أَركَانَة مُرَّاكُشَ صَهِيلُ الخُيُولِ يَتَصَيٌَدُ العَابِرِينْ البَاحَاتُ، المَقَاهِي، الشٌُرُفَاتُ، وَالدُّرُوبُ العَتِيقَهْ.. تُرْضِعُ حَلِيبَهَا لِلْخُدَّاجِ الابْتِسَامَاتُ الحَمْرَاءْ الأَحَاجِيُ المُتَلَصِّصَةُ مِنْ عُمْقِ التَّارِيخُ الثَّعَابِينُ وَمَا تَبَقَّى مِنْ نَسْلِ العَقَارِبِ تَصْنَعُ فَرْحَةَ مُرَّاكُشَ كُلَّ مساءٍ الحناءُ.. ...الأوراقُ.. ....العرافاتُ... تَعِدُ الأَيَادِي بطيورٍ تُبِيدُ الظلامْ تَعِدُ بشموسٍ ضاحكةٍ لأيَّامَ أطولَ مِنْ عُمرِهَا. وأركانةُ المُطلةُ على تَقاسِيمِ الحركةِ غيرِ المتناهيةِ فِي جَامِعِ الفْنَا تُشَرِّعُ نَوافذَها لاحْتِضانِ الأَحْلامِ الطَّرِيةِ.. بَيْنَ عاشِقَيْنِ قَادِمَيْنِ مِنْ أَرْضِ الثَّلْجِ لِيَتَوَاعَدا فِي كَرَاسِيهَا الممتلئةِ بالحُلمِْ لِيَتَبَادَلاَ بَعْضاً مِنَ القُبَلِ الخَاطِفةِ. لاَ أحدَ يعبَأُ بِرَنِينِ الأَصْواتِ المُخْتلفةِ. لاَ أَحَدَ يَعْبَأُ بِرَائِحَةِ النَّخِيلِ.. والانْفِجارُ الصَّاعدُ مِنْ قَلْبٍ أَسْودَ اقْتَنَصَ شُرُودَ أَرْكَانَةَ الدَّمُ يَحْكِي قِصَّةَ عَرُوسٍ اغْتِيلَتْ فَرْحَتُهَا الخَرَابُ يَنْعِي دَهْشَةَ مُرَّاكُشَ المُحَاطَةِ بِوَصَايَا الرِّجَالِ السَّبْعِِ وَأَنَا الشَّاهِدُ عَلَى بُكَاءِ الظَّهِيرَةِ أَحْمِلُ نَبْتَةَ الصُّبارِ أَزْرَعُهَا فِي قَلْبِ أَرْكَانَةَ لتُورِقَ من جديدْ وَأَمْضِي. نهر أمّ الربيع خلف أسوار «أزمور»، هذه المدينة المغربية الصغيرة، التي تحالف فيها التاريخ والجغرافيا معاً، وعلى بُعد أمتارٍ، يصبّ في «بحر الظلمات» (المحيط الأطلسي) نهر «أمّ الربيع»، مختلساً -في انعطافاته والتواءاته- بعضاً من بهاء المنبع الخلاب، وبعضاً من شموخ «جبال الأطلس». *** هنا، لا أحد من ساكنة المدينة يهتم بالجمال، وقد لا تهمّهم سوى جسور النهر، التي تربطهم بالضفة الأخرى، وبإيقاع الحياة المتسارع، ولولا تلك الجسور لتفوّقت مخيّلاتنا على شهرزاد في اجتراح الكثير من الحكايات عن أناس الضفة الأخرى... هكذا، أجدني شبه وحيد في المشهد! *** إنها طبيعتنا البشرية الغامضة الملتبسة، فبحكم العادة، نملّ من رؤية ما حولنا، مهما كان، فهو لا يكرّس -في نظرنا- سوى المزيد من إكراهات المحيط الخانق، ولن تجد على ضفاف النهر سوى بعض المهزومين، يبحثون عن خلوة... لهم فيها مآرب أخرى!. الفصل خريف، والسماء شحيحة.. لكن «أمّ الربيع» لا يبخل ببهائه وربيعه في كل الفصول على أحدٍ. *** الصورة بألف كلمة، ومهما أوتي المرء من بلاغة، سيعجز عن التعبير عمّا يخالجه إزاء هكذا بهاء، مثلما يصعب القبض على هذه اللحظة الجماليّة المنفلتة، وهو ما حدث مع الصور الملتقطة لمنحدر أشجار الأوكالبتوس -من عدة زوايا، ومن علٍ- لكن في كل مرّة، أجد آلة التصوير عاجزة عن اختزال ذلك البهاء. فسبحان الخالق المصوّر!.