغ الأفق الذي يتطلع إليه الجميع".
رهان كسب الموارد البشرية
من جهته، قال نورالدين المازوني مدير مساعد بالوحدة المركزية لتكوين الأطر بقطاع التربية الوطنية إنه لا مناص من كسب رهان الموارد البشرية وتثمينها لتحقيق الإصلاح في منظومة التربية الوطنية.
وأضاف المازوني في ذات الندوة الوطنية التي سيرت أطوارها النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية فاطمة الزهراء برصات أن نظم الإصلاح الجديد بلور حصيلة مرحلية لتنفيذ 18 مشروعا استراتيجي لتنزيل مقتضيات الميثاق بنظرة شمولية نسقية تلامس جميع قضايا الشأن التعليمي والتكويني.
وأبرز المازوني أنه آن الأوان للوقوف على هاته الحصيلة المرحلية لملامسة مستوى تملك الفاعل المركزي والجهوي والإقليمي والمحلي لمقتضيات الإصلاح ومستوى إدراكه ووعيه أيضا، "ولنا تصور على مستوى جميع الجهات فيما يتعلق بالتعاطي مع مقتضيات الإصلاح، وهناك شبه إجماع على تملك وانخراط والتزام جميع الفاعلين"، وفق تعبيره.
وأوضح المتحدث أن هذا القلق الذي يشهده المجتمع يعد تعبيرا عن رغبة في الإصلاح، مشيرا إلى أن ذلك ما جاء به القانون الإطار، الذي تضمن عددا من المقتضيات تشكل عقدا بين منظومة التكوين والمجتمع.
وفي عرض قدمه، لفت المتحدث إلى بعض خلاصات التي جاءت بها توجهات قانون الإطار فيما يتعلق بالموارد البشرية والتكوين، والتي من أبرزها أن التكوين الأساس شرط لازم لولوج مهن التربية والتكوين والبحث العلمي، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز التكوينات الممهننة، وكذا التجديد والملائمة المستمران لأنظمة ومناهج وبرامج تكوين مختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، فضلا عن نهج تكوين مستمر مؤهل مدى الحياة المهنية، بالإضافة إلى اعتماد تدبير ناجع للمسار المهني والترقية المهنية على أساس الاستحقاق والتقييم المنتظم.
كما قدم المازوني أهم المشاريع التي تم إعدادها للنهوض بالقطاع وبالموارد البشرية والارتقاء بأداء مؤسسات تكوين الأطر التربوية والتي تتوفر الوزارة على 12 منها كمراكز جهوية للتربية والتكوين، ومركزين اثنين وطنيين، وهما مركز تكوين مفتشي التعليم، ومركز التخطيط والتوجيه.
وكشف المتحدث عن هندسة جديدة للتكوين الأساس لفائدة الأساتذة في مدة 5 سنوات من أجل تجويد التكوين، بالإضافة إلى تكوين أطر الإدارة التربوية في سنتين، مع تكوين يهم أطر الدعم الاجتماعي والإداري والتربوي، فضلا عن إجراءات تهم توطيد سلك التحضير للتبريز وتعزيز التكوين به، وكذا تكوين المستشارين في التوجيه والتخطيط وتكوين مفتشي التعليم، مع اعتماد استراتيجية وطنية للتكوين المستمر.
الاعتناء بمهن التربية والتكوين
بدوره، قال عبد الناصر ناجي عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إنه لا يمكن لأي منظومة تربوية أن تصل إلى مستوى الجودة وتحقيق انتظارات المجتمع من الإصلاح إلا بالاعتناء بمهن التربية والتكوين سواء على مستوى تكوين مختلف الأطر التربوية والإدارية أو على مستوى الارتقاء بهذه المهن، وكذا على مستوى الاعتناء بتطوير الأداء من خلال التنمية المهنية المستدامة والدائمة.
وبدوره قدم ناجي عرضا حول مهن التربية والتكوين ورهان الإصلاح، والذي تطرق فيه إلى أهمية العنصر البشري في أي إصلاح يهم المنظومة، معتبرا أن الإصلاح والتقدم والازدهار ينطلق بالاعتناء بالعنصر البشري، خاصة، يقول المتحدث "في العصر الحالي الذي لم يعد يعتمد على الموارد الطبيعية، بل على الموارد البشرية لتحقيق التقدم والازدهار".
وتطرق ناجي إلى أهم الكفايات التي يجب أن تتملكها الموارد البشرية لتكون منخرطة في الدينامية الحديثة ولتكون قادرة على الانخراط في المجتمع المبني على المعرفة والمبني على التكنولوجيات الحديثة، وخاصة منها الرقمية.
