يكسر هدير الآليات الكبيرة هدوء المكان وسكونه، تعمل بعضها دون توقف على دك التربة، وأخرى تجرف الحجارة وتمهد الطريق، منتشرة على طول قرابة 1176 متر، تسابق الزمن لإتمام تعبيد هذه المسافة المتبقية من الطريق المؤدية من معبر الكركرات نحو معبر نواذيبو الموريتانية، لإنهاء معاناة سائقي الشاحنات التي تمر من المنطقة، بعد أن أنهت القوات المسلحة الملكية قبل أيام كابوس ابتزازهم من طرف عناصر البوليساريو، وتأمين المنطقة. بلونها الأحمر الرامز إلى الجرأة والبسالة والقوة، ونجمتها الخماسية خضراء اللون الرامز إلى الحب والفرح والحكمة والسلام والأمل، ترفرف راية المغرب عاليا، على مسافة قريبة من معبر نواذيبو، حيث أشرفت أعمال تعبيد الطريق على الانتهاء، والتي لم يتبق منها إلا قرابة كيلومتر واحد، كما عاينت ذلك جريدة بيان اليوم، صباح أول أمس الأحد، عقب قيامها بجولة على طول منطقة "قندهار" التي طهرتها القوات المسلحة الملكية من ميليشيات البوليساريو، وطهرتها السلطات من مراتع استيطان المهربين وانتشار التجارة الممنوعة. يستبشر سائقو الشاحنات خيرا من تعبيد هذه الطريق، لأنها ستساهم في تسهيل مرورهم والحفاظ على الهياكل الميكانيكية لشاحناتهم، فقبل تعبيد الطريق ومباشرة بعد قطع مسافة 3800 متر من معبر الكركرات والتي كان المغرب قد قام بتعبيدها وتزفيتها سنة 2016، تبدأ معاناة السائقين مع المنعرجات الرملية والصخور والحفر، مما يتطلب منهم أزيد من ساعة ونصف لقطع المسافة التي لا تتجاوز عشرات الأمتار. يشار إلى أن توقف أشغال إتمام هذه الطريق في وقت سابق، راجع إلى تدخل ميليشيات البوليساريو، التي كانت قد منعت العمال من إتمام أشغالهم أمام أنظار عناصر المينورسو، مما أجل فرحة السائقين، الذين قدر لهم أن تأتيهم هذه الفرحة كاملة مجتمعة. وتساهم هذه الطريق في الدور الاستراتيجي المهم لمعبر "الكركرات"، الذي يساهم في رواج التبادل التجاري بين المغرب ودول أفريقيا جنوب الصحراء، لاسيما على مستوى تصدير السلع المغربية نحو هذه الدول. تمر مئات الشاحنات من عدة أصناف محملة بالبضائع، يوميا عبر معبر الكركرات، وتتوزع هذه السلع ما بين الخضر والفواكه والمواد الغذائية، والبيض ومنتجات البلاستيك والأنابيب والأجهزة الكهربائية والتبغ إلى جانب منتجات أخرى. وفضلا عن موريتانيا، فإن المنتجات الفلاحية والمواد المصنعة بالمغرب، تصدر عبر معبر "الكركرات" إلى السنغالومالي وغامبيا والكوت ديفوار والنيجر وعدد من الدول الإفريقية الأخرى. وقد ارتفع حجم المبادلات التجارية بين المغرب وباقي بلدان أفريقيا بنسبة 20% خلال السنوات 15 الماضية، بزيادة بلغت 14.458 مليار درهم (1.6 مليار دولار)، و بلغت قيمة هذه المبادلات حوالي 40.5 مليار درهم (4.4 مليارات دولار) سنة 2018. (الدولار يعادل 9.13 دراهم مغربية). أمن وسلام وشهد معبر الكركرات الذي أضحى يسوده الأمن منذ 13 نونبر الجاري، عبور المئات من شاحنات نقل البضائع، التي كانت تحركات "ميلشيات البوليساريو" قد عرقلت سيرها لثلاثة أسابيع، وعبرت منذ التاريخ نفسه وإلى غاية صباح أول أمس الأحد 965 شاحنة، حسب مصدر جمركي لبيان اليوم، مبرزا أنه منذ فتح الطريق خرجت 500 شاحنة من المغرب في اتجاه موريتانيا، فيما دخلت إلى المغرب 465 شاحنة. وكشف المصدر نفسه أن المعبر