لا قيمة لأي فريق مهما عظم شأنه، ومهما أنجب من أسماء لامعة، إذا كان يعيش وسط خضم مشحون بالأزمات، فريق لم يعد يقو على النهوض والتألق، فريق طالت مرحلة مخاضه حتى غاب عن التمثيل القاري وصام عن الألقاب. فمتتبعو أحوال الكرة المغربية يشعرون بغبن كبير وهم يشاهدون فريق كل المغاربة، نادي الجيش الملكي يتهاوى موسما بعد آخر. وهي حالة غير صحية مست الجسد الكروي العسكري في الصميم، رغم أن على رأس هذا الفريق المجيد والأصيل، رجال ذوو وزن ثقيل على ساحة الأحداث، ومع ذلك لم يحركوا ما لديهم ليتركوا الفريق يفقد بعض مقوماته، لنخشى أن يتحول إلى ذكرى من الذكريات المأسوف عليها. ما الذي يحدث داخل مطبخ فريق الجيش الملكي، أي مشكل يعانيه هذا الصرح الضخم حتى يغيب عن التمثيل القاري والغربي، بل حتى الألقاب الوطنية التي اعتادها من بطولات وكؤوس، ترى من يتحمل كل هذا التراجع المريب؟ أين هم الغيورون على الفريق الذي صال وجال وظل لاعبوه بمميزات هائلة، حملوا دوما قميص المنتخب وتفانوا في الدفاع عن ألوانه. إن الحالة غير المشرفة التي يوجد عليها فريق الجيش الملكي حاليا، لا تبعث عن الارتياح، ولا يمكن بأي حال من الأجوال قبولها، لأن الأمر يتعلق بفريق «وطني» فالجيش الملكي يتحتم أن يبقى اسما على مسمى، فهل يقبل أي أحد منا أن يتهاوى فريق الجيش الملكي بأنفيته، فحبنا لبلدنا ولقواتنا المسلحة الملكية يوازي أحيانا حبنا لفريق الجيش الملكي حين يتوج وطنيا أو عربيا أو قاريا، فالظرفية الحالية تقتضي من كل الغيورين تطويق أزمة الجيش الملكي وإعادته إلى سكته الصحيحة، سكة الإشعاع والتألق وحصد الألقاب. فمن منا لا يأخذه الحنين لأمجاد الجيش الملكي، أمجاد دونتها أجيال بمداد الفخر والاعتزاز، أمجاد وقع عليها نجوم تألقوا ودافعوا على الألوان العسكرية بكل إخلاص وصدق، فأين لنا من باموس، زناية، عبد الله، علال، الغزواني المختطف وبعدهم دحان، احسينة، خيري، التيمومي، هيدامو، الرموكي، الغريسي، اللمريس، إنها بالفعل تحف تركت بصماتها خالدة على رقع الميادين، لوائح طويلة نعتذر عن إغفال بعض أسمائها، أسماء رفعت هامة الجيش الملكي في الأعالي. لماذا أصبحنا نرى فريق كبير وعريق مثل الجيش الملكي على هذا المستوى المتدني والغامض والمريب؟ أي أزمة إذن تراوح البيت العسكري، ونقض مضجع كل المهووسين بحبه؟ إنه تقهقر مرعب وغير مقبول، ولا تفسير لنتائجه الهزيلة منذ موسمين. أكيد أن وضعيته وحالته تقتضي تشريح الجسد بذقة متناهية، واستئصال الداء الخبيث الذي جعله يتوارى إلى الخلف. إن الحب الكبير الذي نكنه لكرة القدم الوطنية، ولكل رموزها الرفيعة يدفعنا إلى طرح الأسئلة بحثا عن خبايا الأمور، وعن أجوبة معقولة تشفي غليلنا، وتعيد الارتياح والاطمئنان إلى نفوسنا، لأن تساقط وتراجع رموز كرة القدم الوطنية ومنها الجيش الملكي إنذار واضح وشهادة وفاة رسمية لرياضتنا الشعبية الأولى، كرة القدم، إذ حين نخسر كبريات الأندية فمعنى ذلك سنخسر كل شيء، وليس هذا من التشاؤم في شيء، بل هو واقع مر!! لقد حان الوقت كي يقوم الجهاز المشرف على تسيير فريق الجيش الملكي بتطويق الأزمة وإصلاح الحال بمعالجة الاختلالات وأي تحرك جاد لابد أن ينعكس إيجابا على عطاء الفريق، والجيش الملكي من فرقنا التي لا يمكن التفريط فيها لتاريخها الخليد. بالأمس فرحنا لتأهل الرجاء البيضاوي، على مستوي منافسات عصبة الأبطال كما فرحنا كذلك تأهل المغرب الفاسي والدفاع الحسني الجديدي في كأس الكاف، كما كان حزننا عميقا للخروج غير المستحق للوداد البيضاوي وبطريقة تخدش مصداقية الكرة الافريقية، حيث تكالب التحكيم الجائر على الحمراء وقرر إقصاءها بطرق ملتوية، في حين غادرت الفتح حاملة اللقب المنافسات بعد هزيمة غير متوقعة في لقاء الإياب أمام الفريق الأنغولي بريميدو أكوشطو. كل هذا يحيلنا على ذكريات الجيش الملكي الذي كان قاهر أعتد الأندية الإفريقية، فهل يسارع أصحاب القرار لتدارك الموقف وإعادة الاعتبار لجيش كل المغاربة.