وعاد ناجي ليسلط الضوء على مرحلة كورونا التي عرفت تدبيرا آخر للقطاع من خلال التعليم عن بعد، وما فرضته المرحلة من متغيرات على المنظومات التربوية ليس في المغرب فقط وإنما على المستوى العالمي، حيث دفع إلى التفكير في منظومة جديدة ومدرسة تقطع مع المنظومة التقليدية وتتجاوز براديغم الفصل الدراسي والمدرسة داخل الأسوار إلى مدرسة منفتحة على التكنولوجيات الحديثة.
وأشار إلى أن الجائحة أكدت على معطى أهمية المدرس الذي لا يمكن الاستغناء عنه، بالرغم من التقنيات الحديثة والتعلم عن بعد، الذي قال إنه لا يمكن أن يكون بديلا للمدرس، كما لا يمكن أن يتم بدون هذا المدرس، معتبرا أن التجربة أبانت في المغرب والعالم بأنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال الاستغناء عن المدرس والمدرسة.
لكن بالمقابل، أكد المتحدث أنه في ظل هذه السياقات، برزت خصائص جديدة من الواجب أن تتوفر في المدرسة، بالإضافة إلى كفايات جديدة مطلوبة من المدرس، قصد تجاوز الاختلالات الموجودة في المنظومة والتي من ضمنها ضعف جودة التحصيل الدراسي، حيث أن 70 بالمئة من المتعلمات والمتعلمين المغاربة لا يتحكمون في الكفايات الدنيا سواء في القراءة أو الرياضيات أو في العلوم، وهو ما يعني، حسب المتحدث أن المدرسة المغربية بقطاعيها العام والخاص لا تنتج متفوقين بالمعيار الدولي.
هذه الاختلالات، أفاد ناجي أنها تساءلنا حول الدور الأساسي الذي تلعبه مهن التربية والتكوين، مجددا التأكيد في هذا الصدد أنه لا يمكن تطوير المدرسة إلا بتأهيل الفاعل التربوي والإداري لتحسين جودة التربية والتكوين.
حاجة ماسة إلى السلم التربوي
من جهته، قال يوسف علاكوش الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الزمن الحالي هو زمن الإصلاح والرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار وتنزيل مضامين هذا القانون في إطار التنسيق.
وبعدما ذكر بالمجهودات الكبيرة التي بذلتها أسرة التعليم قبل وإبان الجائحة، أكد يوسف علاكوش أن هناك حاجة ماسة إلى السلم التربوي، خصوصا بعد الاحتجاجات السلمية التي تمت مواجهتها بالعنف، والتعنت الحكومي إزاء ملفات مختلف الفئات التعليمية.
وعاد علاكوش للتأكيد على أن المدرسة المغربية تعرف زمنا خاصا لاسيما وأنها مقبلة على فترة الامتحانات الإشهادية، مما يحتاج إلى تفكير هادئ وعميق، ومناشدة كل القوى الحية للانتصار للقضايا العادلة والمشروعة للمدرسة المغربية والأسرة التعليمية.
وحول النقاش الدائر حول مهن التربية والتكوين، شدد المتحدث على أنه لا يمكن القيام بالإصلاح بدون الاهتمام بالخبير داخل المدرسة المغربية أي الأسرة التعليمية، معتبرا أنها جوهر أي خطوة للتغيير.
واعتبر المتحدث أن الخيط الناظم بين أنظمة الإصلاح والواقع، هو أن تغير لغة الإصلاح بلغة التصالح وتغيير الخطاب، من خلال التصالح مع المدرسة المغربية وقيمتها الرمزية وقيمة الأستاذ داخل المجتمع التي تدنت بشكل كبير، مما جعل الأستاذ يعاني ويلجأ إلى سبل للخروج من المهنة وتغييرها واختيار طرق أخرى كالتقاعد النسبي والتقاعد المرضي بالنظر للوضعية الاجتماعية والمهنية الصعبة التي أصبح يعاني منها الأستاذ.
