اقترح المجلس العسكري الحاكم في مالي تشكيل هيئة انتقالية برئاسة عسكري تتولى إدارة البلاد لمّة ثلاث سنوات، كما وافق على عودة الرئيس المخلوع إبراهيم أبو بكر كيتا إلى منزله أو سفره إلى الخارج لتلقي العلاج، وفق مصادر المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والانقلابيين. وأفاد مصدر في وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لوكالة فرانس برس بأن "المجلس العسكري أكد أنه يريد عملية انتقالية مدتها ثلاث سنوات لمراجعة أسس الدولة المالية. هذه العملية الانتقالية تتولى إدارتها هيئة يرأسها عسكري يكون في الوقت نفسه رئيسا للدولة". وأكد مسؤول عسكري أن "العملية الانتقالية مدتها ثلاث سنوات، وستكون برئاسة عسكري وحكومة مؤلفة بغالبيتها من عسكريين. و اجتمع مبعوثو "ايكواس" لنصف ساعة مع أعضاء "اللجنة الوطنية لانقاذ الشعب" التي أسسها الانقلابييون,ة بينهم رجل البلاد الكولونيل عاصمي غويتا، في استمرار للجهود الرامية إلى إعادة الحكم المدني للبلاد. وكان وفد دول غرب إفريقيا التقى أول أمس في باماكو قادة المجلس العسكري الذي يدير البلاد حاليا ، والرئيس المخلوع ابراهيم ابو بكر كيتا، وذلك بعد خمسة أيام على انقلاب عسكري أطاحه من الحكم. وقال الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان الذي يرأس الوفد لوكالة فرانس برس "التقينا الرئيس كيتا. الأمور على ما يرام. المحادثات تتم في شكل جيد". وقبيل اللقاء مع كيتا، استقبل أعضاء "اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب" وبينهم رجل البلاد القوي الجديد الكولونيل عاصمي غويتا، في وزارة الدفاع الوفد الذي أرسلته المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وفق ما أفاد صحافي من وكالة فرانس برس. وعقب لقاء استمر ثلاثين دقيقة، غادر الوفد المكلف "ضمان العودة الفورية للنظام الدستوري"، بدون الإدلاء بأي تصريح. وقال مصدر قريب من العسكريين إنه "لقاء تواصل رسمي. ستجري لقاءات أخرى، لن تتم بالضرورة عبر وساطات، لكن لدينا انطباع جي د عن بعثة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا". وأضاف "علمنا بأن رؤساء دول، على غرار رئيس ساحل العاج الحسن وتارا، يعملون على تخفيف التوتر من أجل حل سلمي، رغم إدانتهم الصارمة لتول ينا السلطة. نحن منفتحون على النقاش". وعند وصوله، قال جوناثان إنه واثق بأن النقاشات ستقود إلى "أمر في صالح البلاد، وصالح المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وصالح المجتمع الدولي". ومن المزمع أن يزور مبعوثو المجموعة كاتي، المدينة الواقعة في ضواحي باماكو والتي صارت مقرا للسلطة الجديدة، للقاء "الشخصيات الموقوفة" التي بينها رئيس الحكومة بوبو سيسيه. ويحتجز العسكريون منذ الثلاثاء الماضي، خمسة عشر مسؤولا مدنيا وعسكريا ، بينهم رئيس البرلمان موسى تمبينيه ورئيس أركان الجيش الجنرال عبد الله كوليبالي. وطالبت دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا خلال قمة استثنائية ب"إعادة" الرئيس كيتا إلى منصبه، وقررت إرسال وفد إلى باماكو من أجل تحقيق "العودة الفورية للنظام الدستوري". وانتخب كيتا عام 2013، ثم أعيد انتخابه في 2018، وواجه طوال الأشهر الأخيرة احتجاجات واسعة في الشوارع بدعوة من تحالف واسع للمعارضة. رغم إدانته من طرف المجتمع الدولي، لم يلق الانقلاب معارضة ت ذكر في باماكو. اذ استأنف سكان مالي نشاطاتهم غداة الانقلاب، وواصل التلفزيون العام (أو إر تي إم) بث برامجه. ولقي العسكريون الذين استولوا على الحكم ووعدوا بإجراء "انتقال سياسي"، استقبالا حافلا الجمعة وسط باماكو من طرف آلاف من أنصار المعارضة التي طالبت لأشهر باستقالة رئيس الدولة وحي ت الجيش على تدخله. وحاول عشرات من أنصار الرئيس كيتا التظاهر في باماكو صباح السبت، قبل أن تفر قهم الشرطة. وقال عضو حزب "تجمع القوى الجمهورية" عبد الله نيانغ لوكالة فرانس برس "جئنا هنا هذا الصباح لإظهار عدم موافقتنا على الانقلاب. لكن جاء أشخاص هاجمونا بالحجارة، واستغلت الشرطة هذا الاعتداء لتفريق نشطائنا". مع تواصل النقاشات السياسية والدبلوماسية في باماكو، قتل أربعة جنود وأصيب خامس بجروح خطرة صباح السبت في انفجار عبوة ناسفة وسط البلد، وفق مصادر عسكرية وإدارية. لكن الانقلاب عجل بسقوط شمال البلاد في أيدي الجماعات الإسلامية المسلحة، قبل أن يتم دحرها خصوصا بعد تدخل عسكري فرنسي في يناير 2013 لا يزال مستمرا. وتوسعت هجمات الجماعات الجهادية إلى وسط البلاد عام 2015، ما أدى إلى خسائر مدنية وعسكرية جسيمة. وهذه الهجمات المتداخلة مع نزاعات محلي ة، امتدت أيضا إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين. ونددت المعارضة في الأشهر الماضية بعجز السلطات المالية عن السيطرة على مناطق مترامية من شمال البلاد ووسطها. وعزا العسكريون الذين أجبروا الرئيس على الاستقالة وتسلموا السلطة، خطوتهم إلى انعدام الأمن الذي يسود البلاد وافتقار الجيش الى إمكانات