الحكومة تعتزم تقديم مشروع قانون يرفع سن التقاعد إلى 62 سنة ستجتمع في الأيام القادمة، اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب برئاسة الوزير الأول عباس الفاسي. اجتماع هذه اللجنة، التي لم تلتئم منذ 2004، سيشهد حسب مصدر مطلع، مناقشة مشروع قانون يتم بموجبه رفع السن القانوني للإحالة على التقاعد من 60 إلى 62 سنة واحتساب قيمة المعاش على قاعدة متوسط أجر الثماني سنوات الأخيرة بدل آخر أجر كما هو عليه الأمر اليوم في الصندوق المغربي للتقاعد. ويأتي اقتراح الحكومة هذا، بعد أن فتح المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، الذي يؤمن تقاعد حولي 700 ألف موظف، الباب للمصادقة، منتصف 2010، على رفع سن التقاعد إلى 62 سنة مخلفا جدلا واسعا وسط المعنيين والمهتمين بالملف خاصة وأن اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد كانت بصدد إنهاء حوالي سبع سنوات من الاشتغال على سيناريوهات إصلاح نظام التقاعد المغربي في ضوء تقرير مكتب الخبرة الدولي «أكتواريا» الذي عهد إليه بوضع تشخيص لمختلف نظم التقاعد المعمول بها في المغرب ووضع اقتراحات لإصلاحها. وحسب محمد هاكش، القيادي بالاتحاد المغربي للشغل وعضو اللجنة التقنية لإصلاح نظم التقاعد، فاستعجال اللجنة الوطنية التي يرأسها الوزير الأول حسم موضوع اشتغلت عليه اللجنة التقنية وفق دراسة لمكتب الخبرة الدولي عدة سنوات وأشرفت على وضع خلاصاتها، من خلال مشروع قانون المذكور، «يؤكد مرة أخرى، أن هاجس الحكومة ظل دائما هو أزمة الصندوق المغربي للتقاعد وليس الإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد في جوانبه الاجتماعية والفلسفية إضافة إلى الجانب المالي للمشكل». وتساءل الهاكش، في تصريح لبيان اليوم، عن «جدوى المجهود الذي بذلته اللجنة التقنية لمدة سبع سنوات عقدت خلالها ما يزيد عن 55 اجتماعا ماراطونيا، كما صرفت الدولة مبلغ 9 مليون درهم لفائدة مكتب الخبرة الدولي من أجل إنجاز التشخيص وسيناريوهات الإصلاح المتعلقة بنظم التقاعد في وقت اختارت اللجنة الوطنية حلا ترقيعيا». وأضاف الهاكش أن «مشروع رفع سن التقاعد إلى 62 سنة كان سيمرر عبر القانون المالي ل2011، غير أن احتجاج المركزيات النقابية الممثلة في اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، أدى بالحكومة إلى سحبه، لكن بصفة مؤقتة على ما يبدو». واعتبر أن «اللجنة التقنية التي شرعت منذ غشت 2010 في النظر في تقرير مكتب الدراسات الدولي، وكانت على أهبة الشروع في المناقشة الحقيقية والجوهرية لسيناريوهات الإصلاح الضرورية والملائمة للواقع المغربي، فوجئت بفرض أسلوب جديد في التعامل داخل اللجنة التقنية برز معه أن هناك نية في تجاوز هذه اللجنة واتخاذ القرار بشكل فوقي من قبل اللجنة الوطنية التي يترأسها الوزير الأول، أو عن طريق قرارات تتخذها الحكومة مباشرة». من جهته، شدد العربي حبشي، القيادي بالفيدرالية الديمقراطية للشغل وعضو اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، على «ضرورة تبني منهجية التوافق للوصول إلى حلول في إطار مقاربة شمولية تأخذ في الاعتبار إكراهات الصناديق والحفاظ على المكتسبات الاجتماعية للشغيلة وللمتقاعدين». وأضاف الحبشي لبيان اليوم، أن «المركزيات النقابية الخمس في تشاور دائم لبلورة مواقف متجانسة من هذه الإشكالية»، مؤكدا على انفتاحهم على النقاش لكن مع «رفض كل الإجراءات الانفرادية من قبل الحكومة خاصة وأن إشكالية التقاعد لن تحل عبر الإجراءات التقنية، إذ أن هذه الإشكالية متعددة الأوجه، وبالتالي فالحل لن يكون إلا شموليا». ويعتبر عضو اللجنة التقنية أن «مشكل التقاعد مرتبط أوتوماتيكيا بالاقتصاد الوطني، حيث أن أي قرار بالرفع من سن التقاعد سيكون له تأثير مباشر على سوق العمل، عبر تراجع عروض الشغل وتفاقم البطالة، كما أن الرفع من التحملات الاجتماعية من شأنه إرهاق كاهل المأجورين وبالتالي إضعاف قدراتهم الشرائية الهزيلة أصلا» يضيف العربي حبشي. وللتذكير، فقد كان ممثلو المركزيات النقابية الخمس في اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد قد وجهوا رسالة إلى الوزير الأول، عباس الفاسي، يحتجون فيها على «فرض أسلوب جديد في التعامل داخل اللجنة التقنية يرمي إلى الإجهاز على ست سنوات من العمل المتواصل»، والذي يتجلى في «عدم مناقشة التقرير النهائي الذي قدمه مكتب الدراسات، وفرض تقرير باسم اللجنة التقنية بالرغم من تحفظات الطرف النقابي على مضمونه؛ والانحراف على مبدإ التوافق في اتخاذ القرارات الذي كان معمولا به منذ انطلاق أشغال اللجنة؛ ومحاولة اختزال إصلاح أنظمة التقاعد في مراجعة بعض المقاييس خلافا لدفتر التحملات الذي صادقت عليه اللجنة الوطنية في أبريل 2007».