كما لفت علاكوش الانتباه إلى التداخل على مستوى الإصلاح على المستوى التشريعي، من خلال التقاء مجموعة من القوانين المنظمة لمهن التربية والتكوين، مما أبطأ زمن الإصلاح وساهم في إهداره، لافتا إلى الاختلالات من قبيل الوضعية الإدارية للأساتذة الممارسين في نفس المستوى ونفس القسم، والتفاوت على مستوى الأجور، بالإضافة إلى المسار المهني المحدود، موضحا أن هناك فئة محرومة، وفئة لها نفس المهام فيما تتمتع بمسار مفتوح، كما هو الحال بالنسبة للأساتذة المقصيين من خارج السلم والذين يفوق عددهم 180 ألف أستاذ، بحيث يؤدون نفس الوظيفة ونفس الدور مع زملائهم ولا يتم السماح لهم بالمقابل بالترقية خارج السلم إسوة بباقي زملائهم.
بالإضافة إلى ذلك، لمح المتحدث إلى التقابل الحكومي في النظرة إلى المدرس من خلال فئة تعتبرها عبئا ماليا وتصور آخر يضع هذه الفئة بمثابة استثمار ضروري، معتبرا أن هذا التقابل لا تستطيع الشغيلة التعليمية سوى مقابلته هي الأخرى بالإضراب والاحتجاجات خصوصا بعدما يتم إغلاق باب الحوار.
وشدد علاكوش على أن المدرسة المغربية في المرحلة الحالية هي في غنى عن مزيد من التناقضات والتقابلات التي توسعت بشكل كبير وأدت إلى تكوين فئات مختلفة وسط أسرة تعليمية واحدة، مما زاد من منسوب الاحتقان وارتفاع وتيرة الاحتجاج، مبرزا أن أي إصلاح لا يستقيم إلا بإصلاح هذا الوضعية الإدارية والنظامية.
نجاح في الإصلاح أو فقدان للبوصلة
من جانبه قال عزيز التجيتي مدير مساعد بمديرية الموارد البشرية بقطاع التربية الوطنية إن اللحظة التي نعيشها الآن إما أن ننجح في الإصلاح أو نفقد البوصلة ونعود إلى ما قبل التاريخ.
وشدد تجيتي على أن القانون الإطار جاء ليضع حدا لإهدار زمن الإصلاح ويبرز التوجهات الكبرى التي ينبغي السير عليها لتنزيل أي إصلاح أو برامج من قبل الحكومات التي ستتعاقب على تدبير الشأن العام وعلى تدبير الشأن التربوي.
وبعدما ذكر بأبرز مخططات الإصلاح، أشار المتحدث إلى أن الحلقة المفقودة في الأنظمة السابقة والتي أدت بدورها إلى تقدم ملموس في القطاع، هو عدم اعتمادها على مهن التربية والتكوين كما قامت به الرؤية الاستراتيجية، التي أكدت على ضرورة اختيار مهن التربية والتكوين، معتبرا أنه اختيار دقيق.
وأوضح المتحدث أن الإصلاح يتطلب تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين، من أجل المضي قدما، وتجاوز الاحتقان، مبرزا أن الحديث عن التفاوتات يجب أن يقابله استحضار العوامل التاريخية التي أفرزت ذلك، وهي تعاقب الإصلاحات والأنظمة الأساسية لسنة 1967، 1985، 2003 "والتي حققت تقدما نسبيا في تلك الفترات، لكن بالحديث عن المهن، فالأنظمة الأساسية هي التي ينبغي أن تجسد وتعكس هذه المهن"، حسب المتحدث.
وتابع تجيتي "في الظرفية الراهنة، وحينما دخلنا للقانون الإطار، دخلنا لما هو ملموس، وهناك 18 مشروعا انبثق من ثلاث مجالات كبرى وردت في الرؤية الاستراتيجية والتي تتمثل في مجال الإنصاف وتكافؤ الفرص ومجال جودة المنظومة التربوية، ومجال الحكامة والتعبئة"، مشيرا إلى أن هذه المقتضيات سيتم تنزيلها في ساحة تعليمية تعرف الكثير من المشاكل الفئوية، معتبرا أن هذه الإصلاحات جاءت بنظام يروم ردم هذه الفئوية.
وفي قضية التفاوتات، زاد تجيتي موضحا "لم تكن لدينا مراكز التربية والتكوين، بل كنا نعتمد على مركز المعلمين ومركز الأساتذة ومراكز أخرى، مما أنتج لنا الفئوية وهذا طبيعي، والإصلاح الحالي يروم ردم هذه الفئوية من خلال توحيد المراكز والفئات، كما جاء في قرار توحيد مراكز التربية والتكوين سنة 2018".
