أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أول أمس الثلاثاء بالرباط، أن السياسة الأوروبية للجوار مدعوة للتطور لتتجاوز المنطق المالي المحض وتحيين مبادئها التوجيهية، وهي التمايز والتكامل والتضامن والإشراف وتقديم المزيد لنيل المزيد. وأوضح بوريطة، خلال ندوة صحفية مشتركة مع المفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع، أوليفر فاريلي، أن السياسة الأوروبية للجوار ما زالت تحتفظ بوجاهتها بعد 17 عاما من إطلاقها، لكن الوقت قد حان لتتطور بدورها، وذلك لتتجاوز المنطق المالي المحض، وتركز على أفق "كل شيء عدا المؤسسات" وتحيين مبادئها التوجيهية، أي التمايز والتكامل والتضامن و الإشراف وتقديم المزيد لنيل المزيد. وأضاف الوزير أن السياسة الأوروبية للجوار مدعوة أيضا لتكون بمثابة خط موجه لكافة بنيات الاتحاد الأوروبي، ولتشرك بلدان الجنوب بشكل أكبر في صنع القرار المتعلق بها، وإحداث تنسيق مع الأطر الثنائية والإقليمية والقارية، بما فيها، على الخصوص، الاتحاد من أجل المتوسط، 5 + 5، والاتحاد الأوروبي/إفريقيا. وعلى الصعيد الثنائي البحت، جدد بوريطة التزام المغرب بتوطيد شراكة "قوية ومبتكرة ودائمة" بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وقال إن "الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي توجد في وضع جيد، إنها أكثر تفاعلا وبراغماتية وتتماشى مع التحديات الراهنة"، مشيرا إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس يحرص على الطابع النوعي لهذه الشراكة، وعلى أن تتم، بشكل دائم، في إطار مقاربة للجودة والوضوح والطموح. ورحب بوريطة بزيارة فاريلي إلى المغرب، الأولى له إلى بلد مجاور، مبرزا أن محادثاته مع المفوض الأوروبي كانت غنية وودية ومثمرة، وهمت مستقبل العلاقات الثنائية في سياق المراجعة الجارية للسياسة الأوروبية للجوار. وأكد أن "شراكتنا تتفرد أيضا بالتضامن الذي يطبعها من الجانبين. وقد تجلى ذلك بوضوح في استجابتنا للتحديات التي طرحها وباء كوفيد-19، سواء من خلال تعبئة القطاعات الإنتاجية المغربية لدعم سلاسل القيمة الأوروبية، أو تعبئة الموارد المالية الأوروبية لدعم جهود المغرب. وبالنسبة لبوريطة، فإن هذه الشراكة بدأت فعليا في التجسد من خلال أربعة فضاءات متجانسة هي السياسة والأمن، والاقتصاد والمجتمع، والمعارف المشتركة، والقيم المشتركة. وكذا من خلال محورين شاملين مخصصين للبيئة والهجرة. وبعد أن أكد على الطبيعة المبتكرة للمقاربة المعتمدة، مع المسؤول الأوروبي، لتسريع تفعيل هذه الشراكة المتجددة، أشاد السيد بوريطة بالتزام الطرفين بتحديد المجالات المبتكرة وذات الأولوية الكفيلة بالمساهمة في تنفيذ مخطط الإقلاع كما يريد ذلك جلالة الملك. من جانبه، دعا مفوض الاتحاد الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، أوليفر فاريلي، إلى وضع خطة اقتصادية مفصلة بهدف تعزيز الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مشيدا، في نفس الوقت، بتدبير المغرب "النموذجي" لتداعيات الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وأكد المفوض الأوروبي، خلال الندوة الصحفية أن "المغرب شريك ذو مصداقية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ومن هنا تأتي أهمية وضع خطة اقتصادية مفصلة من أجل شراكة أعمق بين الطرفين". وفي هذا الصدد، أوضح فاريلي أن الأفكار والطرق والمسارات باتت الآن واضحة ليتم، اعتبارا من الربيع المقبل، طرح "خطة اقتصادية مفصلة للشراكة الثنائية". وأشار فاريلي إلى أن الهدف من زيارته للمغرب يتمثل في تحديد المشاريع الملموسة التي سيتم تنفيذها، مبرزا أهمية تنفيذ مشاريع مشتركة من أجل تعزيز اقتصادي الطرفين. وقال "يسعدني جدا أن أرى المغرب قد أحرز تقدما كبيرا" في تدبير الأزمة الصحية المرتبطة ب(كوفيد-19)، مسجلا أن النتائج الاقتصادية للمملكة تؤكد التدبير " النموذجي " لهذه الازمة. وأضاف "إذا قارنت نتائج المغرب مع بلدان المنطقة، أو حتى مع بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإنني أجده أداء يستحق الإشادة". وفي هذا السياق، اعتبر المسؤول الأوروبي أنه ليس هناك حل لهذه الأزمة الصحية بالنسبة لأوروبا خارج سياسة الجوار، مشيرا إلى أن المغرب والاتحاد الأوروبي يعملان على التخطيط لما بعد (كوفيد-19) من أجل إنعاش اقتصاديهما ليخرجا بقوة أكبر من هذه الأزمة.