تتابع المركزيات النقابية وكذا الحكومة باهتمام بالغ الأزمة الاجتماعية بفرنسا جراء رفض النقابات هناك لمشروع إصلاح نظام التقاعد الذي تعتبره مجحفا. وفي هذا الصدد، ذكرت مصادر نقابية مطلعة إن الحكومة كانت تعتزم تقديم مشروع مصاحب لقانون المالية، يهم بالأساس إدخال بعض الإجراءات الخاصة بإصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب. وأشارت المصادر ذاتها، في اتصال أجرته معها «المساء» صباح أمس الخميس، إلى أن أجواء الحركة الاحتجاجية التي تشهدها فرنسا في الآونة الأخيرة والأزمة الاجتماعية التي تعرفها بسبب رفض النقابات العمالية رفع سن التقاعد، ساهمت إلى حد ما في فتور الحماس لدى الحكومة لمشروع الإصلاح المشار إليه تفاديا لأي حرج، خاصة أن المغرب سيشهد السنة المقبلة انتخابات تشريعية. وقالت المصادر المطلعة إن الحكومة، وخاصة حزب الاستقلال الذي يرأسها في شخص أمينه العام عباس الفاسي، لا تريد أن تغامر بإصدار قانون في هذه الظرفية السياسية. وأضافت المصادر ذاتها أن تلك الإصلاحات تهم بالأساس رفع سن التقاعد والرفع من الاقتطاعات، فضلا عن احتساب المعاش على أساس أجر الثمان سنوات الأخيرة من العمل، وهي نفس القرارات التي سبق للمجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد قد أعلن عنها مؤخرا، والتي لاقت انتقادا من لدن المركزيات النقابية على اعتبار أن النقاش حول إصلاح أنظمة التقاعد داخل اللجنة التقنية ثم اللجنة الوطنية لم يكتمل بعد. ومن جانب آخر، نفت المصادر ذاتها أن تكون الحكومة قد قررت إدراج أي بند خاص بإصلاح أنظمة التقاعد في قانون المالية، على اعتبار أن اللجنة التقنية أكملت مؤخرا عملها ورفعت تقريرها إلى الحكومة، ومن المنتظر أن يستكمل النقاش السياسي حول الإصلاح داخل اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد. وكان مشروع تقرير اللجنة التقنية، المرفوع إلى اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد، قد أثار جدلا وخلق استياء لدى المركزيات النقابية التي رأت أن خلاصاته لا تعكس النقاشات التي جرت داخل اللجنة، وأن تلك الخلاصات تنحاز إلى الحكومة بشكل جلي، خاصة عندما اقترح رفع سن التقاعد إلى 65 سنة. وعبرت المركزيات النقابية الخمس، الأكثر تمثيلية، عن استيائها في رسالة بعثت بها إلى منسق اللجنة التقنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد، التهامي المباركي، الذي تتهمه بكون المشروع الذي تقدم به إلى اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد لا يعكس حقيقة ما جرى داخل اللجنة التقنية، وبكون رئيس اللجنة «قرر، بشكل انفرادي، رفع مشروع التقرير إلى الوزير الأول بالرغم من عدم استكمالنا مناقشة كل أجزائه ومحاوره. كما أننا نعتبر أن الجهة التي لها صلاحية تحديد تاريخ رفع أي تقرير إلى رئيس اللجنة الوطنية هي اللجنة التقنية بكافة أعضائها، وذلك في إطار اجتماع رسمي ومسؤول».