إلى ذلك، وحول القانون الإطار، شدد المتحدث على أنه جاء بمشروع يتضمن 6 مكونات، الأول هو تنزيل القانون الإطار في مجال تدبير الموارد البشرية، من خلال مشروع نظام أساسي لمهن التربية والتكوين ينفتح على آفاق جديدة لتوحيد المسارات المهنية لنساء ورجال التعليم، فيما المكون الثاني يتعلق بميثاق أخلاقيات مهن التربية والتكوين ونظام التحفيز، فضلا عن مكون ثالث يهم التدبير الجهوي، وترشيد تدبير الموارد البشرية كمكون رابع، ثم تحديث آليات التدبير من خلال تأهيل النظام المعلوماتي للموارد البشرية، وكمكون سادس تعزيز استقلالية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
القضايا الأساسية
وفي مداخلة باسم حزب التقدم والاشتراكية، قال عزوز الصنهاجي عضو المكتب السياسي للحزب إن الاستحقاقات المقبلة تقتضي أن يتم فتح النقاش العمومي حيال القضايا الأساسية، وضمنها قضية التعليم باعتبارها من أهم القضايا المجتمعية.
وأكد المتحدث على أن حزب التقدم والاشتراكية كفاعل وكقوة اقتراحية ساهم في بلورة عدد من الإصلاحات التي همت قطاع التعليم، بحيث في كل مرة وفي اقتراحاته يركز على استقلالية المؤسسة التعليمية والمرونة في التدبير وأدوار الجماعة الترابية ومجموعة من المقترحات الأخرى.
وذكر الصنهاجي بعدد من الوثائق التأطيرية، التي أصدرها الحزب في فترة جائحة كورونا، منها وثيقة النفس الديمقراطي الجديد، وثيقة النموذج التنموي البديل، واقتراحات الحزب لمواجهة تحديات ما بعد كوفيد، معتبرا أن هذه الوثائق وضعت الإنسان محور العملية التنموية، فيما وضعت المدخل الأساسي لكل ذلك التعليم والبحث العلمي.
وقال الصنهاجي "إننا في حزب التقدم والاشتراكية ندافع عن مدرسة الجودة والارتقاء بالبحث العلمي وكل ما من شأنه أن يرقى بالمنظومة التربوية والتعليمية"، مشيرا إلى أن المغرب عرف محاولات إصلاح طويلة منذ 1957، وتلتها محطات كثيرة إلى حدود القانون الإطار مرورا بالميثاق الوطني والمخطط الاستعجالي، وغيرها من البرامج والقوانين، لكن في كل مرة يكون هناك تعثر.
ورد الصنهاجي هذا التعثر إلى ثلاث أسباب رئيسية، وهي مسألة الإشراك، ثم مسألة الاستثمار وتحمل العبء المالي لهذا الإصلاح، ثم المسألة الثالثة وهي اعتبار قضية منظومة التربية والتكوين قضية قطاعية في حين أنها تمثل قضية مجتمعية.
وأورد عضو المكتب السياسي لحزب "الكتاب" أنه لا يمكن الحديث عن أي إصلاح بدون اعتبار أن هذه المهن يجب أن تكون في قلب المنظومة وفي قلب هذا الإصلاح لكونها تمثل مركز البيئة التعليمية المحلية، مشيرا إلى أن الحلقة المفقودة في جل الإصلاحات التي تمت بلورتها هي إيجاد الخيط الناظم بين التوجهات الكبرى التي جاءت بها أنظمة الإصلاح وبين البيئة المحلية والتي تشكل مهن التربية والتكوين جوهرها، بالإضافة إلى المحيط الثقافي والمدرسة.
في هذا الصدد، ذكر الصنهاجي بأن المغرب على مشارف نموذج تنموي جديد سيتوجه إلى الإنسان، والذي ينبغي إلى جانب القانون الإطار أن يهتم بالعنصر البشري في منظومة التربية والتكوين، من أجل تجاوز الهوة الكبيرة التي قال تتسع بين مستوى إنتاج التوجهات الكبرى والنوايا وعلى المستوى الواقع والذي يدل عليه الغليان وعلى المستوى المحلي وعلى مستوى الفاعل التربوي في أرض الميدان.
ومن مظاهر هذه الهوة أبرز المتحدث عدم ملائمة وعدم وحدة الإطار التنظيمي للمهن التربوية، وضعف التنسيق بين مختلف الهيئات المرتبطة بتأطير هيئات التربية والتكوين، بالإضافة إلى النقص الكبير في معايير الولوج إلى مهن التربية والتكوين، وعدم قدرة التعليم الخصوصي على تعبئة وتوفير الأطر، مما يضطره إلى اللجوء مدرسات ومدرسي التعليم العمومي أو إلى حاملي شهادات بدون توفير التكوين الكافي.