شهد مرور حوالي 260 ألف طن من صادرات المغرب نحو إفريقيا خلال هذه الفترة، مشيرا إلى أن أبرز وجهات الشاحنات المغادرة هي موريتانياوالسنغالومالي والنيجر، وهي نفس الدول التي تأتي منها عدد من الشاحنات القادمة إلى المغرب. وقال المصدر عينه، أن أبرز المواد المصدر هي الأسماك والبصل والبطاطس والجزر لكل من دولتي مالي والنيجر، ثم بعض أنواع الخضروات للسنيغال، أما فيما يخص موريتانيا فيتم تصدير كل شيء إليها. وأمست الكميات التي تصل إلى السوق الموريتانية من المنتجات المغربية، تشكل سوقا مغربية شهيرة في العاصمة الموريتانية نواكشوط، يفد إليها التجار بلدان الجوار يتزودون بالخضر والفواكه. تقوية المعاملات وبالتالي، تبرز أهمية تعبيد هذه الطريق، وتأمين المنطقة، في المساهمة في ازدهار النشاط التجاري والاقتصادي، من خلال تشجيع الشركات والمصدرين وأيضا أرباب الشاحنات على سلك هذا المسار الذي يفضي إلى سوق واعدة، حيث يفتح الباب أمام تقوية المعاملات التجارية مع بلدان القارة السمراء، خاصة في أفق الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي يتم إبرامها مع الدول الأفريقية، خاصة أن المعبر غير المعبد يحدث أضرارا اقتصادية جسيمة ويؤثر بشكل مباشر على الحالة الميكانيكية العامة للمركبات وعلى الحالة النفسية للسائقين المهنيين ومعاونيهم. يشار إلى أنه بخصوص المبادلات الاقتصادية بين المغرب والقارة الإفريقية فإن التقرير السنوي لمكتب الصرف لسنة 2019 يوضح مدى أهميتها، إذ في الوقت الذي عرف الميزان التجاري مع العالم خسارة منها 107.8 مليار درهم مع أوروبا فإنه سجل نموا بنسبة 8.2 مليار درهم مع القارة الإفريقية بارتفاع 3.7 مليار درهم في سنة 2019 مقارنة مع سنة 2018 مع التذكير أنها لا تمثل إلا نسبة 5.1% من الميزان التجاري. وحسب التقرير السنوي ذاته فإن قيمة الواردات المغربية من القارة الإفريقية بلغت إلى حدود متم سنة 2019 ما قيمته 17928 مليار درهم بزيادة 3.6% مقارنة مع سنة 2018 في حين بلغ مجموع الصادرات المغربية نحو القارة الإفريقية ما قيمته 21649 مليار درهم، وذلك بزيادة نسبة 7.7% مقارنة مع سنة 2018. تأمين الحركة التجارية في سياق متصل، أكدت كريمة بنيعيش سفيرة المغرب في إسبانيا أن التدخل المشروع للمغرب في منطقة الكركرات استهدف بالأساس فك الحصار عن هذا المعبر الحدودي الحيوي وتأمين تدفق الحركة التجارية والتنقل في منطقة استراتيجية وحيوية ليس بين المغرب وموريتانيا فحسب وإنما بين أوروبا وإفريقيا. وقالت كريمة بنيعيش السبت الماضي في مقابلة مع الإذاعة الوطنية الإسبانية إن المغرب تدخل في إطار صلاحياته وفي امتثال كامل للشرعية الدولية بشكل سلمي وآمن بعد رفض ميليشيات "البوليساريو" التي اقتحمت معبر الكركرات بهدف عرقلة حركة تنقل الأشخاص والبضائع الانسحاب من المنطقة رغم الدعوات المتكررة للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة. وأوضحت أن المغرب لم يقم إلا بإعادة فتح هذا المعبر بشكل آمن وسلمي تحت أنظار عناصر بعثة (المينورسو) وفرض طوقا أمنيا من أجل تأمين وضمان الانسيابية للحركة التجارية ولحرية تنقل الأشخاص والبضائع . *** مصطفى شعون: البوليساريو أترث منذ سنة 2016 على حركة النقل والتنقل ونستبشر خيرا بتعبيد الطريق بعد المعاناة الطويلة