إلى جانب ذلك، شخص المتحدث اختلالات أخرى مرتبطة بعدم قدرة الدولة على التوفيق بين ضرورة سد الخصاص بالهاجس الكمي وبين ضرورة توفير جودة التكوين، سواء التكوين الأساس أو التكوين المستمر، ثم غياب التكوين البيداغوجي لأساتذة التعليم العالي، بالإضافة إلى التذبذب وعدم الانسجام بين الأطر التنظيمية وبين المهام المسندة لبعض الهيئات، فضلا عن اختلالات أخرى تتمثل في ضعف إشراك الفاعلين التربويين، وفي وضع التصورات والتوجهات الكبرى، ضعف التحفيز، غياب رؤية وتوجه لمأسسة التعليم عن بعد وإدماج التكنولوجيات الحديثة، ضعف استقطاب الكفاءات لمهن التربية والتكوين، ثم مسألة معاناة وعزلة الفاعلين إزاء محيط العمل وظروفه.
هذا، إلى جانب تسجيل نقائص من قبيل ضعف الاعتراف الجماعي بأدوار الفاعل التربوي، معتبرا أن هذه مسألة لا تتعلق بالمسائل التنظيمية والتوجهات العامة، بقدر ما هي مسألة مجتمعية، فضلا عن إشكالية اختلال التوازن بين ثقافة الحقوق والواجبات، والتي تتطلب دراسة عميقة، لكونها تؤدي بشكل مباشر إلى مظاهر اللامساواة في مهن التربية والتكوين، مقدما في هذا الصدد مجموعة من النماذج، من بينها الأساتذة حاملي الشهادات، والأساتذة المقصيون من خارج السلم، بالإضافة إلى وضعية الأساتذة المتعاقدين الذين وضعتهم الوزارة على عاتق الأكاديميات الجهوية.
ودعا الصنهاجي في ختام كلمته إلى تجاوز كل هذه الاختلالات، خوصا التي تهم وضعية مهنيي التعليم، من خلال المساواة التامة بين مهنيي التربية والتكوين الذين يؤدون نفس المهام، ووحدة المسار المهني، ووحدة الحقوق والواجبات، فضلا عن دعوته إلى تعديل النظام الأساسي الخاص بموظفي التربية الوطنية الذي قال إنه يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تغييرات جذرية، وأيضا النظام الأساسي الخاص بالوظيفة العمومية لعام 1958 الذي يحتاج أكثر من غيره من القوانين إلى تغييرات جذرية وليس مجرد تعديلات.
وخلص الصنهاجي إلى أن الرهان والمعركة تتطلب اليقظة والإشراك والاستثمار المالي والجرأة السياسية والمسؤولية، مبرزا أن هذه المسؤولية ترتبط بالقوانين التي تتفرع على القانون الإطار والمراسيم التنظيمية، التي دعا إلى السهر عليها من قبل جميع الفاعلين التربويين والسياسيين والمدنيين والمجتمع عبر الآباء والأمهات.
شهادات حية
إلى ذلك، كانت الندوة الوطنية التي نظمها الحزب حول "مهن التربية والتكوين ورهان الإصلاح" قد عرفت مشاركة عدد من الأساتذة من مختلف الفئات، الذين أبرزوا أهم المشاكل التي يعانون منها والملفات المطلبية التي يوجهونها للحكومة.
وأجمعت مختلف الفئات المشاركة في الندوة على أن هناك تفاوتات بين مختلف الفئات، بحيث أن نفس الأساتذة في نفس المدرسة ونفس الفصل لهم وضعيات مختلفة، بين من منع من الترقي بالشهادة وبين المقصيين من خارج السلم، وكذا المتعاقدين الذين لا يستفيدون من نفس حقوق الأساتذة النظاميين، فضلا عن مديري ومديرات التعليم بجميع أسلاكه الذين ما تزال وضعيتهم عالقة ويطالبون بتنزيل المرسومين المؤطرين لعمل الأطر الإدارية.
ونبهت جل المداخلات إلى ما تعرفه الساحة التعليمية من اضطربات واحتقان وسط كل الفئات نتيجة إغلاق باب الحوار والتراجع عن المكتسبات التي حققتها الشغيلة التعليمية قبل 2011، وأساسا في مرحلة التناوب، فضلا عن استمرار تعنت الحكومة والوزارة في التعاطي مع الملفات المطلبية ومقابلة المطالب الاجتماعية بالعنف بدل الحوار.
محمد توفيق أمزيان تصوير: رضوان موسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.