قال مصطفى شعون، رئيس الإتحاد الإفريقي لمنظمات النقل واللوجستيك، إن مهنيي النقل الدولي للبضائع والسلع في اتجاه إفريقيا جنوب الصحراء استبشروا خيرا بعد بداية أشغال تهيئة وتعبيد الطريق الرابطة بين المعبر الحدودي المغربي الكركرات والأراضي الموريتانية، وبالضبط بالمنطقة العازلة على طول عشر كيلومترات بعد معاناة طويلة لسنين بهذا المقطع الطرقي حيث ترتبت عليه أضرار اقتصادية جسيمة وأثر بشكل مباشر على الحالة الميكانيكية العامة للمركبات وعلى الحالة النفسية للسائقين المهنيين ومعاونيهم. وأضاف شعون العضو أيضا بسياسات النقل بإفريقيا للبنك الدولي، ورئيس الاتحاد الإفريقي لمنظمات النقل واللوجستيك، في تصريح خص به جريدة بيان اليوم، أن المعبر الحدودي الكركرات يعتبر ذا أهمية كبيرة في تأمين التنقل المدني للأشخاص والبضائع والمبادلات التجارية بين المملكة المغربية وباقي دول القارة الإفريقية جنوب الصحراء وكذلك بين القارة الأوروبية وإفريقيا عبر المملكة المغربية، مؤكدا أنه سيلعب دور تنشيط السلسلة اللوجيستيكية والمساهمة الفعلية في التنمية المستدامة للقارة الإفريقية وجعلها قادرة على مواكبة كل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة على دولها. وأبرز المتحدث نفسه، في اتصال مع بيان اليوم، أن هذا المعبر الحدودي وقربه من المحيط الأطلسي سيساهم لا محالة في تنمية الأقاليم الجنوبية من خلال الرؤية المتبصرة جنوب -جنوب. من جهة أخرى، اعتبر شعون أن كل الممارسات الاستفزازية للمليشيات المسلحة وقطاع الطرق لجبهة البولساريو بالمنطقة العازلة أو ما يسمى ب»قندهار» بعد المعبر الحدودي للكركرات منذ سنة 2016 كانت تؤثر على حركة النقل والتنقل بصفة مستمرة وصلت إلى حد الاعتداءات اللفظية والجسدية والتهديد بالقتل في حق مهنيي النقل الطرقي. وتابع المتحدث ذاته، أنه أمام هذه الممارسات كانت المملكة المغربية تلجأ في كل مناسبة إلى الطرق الدبلوماسية وإلى مجلس الأمن الدولي لحث هذه المليشيات والعصابات وتجار المخدرات وتهريب البشر لمغادرة المنطقة وضمان التنقل المدني للأشخاص والبضائع لكن ما وقع أخيرا ومنذ 21 أكتوبر من هذه السنة كان استثناء لاسيما أن الأمين العام للأمم المتحدة شدد على ضرورة إخلاء المعبر بدون إستجابة مما دفع بالقوات المسلحة الملكية بأمر من جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده إلى التدخل. وشدد شعون، على أن الأمر لم يتجاوز ساعات قليلة قبل مغادرة الميليشيات، مشيدا ومثمنا هذا التدخل، مستطردا «نحيي عاليا كل القوات المرابطة بحدود المملكة، ونسجل ارتياح في صفوف مهنيي النقل الطرقي كما نعبر عن تضامنا المطلق واللامشروط مع كل المقاولات النقلية والسائقين المهنيين الذين تعذر عليهم العبور والرجوع للمغرب وظلوا بالشقيقية الموريتانية إلى أن تدخلت قواتنا الملكية المسلحة». واعتبر شعون أنه الآن وجب وضع المعبر الحدودي الكركرات في صلب التنمية بخلق محطات وقوف مؤمنة تتوفر على جميع شروط الراحة وتقدم خدمات للعابرين من وإلى إفريقيا جنوب الصحراء، وإحداث وحدة طبية متنقلة بمركز بئر كندوز كأقرب نقطة شبه حضرية للمعبر الحدودي ومواكبة السائقين المهنيين في الذهاب والإياب. مبعوث بيان اليوم إلى الكركرات: عبدالصمد ادنيدن- تصوير أحمد عقيل مكاو